تعمل التطورات التكنولوجية الحديثة على النهوض بقطاع التكنولوجيا الطبية، وتعمل الشركات والمؤسسات البحثية الأوروبية على إيجاد حلول تهدف إلى تحسين معرفتنا واستجابتنا لعلم الوراثة والأمراض التي تؤثر على ملايين الأشخاص وحالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة. فكيف سيكون مسار هذا الزخم في عام 2024، وما هي التقنيات التي ستدفع ابتكارات التكنولوجيا الطبية إلى الأمام؟

الذكاء الاصطناعي

في تقريرها الذي نشره موقع "ذا نكست ويب" الأميركي، قالت الكاتبة يوانا ليكياردوبولو إن الذكاء الاصطناعي أثبت بالفعل أنه يمكن أن يكون أداة لا تقدر بثمن في حل بعض أكبر التحديات في مجال الرعاية الصحية، بدءا من التنبؤ بالأمراض الوراثية، وصولا إلى تحسين علاجات السرطان وإنتاج لقاحات مضادة للمتحورات.

وقالت الدكتورة ديانا روتجر مديرة "إيبكس فنتشرز": "سنشهد في عام 2024 قفزة في مجال التكنولوجيا الحيوية، لا سيما في المجال الواعد للذكاء الاصطناعي التوليدي لاكتشاف الأدوية". وتتوقع الدكتورة روتجر أن يتقدم عدد أكبر من الشركات في هذا القطاع إلى مراحل التطوير السريري، بما في ذلك النهج الحاسوبي والحيوي.

ومن المتوقع أيضا أن يستمر الاتجاه نحو التشخيص المعزز، خاصة بفضل قدرة نماذج اللغات الكبيرة على معالجة كميات هائلة من المعلومات.

وقال داغ لارسون الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "دوكلا"، وهي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية، إنه "يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية، بما في ذلك سجلات المرضى والمعلومات الجينية ونتائج التصوير".

ووفقا لجوليا هوكينز الشريك العام في شركة رأس المال الاستثماري "لوكال غلوب"، فإنه "من خلال تحديد الأنماط الدقيقة والعلاقات المتبادلة التي قد لا تكون مرئية مع مجموعات البيانات الأصغر، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تنبؤات ورؤى أكثر دقة، خاصة في مجموعات المرضى المعقّدة وغير المتجانسة، ويعد تخفيف الضغط عن نظام الرعاية الصحية اتجاها آخر".

وأشارت جوليا إلى أن "الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه القدرة على تعزيز البحوث الطبية، والمساعدة في اكتشاف الأدوية وتشخيص الأمراض، ولكن قوته على مدى العام المقبل ستأتي من قدرته على إصلاح المهام الأكثر جذبا للاهتمام"، ويشمل ذلك العمليات الإدارية ودعم التعلم للأطباء وأتمتة سير عمل التأمين ومقدمي الخدمات والتواصل بشأن الكشف المبكر عن الأمراض.

تأثير الحواسيب الكمومية على الرعاية الصحية كبير لقدرتها على معالجة تريليونات المعلومات في الوقت نفسه (شترستوك) الدفعة الكمومية

ربما اقتربت الثورة الكمومية، لكن الصناعات والدول تلحق بالفعل بركب التكنولوجيا المغيرة للحياة. ففي مجال الرعاية الصحية على وجه التحديد، من المتوقع أن تصل الحوسبة الكمومية إلى حجم سوق عالمي يبلغ مليار دولار بحلول عام 2030، مما يؤكد الأهمية المتزايدة للتكنولوجيا في مستقبل القطاع الطبي.

وحسب الكاتبة، يمكن أن يكون تأثير الكمومية على الرعاية الصحية هائلا على أقل تقدير، وذلك بفضل قدرة أجهزة الحاسوب الكمومية على معالجة تريليونات من وحدات المعلومات في الوقت نفسه، مما يمكنها من أن تكون أسرع بشكل كبير من نظيراتها الكلاسيكية.

تقول الرئيس التنفيذي لـ"دوائر أكسفورد الكمومية" في المملكة المتحدة إيلانا ويسبي: "هناك العديد من التقنيات الكمومية التي لديها القدرة على تغيير قواعد اللعبة في مجال التكنولوجيا الطبية".

