مصرف الإمارات للتنمية يناقش مسارات النمو وآفاق الاستثمار الاستراتيجي في أبوظبي
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
بحث ملتقى التواصل والشراكة الذي استضاف مصرف الإمارات للتنمية، دورته التي عقدت بالشراكة مع مبادرة “اصنع في الإمارات” وتحت شعار “مسارات النمو: أوجه الاستثمار الاستراتيجي في أبوظبي”، الحلول المبتكرة، وتعزيز نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتركيز على رؤية الإمارة المستقبلية في تحقيق التنويع الاقتصادي والتقدم الصناعي المستدام.
وشكل الملتقى الذي عقد في سوق أبوظبي العالمي منصة رائدة لمناقشة الاستثمارات الاستراتيجية بحضور ومشاركة عدد من المسؤولين من القطاع الحكومي والخاص وقادة الأعمال والمبتكرين، كما يعد ثاني دورات الملتقى التي يقيمها المصرف بهدف تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص لدفع عجلة النمو والتنويع الاقتصادي الوطني.
وأكد سعادة أسامة أمير فضل، وكيل الوزارة المساعد لقطاع المسرعات الصناعية في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على أهمية الارتقاء بفرص التعاون والشراكة بين مختلف القطاعات لتعزيز المرونة والتنويع الاقتصادي، وقال: “ساهم مصرف الإمارات للتنمية، إلى جانب عدد من مؤسسات التمويل الوطنية الأخرى، في توفير حلول تمويلية بقيمة 5.3 مليار درهم للشركات العاملة في القطاع الصناعي خلال العام الماضي، حيث مثلت الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة 90% من المستفيدين من الحلول التمويلية التي وفرتها الوزارة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين.”
وأضاف سعادته: “ساهمت جهود الوزارة وبالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين ومصرف الإمارات للتنمية في تسريع الاستثمارات الصناعية تحت مظلة اصنع في الإمارات، من خلال توفير حزم الحلول التمويلية والممكنات والحوافز للشركات الصناعية وتمكينها من تأسيس وتنمية أعمالها في الدولة، مما ساهم في رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2023.”
تعزيز منظومة الشراكات
وأوضح أحمد محمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية أن الدورة الحالية من ملتقى التواصل والشراكة تؤكد على الأهمية الكبيرة لتعزيز فرص الشراكات والتعاون بين القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات المالية، ولتشكل منظومة متكاملة تسهم بشكل فاعل في تحقيق التوجهات الاستراتيجية للنمو الاقتصادي المستدام وتعزيز التنافسية عالمياً.
وقال: “ساهمت الحوارات المثمرة والأفكار المبتكرة التي تناولتها فعاليات الملتقى في إبراز الجهود لتحفيز النمو الاقتصادي في أبوظبي نحو التنوع والريادة والتوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة لمواصلة الارتقاء في أداء القطاعات الرئيسية، كما وفرت المناقشات المتعلقة في مجالي الطاقة المتجددة وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة فرصاً لفهم أعمق للتوجهات الحالية للاقتصاد، وما تفرضه من متغيرات ستصوغ بمجلها الأشكال الرئيسية لاقتصاد المستقبل”.
وبين النقبي أن الملتقى تناول بشكل معمق العلاقات بين النمو الاقتصادي والاستدامة والتطور التقني، كما قدّم رؤى استشرافية حول المسار المستقبلي لاقتصاد أبوظبي، وقال: “لا تقتصر أهمية الملتقى على كونه منصة لتبادل الخبرات فحسب، بل يشكّل حافزاً لوضع استراتيجيات عملية تتماشى مع الأهداف الاقتصادية الوطنية، كما ستساهم الشراكات والمبادرات الخاصة بالملتقى في تشكيل مشهد اقتصادي مرن وحيوي في الإمارة.”
وأوضح أن المصرف تمكن ومن خلال شراكاته الاستراتيجية من لعب دور محوري في تنمية الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير الحلول التمويلية التي دعمت آلاف الشركات، وتقديم مساهمات كبيرة في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لدولة الإمارات، مشيراً إلى حرص المصرف الدائم لإطلاق برامج تمويل متخصصة تستهدف القطاعات ذات الأولوية الاستراتيجية، مثل البرامج التمويلية المخصصة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، وكذلك التكنولوجيا الزراعية في إطار دعم المصرف لقطاع الأمن الغذائي.
