بغداد– تتصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة بين الفصائل المسلحة العراقية التي تستهدف قواعد أميركية داخل العراق وخارجه، وبين الجانب الأميركي، في وقت تسعى بغداد إلى جدولة انسحاب القوات الأميركية من القواعد العسكرية داخل البلاد وإنهاء وجود التحالف الدولي من خلال لجان عسكرية وفنية مشتركة بدأت أعمالها مطلع الأسبوع الجاري.

وقُتل 3 جنود أميركيين وأصيب ما لا يقل عن 40 من أفراد الخدمة في هجوم بطائرة دون طيار خلال ليل الأحد الماضي على موقع "البرج 22" العسكري الأميركي قرب قاعدة التنف على الحدود الأردنية السورية، حسبما أعلن مسؤولون أميركيون. وهي المرة الأولى التي يُقتل فيها جنود أميركيون بنيران معادية في الشرق الأوسط منذ بداية حرب غزة.

واستنكرت الحكومة العراقية ما وصفته بالتصعيد المستمر خاصة بعد هجوم الأردن، مؤكدة أن العراق على استعداد لرسم قواعد عمل لوقف اتساع الصراع.

جنود أميركيون في موقع استُهدف بصاروخ قيل إنه إيراني داخل قاعدة عين الأسد الجوية بمحافظة الأنبار (رويترز) تحذيرات عراقية

وبحسب الناطق باسمها باسِم العوادي، فإن الحكومة العراقية تستنكر التصعيد المستمرّ وخصوصا الهجوم الأخير الذي وقع على الحدود السورية – الأردنية، مشيرا إلى أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الخطيرة في المنطقة.

وأكد العوادي استعداد العراق للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع، مشيرا إلى أن انعكاسات ھذه التطورات تھدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، وتقوّض جھود مكافحة "الإرھاب" والمخدرات، وكذلك تعرض التجارة والاقتصاد وإمدادات الطاقة للخطر.

من جهته، يقول المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء هشام الركابي، إن العراق سبق له أن حذر من اتساع بؤر التوتر في المنطقة بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول في غزة، خاصة أن كلمة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر القاهرة كانت واضحة، وهي رسالة إلى المجتمع الدولي والدول العربية بأن ما ترتكبه إسرائيل من مجازر في القطاع يمثّل عمليات إبادة جماعية، لذلك فإن موقف العراق مع إنهاء هذه المجازر وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات إلى أهالي غزة.

وأوضح الركابي، في حديث للجزيرة نت، أن العراق ينظر إلى مستقبل العلاقة مع التحالف الدولي والولايات المتحدة نظرة تسودها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بعد طي العمليات العسكرية أو الوجود العسكري في البلاد، خاصة أن الحاجة لوجود هذه القوات انتفت بعد هزيمة تنظيم الدولة.

ويضيف "اليوم نطمح إلى علاقات شاملة على أساس المصالح المشتركة"، مشيرا إلى أن العراق "حدد اللجنة الفنية التي تعمل على وضع سقف زمني لانسحاب التحالف الدولي".

استمرار العمليات

وحول مصير التصعيد الحالي، أكد الخبير في الشؤون الإيرانية والإقليمية نجاح محمد علي، أن الفصائل المسلحة المنضوية تحت مسمى "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" ستستمر في تنفيذ عملياتها حتى وقف العدوان على غزة.

ويقول محمد علي للجزيرة نت، إن الفصائل العراقية ستواصل عملياتها باستهداف القواعد الأميركية في العراق دون استثناء، حتى ولو تم التوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل، لكن إذا توقفت الحرب ضد الفلسطينيين، ستتوقف العمليات من قبل "فصائل المقاومة" التي ستترك مسألة التفاوض حول الوجود العسكري الأميركي للحكومة العراقية.

ويرى الخبير أن الرأي السائد لدى الفصائل هو أن مسألة سحب القوات لم يطرح في اجتماعات اللجنة العسكرية العراقية الأميركية، ومع ذلك ستتوقف العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية في اللحظة التي تتوقف بها الحرب العدوانية على غزة.

وأشار إلى أن عدم ظهور أي علامات على تراجع حرب غزة وتوسيع إسرائيل عملياتها تدريجيا لاستهداف "محور المقاومة"، يضع إيران في موقف حساس.

ولا يرجّح محمد علي أن تقوم طهران باستهداف إسرائيل في الوقت الحاضر بشكل مباشر، وبل قال "قد تستمر طهران في تقديم دعمها لحلفائها في المنطقة، بينما تنشط حركة أنصار الله في اليمن في تناغم قوي مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

أما في العراق، فقد استخدمت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بحسب الخبير العراقي، أسلحة ثقيلة مثل الصواريخ الباليستية في هجماتها على القوات الأميركية، لكن طهران بدأت تعتمد على جماعات جديدة غير معروفة تحسبا لانزلاق الأمور إلى حرب إقليمية شاملة.

