هآرتس: من الذي يقرر حقا سياسة بايدن تجاه إسرائيل وغزة؟
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
كانت مشاركة كبار المسؤولين الأميركيين تهدف بداية إلى توفير الخبرة والتجربة المباشرة، فضلا عما وُصف في كثير من الأحيان بأنه "طرح الأسئلة الصعبة"، وذلك في سياق إستراتيجية "عناق الدب" التي ينتهجها الرئيس الأميركي جو بايدن، باستخدام الدعم العام للاستفادة من الضغط العام، ولكن مع استمرار الحرب بلا هوادة وتجاهل وجهة النظر الأميركية، تم تكليف هؤلاء المسؤولين بإدارة العلاقات مع تصاعد التوترات.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة هآرتس مقالا لبن سامويلز حاول فيه إلقاء الضوء على الفريق الضيق الذي يدير حقيقة سياسة بايدن تجاه إسرائيل وغزة، سواء تعلق الأمر بمفاوضات استعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة، أو بمنع حرب غزة من الانتشار إلى لبنان وعبر الشرق الأوسط، أو بضمان عدم تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، أو بالحفاظ على مكانة إسرائيل الدبلوماسية إقليميا وعالميا، أو بمحاولة تنشيط السلطة الفلسطينية على الطريق نحو حل الدولتين بعد الحرب، أو ربما بقائمة متزايدة من المشاغل.
وتضم 5 مسؤولين، بدءا بوزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي يعمل بشكل فعال كمقياس عام لرد الإدارة، وقدمت خطاباته خلال جولاته المكوكية العديدة في الأشهر التي تلت الهجوم، رؤية الولايات المتحدة للحقائق على الأرض، وما تعكسه من القلق المتزايد بشكل مطرد بشأن الأزمة الإنسانية في غزة وفشل إسرائيل في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيربي: حماس لا تزال تتمتع بقوة كبيرة في غزةlist 2 of 4كيربي: بايدن متفائل بإمكانية التوصل لحل الدولتينlist 3 of 4دعوى قضائية تتهم بايدن وبلينكن وأوستن بـ”التواطؤ” في إبادة غزةlist 4 of 4متظاهرون أمام منزل بلينكن وببلدان أوروبية يطالبون بوقف حرب غزةend of listوقد لخصت "اللاءات الخمس" في خطابه في طوكيو يوم الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، المبادئ الأميركية بشأن حرب غزة ومستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي "لا تهجير قسريا للفلسطينيين من غزة الآن ولا بعد الحرب، لا لاستخدام غزة كمنصة، لا لإعادة احتلال غزة بعد انتهاء الحرب، لا لحصار غزة أو إغلاقها، ولا لتقليص مساحة غزة، ولكنه يجب أيضا ضمان عدم وجود تهديدات إرهابية من الضفة الغربية".
ويعد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، وخاصة من خلال نائبه الأعلى جون فاينر وكبير مستشاري الشرق الأوسط بريت ماكغورك، أقرب الأصوات إلى أذن بايدن في جميع شؤون السياسة الخارجية.
وكان هؤلاء من بين أقوى المدافعين عن إعادة ترتيب أولويات التكامل الإقليمي الإسرائيلي قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن أدى هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى قلب هذا النهج رأسا على عقب.
ومنذ ذلك الحين، كثفوا جهودهم علنا وفي السر لتحفيز التطبيع الإسرائيلي السعودي كمسار نحو حل الدولتين.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، أبرز مسؤول يتحدث علنا بشأن الحرب، وقد نال استحسان المؤسسة اليهودية الأميركية الموالية لإسرائيل لدفاعه المستميت عن حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ورفض اتهامات الإبادة الجماعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي استغلت عمدا في السياسة الخارجية، وقد أدى خطابها في قمة المناخ 28 الذي حثت فيه إسرائيل على بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين، إلى اعتقاد العديد من المراقبين أنه تم تعريضها للعب الدور "القذر"، ولكن زوجها اليهودي دوغ إيمهوف كان بمثابة وجه الإدارة لمكافحة معاداة السامية المحلية المتزايدة الناجمة عن الحرب.