آليات التمويل المبتكرة
وركّزت أجندة الملتقى على الدور المحوري للاستثمارات الاستراتيجية وآليات التمويل المبتكرة في تحفيز مسار التحول الاقتصادي في إمارة أبوظبي، وذلك من خلال التأكيد على أهمية المساعي الاستراتيجية لبناء اقتصاد قائم على الابتكار، والاستفادة من المزايا التنافسية للإمارة في مختلف القطاعات.
وتمحورت مناقشات الملتقى كذلك حول التزام مصرف الإمارات للتنمية بدعم المشاريع المبتكرة واستراتيجيات النمو المستدامة، والتي تتجسد من خلال دوره في توفير حلول تمويلية تنافسية ومرنة وشمولية، ومواصلة العمل لتعزيز نمو الشركات الكبيرة، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى دعم القطاعات ذات الأولوية، وسعيه لتمكينها.
وتضمن الملتقى مجموعة من الجلسات النقاشية التي تناولت جوانب مهمّة من المشهد الاقتصادي في إمارة أبوظبي، حيث عقدت الجلسة الأولى بعنوان “إطلاق إمكانات الاستثمار الاستراتيجي في أبوظبي”، شارك فيها ممثلون رفيعو المستوى من القطاع الحكومي، بمن فيهم سلامة العوضي، مديرة إدارة القيمة الوطنية المضافة بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة؛ وياسر اليوسف، مدير إدارة المشاركة والمطابقة في مكتب أبوظبي للمقيمين؛ وأمير العوضي، مدير إدارة المنطقة الحرة في مدينة مصدر، حيث تبادل المشاركون الرؤى حول كيفية الاستفادة القصوى من الفرص الاستثمارية بما يتماشى مع الرؤية الاقتصادية لإمارة أبوظبي، وأكدوا على أهمية توفير بيئة مواتية للاستثمار، وتبني استراتيجيات مبتكرة لاستقطاب المستثمرين المحليين والأجانب على حدٍّ سواء.
أما الجلسة النقاشية الثانية فكانت بعنوان “التميز الصناعي: ركيزة رئيسية في استراتيجية أبوظبي الاقتصادية”، وشارك فيها سعادة معضد حارب الخييلي، الرئيس التنفيذي لشركة بلوتك؛ وابتسام السعدي، مدير إدارة السياسات والتشريعات الصناعية لدى وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة؛ وسالم بالفرج، نائب الرئيس – تعزيز القيمة المحلية المضافة والتنمية الصناعية في شركة بترول أبوظبي الوطنية – أدنوك؛ وهيثم الخزاعلة، رئيس المخاطر في شركة الاتحاد لائتمان الصادرات؛ ومنصور المرر، المدير التجاري لمجموعة كيزاد؛ وجوري سينغ، نائبة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الذين سلّطوا الضوء على الإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها في قطاع الصناعة، ومساهمته في تنويع اقتصاد أبوظبي وتحقيق التنمية المستدامة.
وتناولت الجلسة الثالثة التي أدارها الدكتور أحمد بدر، مدير تسهيل تمويل المشروعات بالوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، موضوع “الاستدامة والمرونة: الضرورات الاستراتيجية في مجال الطاقة المتجددة”؛ واستكشف المشاركون كيفية تعامل إمارة أبوظبي مع تحديات الطاقة المتجددة من خلال الحلول المبتكرة والمستدامة، حيث شهدت الجلسة حضور المهندسة نوال الهنائي، مدير إدارة طاقة المستقبل بوزارة الطاقة والبنية التحتية؛ وشاكر زينل، رئيس إدارة الأعمال المصرفية في مصرف الإمارات للتنمية؛ وإيفا راموس بيريز توريبلانكا، مدير إدارة تحليل السياسات البيئية والاقتصاد، قسم السياسات والتخطيط البيئي المتكامل لدى هيئة البيئة – أبوظبي؛ وسفيان العيسى، الرئيس العالمي لتطوير الأعمال وتغطية العملاء في مؤسسة التمويل الدولية، البنك الدولي؛ ومارتين ناجيل، مدير عمليات الاندماج والاستحواذ في شركة أبوظبي لطاقة المستقبل – مصدر.