وتتمثل إحداها في المحاكاة الكمومية، وهي قدرة الكيوبتات عالية الجودة في أجهزة الحاسوب الكمومية على نمذجة الجزيئات ومحاكاة الكيمياء. ووفقا لويسبي، يمكن أن يكون للمحاكاة الكمومية "تأثير عميق محتمل" على اكتشاف الأدوية والأمراض المستعصية حاليا.

وأوضحت أنه "من الناحية النظرية، يمكن لأجهزة الحاسوب الكمومية محاكاة المشكلة الكاملة في تطوير الأدوية لأنها تستطيع محاكاة الكيمياء والجزيئات بدقة غير مسبوقة".

وتابعت: "سيمكّن هذا شركات الأدوية من محاكاة جزيئات أكبر وأكثر تعقيدا أثناء تطوير أدوية جديدة بطريقة لا تستطيع أجهزة الحاسوب التقليدية القيام بها، مما سيساعد في توفير المليارات من البحوث والتطويرات وتقليل الوقت اللازم لطرح هذه الأدوية الجديدة في الأسواق".

وهناك فائدة محتملة أخرى في قوة التعلم الآلي الكمي الذي يمكن أن يوفر "تحديدا أسرع وأكثر دقة لأنماط البيانات وتصنيفها وضغط البيانات وتصنيف الصور"، وهذا من شأنه أن يعزز أدوات التشخيص ويساهم في إنشاء نماذج تنبؤية للأمراض.

عام 2024 سيشهد ارتداء الجراحين نظارات الواقع الافتراضي التي تمكنهم من التخطيط لعمليات أكثر ذكاء وأمانا (شترستوك) الرعاية الافتراضية والمراقبة عن بعد

قال الدكتور أوين ريس هيوز المؤسس والرئيس التنفيذي لـ "سينابسيس"، وهي منصة قائمة على المشورة والتوجيه في مجال الرعاية المخططة والعاجلة، بأن "عام 2024 سيشهد استمرار استخدام وتبسيط خيارات العلاج عن بعد لتلبية الاحتياجات السريرية لعدد أكبر من المرضى بشكل أفضل، فضلا عن تخفيف الضغط على المستشفيات والموظفين".

ويعتقد الدكتور هيوز أن العام المقبل سيشهد استيعابا أوسع لمثل هذه الحلول، بما في ذلك أجنحة المستشفيات الافتراضية ومعدات المراقبة عن بعد مثل الأجهزة القابلة للارتداء التي وصلت قيمتها السوقية العالمية المقدرة إلى 30.06 مليار دولار في عام 2023.

ووفقا للمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لتطبيق التدريب على السمع أماندا فيلبوت، فإن النمو القادم للأجهزة القابلة للارتداء والتطبيقات الصحية سيجلب فائدة أخرى، وهي الوعي بالظروف الصحية غير المعترف بها التي لها آثار خطيرة على كل من الأفراد والموارد، وأحد الأمثلة على ذلك صحة القلب.

وأوضحت أماندا: "لقد شهدنا زيادة كبيرة في الطلب على تطبيقات مراقبة القلب التي تعمل على تثقيف المستخدمين حول أهمية فهم الأمراض غير المرئية والأعراض المرتبطة بها والتي يمكن أن تؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم".

واستجابة لأوقات الانتظار الطويلة للعمليات في جميع أنحاء أوروبا، سيجلب العام المقبل الواقع الافتراضي والمختلط إلى الواجهة، كما تتوقع أليسون سندست الرئيس التنفيذي لـ"هولوكير" في أوسلو التي توفر مجموعة أدوات ثلاثية الأبعاد للتخطيط الجراحي ثلاثي الأبعاد.

وحسب أليسون فإن "عام 2024 سيشهد ارتداء الجراحين نظارات الواقع الافتراضي التي تمكنهم من تصور أعضاء المريض من خلال الصور المجسمة التفاعلية، للتخطيط لعمليات أكثر ذكاء وأمانا".

ووفق أليسون فإن قدرة التكنولوجيا على تقديم رؤية مكانية مشتركة لتشريح المريض، ستفيد التخطيط الجراحي وكذلك التواصل الشخصي والافتراضي بين الفرق، وهو ما قد يتيح أيضا التعاون خارج الحدود الجغرافية.

