فتاة موريتانية تتصدر نتائج البكالوريا رغم الظروف المعيشية الصعبة
تاريخ النشر: 18th, July 2023 GMT
نواكشوط- من كوخ صغير متهالك صنعت الفتاة العشرينية فاطمة صمبه اعليوات الحدث في موريتانيا، وحوّلت قريتها المنسية والمرمية بين الرمال وسط ولاية الترارزة، شرق العاصمة نواكشوط، من ضيعة نائية شبه مهجورة إلى قرية مأهولة من كثرة الزائرين المهنئين والصحفيين والمصورين.
ورغم صعوبة الأحوال المعيشية، فإن فاطمة تصدّرت قائمة الناجحين في شهادة الثانوية العامة (البكالوريا) لعام 2023 على مستوى البلاد، بمعدل 14.
انتصرت الفتاة السمراء بعزيمتها على ظروف صعبة عاشتها مع أسرتها التي تنحدر من أقلية الحراطين (الأرقاء سابقا)، وحقّقت نتائج غير متوقّعة، متفوّقة على أقرانها من خريجي المحظرة (المدرسة) الموريتانية في مواد القرآن الكريم والفقه والأصول والفكر الفلسفي.
في قريتها الصغيرة أكي الواقعة على بعد نحو 320 كيلومترا شرق نواكشوط، بدأت الفتاة التحضيرات للبكالوريا في وقت مبكّر من العام الدراسي، فاشترت مذكّرات ومقررات دراسية، لكنها ركّزت على مادة الفلسفة التي شعرت بأنها عائق أمام تحقيق الحلم، فهي مادة جديدة عليها لم تدرسها في مراحل تعليمية سابقة مثل مواد الفقه والعربية والفرنسية.
ومع بداية العام الدراسي، لم تلعن الفتاة الظروف، ولم تعر اهتماما لسلسلة المشكلات التي تعانيها في قريتها الصغيرة التي تكاد تنعدم فيها وسائل العيش الضرورية، إذ لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء مناسبا، وسكانها من القرويين همهم الوحيد تأمين قوت يومهم والبقاء على قيد الحياة.
فاطمة حظيت بتكريم واسع بعد تصدر نتائج البكالوريا (الصحافة الموريتانية)لم تستسلم فاطمة لظروفها الصعبة، بل جعلتها قاعدة لبناء نجاحات وإنجازات ستبقى قصة خالدة وملهمة لمئات الحالمين من أبناء الطبقات الهشّة. ولم يكن أمام الفتاة سوى خيار التحصيل العلمي، فكانت عندما يرغمها والدها على النوم تغطي نفسها مع الدفتر لتوهمه أنها نامت، لكنها سرعان ما تقوم لتقرأ دروسها وتقوم بواجباتها المدرسية على أكمل وجه.
ولفتت الفتاة المجتهدة أنظار أساتذتها الذين عملوا على تشجيعها ومساعدتها، لكن الذي صنع الفارق إرادة كل من الأب، وهو من ذوي الهمم، والأم التي تعمل بائعة الكسكس.
الأبوة الملهمةكانت فاطمة تعيش في قرية تبعد نحو 10 كيلومترات عن المدينة حيث مدرستها، مع أب مقعد وأم ضعيفة تكدح لتعيش وتساعد الزوج والعائلة، وشقيق عصامي يدرِّس أطفال الحي القرآن الكريم. ورغم إعاقة الأب، فإنه ظل مصرا على دعم ابنته من أجل مواصلة دراستها، وكافح ليؤمّن لها تكاليف النقل اليومي إلى المدرسة من عمله بائعا المياه على عربة يجرها حمار.
يقول الأب صمبه، الذي لم يستسلم للإعاقة التي لحقت به جراء حادث قبل سنوات، إنه كان يدفع 12 ألف أوقية (30 دولارا) شهريا لسيارة الأجرة لإيصال ابنته إلى المدرسة، لكن إثر ارتفاع أسعار البنزين مطلع العام الدراسي المنصرم ارتفعت التكلفة، وأصبح يعطيها كل يوم ألف أوقية (أقل من 3 دولارات)، 600 أوقية تكاليف النقل ذهابا وإيابا و400 للفطور.
أما الأم، فتقول إنها ربّت ابنتها وحرصت على تعليمها حتى حفظت القرآن الكريم وتخطت مرحلة الابتدائية والإعدادية في ظروف صعبة، وإنها فخورة بهذا النجاح.
بفضل البيئة المفعمة بالإصرار والعزيمة، استطاعت فاطمة أن تصنع إنجازا شغلت به الرأي العام (الصحافة الموريتانية) احتفاء بالإنجازبفضل هذه البيئة المفعمة بالإصرار والعزيمة، استطاعت فاطمة أن تصنع إنجازا شغلت به الرأي العام في موريتانيا وفتحت به على نفسها وأسرتها آفاقا جديدة قد تغيّر حالهم إلى الأبد، إذ صاروا أولوية لدى المسؤولين بعدما كانوا مهمّشين.