وشكّل الابتكار في مجالات الرعاية الصحية وقطاع الزارعة والأغذية وقطاع التكنولوجيا محور جلسة النقاش الرابعة التي حملت عنوان “حدود الابتكار: تعزيز القدرة التنافسية في مجال الأمن الغذائي والرعاية الصحية والتكنولوجيا”، حيث جمعت متحدثين من القطاعات الثلاثة ونخبة من الممثلين الحكوميين بمن فيهم فاطمة غانم الهاجري، مدير إدارة جذب الاستثمار والمواهب في وزارة الاقتصاد؛ وماسيمو فالسيوني، رئيس التنافسية في مكتب أبوظبي للاستثمار: وحسن حلاوي، المدير العام لشركة ايليت اجرو؛ والدكتور علي السويدي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمستشفى ترميم العظام والعمود الفقري، الذين ناقشوا محور التحول الجذري في قطاعي الرعاية الصحية والأمن الغذائي، والمدفوع بالاندماج مع التكنولوجيا المتقدمة والتبني الواسع لها، ودور التطورات التكنولوجية في إحداث تغييرات جذرية في قطاعي الأمن الغذائي والرعاية الصحية، والإمكانات التي تحملها لاقتصاد أبوظبي. كما سلطت المتحدثون الضوء على أهمية الوصول إلى هذه التطورات والروابط الجوهرية بين قطاعي الرعاية الصحية والأمن الغذائي.
وشهدت الجلسة الأخيرة خلال الملتقى والتي عقدت تحت عنوان “التمويل التنافسي والشمولي مفتاح تمكين نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة والمساهمات الاقتصادية”، مشاركة مجموعة متنوعة من المتحدثين، بمن فيهم وسلطان الوهيبي، مدير مكتب الاستثمار في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية؛ وفاطمة الحمادي، مدير إدارة الائتمان في صندوق خليفة؛ وفاطمة عبدالله آل علي، أخصائي تطوير المبادرات، دائرة التنمية الاقتصادية؛ والدكتور أنكور دانا، الرئيس التنفيذي لشركة دانا للصلب؛ ورافي هندوجا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فيفاسفان Vivasvaan Industrial. حيث ناقشت الجلسة التي أدارها عبدالله الحامد، نائب رئيس المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصرف الإمارات للتنمية، الدور المهم الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق النمو الاقتصادي، وأهمية توفير حلول تمويلية مبتكرة لدعم تنميتها.
احتضن الملتقى العديد من منصات العرض الخاصة بالشركاء البارزين، بمن فيهم مجموعة كيزاد، ومكتب أبوظبي للمقيمين، والاتحاد لائتمان الصادرات، ومدينة مصدر، وايليت أجرو، استعرضوا من خلالها أهم خدماتهم ومنتجاتهم والحلول التي يقدمونها.
واختتم فعالياته بحفل خاص كرّم فيه مصرف الإمارات للتنمية شركائه الاستراتيجيين تقديراً لمساهمتهم الفاعلة في تحقيق أهداف أبو ظبي الاقتصادية.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الشرکات الصغیرة والمتوسطة مصرف الإمارات للتنمیة الرئیس التنفیذی النمو الاقتصادی الطاقة المتجددة مدیر إدارة على أهمیة فی أبوظبی بمن فیهم فی تحقیق من خلال
إقرأ أيضاً:
النمو في الصين لا يكفي لإخراج الاقتصاد العالمي من دائرة التباطؤ
خلال الاجتماعات السنوية لمؤتمر الشعب، البرلمان الصيني الأخيرة تعهدت الحكومة الصينية بألا يقل معدل نمو الاقتصاد خلال العام الحالي عن مستواه في العام الماضي أي حوالي 5% من إجمالي الناتج المحلي.
وتحقيق نمو بمعدل 5% لا يبدو أمراً سيئاً، لكن الواقع الاقتصادي في الصين مازال أقل إقناعاً مما يوحي به هذا الرقم، كما أنه من غير المحتمل أن يشهد الطلب الاستهلاكي في الصين نموا كافيا لزيادة وارداتها من دول العالم.
