يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزواره كتاب "المواسم الثقافية"، في 5 مجلدات، تضم بين دفتيها خلاصة عقول وأفكار وتجارب وخبرات وتأملات علمية رصينة، طرحها بَعضُ رجال الْفِكْرِ والقانون وَالْأَدَبِ بقاعة المحاضرات الْأَزْهَرِيَّة الكبرى (قَاعَة الْإِمَامِ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ) في مواسم ثقافية متعددة، خاطبت الأمة في كل مجالات حياتها دينا، واجتماعا، واقتصادا، وسياسة، واستطاع بها الأزهر الشريف أن يخوض غمار قضايا مجتمعية، شغلت أذهان الناس حينئذ، وما تزال تدور في رءوس البعض في عصرنا.

فقد ارتأت الإدارة الأزهرية في أربعينيات القرن الماضي أن تخرج عن حد الدراسة الأكاديمية الملزمة لطلابها ومنتسبيها إلى حدود أوسع، وآفاق أرحب تتجاوز حدود الكتاب الدراسي والمقرر الجامعي والطلاب المقيدين، فلما ولي الأستاذ الأكبر الشيخ/ مصطفى عبد الرازق مشيخة الأزهر سنة ١٩٤٦م رأى أن يكون للأزهر قاعة للمحاضرات تنبعث منها أضواء المعرفة العميقة والطليقة من قيود المناهج الدراسية والنظم المدرسية، وتكمل رسالة الأزهر والمعاهد الدينية في خدمة العلم والإسلام، ويستكمل به الأزهر كجامعة مظاهر الجامعات الأخرى، فأشار إلى إنشاء هذه القاعة؛ لتؤدي هذه الأغراض، وتقوم بمثل ما تقوم به زميلاتها في الجامعات من خدمات علمية واجتماعية، وبدئ في إنشائها، وبدأت أنوار الأزهر تشرق منها، حتى كان من نتيجتها وثمراتها ما بين أيدينا الآن من المواسم الثقافية.

ويلمس القارئ من هذه الموضوعات تنوع فنونها ومجالاتها؛ ففيها ما يمس الشريعة، وما يمس الفكر، وما يمس الاقتصاد وما يمس السياسة العامة، بما يؤكد أن الأزهر الشريف لم يكن حبيس علوم بعينها، أو فنون بذاتها، وإنما انفتح على علوم الدين وعلوم الحياة معا.

بدأ الموسم الثقافي الأول عام ١٩٥٨ / ١٩٥٩م فضم في لقاءاته ثلاثة عشر موضوعا، كالتالي: "مكانة العلم ومنهاجه ومجالاته في القرآن" لـ السيد علي السيد، فكرة الدولة في الإسلام للدكتور/ مصطفى الحفناوي، الإسلام دين المستوى الفاضل في الإنسانية للدكتور/ محمد البهي، الإسلام في المجتمع العربي للدكتور علي عبد الواحد وافي، الوحدة العالمية في ضوء الإسلام لـ السيد محمد أبو المجد، المواريث الثقافية في حياتنا لـ محمد فريد أبو حديد، الإلحاد الشيوعي وآثاره في النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدكتور/ محمد عبد الله العربي، مذهب الأدب الهادف ومكانه من الأدب الواقعي لـ محمود تيمور، الخطوط الكبرى للنظام الاقتصادي في الإسلام لـ ياقوت العشماوي، القرآن يخلق المجتمع المتفائل لـ محمد المدني، الإسلام في مواجهة الرأسمالية والاشتراكية لـ مصطفى درويش، ميثاق الأمم والشعوب في الإسلام للدكتور/ عبد الفتاح حسن، الإسلام وضع الأسس الحديثة للضريبة لـ أحمد ثابت عويضة.