أما سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، فكانت في عزلة متزايدة على الساحة العالمية، حيث تطالب غالبية دول العالم إسرائيل بتغيير مسارها في غزة لحماية المدنيين بشكل أفضل وزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير، في حين كانت الولايات المتحدة تستخدم حق النقض الفيتو ضد قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وحيدة تقريبا.
وقد عمل سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل جاك ليو، الذي تم تعيينه بشكل مستعجل في غضون أسابيع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كمحاور رئيسي على الأرض بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، فضلا عن الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار، مع إبقاء السلطة الفلسطينية قادرة على السداد وسط عنف المستوطنين داخل الضفة الغربية، واستمرار الحكومة الإسرائيلية في احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية.
ومع أن ماكغورك يشارك في كل شاردة وواردة من الصراع، فإن اهتمامه ينصب بشكل متزايد في جهود التفاوض على المحتجزين باعتباره مفتاحا لإنهاء الحرب والانتقال إلى التطبيع وجهود حل الدولتين، إلا أن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز هو من يتولى قيادة المفاوضات بشأن المحتجزين.
ويدعم جهود بيرنز روجر كارستينز الذي يعمل في وزارة الخارجية كمبعوث رئاسي أميركي خاص لشؤون المحتجزين، ونائبه ستيفن جيلين الذي سافر إلى إسرائيل إلى جانب بلينكن مباشرة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول وبقي هناك للعمل مع عائلات المحتجزين.
وبقي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على اتصال مستمر مع نظيريه الإسرائيليين وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي، حيث تلقى تحديثات تكتيكية حول العمليات العسكرية الإسرائيلية وقدم تجاربه ودروسه الخاصة حول حرب المدن، وعمل على تعزيز الموقف العسكري الأميركي كرادع محتمل لإيران ووكلائها الإقليميين.
ومع تطور الحرب وتزايد التوترات على الحدود اللبنانية ومع الحوثيين في البحر الأحمر، تم تكليفه بنقل استياء الولايات المتحدة من التكتيكات الإسرائيلية بسبب التداعيات الإقليمية.
وقد تم تكليف مبعوث بايدن الكبير بلبنان عاموس هوشستاين بالتوصل إلى حل دبلوماسي لاتفاق محتمل لإنشاء منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع، للمضي قدما نحو اتفاق حدودي طويل الأجل في نهاية المطاف.
ومع أن بايدن لم يعين مبعوثا خاصا للإشراف على الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد عين ديفيد ساترفيلد مبعوثا خاصا للأزمة الإنسانية في غزة بعد أيام من الحرب.
وعمل ساترفيلد مع الحكومة الإسرائيلية لتوسيع المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة مع تزايد مخاطر المجاعة والمرض، وقد دافع عن حرية حركة الفلسطينيين في غزة والحاجة إلى آليات جديدة لمنع الاشتباك، كما تقول هآرتس.
ومن ناحيتها، لعبت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور دورا مهما في تنسيق الجهود الأميركية لتقديم المساعدة الإنسانية للفلسطينيين، حيث سافرت إلى مصر وأشرفت على تسليم 500 ألف رطل من المساعدات الغذائية وعشرات الملايين من الدولارات كمساعدات تكميلية، مع إنشاء مستشفى ميداني وتوسيع المساعدات لتشمل السلع التجارية.
ورغم التقدم الذي تم إحرازه في نقل الدقيق عبر ميناء أشدود، وتبسيط عملية تسليم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، والسماح لبعثة الأمم المتحدة بزيارة شمال غزة لتقييم إمكانية عودة الفلسطينيين النازحين، فإن كبار المسؤولين الأميركيين يدركون أن جهودهم تواجه عقبات كبيرة، كما تقول الصحيفة.
الفلسطينيونوناقش سوليفان بشكل مباشر الحاجة إلى إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية خلال اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تشمل خطوات لتنشيط القيادة، وحاجة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية للمساعدة في الحفاظ على النظام في الضفة الغربية ولعب دور محتمل في غزة ما بعد الحرب.