ومع ذلك، يقول محمد علي، يبدو أن الهجمات حتى الآن كانت موجهة لتجنب تجاوز الخط الأحمر وهو التسبب بمقتل أميركيين لوقف الحرب على غزة.

جنود عراقيون يتفحصون موقعا أطلقت منه صواريخ باتجاه قاعدة عين الأسد التي تضم جنودا أميركيين في الأنبار (رويترز) تفعيل التفاهمات

ويوم الاثنين الماضي، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، أن واشنطن سترد بالطريقة الملائمة على هجوم الأردن، مؤكدا أن واشنطن لا تسعى إلى حرب مع إيران.

وتبنت "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" الهجوم على القاعدة الأميركية، مبينة أنها استهدفت 4 قواعد أميركية وهي الشدادي والركبان والتنف، أما الرابعة فكانت داخل الأراضي الفلسطينية وهي منشأة "زفولون" البحرية، موضحة أنها ستواصل شن هجماتها ضد القواعد الأميركية دعما لقطاع غزة وردا على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي السياق، يرى المحلل السياسي واثق الجابري أن التصعيد الأخير دعا الجانب الأميركي إلى تسريع تفعيل التفاهمات مع العراق، وسط وجهات نظر مختلفة بين الجانب الأميركي والفصائل العراقية، التي تعتقد أن التصعيد سيعجّل من انسحاب القوات الأميركية بينما ترى الأخيرة أن المسألة تحتاج إلى نوع من الهُدن.

ويقول الجابري للجزيرة نت، إن الحكومة العراقية لديها موقف متوازن بين الطرفين وتعتمد الجانب الدبلوماسي ومسك العصا من المنتصف، وترى أن التفاوض هو الذي يمكن أن يفضي إلى انسحاب القوات الأميركية، وأن القضية تحتاج إلى قرار فني عسكري، مستبعدا أن يحدث الانسحاب بتلك السرعة، خاصة أن واشنطن تريد أن تبقي على مصالحها وعلاقاتها مع العراق.

ويبين الجابري أن الضربات التي تنفذها الفصائل العراقية لها انعكاسات بشكل مباشر على الحرب في غزة، خاصة أن القوى التي تواجه المصالح الأميركية والبريطانية سواء في العراق أو اليمن أو لبنان وسوريا شتت التحالفات الدولية التي تدعم إسرائيل، لذلك يحاول الجانب الأميركي أن يرد بين الحين والآخر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القوات الأمیرکیة الفصائل العراقیة الجانب الأمیرکی التحالف الدولی فی العراق محمد علی خاصة أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا تحرز تقدما كبيرا في صيانة وتحديث محطات الكهرباء العراقية

فبراير 5, 2025آخر تحديث: فبراير 5, 2025

المستقلة/- أعلنت وزارة الكهرباء العراقية وشركة جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا عن إنجاز تحديثات واسعة في عدد من محطات توليد الكهرباء الرئيسية، مما يعزز أداء وكفاءة وحدات التوليد القائمة استعداداً لموسم الصيف، وتأتي هذه المشاريع ضمن جهود الوزارة لتحديث البنية التحتية الكهربائية وزيادة استقرار الشبكة لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة، بما يواكب استراتيجية العراق لتأمين المزيد من الكهرباء والتحول إلى طاقة أكثر استدامة وتقليل كثافة الانبعاثات الكربونية.

وتشمل إحدى المشروعات تحديث 46 توربين غازي في 12 محطة كهرباء، ما يسهم في إضافة ما يزيد عن 500 ميغاواط إلى الشبكة الوطنية بحلول صيف 2025. من المتوقع أن تعزز هذه التحديثات المرونة التشغيلية وترفع كفاءة التوليد بشكل ملموس. وشملت المحطات التي خضعت للتحديث كل من نينوى، الديوانية، الحلة، كربلاء، شط البصرة، النجيبية، السماوة، ذي قار، الخيرات، والحيدرية، حيث تم تحويل تشغيلها من الوقود الثقيل إلى الغاز الطبيعي، ما أسهم بإضافة 260 ميغاواط من القدرة التوليدية بالفعل، ومن المنتظر أن تسهم الصيانات والتحديثات في المحطات الأخرى بإضافة قدرة توليدية تصل إلى 250 ميغاواط إضافية بعد استكمال التحديثات قبل صيف 2025.