وجاء الموسم الثاني عام ١٩٥٩ / ١٩٦٠م فكان إضافة جديدة لعمل هذه القاعة، وكانت محاضراته كالتالي: واجب العلماء للأستاذ الدكتور/ محمد البهي، الملكات العقلية في القرآن الكريم لـ السيد محمد أبو المجد، فلسفة اللغة العربية للأستاذ الدكتور/ عثمان أمين، دعائم الاستقرار في التشريع القرآني لفضيلة الأستاذ الشيخ/ محمد المدني، الأسس الإسلامية للحياة الروحية للأستاذ الدكتور/ محمد مصطفى حلمي، أهداف الرسالة الإسلامية وبيان الصلة بين رسالة الأزهر ورسالة نبي الإسلام لفضيلة الأستاذ الشيخ/ كامل محمد حسن، "سيبويه" لفضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد الفحام، علم الأجنة في القرآن للأستاذ الدكتور/ عفيفي محمود، مهمة الأزهريين للأستاذ/ محمد سعيد العريان، القضاء الإداري في الإسلام للدكتور/ عبد الفتاح حسن، حديث إلى الشباب للسيد كمال الدين حسين، الباكستان المسلمة للسيد خاجا شهاب الدين، مفهوم الشيوعية في الشرق للأستاذ الدكتور/ محمد البهي، حديث في التصوف للسيد حسن كامل الملطاوي، "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" للسيد/ صلاح الدين السلجوقي، نهج الشريعة والقانون في تقرير الأحكام للأستاذ أحمد موافي، أدب الملاحم والملحمة العربية للأستاذ الدكتور/ زكي المحاسني، فلسفة الغزالي لـ عباس محمود العقاد، نظام الضرائب بين القانون والإسلام لـ محمد كمال الجرف، الاقتصاد الإسلامي في تطبيقه على المجتمع المعاصر للأستاذ الدكتور/ محمد عبد الله العربي، الشريعة الإسلامية مصدر صالح للتشريع التجاري المعاصر للأستاذ الدكتور/ أمين محمد بدر، وحدة الفكر العربي ومقومات العروبة لـ محمود تيمور، رسالة السلام والتحرير لـ محمد فريد أبو حديد، مدخل جغرافي إلى قصص القرآن الكريم للأستاذ الدكتور/ عبد العزيز كامل، الاقتصاد المصري بين الاستقلال والتبعية للأستاذ الدكتور حسين خلاف، نحو وعي إسلامي جديد لـ محمد المبارك، الملكات النفسية في القرآن الكريم لـ السيد محمد أبو المجد.

ثم كان الموسم الثالث عام ١٩٦٠/ ١٩٦١ والذي ضم مجموعة من البحوث العلمية الرصينة والدقيقة والمحكمة، كالتالي: القومية العربية للسيد الوزير/ كمال الدين رفعت، كيف كان الأزهر حصنًا للغة العربية للأستاذ/ أحمد حسن الزيات، عروبة وإسلام للأستاذ/ عمر بهاء الدين الأميري، قيام الإسلام: دراسة في الجغرافيا التاريخية للأستاذ الدكتور/ عبد العزيز كامل، الأنبياء في القرآن الكريم للأستاذ الشيخ/ محمد الطيب النجار، العلم في خدمة الدين للأستاذ/ محمد عاطف البرقوقي، عقوبة الإعدام بين الشريعة والقانون للأستاذ/ أحمد موافي، الأساطيل الإسلامية والأصول العربية للتشريع البحري الحديث للأستاذ الدكتور/ محمد كامل ملش، مناهج التفكير بين المسلمين والغربيين للأستاذ/ سيد محمد أبو المجد، القرآن والدراسات الاقتصادية للأستاذ/ عيسى عبده إبراهيم، مواطن الاجتهاد في الشريعة الإسلامية للأستاذ الشيخ/ محمد محمد المدني، "شرع الإسلام العتق ولم يشرع الرق" للأستاذ الشيخ/ منصور رجب، "شاه ولي الله: المصلح الإسلامي العظيم" للسيد/ خاجا شهاب الدين.

أما الموسم الرابع، فكان في عام ١٩٦١/ ١٩٦٢ وشمل المحاضرات التالية: طريق الهجرة للأستاذ الدكتور/ عبد العزيز كامل، نظرات حول الفقه الدستوري في الإسلام للدكتور/ أحمد كمال أبو المجد، الفكر العلمي الإسلامي للأستاذ الدكتور/ عبد الحليم منتصر، الرأي بين الشريعة والقانون للأستاذ الدكتور/ مختار القاضي، الثورة اللغوية لفضيلة الأستاذ الشيخ/ محمد رفعت فتح الله، بين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني للأستاذ الدكتور/ صوفي حسن أبو طالب.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: للأستاذ الدکتور الأزهر الشریف القرآن الکریم فی القرآن لـ السید لـ محمد

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يثمن مواقف كولومبيا الداعمة لوقف الإبادة الجماعية في غزة

استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأحد، بمشيخة الأزهر، فيرونيكا ألكوسير جارسيا، قرينة رئيس جمهورية كولومبيا.

وأكد الإمام الأكبر تقديره لجمهورية كولومبيا، كما طلب من ضيفته إبلاغ تحياته للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، وتقديره لموقفه في تأكيده ضرورة احترام قرار المحكمة الجنائية الدولية بتنفيذ مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بشأن مجرمي حرب الكيان المحتل، ومطالبته المستمرة لوقف الإبادة الجماعية والمجازر التي ترتكب في غزة.