وفي الوقت نفسه، يعمل كبار المسؤولين في وزارة الخارجية على الحفاظ على العلاقات مع السلطة الفلسطينية، التي أصبح دورها الحالي والمستقبلي كهيئة حاكمة للفلسطينيين نقطة خلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبالفعل قام هادي عمرو، الممثل الأميركي الخاص للشؤون الفلسطينية، بزيارة رام الله للقاء رئيس الوزراء محمد اشتية، الذي شدد على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وكذلك الضغوط المالية المستمرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية بسبب عائدات الضرائب المحتجزة.
وقد لعب مسؤولون كبار آخرون في وزارة الخارجية، مثل النائب الرئيسي لمساعد وزير الخارجية هنري ووستر، وكبيرة الدبلوماسيين في الشرق الأوسط باربرا ليف، والمستشار ديريك شوليت، والمنسق الأمني الأميركي اللفتنانت جنرال مايكل فينزل، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية أندرو ميلر، أدوارا في التواصل مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين والأردنيين، وتحدثوا عن الحاجة إلى إصلاح داخلي في السلطة الفلسطينية، فضلا عن مخاطر عنف المستوطنين.
وتسعى ليف إلى التواصل مع الحلفاء العرب بشأن خطط إعادة الإعمار والإدارة في مرحلة ما بعد الحرب، والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، ويساعدها في ذلك اثنان من كبار مستشاري هاريس، هما فيل غوردون وإيلان غولدنبرغ.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السلطة الفلسطینیة الولایات المتحدة الإنسانیة فی غزة کبار المسؤولین بعد الحرب حرب غزة
إقرأ أيضاً:
هل حسم ترامب أمره تجاه الإدارة السورية الجديدة؟
يبدو أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تحسم بعدُ موقفها من التغيير الحاصل في سوريا بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، حيث لم تواصل سياسة الانفتاح على الإدارة الجديدة في سوريا، التي بدأتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وجسدتها في خطوات عديدة.
حيث كان لافتًا مسارعة الولايات المتحدة إلى التعبير عن ارتياحها لسقوط نظام الأسد البائد، ثم رحب الرئيس الأميركي – في وقتها – جو بايدن بسقوط هذا النظام، وأصدر بعده وزير الخارجية الأميركي السابق بيانًا أعاد فيه تأكيد الولايات المتحدة على دعمها الكامل لعملية انتقال السلطة السياسية بقيادة سورية جديدة.
وأورد شروطًا تحدد طريقة تعامل بلاده مع الإدارة السورية الجديدة، والتي لخصها في احترام حقوق الأقليات، وتسهيل تدفُّق المساعدات الإنسانية إلى كافة المحتاجين، ومنع استخدام سوريا قاعدة للإرهاب أو محطّ تهديد لجيرانها، وضمان تأمين كافة مخزونات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية وتدميرها بشكل آمن.
وفي سياق دعم التغيير الحاصل في سوريا، طلبت الخارجية الأميركية من كافة الدول الامتناع عن التدخل الخارجي في شؤون سوريا، وأبدت استعداد واشنطن "لتوفير كامل الدعم المناسب لكافة المجتمعات والدوائر الانتخابية السورية المختلفة".
إعلانثم أوفدت إدارة بايدن مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، والتقت مع أحمد الشرع في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وتزامن ذلك مع إلغاء واشنطن مكافأة القبض على الشرع، التي كانت تقدر بعشرة ملايين دولار، بعد تأكيدها أنه بدا في صورة "رجل عملي".
ثم اتخذت واشنطن مجموعة من الإجراءات والاستثناءات حول العقوبات المفروضة على سوريا، كان أولها وأبرزها قرار وزارة الخزانة الأميركية في السادس من يناير/ كانون الثاني الماضي، القاضي برفع جزئيّ عن العقوبات المفروضة على سوريا لمدة ستة أشهر، وذلك "للمساعدة في ضمان عدم عرقلة العقوبات للخدمات الأساسية واستمرارية وظائف الحكم في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي".