وفي مشروع آخر تم إنجاز تحديث “مسار الغاز الحار المتقدم” (AGP)   على توربينات الغاز من فئةE 9 في محطات القدس وذي قار و القيارة وتحديث MXLII  في محطة المنصورية على توربينات الغاز فئة 13E2، ومن المتوقع أن يحقق هذا التحديث زيادة في القدرة التوليدية بنسبة تصل إلى 6% لكل محطة، ما يتيح إنتاج المزيد من الطاقة باستخدام كميات الوقود نفسها.

إضافةً إلى ذلك، أكملت جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا مشاريع صيانة شاملة متنوعة لضمان جاهزية حوالي 3.7 غيغاواط في محطات رئيسية مثل القيارة، الديوانية، الحيدرية، وبغداد الجنوبية. تأتي هذه المشاريع ضمن اتفاقيات خدمات وتحديث مدتها خمس سنوات تم الإعلان عنها مسبقاً، وتهدف ضمان جاهزية واستقرار الشبكة الوطنية على المدى البعيد.

وأكد المهندس زياد علي فاضل، وزير الكهرباء العراقي، أهمية هذه المشاريع قائلاً: “تمثل هذه المشاريع المتنوعة والشاملة خطوة محورية نحو تعزيز قدرات قطاع الكهرباء في العراق، خاصة في مواسم الذروة”. واضاف “إن تحسين كفاءة محطات التوليد وزيادة الإنتاج دون زيادة استهلاك الوقود يعكس التزام الوزارة بتطوير الشبكة الوطنية بالشراكة مع شركات عالمية مثل جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا”.

من جانبه، قال جوزيف أنيس، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: “نحن فخورون بدعم قطاع الكهرباء في العراق من خلال شراكتنا المستمرة مع وزارة الكهرباء. إن إنجاز هذه المشاريع وفق الجدول الزمني يسهم في تعزيز كفاءة واستدامة وحدات التوليد بما يتماشى مع رؤية الحكومة العراقية في قطاع الطاقة”.

تعاون وثيق لدعم قطاع الطاقة في العراق

وخلال زيارته إلى المملكة المتحدة مؤخراً، استقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وفداً من جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا برئاسة جوزيف أنيس، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وتم استعراض مراحل العمل في المشاريع الاستراتيجية التي تنفذها الشركة في عموم العراق في مجال الكهرباء، بما في ذلك المحطات الثانوية في جميع المحافظات، لرفد المنظومة الكهربائية الوطنية بالطاقة، فضلاً عن أعمال الصيانة طويلة الأمد.

في وقت سابق من العام المنصرم، أعلنت جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا عن تشغيل ست محطات تحويل كهرباء بقدرة 132 كيلوفولت قبل الموعد المحدد، كان آخرها محطة تحويل مركز الرصافة بتاريخ 18 نوفمبر 2024، وذلك قبل الموعد المحدد بأكثر من شهرين.

وخلال أبريل/نيسان 2024، وقعت الحكومة العراقية وجنرال إلكتريك ڤيرنوڤا مذكرات تفاهم برعاية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في واشنطن على هامش زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط حيان عبد الغني، والرئيس التنفيذي للشؤون الحكومية والاستدامة في جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا، روجر مارتيلا.

أسهمت جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا بشكل كبير في دعم قطاع الكهرباء في العراق على مدى العقد الماضي، حيث أضافت 19 غيغاواط إلى الشبكة الوطنية، وبنت وشغلت 30 محطة تحويل كهرباء، كما ساهمت في مشروع ربط شبكة الكهرباء العراقية مع المملكة الأردنية الهاشمية. إلى جانب ذلك، سهلت الشركة حصول العراق على تمويلات تتجاوز ثلاثة مليارات دولار لدعم مشاريع الطاقة، واستمرت في الاستثمار بتدريب القوى العاملة العراقية وتطوير الكوادر المحلية.

مقالات مشابهة

  • الخارجية العراقية: رفض قاطع لمخططات تفريغ غزة من سكانها
  • بعد الهجوم على أكبر حقل لإنتاج الغاز.. هل يحل العراق الفصائل المسلحة؟
  • رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف يؤكد أهمية التعاون الدولي خلال محاضرة في الجامعة العراقية
  • الأسبوع المقبل .. ترامب يقدم خطته لإنهاء حرب أوكرانيا
  • جنرال إلكتريك ڤيرنوڤا تحرز تقدما كبيرا في صيانة وتحديث محطات الكهرباء العراقية
  • قنبلة من المخاطر تهدد المنطقة.. هل يمدد العراق بقاء قوات التحالف الدولي؟
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • استثمار 25 مليار دولار .. بي.بي تسعى لتطوير أربعة حقول نفط في كركوك
  • أسير محرر يروي تفاصيل مروعة عن التعذيب في سجون فصائل التحالف بمأرب
  • وزارة النفط العراقية تنفي شراء النفط الإيراني وإعادة تصديره