إسرائيل فى القفص.. مصر: لا بد من تنفيذ أوامر العدل الدولية.. و«جوتيرش»: الحكم مُلزم.. وألمانيا تُفاجئ الجميع
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
فى السادس والعشرين من شهر يناير الجارى كان اليوم الثانى عشر بعد المائة، الذى واصلت فيه إسرائيل قصفها لقطاع غزة، وعلى بعد ثلاثة آلاف كم من أصوات القصف والدمار خيم الصمت على قاعة محكمة العدل الدولية فى قصر السلام بمدينة لاهاى الهولندية حيث دخل قضاة المحكمة لتلاوة نص الحكم بشأن الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل المتهمة بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى فى غزة.
وأصدرت المحكمة أوامرها إلى إسرائيل ببذل كل ما فى وسعها لمنع الموت والدمار وأى أعمال إبادة جماعية فى غزة، لكن اللجنة لم تصل إلى حد إصدار أمر بإنهاء الهجوم العسكرى الذى دمر القطاع الفلسطيني.
ولكن الحكم الصادر سيكون معطلا حتى يتوقف الاحتلال الإسرائيلى عن عدوانه ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، وأشارت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، إلى أنه سيكون من الصعب تنفيذ ستة أوامر من المحكمة دون التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار أو وقف القتال.
وقال رئيس محكمة العدل الدولية جوان إى دونوجو، إن المحكمة تدرك تمام الإدراك مدى المأساة الإنسانية التى تتكشف فى المنطقة، وتشعر بقلق عميق إزاء استمرار الخسائر فى الأرواح والمعاناة الإنسانية.
توبيخ ساحق لإسرائيل
ونوهت الوكالة الأمريكية إلى أن هذا الحكم يعد توبيخا ساحقًا لسلوك إسرائيل فى زمن الحرب، ويزيد من الضغوط الدولية المتصاعدة لوقف العدوان والذى أسفر عن استشهاد أكثر من ٢٦ ألف فلسطيني، وأهلك مساحات شاسعة من قطاع غزة، وأجبر ما يقرب من ٨٥٪ من سكان القطاع البالغ عددهم ٢.٣ مليون نسمة على النزوح من منازلهم.
«جوتيرش»: أحكام الجنائية الدولية مُلزمة
ووسط الجدل الكبير بشأن ماهية الحكم الصادر من محكمة العدل الدولية، فقد قطع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الشك باليقين فى أن أحكام المحكمة العليا مُلزمة قانونًا، وتثق فى أن إسرائيل ستلتزم بأوامرها، بما فى ذلك اتخاذ جميع التدابير فى حدود سلطتها لمنع الأعمال التى من شأنها أن تؤدى إلى تدمير الشعب الفلسطيني.
وفى الشق الآخر من الحكم، فقد دعت المحكمة حركة حماس إلى إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين.
وقضت المحكمة بأن على إسرائيل أن تفعل كل ما فى وسعها لمنع الإبادة الجماعية، بما فى ذلك الامتناع عن إيذاء الفلسطينيين أو قتلهم، كما قضت بأنه يجب على إسرائيل أن تحصل بشكل عاجل على المساعدات الأساسية لغزة، وأنه يجب على الدولة معاقبة أى تحريض على الإبادة الجماعية، من بين إجراءات أخرى.
وطلبت اللجنة من إسرائيل أن تقدم تقريرًا عن الخطوات المتخذة خلال شهر.
ردود الأفعال على قرار الجنائية الدولية
جاءت ردود الأفعال من مصر والدول العربية مرحبة بقرار محكمة العدل الدولية، مطالبين بضرورة تنفيذ بنوده لإنقاذ الشعب الفلسطينى فى غزة من ويلات الحرب التى طالت كل شبر فى القطاع الذى يتعرض لعدوان غاشم منذ السابع من شهر أكتوبر من العام الماضي.
وأكدت مصر فى بيان لوزارة الخارجية على أنها كانت تتطلع لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة مثلما قضت المحكمة فى حالات مماثلة، باعتباره الضمانة الرئيسية لتنفيذ التدابير الضرورية والطارئة التى أقرتها لحماية المدنيين الفلسطينيين فى القطاع. وشددت الخارجية فى بيانها الصادر عقب إعلان الحكم، على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائى الرئيسى للأمم المتحدة.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، انتهاء زمن إفلات إسرائيل من العقاب بعد القرار الصادر من محكمة العدل الدولية، ويفرض على الدول المساعدة لإسرائيل بالتوقف عن دعمها ومساعدتها، وقرار ينطوى على درجة عالية من الأهمية لأنه يضع إسرائيل فى قفص الاتهام كمجرم حرب وهى المرة الأولى التى تقف فيها بهذه الصفة أمام محكمة العدل الدولية.
وأكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا، أن قرارات محكمة العدل الدولية، أثبتت أننا كنا على حق فى تقديم الشكوى ضد إسرائيل، مؤكدًا أن قرارات المحكمة اليوم انتصار للعدالة، مُضيفًا أنه على إسرائيل الانصياع لقرارات محكمة العدل الدولية، وعلى كل الدول الأطراف احترامه، والعمل باتفاقية المنع والمعاقبة على جرائم الإبادة الجماعية.