قرار المحكمة الجنائية

وأشار الإمام الأكبر، في بيان، اليوم الأحد، إلى أن الأزهر يقوم على نشر رسالة الإسلام الممثلة في نشر السلام بين الجميع؛ حيث جعل الإسلام التعارف والتلاقي والتراحم أساسًا للعلاقات الإنسانية بين البشر على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وألوانهم، مبينًا أن الله -جلَّ وعلا- لو أراد الله لجعل الناس جميعًا متشابهين، ولكنه أراد أن يجعل الاختلاف سنة كونية، وجعل روابط الأخوة الإنسانية هي الحاكمة في العلاقات بين المؤمنين وبعضهم البعض، وبين المؤمنين وغير المؤمنين، وجعل لهذه الأخوة واجباتها وفرائضها التي تعلي من قيمة الإنسان حتى في حالة الحرب، موضحًا أن الحرب في الإسلام لم تشرع إلا لرد العدوان، وأنَّ ما نراه من حروب عرفت تاريخيًّا بالحروب الدينية لم تكن بدوافع دينية بقدر كونها مدفوعة بأيديولوجيات سياسية حاولت اختطاف الدين واستغلاله، كما يحدث الآن في غزة من قتل وإبادة وممارسة أبشع الجرائم تحت غطاء نصوص دينية توراتية يتم تفسيرها بشكل مشوَّه وخاطئ لتبرير أهداف سياسية لاغتصاب الأرض واستيلاء على حقوق الفلسطينيين.

نشر ثقافة السلام

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الأزهر اتخذ خطوات جادة لنشر ثقافة السلام والأخوة داخل مصر وخارجها؛ حيث بادر الأزهر بإنشاء بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، لتعزيز روابط الأخوة والتعايش بين المصريين؛ مسلمين ومسيحيين، وانطلق من هذه المبادرة إلى الانفتاح على المؤسسات الدينية والثقافية حول العالم، وبذلنا جهودًا كبيرة في بناء جسور التواصل مع المؤسسات في الغرب، وتُوِّجت هذه الجهود بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية في أبوظبي مع أخي العزيز البابا فرنسيس، التي استغرق العمل عليها عامًا كاملًا قبل توقيعها، كما اعتمدت الأمم المتحدة ذكرى توقيعها في الرابع من فبراير يومًا عالميًّا للأخوة الإنسانية.

وأكَّد شيخ الأزهر أنَّ السبب الرئيسي فيما يعانيه إنسان اليوم، هو سياسة الجسد المعزول تمامًا عن الروح والوجدان، وهذا التوجه العالمي الذي يحاول إقصاء الدين وتغييبه وتسييسه لتحقيق رغبات مادية، وفي مقدمتها تبرير صناعة الأسلحة والمتفجرات رغم ما تسببت فيما نراه من حروب وصراعات.

من جهتها، أعربت السيدة فيرونيكا عن امتنانها للقاء شيخ الأزهر، ومتابعتها لجهود فضيلته في إقرار السلام العالمي، مؤكدة ثقتها في قدرة القادة الدينيين على إحلال السلام ونشره من خلال الحوار والتقارب، كما أشارت إلى اتفاقها مع رؤية فضيلته حول خطورة صناعة الأسلحة، وأنها السبب الرئيسي في المأساة التي تحدث في العالم، مشيرة إلى أمنيتها بوقف هذه الصناعة من أجل القضاء على الفقر والصراع والكراهية والحروب، كما أكدت أنه علينا أن ننظر إلى العالم برؤية مختلفة عن السياسيين لاستبدال الكراهية بالمحبة والحروب بالسلام، وعبَّرت عن أهمية الوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية وحاجة العالم إلى هذا الأنموذج في التعاون بين رموز الأديان.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة المنيا يكرم الدكتور أحمد نوار لإسهاماته في الحركة الثقافية والفنية
  • وكيل الأزهر: علماء الأمة قادرون على الربط ‏بين الأصالة والمعاصرة
  • وكيل الأزهر يؤكد شمولية الإسلام لعلوم الحياة والكون
  • شيخ الأزهر يستقبل وزيرة الخارجية البوليفية
  • البحوث الإسلامية يكرِّم ٥٠ فائزًا في المسابقة الثقافية للحج والعمرة لعام 1445هـ
  • شيخ الأزهر يستقبل قرينة رئيس جمهورية كولومبيا
  • شيخ الأزهر يثمن مواقف كولومبيا الداعمة لوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • كانت مسيحية وعلمت ابنتها الإسلام.. من هي والدة مي عز الدين؟
  • أحمد الطيب.. شيخ الأزهر الإمام الزاهد
  • الأوقاف: 700 واعظة لنشر الفكر المعتدل