كيف أصبح الحوثيون أبزر حلفاء طهران في مشروع الهيمنة الإيراني؟
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
تدعم الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر المشروع الإيراني الرامي إلى بسط نفوذ طهران في المنطقة، وتشير تحليلات إلى أن جماعة الحوثي باتت شريكا أساسيا مع طهران لتحقيق هذا الهدف.
وفي تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز"، للخبير والمحلل السياسي، محمد آية الله طبار، إن الحوثيين باتوا "شركاء رئيسيين في سعي طهران للهيمنة الإقليمية".
وآية الله طبار، هو زميل كلية كينيدي بجامعة هارفارد، وهو أيضا أستاذ مشارك للشؤون الدولية في كلية بوش للحكم والخدمة العامة بجامعة تكساس إي أند أم، وزميل معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس.
ويضيف الكاتب أن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي، منذ نومبر الماضي، في البحر الأحمر ساعدت في توثيق علاقاتها بطهران، بعد أن أنها كانت "شريكا من الدرجة الثانية"، ولم يقم الحرس الثوري الإيراني بتعميق علاقاته مع الحوثيين إلا بعد أن أثبتوا أنهم "قوة فعالة في ساحة المعركة".
ويعزو الكاتب ذلك إلى أن إيران تريد بشدة زيادة نفوذها في البحر الأحمر حتى تتمكن من منع البحرية الأميركية من مصادرة ناقلات النفط التابعة لها التي تحاول الإفلات من العقوبات الغربية.
وقد أثبت الحوثيون أنهم قادرون على استعراض عضلاتهم عبر البحر بالفعل، وأثبتوا أيضا أنهم قادرون على تشتيت انتباه المنافسين الإقليميين الثلاثة الرئيسيين لإيران وإلحاق الضرر بهم: إسرائيل والسعودية والإمارات، وفق التحليل.
ويقول آية الله طبار إنه سرعان ما أصبح الحوثيون جزءا أساسيا مما يطلق عليه "محور المقاومة" في طهران، وفي الواقع، قد يصبحون قريبا أهم عنصر تابع لها.
كانت وكالة رويترز قد نقلت في العشرين من الشهر الجاري عن أربعة مصادر إقليمية ومصدرين إيرانيين القول إن قادة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني موجودون على الأرض في اليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وقال مصدر إيراني مطلع لرويترز: "الحرس الثوري يساعد الحوثيين في التدريب العسكري (على الأسلحة المتقدمة). كانت هناك مجموعة من المقاتلين الحوثيين في إيران، الشهر الماضي، وتم تدريبهم في قاعدة للحرس الثوري الإيراني على التكنولوجيا الحديثة واستخدام الصواريخ".
وقال هذا الشخص إن القادة الإيرانيين سافروا إلى اليمن أيضا وأنشأوا مركز قيادة في العاصمة صنعاء لشن هجمات البحر الأحمر.
وقالت المصادر إن إيران كثفت تزويد الميليشات اليمنية بالأسلحة في أعقاب حرب غزة، حيث قدمت طائرات مسيرة متقدمة وصواريخ كروز مضادة للسفن وصواريخ باليستية دقيقة الضرب وصواريخ متوسطة المدى.
وقالت جميع المصادر إن قادة ومستشاري الحرس الثوري يقدمون أيضا المعلومات والدعم الاستخباراتي لتحديد أي من السفن التي تمر عبر البحر الأحمر يوميا تتجه إلى إسرائيل وتشكل أهدافا للحوثيين.
ومنذ نحو شهرين، ينفذ المتمردون اليمنيون، الذين صنفتهم واشنطن على قوائم الإرهاب، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها "تضامنا" مع سكان غزة.
ولمحاولة ردع الحوثيين وحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمر عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية، شنت القوات الأميركية والبريطانية في 12 و22 يناير سلسلة ضربات على مواقع عسكرية تابعة لهم في اليمن.
وينفذ الجيش الأميركي بين حين وآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدة للإطلاق.
وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون باستهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافا مشروعة".
وشنّت القوات الأميركية، فجر السبت، ضربات استهدفت موقعا للجماعة في اليمن بعد أن هاجم المتمردون سفينة نفطية بريطانية "اشتعلت فيها النيران" في خليج عدن، في أحدث فصول حملتهم على حركة الملاحة في الممر المائي الهام.
السيطرة على اليمن
ويرى آية الله طبار أن "الشراكة المتعمقة" بين طهران والحوثيين جعلت الجماعة اليمنية قوة سياسية وعسكرية مهيمنة في العاصمة اليمنية صنعاء.
ومن خلال الدعم المعنوي والمادي، الخارجي والداخلي على حد سواء، يمكنها الاستيلاء على البلاد بأكملها.
ويقول الكاتب إن "الهجمات على سفن البحر الأحمر هي جزء من مهمة الحوثيين لبناء الدولة، ومن خلال إعلان أن ضرباتهم هي دفاع عن الفلسطينيين، يحاولون تعزيز شعبيتهم بين اليمنيين، ومن خلال عرقلة التجارة العالمية، تأمل الجماعة في أن تتمكن من تحويل أفقر دولة في العالم العربي إلى قوة عسكرية ضخمة".