لم تتخذ الإدارة الأميركية السابقة جملة هذه المواقف جزافًا، بل لأن سقوط نظام الأسد البائد حقق لها رغبة كانت تسعى إليها جاهدة، وهي تحجيم نفوذ النظام الإيراني في سوريا، حيث إن إسقاط الأسد، قضى على النفوذ الإيراني كليًا في سوريا، وقطع شريان التواصل ما بين طهران والضاحية الجنوبية في بيروت، ولم تعد سوريا ممرًا للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله الإيراني، لذلك من الطبيعي أن تنفتح الولايات المتحدة على الإدارة السورية الجديدة.
بالمقابل، ظهرت مؤشرات متضاربة حول موقف الإدارة الأميركية من الإدارة الجديدة في سوريا، فهناك شخصيات قيادية في الكونغرس الأميركي، ومن الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، تطالب بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، لا سيما العقوبات القطاعية.
فيما أظهر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو موقفًا متشددًا، حين تحدث عن أن "السلطة أصبحت متركّزة بيد شخص واحد، وهذا غير صحي"، وأكد أن الولايات المتحدة تراقب الوضع في سوريا، ولن تعمل على رفع العقوبات قريبًا.
ثم أعلن في بيان أصدره عن تنديد "الولايات المتحدة بإرهابيين إسلاميين متطرفين، من بينهم متشددون أجانب، قتلوا أشخاصًا في غرب سوريا"، وطالب السلطات المؤقتة في سوريا بمحاسبة مرتكبي المجازر ضد المجتمعات الأقلية في سوريا.
وفي نفس السياق، ذهبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، إلى أن واشنطن ما تزال تراقب تصرفات السلطات الجديدة، والخطوات التي تتخذها، وأنها ستحدد سياستها المستقبلية بناء على ما ستقوم به السلطات المؤقتة من خطوات في عدد من القضايا، وتُواصل في نفس الوقت دعوتها إلى حكومة شاملة بقيادة مدنية في سوريا.
إعلانأما مبعوث الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، فقد ربط الموقف الأميركي مع التطبيع الإسرائيلي مع كل لبنان وسوريا. وهو ربط لافت وخطير، كونه يعبر عن كنه السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، التي تأخذ أولًا وقبل أي شيء مصالح إسرائيل وأمن إسرائيل، كما يشي بأن هاجس أمن إسرائيل يشكل أولوية بالنسبة إلى إدارة ترامب، وأنه من الممكن لهذه الإدارة أن تساوم السلطات السورية المؤقتة في مقايضة، تقوم على التطبيع مع إسرائيل، وعقد اتفاقية سلام مذلة معها، مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على سوريا.
لذلك ليس صدفة أن يتحدث ويتكوف عن ضرورة ضمان أمن إسرائيل، لأنه يعكس ما تريده بالفعل الولايات المتحدة من السلطات السورية الجديدة بعيدًا عن الشروط المعلنة، والادعاءات المستخدمة لتغطية أهدافها الحقيقية، فالأمر يتعلق بتقديم ضمانات لأمن إسرائيل أولًا وقبل كل شيء، وبما يفضي إلى تجريد سوريا من ممكنات تحوّلها إلى قوة عسكرية مستقبلًا، وهو ما تقوم به إسرائيل عبر عملياتها العسكرية العدوانية، التي لم تتوقف منذ سقوط نظام الأسد البائد، سواء عبر عمليات قصف المواقع والأصول العسكرية للجيش السوري السابق، أو عبر التوغلات المستمرّة واحتلال المنطقة العازلة.
اللافت هو أنَّ الاتفاق الذي وقع مؤخرًا بين الرئيس أحمد الشرع ورئيس قوات سوريا الديمقراطية (قسَد) مظلوم عبدي، تمّ بوساطة أميركية شبه علنية، حيث لعب قادة عسكريون أميركيون دورًا هامًا في دفع عبدي للقبول بإدماج كافة المؤسسات العسكرية والمدنية في مناطق شرقي الفرات ضمن الجسد السوري، بما فيها المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز.