China wants to keep its trade surplus intact, while Donald Trump seeks to turn the US trade deficit into a surplus. Neither wants to be the world’s consumer of last resort. https://t.co/sKR9Pov47m
— Chatham House (@ChathamHouse) March 15, 2025 السياسات الصينيةوفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني قال ديفيد لوبين الباحث البارز الزميل في برنامج الاقتصاد والتمويل العالمي بالمعهد إن المشكلة الأساسية هي أن السياسات الصينية ستنتهي بالمحافظة على الفائض التجاري الكبير لثاني أكبر اقتصاد في العالم. في المقابل يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحويل العجز التجاري الأمريكي إلى فائض.
ويعني هذا أن العالم مقبل على ما يمكن أن نسميه "صراع أصحاب المذهب التجاري"، وهو المذهب المعروف أيضاً باسم المركنتيلية الذي ساد في أوروبا فيما بين بداية القرن السادس عشر ومنتصف القرن الثامن عشر وكان يعطي الأولوية للمكاسب التجارية على أي اعتبارات أخرى. فلا الصين ولا الولايات المتحدة تحت حكم ترامب ترغب أي منهما أن تكون الملاذ الاستهلاكي الأخير للعالم.
ورغم تدهور ثقة المستهلكين والشركات في الصين خلال السنوات الماضية، ظهرت مؤشرات على تعافي الاقتصاد الصيني خلال الشهور القليلة الأخيرة.
أول هذه المؤشرات تجاوز المرحلة الأسوأ من أزمة القطاع العقاري الصيني. وجاء ذلك جزئيا، بفضل الجهود المتجددة خلال الأشهر الستة الماضية لزيادة جاذبية العقارات من خلال خفض أسعار فائدة التمويل العقاري وتخفيض شروط الدفعة الأولى من ثمن العقار، وتخفيف القيود على الملكية، ودعم شركات التطوير العقاري المملوكة للدولة.
أما المؤشر الثاني فهو ارتفاع مبيعات التجزئة (لا سيما الأجهزة المنزلية) بفضل الدعم الحكومي لاستبدال الأجهزة القديمة بأخرى جديدة. ونتيجة لذلك، أرتفع معدل نمو المبيعات إلى ما يقرب من 4% بنهاية عام 2024 وهو معدل لا يزال منخفضاً، ولكنه أفضل من معدلات النمو شديدة الانخفاض والتي تراوحت بين 2% و3% في الصيف الماضي.
???????? #BREAKING
Chinese authorities are working on a proposal to help China Vanke Co. plug a funding gap of about 50 billion yuan ($6.8 billion) this year.https://t.co/5WbgWdBXzp#CHINA #VANKE #PROPERTY #REALESTATE https://t.co/H4CKC1uMKW
ويعود هذا التحسن إلى الجهد المتزايد لصناع السياسات في الصين لإنعاش الاقتصاد . ومن أبرز هذه الجهود الاجتماع رفيع المستوى الذي عقده الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخراً مع قادة كبرى الشركات الخاصة، فيما اعتبر محاولة من جانبه لاحتضان القطاع الخاص الصيني بعد سنوات من التضييقات الحكومية عليه.
ولعل هذه التحركات الحكومية في الشهور الماضية تفسر لماذا يرى البعض أن إجراءات تحفيز الاقتصاد التي أعلنتها الحكومة في اجتماعات مؤتمر الشعب لم تكن على مستوى التوقعات.
وعلى الرغم من تعهد الحكومة بالسماح بارتفاع عجز ميزانية العام الحالي إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي مقابل 3% في العام الماضي، فإنها ما زالت بعيدة عن اتخاذ الإجراءات التي يمكنها تحقيق زيادة حاسمة في مستويات ثقة الشركات والمستهلكين. وفي حين وعد مجلس الدولة (الحكومة الصينية) في الشهر الماضي بتغيير جذري في العقلية الاقتصادية للبلاد وزيادة التركيز على تحفيز الاستهلاك، فإن تقرير عمل الحكومة لعام 2025 الصادر في الأسبوع الماضي جعل الأمر يبدو وكأننا سنكون أمام تعديل طفيف وليس تغييراً جذرياً كما وعدت الحكومة.
ويرى ديفيد لوبين في تحليله أن هناك عاملين رئيسيين يحدان من رغبة بكين في تقديم الدفعة المطلوبة بشدة للاقتصاد.