وأشار رئيس جنوب أفريقيا، إلى أن إسرائيل تدعى أنها ديمقراطية، ويجب أن تنصاع لأوامر محكمة العدل الدولية، وعليها اتخاذ التدابير اللازمة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ورغم الدعم الألمانى لإسرائيل بعد الجلسة الأولى للمحاكمة التى عقدت فى ١١ يناير ٢٠٢٤ إلا أن موقف برلين بعد صدور الحكم جاء مفاجئا بعض الشيء، حيث قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إن إسرائيل يجب أن تلتزم بحكم محكمة العدل الدولية، ولكنها تقول أيضًا إن حماس بحاجة إلى إطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها.
وكانت ألمانيا أعلنت رفض الاتهامات التى وجهتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، وزعم المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت، فى اليوم التالى للجلسة الأولى من المحاكمة، أن إسرائيل "تدافع عن نفسها" بعد هجوم حماس فى السابع من أكتوبر الماضي، موضحًا أن ألمانيا ستتدخل كطرف ثالث أمام محكمة العدل الدولية، بموجب مادة تسمح للدول بطلب توضيح بشأن استخدام اتفاقية متعددة الأطراف.
بينما رأت وزارة الخارجية الإيرانية أن قرار الجنائية الدولية جاء متأخرًا، وأوضح المتحدث باسمها ناصر كنعاني، أنه على الرغم من أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، جاء متأخرًا إلا أنه دليل على الواقع المرير الذى يحدث فى القطاع، وبمثابة مثال على الجرائم الدولية، بما فى ذلك الإبادة الجماعية.
دعم أمريكى لإسرائيل على طول الخط
وإمعانًا فى الدعم الكبير لإسرائيل، عارضت الولايات المتحدة الحكم الصادر من الجنائية الدولية، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية فى بيان لها عقب صدور الحكم: «ما زلنا نعتقد أن مزاعم الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة».
وكررت الولايات المتحدة موقفها بأنه يجب على إسرائيل اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذى يلحق بالمدنيين، وزيادة المساعدات الإنسانية وكبح الخطاب اللاإنساني.
وقالت حكومة جنوب أفريقيا، إن الحكم ينص على أن تصرفات إسرائيل فى غزة تعتبر إبادة جماعية، مُضيفةً أنه لا يوجد أساس موثوق لاستمرار إسرائيل فى الادعاء بأن عملياتها العسكرية تتوافق تمامًا مع القانون الدولي. ورغم الدعم الواضح من واشنطن إلى تل أبيب على كل المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية، فإن صحيفة «الجارديان» البريطانية، ترى أن الحكم الذى صدر الجمعة الماضية، يُضيف المزيد من الضغوط على الولايات المتحدة والدول الغربية لكبح جماح إسرائيل، للتأثير على حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن قرار محكمة العدل الدولية محرج بشكل خاص لإدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، نظرا لأن وزير خارجيته أنتونى بلينكن، كان قد رفض فى السابق قضية جنوب أفريقيا ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة.
وقالت «الجارديان» إن الحكم وضع الإدارة الأمريكية فى مأزق، وسط اتهامات لها بالنفاق، ويُثير تساؤلات حول التزام واشنطن بحقوق الإنسان، خاصة بالنظر إلى حثها السابق للدول الأخرى على الالتزام بقرارات محكمة العدل الدولية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل في القفص جوتيرش جنوب أفريقيا ضد إسرائيل الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى قطاع غزة الشعب الفلسطینى فى غزة محکمة العدل الدولیة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة جنوب أفریقیا على إسرائیل إسرائیل فى أن قرار إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماليزيا وجنوب أفريقيا تقودان مجموعة دولية لمنع إسرائيل من تحدي القانون الدولي
نحضر ماليزيا وجنوب أفريقيا مع مجموعة أخرى من الدول لحملة بهدف حماية العدالة وتثبيت قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومواجهة ما وصفته هذه الدول بأنه تحد لأوامر محكمة العدل الدولية ومحاولات الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
وتضم "مجموعة لاهاي" تسع دول وهي كولومبيا وناميبيا وتشيلي وبوليفيا والسنغال، إلى جانب جنوب أفريقيا وماليزيا، وتهدف لحماية والدفاع عن نظام العدل الدولي، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" وترجمته "عربي21".
ويأتي التحرك وسط التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وبخاصة في الحروب في غزة وأوكرانيا وتهريب البشر عبر البحر الأبيض المتوسط.
وقال وزير الشؤون الدولية لجنوب أفريقيا رونالد لامولا، إن الحملة تهدف للتأكد من الالتزام بالقانون الدولي وحماية الضعفاء، وأضاف أن " تشكيل مجموعة هيغ يرسل رسالة واضحة: لا دولة فوق القانون ولا جريمة ستمر بدون عقاب". وكانت جنوب أفريقيا قد تقدمت بدعوى أمام محكمة العدل الدولية متهمة فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وتقول المجموعة إن التركيز لن يكون على إسرائيل ومعاقبتها ولكن على نهجها تجاه قرارات المحكمة الدولية والتي يقول رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم "تمس أسس القانون الدولي الواجب على المجتمع الدولي الدفاع عنه".
وتعكس الخطوات التي ستحددها المجموعة الغضب المتزايد في الجنوب العالمي إزاء ما ينظر إليه على أنه معايير مزدوجة للقوى الغربية عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي. وقد أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش تقريرا حول ما يمكن للدول الأعضاء القيام به لضمان امتثال إسرائيل لأحكام محكمة العدل الدولية، ولا سيما النتيجة التي توصلت إليها وهي أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة غير قانوني وأنه ينبغي عليها سحب قواتها في غضون 12 شهرا.
وكلفت سويسرا بعقد مؤتمر في أذار/مارس للدول الـ 196 الموقعة على اتفاقيات جنيف، مع التركيز على الالتزام باحترام القانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما سيعقد مؤتمر في حزيران/ يونيو في نيويورك لمناقشة حل الدولتين. وطلبت محكمة العدل الدولية من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقدم رأيا استشاريا عاجلا بشأن التزامات إسرائيل كقوة محتلة وتحملها مسؤولية توفير المساعدات الإنسانية.
وتعلق الصحيفة أن المنتقدين سينظرون إلى هذه الإجراءات المضادة بأنها ضئيلة للغاية. فلم تظهر إسرائيل أي اهتمام بالالتزام بأحكام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية. وعلاوة على ذلك، فإذا كانت إدارة بايدن مشوشة في موقفها بشأن القانون الدولي، فإن إدارة ترامب ليس لديها مثل هذه التحفظات.
وقد أيد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مشروع قانون معروض حاليا على الكونغرس لفرض عقوبات على أي فرد أو كيان على اتصال بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكيا أو حليف لها، وستشمل هذه العقوبات أفراد الأسرة أيضا.
ومن الأمور التي تثير قلق المحكمة الجنائية الدولية هي تآكل سلطتها في أماكن أخرى. فقد زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، الإمارات العربية المتحدة والسعودية، وهما دولتان مثل روسيا ليستا طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في حين رفضت منغوليا الموقعة على النظام طلبين من المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس الروسي عندما زارها في آب/أغسطس من العام الماضي. وزعمت منغوليا أن بوتين بصفته رئيس دولة يتمتع بالحصانة، وقد رفضت المحكمة الجنائية الدولية هذا الطلب ولكن هذا يشكل سابقة.
وفي حالة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انقسمت الدول الأوروبية بشدة حول ما إذا كانت ستتصرف بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حيث أصر بعضها، بما في ذلك إيطاليا ورومانيا والمجر، على تجاهلها إذا دخل أراضيها.
وقالت بولندا أنها ستستقبل نتنياهو حالة السفر لحضور الذكرى الـ80 لتحرير أشوفيتز، لكنه لم يحضر المناسبة في النهاية.
وضربت إيطاليا سلطة الجنائية الدولية عندما تحركت الشرطة بناء على مذكرة اعتقال صادرة بحق مهرب ليبي سيء السمعة. وقد وضعته السلطة القضائية على متن طائرة عائدة إلى ليبيا حيث استقبل استقبال الأبطال. وبعد أن شعرت المحكمة الجنائية الدولية بالغضب إزاء إبطال تحقيقاتها في جرائم الحرب في ليبيا، أصدرت بعد ذلك الأدلة ضد الليبي ودوره في وفاة المهاجرين.
ويعلق وينتور أن محكمة العدل الدولية معتادة على تجاهل أوامرها، ولكن قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا كانت من القضايا التي جعلت من تحدي إسرائيل الواضح للأوامر المؤقتة للمحكمة أكثر وضوحا. فقد قالت منظمة أوكسفام في استطلاع أجرته بين المنظمات غير الحكومية هذا الأسبوع إن 89% من الوكالات وجدت أن تقديم المساعدات إلى غزة ساء منذ صدور أوامر محكمة العدل الدولية الستة التي تغطي المساعدات ومنع الإبادة الجماعية في 26 كانون الثاني/يناير من العام الماضي. وقالت أونا هاثاوي، أستاذة القانون الدولي بجامعة ييل الأمريكية: "لدينا القدرة على تغيير".
وتقول أونا هاثاواي، أستاذة القانون الدولي في جامعة ييل: "إننا نملك القدرة على تغيير مجرى الأمور إذا أردنا ذلك. ولكن عند نقطة معينة، سوف تتآكل القواعد إلى الحد الذي يجعلها تفقد كل شرعيتها، وسوف تفقد الولايات المتحدة كل شرعيتها. وسوف نجد أننا تجاوزنا نقطة اللا عودة، وأن هذه القواعد لم تعد قابلة للإنقاذ. وأعتقد أن هذا سوف يكون مأساة حقيقية".