وهو الأمر الذي يعكس وجود تيار في الإدارة الأميركية يدفع باتجاه وحدة الأرض السورية وسيادة الدولة السورية الجديدة على كامل أراضيها، وبما يدعم وحدتها واستقرارها، ويمنح الولايات المتحدة دورًا في تشكيل مستقبلها، في ظل تواتر الحديث عن استعدادات الإدارة الأميركية لسحب قوات بلادها من سوريا.
إعلانوبالتالي ترى هذه الإدارة أن أي لعب باستقرار سوريا الجديدة في الوقت الراهن يحمل معه إمكانية عودة النفوذ الإيراني بشكل أو بآخر، وهو ما يعمل على تجنّبه صنّاع القرار في واشنطن، الذين باتوا يتبنون سياسة تدعم ذلك، مقرونة بشروط عديدة لتوجيه عملية الانتقال في سوريا، بشكل يفترق عن سلوك النظام البائد، القائم على القمع ومركزة السلطة، وتسهم في إشراك مختلف المكوّنات الاجتماعية السورية في العملية السياسية الانتقالية.
السؤال الأكبر بالنسبة إلى السوريين، هو استمرار العقوبات الأميركية على سوريا، التي تعيق كلّ الجهود الرامية إلى تحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوري، وتعيق جهود التعافي المبكّر، فضلًا عن إعاقتها تدفق الاستثمارات اللازمة من أجل الشروع في إعادة إعمار ما هدمه نظام الأسد البائد.
ويبدو أنّ البيت الأبيض قد يمضي نحو انفتاح أوسع في العلاقة مع السلطات السورية الانتقالية، ويُفترض أن يشمل ذلك تخفيفًا تدريجيًا للعقوبات الأميركية، لكن الشروط الأميركية المعلنة لرفع العقوبات تشمل تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وعدم تعيين مقاتلين أجانب في مواقع عسكرية قيادية، وذلك في ضوء تعيينات سابقة أثارت قلقًا دوليًا، وشملت مقاتلين إيغورًا وأردنيين وأتراكًا في وزارة الدفاع السورية، إضافة إلى تعيين جهة اتصال سورية لمساعدة الولايات المتحدة في جهودها للعثور على الصحفي الأميركي أوستن تايس، المفقود في سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن.
المشكلة ليست في الشروط الأميركية المعلنة، وحتى الأوروبية، بل في ممكنات استخدامها كوسيلة ابتزاز للسلطة الجديدة، وليس للتأثير فقط على سير العملية الانتقالية.
وبالتالي فإن ذلك يزيد حجم التحديات التي تواجهها، خاصة أن الإدارة السورية الجديدة، بالرغم من أنها أرسلت العديد من الإشارات الإيجابية، المطمئنة للداخل السوري وللخارج أيضًا، وقدمت صورة تبتعد عن نماذج الحكم الإسلامية المتشددة، فإن ثمة أخطاء ترتكب، حيث ما تزال أغلب مؤسسات الدولة الناشئة تمتلئ إداراتها بلون واحد، وأسهمت أحداث الساحل والانتهاكات في زيادة الارتباك، وفقدان الثقة بين مختلف المكونات الدينية والمذهبية السورية.
إعلانكما أن الإعلان الدستوري منح صلاحيات مطلقة للرئيس، وقوبل ذلك بانتقادات داخلية وخارجية واسعة، وبالتالي، فإن المطلوب سوريًا هو تحصين الوضع الداخلي.
لا شك في أن المواقف الأميركية حيال سوريا الجديدة تتصل بالمواقف الإقليمية والدولية، وخاصة المواقف الأوروبية والتفاهمات الأميركية الروسية، خاصة أن سوريا حاضرة بقوة في الاتصالات الأميركية الروسية، التي جرت مؤخرًا.
ولعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعرّف على النهج الذي من المتوقع أن تبلوره إدارة الرئيس ترامب قريبًا بخصوص سوريا، وربما بناء عليه بعث برسالته إلى الرئيس السوري أحمد الشرع في 20 مارس/ آذار الجاري، وأبدى فيها استعداده لانفتاح أكبر على السلطات السورية الجديدة، بما يتوافق مع الرؤية الأميركية الروسية المشتركة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline