لم يحدث أي جديد في تكساس من حيث جوهر الأحداث مقارنة بمحاولة عدة ولايات ديمقراطية، أواخر العام الماضي، استبعاد ترامب من المشاركة في الانتخابات الفيدرالية.

يعني ذلك أنه في ذلك الحين، والآن في تكساس، حاولت بعض الولايات الفردية اغتصاب صلاحيات السلطات الفيدرالية.

إقرأ المزيد انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025

 يندرج ذلك نظريا تحت النزعات الانفصالية الكلاسيكية، ولكن واقع الأمر أن الجهات الفاعلة في كلتا الحالتين ليست النخب الإقليمية في الولايات، بل اللاعبين الفيدراليين، الذين لا تمثل حكومات الولايات في نظرهم أكثر من مجرد أدوات أو قطع على رقعة الشطرنج.

بمعنى أنه من السابق لأوانه الحديث عن الانفصالية وانهيار البلاد في الواقع، على الرغم من أن الرهانات قد ارتفعت بشكل كبير، ووصلت بالفعل إلى هذا المستوى، وإذا كان الديمقراطيون قد تصرفوا بمستوى جنونهم المعتاد، لكانت الأحداث ستؤدي بالفعل إلى مواجهة مسلحة. فدرجة الانقسام والكراهية المتبادلة بين المحافظين والليبراليين وصلت بالفعل إلى درجة أن مجرد حادث عشوائي يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية. لهذا، فمن المستحيل أيضا التقليل من أهمية الأحداث في تكساس.

لكن، يجب أن نعطي بايدن حقه، فرغم نسيانه للكلمات، إلا أنه يتمتع بخبرة سياسية هائلة، وقد قفز من الفخ بأقل الخسائر. ماذا بعد؟

إن لعبة الجمهوريين لها هدفان:

الهدف الأول، إرغام بايدن على الاختيار بين إغلاق الحدود، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى فقدانه لماء الوجه، وخسارة تعاطف قسم كبير من ناخبيه، من ذوي الأصول اللاتينية، وبين التصعيد الذي قد يبدو فيه على نحو متزايد وكأنه يدمر الولايات المتحدة الأمريكية.

 إن تبني بايدن لموقف راديكالي "مناهض للولايات المتحدة" سيجلب كذلك الناخبين المترددين أو المحايدين سابقا إلى المعسكر الجمهوري، ويعزز موقف ترامب في الحزب الجمهوري. لذلك، فمن المفيد للجمهوريين، وخاصة لترامب، جعل المواجهة أكثر راديكالية، وتصعيد المخاطر، لهذا لا أتوقع التوصل إلى أي تنازلات في تكساس. ومع ذلك، سيكون تصعيدا منضبطا بهدف الاستمرار في تدمير صورة بايدن، الذي يقع في موقف ضعيف متعمد بشأن قضية الحدود.

الهدف الثاني، هو إظهار قوة الجمهوريين قبل الانتخابات، في إشارة إلى أنه إذا تمت إزالة ترامب من الانتخابات بطريقة أو بأخرى (بما في ذلك تصفيته مثلا)، فإن لدى الجمهوريين ما يجب عليهم الرد به، بما في ذلك المواجهة المسلحة.

حتى الآن، لا يعد نقل الحرس الوطني من الولايات الجمهورية الأخرى إلى تكساس أكثر من مسرحية. وفي رأيي المتواضع، فإن احتمال وقوع تصادم في الأشهر المقبلة منخفض.

ومع ذلك، يمكننا أقول بثقة إن الحرب الأهلية قد بدأت بالفعل، لكنها متوقفة مؤقتا. والشيء الرئيسي الذي يمنعها من الدخول في مرحلة ساخنة هو أن أيا من الطرفين لم يتعرض بعد لهزيمة نهائية على المستوى الفيدرالي.

