الحملة الأميركية الغربية على الأونروا.. التوقيت والأهداف
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 26 يناير/كانون الثاني تعليق أي تمويلات إضافية مخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" مؤقتا إلى حين الانتهاء من فحص مزاعم مشاركة 12 من موظفيها في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعلى إثر ذلك، قامت الأونروا فورا بإنهاء عقود 9 موظفين مشتبه بهم وتوفي آخر، كما فتحت تحقيقا لتحديد المسؤوليات الدقيقة لعشرات الموظفين المستهدفين.
كما علقت 9 دول من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وفنلندا وكندا وأستراليا التمويل الحيوي لهذه المنظمة المسؤولة منذ عام 1949 عن مصير اللاجئين الفلسطينيين.
وتجاهلت هذه الدول مقتل أكثر من 150 من موظفي الوكالة على يد الجيش الإسرائيلي خلال العدوان على غزة، وهو أكبر عدد من القتلى يُسجل في صفوف موظفي الأمم المتحدة في حرب واحدة منذ تأسيسها.
ومما يلفت الانتباه؛ سرعة رد فعل الدول المانحة بالتزامن مع صدور أمر محكمة العدل الدولية "بقبول" وقوع إبادة جماعية في غزة، ودعوتها لضمان تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين العالقين في قطاع غزة.
وقبل أن نبحث الأسباب التي دفعت إلى هذا الاستهداف الجماعي للأونروا في الوقت الحالي، تجدر الإشارة سريعا إلى تاريخ تأسيس الوكالة وآليات تمويلها.
كيف تشكلت الأونروا؟
إثر احتلال مساحات شاسعة من فلسطين في عام 1948، والإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل، برزت قضية اللاجئين الفلسطينيين ممن نزح معظمهم تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة فضلا عن دول الجوار في الأردن ولبنان وسوريا.
وللتخفيف من تداعيات مأساة اللاجئين، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 302 في ديسمبر/كانون الأول 1949، الخاص بتأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى "الأونروا".
وبدأت الأونروا عملها بالفعل عام 1950 بتفويض عمل يصل إلى 3 سنوات قابلة للتجديد، على أن تشمل ولايتها تقديم برامج مساعدات وتوظيف لنحو 700 ألف لاجئ فلسطيني في 5 أماكن تشمل قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، وسوريا، ولبنان.
ولخص الأميركي جون ديفيس مدير الأونروا في عام 1959 رؤيته لدور الوكالة بأنه بمثابة "تكلفة منخفضة الثمن يدفعها المجتمع الدولي مقابل عدم حل المشاكل السياسية للاجئين الفلسطينيين".
وقد دفع ديفيس باتجاه توسيع صلاحيات الأونروا لتشمل توفير التعليم وتقديم المنح الدراسية للجامعات، وهو ما تحقق بمرور الوقت لتشمل مهام الأونروا تقديم خدمات في مجال الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية والمساعدات الطارئة مثل الخيام والبطانيات والمياه والغذاء في ظروف الشتاء الصعبة، وأوقات جولات القتال.
ومع توسع نطاق خدمات الأونروا انخفضت نسبة المساعدات من إجمالي ميزانيتها من 61% في عام 1960 لتصل إلى 6% فقط حاليا.
وأصبحت الوكالة تمثل شريان حياة لنحو 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني عبر تقديم خدمات اجتماعية واقتصادية مقابل التغاضي عن حقوقهم السياسية.
تمويل الأونروا
تقدم الأونروا تقاريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويرأسها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ويتجدد تفويضها كل 3 سنوات بقرار من الجمعية العامة.
ويمثل الفلسطينيون الغالبية العظمى من موظفي الوكالة البالغ عددهم 31 ألف موظف، وتدفع الأمم المتحدة رواتب 200 من الموظفين فضلا عن بعض النفقات الإدارية بما يعادل أقل من 5% من ميزانية الأونروا.
وتُستكمل بقية الرواتب ونفقات التشغيل من تبرعات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للأونروا بمتوسط 350 مليون دولار بما يقارب ثلث ميزانية الوكالة السنوية البالغة 1.2 مليار دولار. ونظرا لعدم كفاية التبرعات، يوجد عادة عجز كبير في ميزانية الوكالة.
واستخدمت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ورقة تمويل الأونروا للضغط على الفلسطينيين في سياق طرحها لصفقة القرن والرفض الفلسطيني لها، فأعلنت واشنطن في عام 2018 وقف تمويل الأونروا بحجة الحاجة لبديل أكثر فعالية في مساعدة اللاجئين.
لماذا تريد إسرائيل التخلص من الأونروا؟ترى إسرائيل أن الأونروا تساهم في إدامة قضية اللاجئين، بل وتضخيمها مع زيادة عدد اللاجئين المسجلين بها من 700 ألف شخص في عام 1948 إلى 5.5 ملايين شخص حاليا نظرا لمنح أبناء وأحفاد اللاجئين في عام 1948 صفة اللاجئ.
وتعتبر تل أبيب أن عودة اللاجئين تمثل تهديدا ديمغرافيا للأغلبية اليهودية في إسرائيل، وبالتالي فهي قضية غير قابلة للحل في أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين. ولذا تدفع باتجاه دمج اللاجئين في أماكن إقامتهم؛ وبالأخص في دول الجوار.
ولتحقيق ذلك، قدمت دراسة مطولة عام 2020 نشرها معهد الأمن القومي الإسرائيلي؛ 4 بدائل في مقدمتها تفكيك الأونروا ونقل ميزانيتها إلى حكومات الدول المضيفة للاجئين.
