بقلم : جعفر العلوجي ..
استمتعنا معاً في أكبر تظاهرة كروية آسيوية وعشنا أياماً رائعة من التعاضد الجماهيري الحكومي المشترك الداعم لمنتخبنا الوطني الذي شهدنا مع نجومه لحظات لا يمكن نسيانها إطلاقا وحلمنا معه بالتحليق بعيداً في سماء القارة الصفراء ومنافساتها، ولا يسعنا إلا أن نقدم الشكر لهم ونواصل وقوفنا معهم على الرغم من الألم الكبير وكأس المرارة الذي تجرعناه من خسارة قاسية لم تكن بالحسبان بعد ميلان كفة منتخبنا الوطني وصعود نجمه بالعلامة الكاملة في دوري المجموعات، خسارة صعبة لا يمكن أن نضعها على كاهل اللاعبين وحدهم، ومن الإنصاف أن نشير الى من تسبب بها يشكل مباشر او غير مباشرة، مع العلم أن هذا المنتخب والاتحاد معه نال من أسباب الدعم الحكومي والجماهيري ما لم يحصل عليه أي منتخب في السابق ولا يمكن أن يحصل عليه منتخب آخر من البلدان المنافسة أيضاً.
ولكن كما أسلفنا فإن شريك اللاعبين في الخطأ يقف بالمقام الأول المدرب كاساس الذي لم يتقن إطلاقا وعلى مدى أربع مباريات علاج الأخطاء الدفاعية الفاضحة او التلاعب بالتشكيلة بلا أي وجه من الانسجام الذي من الممكن تأشيره بوضوح، بل تمادى في النظر الى الأخطاء من دون علاجها وتبعها بالانزلاق إعلامياً ورفع سقف الأمنيات متناسياً أنه هو نفسه من استبعد أن يحصل منتخبنا على نتيجة تذكر قبل البطولة وأخذ يستعرض تواجده الإعلامي في الدوحة بالظهور المفاجئ بأحد البرامج الشهيرة والسماح للسوشيال ميديا بالوصول الى المنتخب وأماكن تواجده وتعزيز الضغط الإعلامي عليه بما لا سابق له واستشعره الجميع بوضوح، وهنا تأتي نقطة الضعف الأخرى التي نالت من المنتخب كثيراً وأمسى فيها المادة الدسمة الأولى بين المنتخبات في الترند الإعلامي والظهور على تكتوك وغيره من المواقع وصار أشباه الإعلاميين يستطيعون التحكم بأدق تفاصيل ما يحصل خلف الكواليس داخل بعثة منتخبنا الوطني، أخيراً ومن الإنصاف أيضاً أن نذكر بأن الحكم الإيراني الأسترالي الجنسية كان هو الآخر غير موفق بالمرة في عدد من قراراته لعل أبرزها طرد لاعبنا أيمن حسين في حالة غريبة لا يمكن قبولها إطلاقاً بحجة الإسراف في الاحتفاء بهدفه في مرمى الأردن وقد أحدث الطرد انعطافة هائلة لا يمكن التغاضي عنها.
من الجانب الآخر وبالمقابل فقد كان للدور الساند والتواصل مع المنتخب وتذليل جميع العقبات أمامه من قبل دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الشباب والرياضة احمد المبرقع ورئيس اللجنة الأولمبية الدكتور عقيل مفتن ومستشاري رئيس الوزراء أطيب الأثر في نفوس الجميع وكسب ود واحترام جماهيرنا الكبيرة التي زحفت الى الدوحة لتقديم الدعم وجمع تكاليف الرحلة بشق الأنفس يحدوهم الأمل في تحقيق حلمهم ورفع راية بلدهم في ميدان الرياضة وعكس صورة زاهية عن العراق المتحضر وكانوا بحق ملح البطولة وأجمل ما فيها بتشجيعهم المثالي وأهازيجهم التي ألهبت أجواء الدوحة، كان الله بعونهم في ليلة من المشقة والعناء تشاركنا فيها جميعاً وتألمنا على حلم تصورناه في متناول اليد وضاع في غضون سبع دقائق لعينة .
همسة…
في الوقت الذي نتقدم به الى الاتحاد العراقي لكرة القدم بالشكر والتقدير على مجهوداته رغم عدم اصطحابه لأي صحفي ، نطالب أيضاً بأن يكون هناك تقييم حقيقي لمسيرة كاساس مع المنتخب وهل استحق كل هذا الدعم لتكون المحصلة هذا المستوى من الضعف في الاختبار الأخير مع الأردن، وهل سينجح في التأهل الى كأس العالم بالطريقة ذاتها التي رأينا فيها تصرفه الغامض في علاج جملة من الأخطاء تعرض لها منتخبنا الوطني؟ أسئلة كثيرة لا تحتمل التأجيل وننتظر أن نسمع أجابتها قريباً.