إقرأ المزيد وبدأ انهيار الولايات المتحدة الأمريكية

ومن المرجح أن تؤدي التحديات المتعلقة بالسياسة الخارجية والاقتصاد بعد الانتخابات إلى تركز السلطة في أيدي مجموعة سياسية واحدة لسنوات عديدة، مع خروج الخاسرين من الساحة السياسية، وخسارة السلطة والمال، وربما الحرية. الرهانات كبيرة جدا، لهذا أرى أنا انتقال الجانب الخاسر إلى المقاومة على مستوى الولايات الفردية أمر لا مفر منه.

فالانقسام السياسي يؤدي تلقائيا إلى الانقسام الاقتصادي، وعندما تكون الولايات في حالة تمرد، فمن المرجح أن تستخدم الحكومة الفيدرالية الاقتصاد والتمويل كسلاح، فيما نشهد بالفعل الحظر الذي فرضه بايدن على بناء محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال الذي يلحق الضرر بتكساس.

إضافة إلى ذلك، تواجه حكومة الولايات المتحدة والبنوك والشركات والولايات الفردية بالفعل نقصا متزايدا في الأموال. ونحن نرى أن الكونغرس غير قادر بشكل مزمن على تمرير ميزانية البلاد، وهو وضع سينتهي عاجلا أو آجلا إما بالشلل أو بحرمان أحد الطرفين من التمويل.

من المرجح كذلك أن يؤدي نقص الأموال إلى عدم رغبة الولايات الفردية في سداد الدين الفيدرالي و/أو محاولة إعادة توزيع الضرائب لصالحها. والتطور المنطقي لهذه العملية هو إصدار عملات خاصة بالولايات الفردية.

أما العامل الثاني فهو التضخم المفرط في الدولار، الذي سيدفع الولايات أو تحالف بعضها إلى إصدار عملاتها الخاصة للتخلص منه.

وتلك مرحلة لا مفر منها حتى بدون حدوث انقسام سياسي في الولايات المتحدة، بل وأكثر من ذلك في حالة حدوث مثل هذا الانقسام.

سيكون الصراع المسلح بين الأطراف مجرد حرب أهلية مع الاحتمال النظري للانتهاء قبل انهيار البلاد إلى أجزاء. لكن العزلة الاقتصادية للولايات الفردية أو تحالفاتها بعد انهيار الاقتصاد والدولار، حتى من دون حرب أهلية، هي ما سيؤدي دون قيد أو شرط إلى تفكك الولايات المتحدة، وهذا هو العامل الرئيسي.

ومع أخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار، فإن إدارة بايدن ليس لديها أي فرصة تقريبا لتغيير الوضع لصالحها. ففي هذا الوضع، إما أن تؤدي حرب خارجية إلى تصحيح الوضع (تبدو هنا إيران ومحور المقاومة أول المرشحين لدور الضحية، لكن الصين وروسيا أيضا احتمالات واردة)، أو ينبغي للديمقراطيين، مثل الفأر المحاصر، أن يصعّدوا من موقفهم في المعركة ضد ترامب باستخدام موارد الدولة التي لا تزال متاحة.

بطريقة أو بأخرى، يدفع الوضع بايدن إلى اتخاذ إجراءات حاسمة في أي اتجاه على أقل تقدير. حتى الآن، يبدو لي التصعيد الخارجي أكثر احتمالا منه داخليا. وإذا لم يحدث انهيار اقتصادي حاد في عام 2024، فمن المرجح أن يحدث انفجار داخلي في الولايات المتحدة العام المقبل، وليس هذا العام.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: بايدن الولايات المتحدة الأمريكية الحزب الجمهوري ألكسندر نازاروف الحزب الديمقراطي ألكسندر نازاروف اجراءات عزل ترامب البيت الأبيض الحزب الجمهوري الكونغرس الأمريكي جو بايدن الولایات المتحدة فی الولایات من المرجح فی تکساس

إقرأ أيضاً:

ما هو RedNote؟ بديل تيك توك في الولايات المتحدة

مع اقتراب موعد حظر تطبيق تيك توك TikTok، المقرر في 19 يناير 2025، يظهر تطبيق صيني آخر يعرف بـاسم ريدنوت RedNote، أو Xiaohongshu باللغة الصينية، كبديل محتمل يحقق شهرة غير مسبوقة في الولايات المتحدة. 

وبحسب ما ذكره موقع “usatoday”، أجبر الضغط المتزايد على تيك توك بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، ملايين المستخدمين على البحث عن منصات جديدة، مما يعزز من مكانة ريدنوت RedNote، الذي أصبح يتصدر قائمة التطبيقات الاجتماعية المجانية على متجر آبل.

تطورات قضية تيك توك.. ترامب يطالب بوقف الحظر قبل تنصيبهتطورات جديدة في حظر تيك توك.. دعوة لتمديد مهلة البيع أمام بايت دانستصاعد شعبية RedNote مع اقتراب حظر تيك توك
 

بموجب القانون الذي أقره الرئيس الأمريكي، فإن عدم امتلاك شركة بايت دانس، المالكة لتطبيق تيك توك، لعملياتها في الولايات المتحدة بحلول الموعد المحدد سيجعل التطبيق خارج نطاق التوزيع عبر متاجر التطبيقات. 

ويشمل ذلك عدم السماح لشركتا آبل وجوجل بتوفير التطبيق من خلال متاجرهما، كما سيقع على عاتق مزودي خدمات الإنترنت منع الوصول إلى التطبيق عبر المتصفحات داخل الولايات المتحدة.

لكن تيك توك تستعد لمواجهة هذا القرار، المحكمة العليا الأمريكية استمعت مؤخرا إلى المرافعات المتعلقة بالإغلاق المحتمل، ويعتقد أن قرارها قد يميل نحو تأكيد الحظر لما يعتبر مخاوف ذات طابع أمني. 

وسواء كانت النتيجة لصالح تيك توك أم لا، فإن التطبيق سيتعرض لمشكلات كبيرة في التوزيع وصعوبة في دعم المستخدمين، مما قد يؤدي إلى تدهور أدائه على المدى الطويل.

تطبيق ريدنوت RedNoteما هو تطبيق ريدنوت RedNote؟

في هذا السياق، يتمتع تطبيق ريدنوت RedNote بمميزات جذابة حيث أطلق في عام 2013 وسرعان ما أصبح منصة شائعة في الصين، حيث تقدر قيمته السوقية بأكثر من 17 مليار دولار. 

يشبه تصميم ريدنوت RedNote على نحو كبير منصة Pinterest، ويمكن اعتباره النسخة الصينية من منصة إنستجرام مع تركيزه على المحتوى السريع والمشوق، مما يجعله يجذب المستخدمين بشكل أسرع.

كل هذه التطورات تطرح تساؤلات حول مستقبل منصات التواصل الاجتماعي تيك توك وكيف ستؤثر هذه التغيرات على تجربة المستخدمين، سيتبقى أن نتتظر لنرى ما ستؤول إليه الأمور بعد انتهاء المهلة المحددة، رغم زيادة شعبية RedNote والمنافسة المتزايدة في هذا الفضاء الرقمي.

مقالات مشابهة

  • لافروف: إدارة بايدن أضرت كثيرا بالعلاقات بين البلدين
  • السفير الألماني لدى الولايات المتحدة يحذر من ترامب
  • الولايات المتحدة تبدأ حظر تطبيق TikTok وتوقف خدماته
  • سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نحو السودان كانت سببا رئيسيا في الحرب
  • "تيك توك" يتوقف عن العمل في الولايات المتحدة
  • تيك توك: التطبيق سيتوقف في الولايات المتحدة غداً
  • ما هو RedNote؟ بديل تيك توك في الولايات المتحدة
  • الاعيسر: قرار الولايات المتحدة الظالم ضد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان يفتقر للشرعية القانونية
  • هاريس: الولايات المتحدة تتوقع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بغزة بالكامل
  • عواقب كارثية.. هل يستطيع ترامب أن يغزو كندا بالفعل؟