واقترحت الدراسة التي صدرت بعنوان "70 عاما للأونروا: حان الوقت للإصلاحات الهيكلية والوظيفية" نقل صلاحيات الوكالة وميزانيتها وجميع ما يخصها إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويتركز عمل المفوضية على نقل اللاجئين إلى دولة ثالثة بما يتيح لهم الحصول على حق الإقامة الدائمة والتجنس، وهو ما سيقود إلى سحب صفة اللاجئ من اللاجئين الفلسطينيين في حال تجنسهم بجنسية دول أخرى.
أهداف إستراتيجية
ولتحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في التخلص من شبح عودة اللاجئين، تسوق إسرائيل عدة مبررات لتشويه الأونروا، من بينها:
تدريس الأونروا للمناهج المحلية في مدارسها التي تمثل 58% من ميزانيتها الإجمالية، إذ تشدد تلك المناهج على حق العودة وتندد بالمشروع الصهيوني في فلسطين، وتزعم أن ذلك يناقض نشر مفاهيم السلام. تقديم الأونروا لخدمات اجتماعية واقتصادية لصالح نحو 1.2 مليون لاجئ مسجل في غزة، مما يتيح لحركة حماس توجيه مواردها المالية للأنشطة العسكرية بدلا من توجيهها للخدمات الاجتماعية والاقتصادية. وجود 1% فقط من الأجانب بين موظفي الأونروا، وهو ما يساهم في الحفاظ على الهوية الفلسطينية بواسطة الموظفين الفلسطينيين، ويحد من قدرة الأجانب على التواصل بشكل مباشر مع المجتمعات الفلسطينية. أخيرا، وهو المبرر الأكثر استخداما، عضوية بعض موظفي الأونروا في جماعات المقاومة الفلسطينية أو استخدام منشآتها في عمليات المقاومة، وهو مبرر يظهر مع كل موجة تصعيد.وعند اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987 زعمت إسرائيل أن بعض موظفي الأونروا أعضاء أو مؤيدون لتنظيمات فلسطينية مقاومة، وادعت أن مركبات الأونروا تُستخدم لنقل المقاتلين والأسلحة، وطالبت بمنحها الإذن لتفتيش مركبات الوكالة.
وتذرعت الأونروا حينها بالحصانة الدبلوماسية لموظفيها واعترضت على فحص مركباتها، وهو اتهام تكرر مع اندلاع الانتفاضة الثانية، ثم عاد مؤخرا عبر الزعم بمشاركة 12 موظفا فقط لدى الأونروا من بين 31 ألف موظف في هجوم طوفان الأقصى.
تفكيك قضية اللاجئينويأتي التضييق على الأونروا في سياق جهود تفكيك قضية اللاجئين تمهيدا للدفع باتجاه مفاوضات غير متوازنة تضغط على الفلسطينيين عبر وضعهم بين خيار القتل والتهجير أو القبول بدولة مشوهة مجردة من السلاح والسيادة، وتتنازل عن حق العودة لتفقد أحد أبرز مقومات القوة الديمغرافية.
ولذا فبينما تقدم العديد من الدول الغربية دعما سياسيا وعسكريا لإسرائيل رغم المجازر المروعة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 26 ألف شهيد فلسطيني، تتذرع ذات الدول بمشاركة 12 موظفا فقط من الأونروا في طوفان الأقصى لقطع التمويل.
وجاء ذلك رغم تعهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بفتح تحقيق وفصل أي موظف تثبت مشاركته في أعمال مسلحة، وفسخه بالفعل للتعاقد مع الموظفين محل الاتهام الغربي.
ويقول الفلسطينيون إن خطوة وقف تمويل نحو 60% من تمويل الأونروا بجوار حصار غزة واستمرار المجازر اليومية تمثل إعداما فعليا للاجئين الفلسطينيين بالأخص في غزة والضفة الغربية، وهو ما يتطلب من الدول الرافضة للاحتلال المبادرة للضغط لاستكمال مهام الأونروا ووقف الحرب ورفع الحصار كي يحقق الفلسطينيون الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین تمویل الأونروا للأمم المتحدة الأمم المتحدة قضیة اللاجئین الأونروا فی وهو ما فی عام
إقرأ أيضاً:
???? المحكمة العليا الأميركية تؤيد قانونا يحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة
أيدتالمحكمة العليا الأميركية، الجمعة، قانونا يحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى حرمان 170 مليون مستخدم من تطبيق مشاركة الفيديو في 19يناير. وفي قرارها، قضت المحكمة بأن القانون لا ينتهك حقوق حرية التعبير وأن الحكومة الأميركية عبّرت عن مخاوف أمنية وطنية مشروعة بشأن امتلاك التطبيق من قبل شركة صينية. وكانت الولايات المتحدة أقرت العام الماضي قانونا يرغم العملاق الصيني في مجال الترفيه “بايت دانس” على بيع تيك توك بحلول 19يناير 2025، ولوّحت بمنع هذا التطبيق في البلاد في حال امتناعها عن تنفيذه. القضية وصلت إلى المحكمة الأميركية العليا التي استمعت إلى حجج الطرفين الجمعة. وقالت واشنطن إنها تريد تجنب مخاطر التجسس والتلاعب من جانب بكين في حين أن شبكة التواصل الاجتماعي وجمعيات حقوقية تتهم القانون بقمع حرية التعبير. في خضم المواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، أقر الكونغرس الأميركي هذا القانون في أبريل 2024 بأغلبية كبيرة على خلفية منع مخاطر قيام السلطات الصينية بالتجسس والتلاعب على مستخدمي المنصة الذين يناهز عددهم 170 مليونا في الولايات المتحدة.الحرة إنضم لقناة النيلين على واتساب