وقالت صحيفة وول سترت جونال في تقرير سابق إن "الضربات الأميركية تمنح الحوثيين في اليمن العدو الذي طالما سعوا إليه" بينما باتت الجماعة الآن "أقوى من أي وقت مضى".
وتحاول جماعة الحوثي "إكمال التحول الذي دام عقدين من التمرد القبلي المتشرذم إلى الحكام الشرعيين لبلادهم"، وذلك "من خلال تعطيل الشحن الدولي وإثارة الضربات العسكرية الأميركية".
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن "الأمر الأكثر أهمية أن المواجهة الأخيرة عززت شعبية الحوثيين في اليمن والمنطقة، في حين صرفت الانتباه عن تحديات الحكم في المناطق الشمالية التي تسيطر عليها الجماعة".
وفي تجمع حاشد،، هتف عشرات الآلاف من الأشخاص الذي تظاهروا احتجاجا على الضربات، ضد الولايات المتحدة، ووصفوها بأنها "عدو" لهم.
سلطت صحيفة وول ستريت جورنال الضوء على مدى القوة التي باتت تتمتع به جماعة الحوثي في اليمن، مع دخولها مواجهة عسكرية مع الجيش الأميركي في أعقاب الغارات الأميركية والبريطانية الأخيرة.
وجاء في تقرير سابق لمعهد واشنطن أن الجماعة استعدت خلال العقود العديدة الماضية لحرب مع إسرائيل والغرب.
ومنذ السابع من أكتوبر، قام الحوثيون بتخريج 45 ألف مقاتل كجزء مما أطلقوا عليه "قوات طوفان الأقصى" المدربة لهذا الغرض.
ويهدف الحوثيون إلى تجنيد 1.5 مليون طفل في مخيماتهم الصيفية خلال عام 2023. وقد قاموا بتوسيع نطاق تجنيدهم في جميع أنحاء شمال غرب اليمن في "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس".
مكاسب
ويقول كااتب التحليل في "فورين أفييرز" إن الضربات الحوثية المكثفة على المدن الإسرائيلية تساعد في تشتيت انتباه إسرائيل وقواتها، ما يوفر لحماس (حليفة أخرى لإيران) متنفسا.
ومن خلال فتح جبهة جديدة، يزيد الحوثيون أيضا من تكلفة أي هجوم إسرائيلي على حزب الله في لبنان، فضلا عن تكلفة قصف الحرس الثوري الإيراني والقوات المتحالفة مع إيران في سوريا.
وعلى عكس حماس أو حزب الله أو الجماعات المختلفة في سوريا، فإن المسافة الجغرافية بين إسرائيل وأراضي الحوثيين تجعل من الصعب على إسرائيل الانتقام.
ويساعد الحوثيون إيران في تلبية احتياجاتها غير العسكرية.
وتحاول طهران فرض حصار اقتصادي فعلي على إسرائيل يكون الحوثيون محوره، من خلال وقف السفن الإسرائيلية في البحر الأمر.
ومن خلال الشراكة مع الحوثيين للانتقام من السفن الأميركية والإسرائيلية، يمكن لإيران أن تمنع البلدين من مصادرة شحنات النفط والأسلحة.
وقال محللان لرويترز إن هجمات البحر الأحمر "تتلاءم مع استراتيجية إيران الرامية إلى توسيع وتعبئة شبكتها الشيعية الإقليمية من الميليشيات المسلحة لبسط نفوذها وإظهار قدرتها على تهديد الأمن البحري في المنطقة وخارجها".
وقالا إن طهران تريد أن تظهر أن حرب غزة قد تكون مكلفة للغاية بالنسبة للغرب إذا استمرت، ويمكن أن يكون لها عواقب كارثية على المنطقة.
وقال عبد العزيز صقر، مدير مركز الخليج للأبحاث، إن "الحوثيين لا يتصرفون بشكل مستقل"، واستند في استنتاجه إلى تحليل دقيق لقدرات الجماعة التي تضم حوالي 20 ألف مسلح.
وأضاف "الحوثيون بأفرادهم وخبراتهم وإمكانياتهم ليسوا متقدمين إلى هذا الحد. عشرات السفن تعبر باب المندب يوميا، ولا يملك الحوثيون الوسائل أو الموارد أو المعرفة أو معلومات الأقمار الصناعية للعثور على الهدف المحدد والهجوم".
وقالت المتحدثة باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، الشهر الماضي، إن المعلومات الاستخبارية التي قدمتها إيران كانت حاسمة في تمكين الحوثيين من استهداف السفن.
ويرى الكاتب الإيراني في "تحليل فورين أفييرز" أن الهجمات التي تشنها القوات الأميركية لن تساعد في وقف الجماعة، بل قد تساعدها من خلال تعزيز فكرة أنها تحارب الإمبريالية، كما ستساعد إيران من خلال تحصين موطئ قدمها السياسي في الشرق الأوسط، ويمكن أن تؤدي الهجمات الأميركية أيضا إلى التصعيد في المنطقة والتسبب في أزمة اقتصادية عالمية.