وخارج غرفة العمليات، قد يكون الواقع الافتراضي والواقع المختلط "حافزا للقوى العاملة القادمة"، وذلك من خلال السماح لمتخصصي الرعاية الصحية بالممارسة في بيئات افتراضية خالية من المخاطر، وتسريع عملية التعلم، وحتى تقليل مخاطر الإرهاق.

ووفقا لأليسون، ستشكل هذه التطورات في العام المقبل ما سيصبح المعيار الجديد للممارسة الجراحية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التکنولوجیا الطبیة الذکاء الاصطناعی الواقع الافتراضی الرعایة الصحیة العام المقبل الکمومیة على فی مجال یمکن أن عام 2024

إقرأ أيضاً:

برعاية خالد بن محمد بن زايد.. 200 خبير يناقشون مستقبل الرعاية الطبية في أسبوع أبوظبي العالمي للصحة

أبوظبي (الاتحاد)
يستعد «أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025» لاستقبال نخبة من قادة قطاع الصحة والعافية، ضمن حوارات مفتوحة وجلسات حصرية لتبادل الآراء والرؤى، وتعزيز العمل المشترك على مدار أيامه الثلاثة من 15 إلى 17 أبريل المقبل.
وينعقد الحدث برعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وتشهد نسخة هذا العام مشاركة أكثر من 200 متحدث لرسم ملامح جديدة للصحة والعافية عبر حوارات وعلاقات تعاون رفيعة المستوى.
تضم قائمة المتحدثين المؤكد حضورهم مسؤولين حكوميين وقادة أعمال وصناع سياسات وباحثين ومستثمرين ومبتكرين في الرعاية الصحية لتبادل الرؤى والمعلومات، ومعالجة أبرز التحديات لصياغة مستقبل الصحة. من بينهم أنيل سوني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة منظمة الصحة العالمية، والدكتور جان كاسيا، المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض، والدكتور نير بارزيلاي، مدير معهد أبحاث الشيخوخة في كلية ألبرت أينشتاين للطب، وميشيل ديماريه، رئيس مجلس إدارة أسترازينيكا، والسير جوناثان سيموندز، رئيس مجلس إدارة شركة جلاكسو سميث كلاين، وجاكوب ثايسن، الرئيس التنفيذي لشركة «إليومينا»، وإيلينا بونفيجليولي، رائدة الأعمال العالمية، المديرة العامة للرعاية الصحية والأدوية وعلوم الحياة في «مايكروسوفت»، والدكتور توميسلاف ميهاليفيتش، الرئيس التنفيذي لـ«كليفلاند كلينك». كما تضم القائمة وزراء الصحة من دول مثل البحرين ومصر ونيبال واليونان.

أخبار ذات صلة أبوظبي تشهد إطلاق تجارب «روبو تاكسي» «قصر الوطن» يستقبل عيد الفطر بفعاليات وأجواء احتفالية مميزة