العامل الأول هو أنه لا يمكن التنبؤ بسياسات وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فصادرات الصين إلى الولايات المتحدة تخضع حالياً لرسوم جمركية تصل أحياناً إلى 30% بعد قرار ترامب زيادتها مرتين بنسبة 10% في كل مرة منذ تنصيبه في 20 يناير(كانون الثاني) الماضي. ومن المحتمل تزايد الإجراءات العدائية تجاه الصين، خاصة ما يتعلق بتدفق رؤوس الأموال بين البلدين في أعقاب نشر "سياسة استثمار أمريكا أولاً" للرئيس ترامب التي تستهدف منع خروج الاستثمارات من الولايات المتحدة وإعادة الاستثمارات الخارجية إليها. ورغم ذلك من الصعب التكهن بالإجراءات العدائية المستقبلية.
ورغم أنه يمكن للمرء توقع زيادة إجراءات تحفيز الاقتصاد الصيني وليس تقليصه لمواجهة تداعيات الإجراءات الأمريكية، فإن الصين تفضل عادة الانتظار لرؤية تطور الأمور. وكما أوضح وزير المالية الصيني لان فو آن في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، فإن هدف بكين هو "الحفاظ على مساحة الحركة أمام سياساتها وأدواتها اللازمة للتعامل مع حالة عدم اليقين القادمة من مصادر محلية أو خارجية".
The Policy will also protect our strategic industries and locations, while also making sure the United States is the world’s best destination for investment. https://t.co/uBhyDIr15S
— Secretary of Treasury Scott Bessent (@SecScottBessent) February 27, 2025 اضطرابات ماليةأما العامل الثاني الذي يحد من رغبة الصين في اتخاذ إجراءات أكبر لتحفيز الاقتصاد، فهو ما يمكن تسميته "قلق الميزانية العامة" حيث يقترب معدل الدين العام للحكومة المركزية من 100% من إجمالي الناتج المحلي، والسلطات مترددة في زيادة هذا الدين خوفاً من حدوث اضطرابات مالية يمكن أن تهدد الأمن القومي. وفي حين أن معدل الدين للحكومات المحلية أقل كثيراً ويبلغ حوالي 30% من إجمالي الناتج المحلي، فإن اعتمادها على إيرادات مرتبطة بالأراضي، يعني أن أوضاعها المالية هشة نتيجة أزمة القطاع العقاري.
ويمكن القول بوضوح إن الحكومة المركزية لا ترغب في تقديم دعم فوري كبير، والحكومات المحلية لا تستطيع ذلك، رغم أن السلطات قد تتدخل ببعض إجراءات التحفيز إذا تدهورت مستويات الثقة.
كما أن إجراءات التحفيز التي أعلنت مؤخراً تميل أكثر نحو دعم الإنتاج وليس الاستهلاك. على سبيل المثال سيتم توجيه الجزء الأكبر من حصيلة بيع السندات الخاصة للحكومات المحلية خلال العام الحالي وقيمتها 4.4 تريليون يوا ما يعادل 607.38 مليار دولار تقريباً نحو سداد مستحقات الشركات المتأخرة والاستثمار في مشروعات البنية التحتية.
ومن بين حصيلة السندات الخاصة المقررة للحكومة المركزية في العام الحالي وقيمتها 1.8 تريليون يوان، سيتم توجيه 300 مليار يوان فقط نحو برامج دعم التجارة والاستهلاك، في حين سيستخدم الجزء الباقي في دعم تحديث المعدات والتصنيع عالي التقنية وإعادة رسملة البنوك التابعة للدولة.
لذلك يمكن القول إن خلاصة اجتماعات البرلمان الصيني في الأسبوع الماضي هي أن الصين ستظل على الأرجح اقتصاداً تجارياً بامتياز، وسيظل الفائض التجاري الكبير عنصراً أساسياً. في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تحويل عجزها التجاري إلى فائض، ليصبح السؤال المطروح هو من سيدعم ازدهار التجارة العالمية وقيادة الاقتصاد العالمي نحو الخروج من دائرة التباطؤ؟.
يرى لوبين أن الصين للأسف لن تكون هي الإجابة في ضوء السياسات الراهنة، في حين يمكن الرهان على أوروبا لكي تقود قاطرة الانفاق الاستهلاكي والاستيراد في العالم خاصة وأصبحت السياسة المالية الأكثر مرونة راسخة في ذهن مستشار ألمانيا المنتخب فريدريش ميرتس الذي سيقود أكبر اقتصاد في أوروبا خلال السنوات المقبلة.