واستقبلت وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة صفية انتهاه في مكتبها بالوزارة عائلة فاطمة، بعدما قطعت مسافة طويلة للوصول إلى نواكشوط. وقدمت للأبوين مليون أوقية (2500 دولار) لتمويل مشروع يدرّ لهما دخلا يساعدهما مستقبلا ويخفف من معاناتهما.
كما قدّمت الوزيرة للفتاة جهاز كمبيوتر محمول (لابتوب) تشجيعا لها، وتعهدت بأنها ستعمل بالتعاون والتنسيق مع القطاع الوصي على ضمان حصولها على منحة دراسية في الخارج في التخصص الذي ترغب فيه.
وفي السياق، تبرع رئيس جالية موريتانية في الكويت للفتاة المتفوّقة بمليون أوقية أخرى، وأعلن متطوعون استعدادهم لتأمين سكن مجهز في العاصمة لأسرة فاطمة إذا انتقلت الأخيرة إليها لمواصلة دراستها في جامعة نواكشوط.
وحصلت الفتاة على تكريم آخر من الدكتور الحاج إبراهيم الذي منحها مكتبة إلكترونية كاملة مكتوبة وصوتية بالعربية والإنجليزية، ولوحا إلكترونيا "آيباد" (iPad) و40 رواية ورقية عربية وإنجليزية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
«تسلا» تتوقع نتائج إيجابية في ألمانيا في العام الجديد
جرونهايده (د ب أ)
تتطلع شركة تصنيع السيارات الكهربائية الأميركية «تسلا» في مدينة جرونهايده الألمانية للمستقبل بتفاؤل، وتتوقع نتائج إيجابية في العام الجديد، على الرغم من أزمة السيارات الكهربائية في ألمانيا.
وقال مدير مصنع تسلا في جرونهايده، أندريه تيريش: «سوق السيارات الكهربائية في ألمانيا آخذ في التراجع، ولكن بوجه عام تمكنا من تعويض ذلك وأكثر... من مصنعنا نقوم حاليا بالتوريد لـ 37 سوقاً مختلفاً، معظمها في القارة الأوروبية، ولكن أيضاً في الشرق الأدنى والأوسط وتايوان».
وينظر تيريش إلى مصنع السيارات الكهربائية الأوروبي الوحيد التابع لرئيس الشركة، الملياردير إيلون ماسك، بالقرب من برلين باعتباره«منارة في صناعة السيارات»، وقال:«يمكن إنتاج سيارات كهربائية بنجاح في ألمانيا».
ويقترب عام مضطرب من نهايته بالنسبة لشركة «تسلا» في جرونهايده مع تراجع في الإنتاج بسبب الوضع المتوتر في البحر الأحمر، وتعرض إمدادات الكهرباء الخاصة بالشركة لهجوم. وكانت هناك أيضاً أشهر من الاحتجاجات ضد المصنع.
وقال تيريش: كنا بالتأكيد نود تقلص الاضطرابات، ولكن بوجه عام سنختتم العام على نحو إيجابي.
وانخفضت مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا مرة أخرى في نوفمبر الماضي، حيث بلغ عدد السيارات الكهربائية الجديدة على الطرق الألمانية في ذلك الشهر 35200 سيارة، بتراجع قدره 22% على أساس سنوي، بحسب أرقام صادرة عن الهيئة الاتحادية للنقل.
وجاءت تسلا في المركز الخامس بحصة بلغت حوالي 2200 سيارة، وفي نوفمبر 2023 جاءت في المركز الثالث بحصة بحوالي 5 آلاف سيارة كهربائية.
وتتوقع شركة استشارات الأعمال «إرنست أند يونج» انعكاس الاتجاه في السيارات الكهربائية في العام المقبل.
وقال تيريش:«نتطلع للمستقبل بتفاؤل»، مشيراً إلى التعيين غير محدد المدة لعمال مؤقتين، وزيادة الأجور بنسبة 4% عما هو معمول به في الاتفاقات الجماعية. وتعارض الشركة إبرام اتفاقيات أجور جماعية، وهو ما تنتقده نقابة «آي جي ميتال» العمالية. ويعمل لدى تسلا - بحسب بياناتها - حوالي 11 ألف موظف في مصنع جرونهايده، وهو أقل بقليل من عدد عمالها في العام الماضي.
ونظراً لحالة السوق غير المؤكدة، تعلق الشركة خطط توسيع مصنعها في جرونهايده، حيث قال تيريش:«لم نعط بعد الضوء الأخضر للتوسع بمناطق إنتاج أو مبان جديدة... المزيد من النمو سيتطلب المزيد من العمالة».