وحول أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025، والدور الريادي للإمارة في تعزيز علاقات التعاون ضمن القطاع الصحي العالمي، قالت الدكتورة نورة خميس الغيثي، وكيل دائرة الصحة - أبوظبي: «يسعدنا استقبال نخبة من قادة الأعمال والمبتكرين والمؤسسات من مختلف أنحاء العالم للتفاعل ضمن حوارات بنّاءة، ودفع عجلة التعاون والجهود المشتركة. ولا شك أن أبوظبي تنفرد بمكانة استثنائية تمكّنها من تعزيز الصحة الدقيقة وتسريع وتيرة الابتكار وصياغة مستقبل أكثر صحة ومرونة للجميع، بفضل بنيتها التحتية المتطورة وتنوعها السكاني الكبير واستثماراتها الواسعة في علوم الحياة. ومن خلال الجمع بين قادة الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع، نؤسس بيئة محفزّة لازدهار الأفكار المبتكرة وإطلاق الحلول العالمية، التي تعزّز الاكتشافات الاستثنائية، وتسهم في صياغة مستقبل الرعاية الصحية».
من المتوقع أن يستقبل أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025 أكثر من 15 ألف زائر و1900 وفد و200 متحدث و150 جهة عارضة من 90 دولة، لتعزيز تبادل المعارف وإبرام الشراكات الاستراتيجية التي تعزّز تطور القطاع الصحي عالمياً. ويشهد الحدث الإعلان عن الفائزين بهاكاثون الصحة الذكية، فضلاً عن إقامة «المنتدى» الذي يمثل منصة عالمية تجمع قادة الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع ورواد الأبحاث لمعالجة تحديات الرعاية الصحية الرئيسية. وستكون «منطقة الشركات الناشئة» مركزاً للتعاون والابتكار، وستمكّن الشركات الناشئة من عرض أفكارها المبتكرة أمام المستثمرين. كما سيشهد أسبوع أبوظبي العالمي للصحة الكشف عن أسماء الفائزين بجائزة الابتكار، للاحتفاء بالأفراد والمؤسسات الذين يسهمون بتعزيز الابتكار والتعاون، وترسيخ ثقافة التميّز التي ستصوغ مستقبل القطاع الصحي.
ويعتبر أسبوع أبوظبي العالمي للصحة إحدى المبادرات الحكومية الرئيسية لدائرة الصحة - أبوظبي، ويمثل منصة للابتكار والتعاون، وينعقد هذا العام تحت شعار «نحو حياة مديدة: مفهوم جديد للصحة والعافية». ويضع تركيزاً كبيراً على صحة وعافية المجتمع عبر تبني منهجية استباقية تركز على الرعاية الوقائية والشخصية والشاملة. ويقوم الحدث على أربعة موضوعات رئيسية وهي: الحياة الصحية المديدة والصحة الدقيقة: إضفاء طابع شخصي على مستقبل الطب، ومرونة النظام الصحي واستدامته: صياغة أطر عمل تواكب متطلبات المستقبل، والصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي: الرعاية الصحية النوعية المدعومة بالتكنولوجيا، الاستثمار في علوم الحياة: الابتكار العالمي نحو آفاق أوسع. ومن خلال استقطاب مختلف الأطراف المعنية بهذه المجالات من شتى أرجاء العالم، سيدفع أسبوع أبوظبي العالمي للصحة عجلة التحول في قطاع الرعاية الصحية.
وينسجم أسبوع أبوظبي العالمي للصحة مع رؤية أبوظبي التي أثمرت عن تأسيس منظومة صحية متميزة نجحت سريعاً بتوفير خدمات متطورة قائمة على البيانات، إذ تقدم اليوم خدمات التشخيص المتطورة والعلاجات القائمة على الذكاء الاصطناعي وبحوث الجينوم، بما يضع أبوظبي في صدارة مشهد الصحة الدقيقة ويمكّنها من تقديم خيارات علاجية عالية الكفاءة وقادرة على تلبية أدق الاحتياجات الطبية وتعزيز الحياة الصحية المديدة وجودة الحياة عموماً.
ويقدم أسبوع أبوظبي العالمي للصحة 2025 تذاكر دخول مجانية للزوار تتيح لهم حضور جلساته الحية وزيارة معرضه العالمي. ويمكن للراغبين بحضور الحدث التسجيل كزائر. وللحصول على المزيد من المعلومات يرجى زيارة الموقع الإلكتروني: www.adghw.com.

مقالات مشابهة

  • رئيس هيئة الرعاية الصحية يتابع خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الفطر بإقليم القناة -صور
  • مديرة الرعاية الصحية في زيارة تفقدية لوحدات الرعاية الصحية بالشيخ زويد
  • مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد مستشفى إيزيس والكرنك استعدادًا لعيد الفطر
  • الرعاية الصحية: غرف طوارئ للاستجابة السريعة خلال إجازة العيد
  • «الرعاية الصحية»: غرفة طوارئ تعمل 24 ساعة للتعامل مع أي طوارئ صحية خلال عيد الفطر
  • مدير فرع هيئة الرعاية الصحية ببورسعيد يتفقد مستشفى الزهور لمتابعة الاستعدادات لعيد الفطر المبارك
  • الرعاية الصحية بالسويس ترفع حالة الطوارئ لاستقبال عيد الفطر
  • عائلة المعارض التونسي الجلاصي تطالب بتوفير الرعاية الصحية داخل محبسه (شاهد)
  • جامعة عين شمس تعتمد أسماء الفائزين بجوائزها للأفراد في مجال الفيزياء 2024
  • برعاية خالد بن محمد بن زايد.. 200 خبير يناقشون مستقبل الرعاية الطبية في أسبوع أبوظبي العالمي للصحة