جعفر العلوجي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات منتخبنا الوطنی لا یمکن
إقرأ أيضاً:
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
بقلم: إبراهيم سليمان
ما الذي يمكن خسارته من تشكيل حكومة مدنية موازية لحكومة بورتسودان؟
عند الحديث عن خسارة أمرٍ ما، لابد من توضيح الحساب بكافة المعطيات، ورصد الناتج والمحصلة النهائية التي لا تقبل الجدل، ورغم ذلك هنالك تقديرات، يمكن النظر إليها من زوايا مختلفة، ولا يحمد السوق إلا من ربح. وقديما قيل، "الجمرة بتحّرق واطيها" وقيل أيضا "من يده في الماء ليس كمن يده في النار"
يبدو أن حكومة بورتسودان، بقيادة الجنرال البرهان، تشمر، للتعري من ثيابها، وتستعد للخروج عن طورها، من خلال اتخاذها عدة إجراءات تعسفية، تنم عن اليأس وعدم المسؤولية الوطنية، منذ اندلاع الحرب الحالية، قطعت خدمات الاتصالات عن أقاليم غرب السودان، وحرمت مواطنين على الهوية من الأوراق الثبوتية، حظرت عليهم خدمات السجل المدني، وأخيراً عمدت الإتلاف الإجمالي للعملة والوطنية في حوالي أكثر من ثلثي أقاليم البلاد، من خلال تغيرها في مناطق سيطرة الجيش على ضآلتها، حرمان الآخرين منها، وأخراً الإصرار على إجراء امتحانات الشهادة السودانية لحوالي مائتي ألف طالب طالبة، وحرمان حوالي أربعمائة آخرين في بقية أرجاء البلاد!
بهذه الخطوات المتهورة، وغير المسؤولة، لم تترك حكومة بورتسودان، للمستهدفين من أبناء الشعب السوداني، الذين يمثلون الغالبية العظمي، سوى المضي قدماً ودون التردد أو الالتفات إلى الوراء، في المناطق التي تقع خارج سيطرة الجيش، والمحررة من عنف وظلم دولةـــ 56 لتضلع بمهام توفير الخدمات الضرورية لحياتهم اليومية والملحة لأن يعيشوا بكرامة وعدالة. وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للذين يستحقونها، بدلاً من المتاجرة فيها من قبل تجار الحرب في بورتسودان.
لماذا يدفع أبناء الولايات، التي يستهدفها الطيران الحرب لحكومة بورتسوان، وتحرمها من حقوقها الإنسانية والدستورية، تكاليف بقاء السودان موحداً؟ طالما أن هذه الحكومة غير الشرعية تدفع بعنف وإصرار لتمزيق وحدة البلاد!، وما هي قيمة الوحدة الوطنية، التي تزهق أرواح عشرات الملايين من مكونات بعينها؟ وطالما أن هنالك خمس ولايات فقط، بإدارة مواطنيها أو بغيرها، غير مباليين، بهموم وآهات بقية الإقليم، فلينفصلوا هم إن أرادوا ويتركوا الآخرين وشأنهم.
وليس هناك ما هو أغلى من أرواح الأبرياء، والحفاظ عليها، وحقن دماء أبناء الشعب السوداني مقدم على أي اعتبارات أخرى بما فيها والوحدة الوطنية القسرية. لذا نرى أن تشكيل حكومة مدنية في المناطق المحررة والتي هي الآن خارج سيطرة الجيش، وهي المناطق التي لا تعني شيئا لحكومة بورتسودان الانقلابية، ضرورة حياتية، ويعتبر التقاعس عنه، أو التردد فيه حماقة، وخذلان في حق عشرات الملايين المستهدفين، من قبل الحكومة العنصرية في بورتسودان، وجيشها القاتل.
المنوط بالحكومة المدنية المرتقبة، توفير خدمات التربية والتعليم، وخدمات السجل المدني والأوراق الثبوتية، وفتح معابر تجارية لتصدير المنتجات واسترداد كافة الضروريات المنقذة للحياة، وطباعة عملة وطنية مبرأة للذمة، استباقاً للكارثة الاقتصادية التي تلح في الأفق، ونزع الشرعية من حكومة بورتسودان التي تصر على استمرار الحرب، وترفض كافة النداءات الوطنية الدولية للجلوس للتفاوض بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في البلاد، وتقول أنها مسعدة لمواصلة الحرب مائة عام!
وطالما أن هنالك صراع بين قوتين عسكريتين، فليكن هنالك تنازع بين حكوميتين، لتتعادل الكفتتين، وربما يسرع ذلك إيجاد حلول للحكومتين، لكن لا ينبغي أن تتوقف حياة أغلبية الشعب السوداني، من أجل خاطر الحفاظ على وحدة البلاد، التي لم يحرص عليها دعاة الحرب.
ولا نظن أن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة في الخرطوم، ستضر بوحدة البلاد، أكثر حرب كسر العظام الدائرة حالياً، وتأجيج نيران خطاب الكراهية الممنهجة، من دعاة دويلة النهر والبحر، الذين يعادون كافة مكونات البلاد، يرفضون المساواة بين مكوناتها!
ليس هناك ما يمكن خسارته، من تشكيل حكومة موازية مرتقبة بالخرطوم، حتى إن لم يعترف بها أحد، يكفي أن المأمول منها، فك ارتهان مصير غالبة مكونات الشعب السوداني، لمزاج ورعونة حكومة بورتسودان غير المسؤولة. ومما لا شك فيها أن الأوضاع الإنسانية في ليبيا واليمن، وحتى جمهورية أرض الصومال، أفضل ألف مرة منها في معظم أرجاء البلاد. تمزيق وحدة السودان المسؤول عنه حكومة بورتسودان بإجراءاتها التعسفية وقائد الجيش، الذي أعلن على رؤوس الأشهاد، استهداف حواضن قوات الدعم السريع، ويظل يمطرهم بالبراميل المتفجرية بشكل يومي.
وفي الحقيقة، فإن حكومة بورتسودان المعزولة دولياً، قد مزّقت وحدة البلاد فعلياً، بالتصعيد المنتظم من قبلها بشأن اتخاذ إجراءات مست جوهر قومية الدولة السودانية، وأن تشكيل الحكومة المدنية المرتقبة ما هو إلا تحصيل حاصل.
والغريق لا يخشى البلل.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 181//