وبعد مقتل ثلاثة من جنوده وإصابة نحو 25 آخرين بهجوم لمسيرة تابعة لميليشيات موالية لطهران استهدف قاعدة تضم قوات أميركية في الأردن، يجد الرئيس الأميركي، جو بايدن، نفسه أمام سيناريوهات صعبة.
بعد تعهده بالرد على الهجوم الذي أودى بمقتل ثلاثة جنود أميركييين، يجد الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمام سيناريوهات مختلفة للرد على الهجوم بشكل يردع إيران ويخفف الانتقادات الموجهة له داخل الكونغرس.
ويقول الكاتب آية الله طبار إنه رغم الدعوات التي صدرت من "صقور واشنطن" لضرب أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني، إلا أن ذلك لم يردع إيران في السابق.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي اقتصاد الملاحة الدولية الثوری الإیرانی فی البحر الأحمر الحرس الثوری جماعة الحوثی الحوثیین فی فی المنطقة ومن خلال فی الیمن من خلال
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تعزز وجودها العسكري عالمياً.. تنفيذ عمليات بحرية معقدة مع حلفاء دوليين
في إطار تعزيز الوجود العسكري البريطاني عالميًا، وإبراز قدرة المملكة المتحدة على تنفيذ عمليات بحرية معقدة بالتعاون مع حلفاء دوليين، تستعد حاملة الطائرات البريطانية “إتش إم إس برينس أوف ويلز”، وهي السفينة الرئيسية في الأسطول الملكي البريطاني للإبحار إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ بهدف إرسال رسالة حول قدراتها.
وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، “ستقود حاملة الطائرات -التي تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار- سفنا حربية من المملكة المتحدة والنرويج وكندا في مهمة تستغرق 8 أشهر، تشمل تدريبات وعمليات وزيارات مشتركة مع 40 دولة عبر البحر المتوسط والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا واليابان وأستراليا”.
وأضافت الوكالة: “من المتوقع أن يحتشد آلاف من الأسر والمؤيدين قرب ميناء بورتسموث اليوم الثلاثاء لتوديع السفينة الحربية التي تزن 65 ألف طن، والتي سترافقها المدمرة “إتش إم إس دونتلس” من القاعدة البحرية، و”سينضم إليهم لاحقا سفينتان نرويجيتان، بالإضافة إلى فرقاطات بريطانية وكندية تنطلق من ميناء بليموث”.
وأوضحت الوكالة، “ستستكمل المجموعة البحرية الهجومية “سي إس جي” بسفينة الدعم “آر إف إيه تايدسبرينغ” التابعة للبحرية الملكية، كما ستنضم لاحقا سفن ودول أخرى خلال العملية التي تعرف باسم “عملية هايماست”.
ووفق الوكالة، “ستلتحق بالحاملة 18 طائرة مقاتلة بريطانية من طراز “إف-35 بي” في الأيام التي تلي الانطلاق، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 24 طائرة خلال فترة المهمة”.
وبحسب قناة “سكاي نيوز”، “ستحمل هذه المهمة، المعروفة باسم “عملية هايماست” (Operation Highmast)، طابعا استراتيجيا واسع النطاق، إذ تتضمن تدريبات مشتركة وزيارات إلى أكثر من 40 دولة تشمل مناطق البحر الأبيض المتوسط، والشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا، واليابان، وأستراليا”.
ووفق القناة، “تقود “برنس أوف ويلز”، بصفتها الأكبر ضمن فئة سفن البحرية الملكية، مجموعة الحاملة الضاربة رقم 25 (Carrier Strike Group 25 – CSG25). ويشارك في هذه المجموعة ما يقارب 2500 من أفراد البحرية الملكية البريطانية، إلى جانب 592 من سلاح الجو الملكي و900 من الجيش البريطاني، وفي مراحل لاحقة من المهمة، من المتوقع أن يرتفع عدد المشاركين إلى نحو 4500 عنصر عسكري خلال التدريبات التي ستجرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. كما ستشارك في هذه العمليات قوات من دول أخرى، من بينها النرويج وكندا وإسبانيا، ضمن تحالف يضم 12 دولة”.
وبحسب القناة، “تبدأ أولى مهام مجموعة الحاملة الضاربة بالمشاركة في تدريب تابع لحلف شمال الأطلسي قبالة السواحل الفرنسية، يهدف إلى اختبار قدرات الدفاع الجوي، قبل أن تنتقل السفن إلى البحر المتوسط للتعاون مع قوة حاملة تقودها إيطاليا، ثم تتجه لاحقا شرقًا عبر البحر الأحمر، وتشمل الأصول العسكرية المشاركة في هذه المهمة مجموعة متنوعة من القدرات الجوية والبحرية، من بينها ما يصل إلى 24 مقاتلة من طراز “إف-35 بي لايتنينغ” تابعة لسلاح الجو الملكي، بالإضافة إلى طائرات هليكوبتر مضادة للغواصات من طراز “ميرلين إم كيه 2″، وطائرات “ميرلين إم كيه 4 كوماندوز”، و”وايلدكات”. كما تضم المهمة طائرات مسيرة من طراز “تي-150 مالوي” و”بوما”.