شبكة الكابلات.. هل يقطعها الحوثيون؟ وما التداعيات عالميًا؟
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
مع تصاعد المواجهة مع التحالف البحري، بقيادة الولايات المتحدة، قد يستهدف الحوثيون الكابلات البحرية الدولية، وهو هدف متطور يمكن أن يعطل الاتصالات والاقتصاد العالميين بشكل خطير، بحسب إميلي ميليكين في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum).
وأضافت ميليكين، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "على الرغم من العمليات الغربية التي سعت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، إلا أنهم استمروا في ضرب السفن التجارية (المرتبطة بإسرائيل) قبالة سواحل اليمن".
وتابعت أنه "إذا استمر القتال، فقد تعدل الجماعة استراتيجيتها نحو استهداف شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت البحر. وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت قناة تليجرام مرتبطة بالحوثيين خريطة توضح شبكات الكابلات في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي".
وأردفت أن الحوثيين أرفقوا الصورة برسالة (تحمل تهديدا مبطنا) وهي أنه "توجد خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر"، مضيفة أنه "يبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها، وليس الدول فقط".
اقرأ أيضاً
أجهزة مخابرات غربية: الحوثيون يتأهبون لشن مزيد من الهجمات
البنى التحتية الرقمية
ميليكين قالت إنه "مع تهديد حرب غزة (التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) بالتصعيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تعرضت كابلات الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر لتدقيق متزايد من الحوثيين وحلفائهم".
وأوضحت أنه "على تليجرام، أصدر كل من حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من إيران في العراق بيانات خاصة تشير إلى أنهم سيفكرون في قطع الكابلات. وهي خطوة من شأنها أن تمثل تطورا جديدا في الصراع الإقليمي".
وتابعت أن "العديد من الأشخاص، سواء في الشرق الأوسط أو في جميع أنحاء العالم بشكل عام، يعتبرون وسائل الراحة الحديثة التي توفرها الكابلات البحرية أمرا مفروغا منه".
و"في القرن الحادي والعشرين، تعمل هذه الكابلات كواحدة من أهم البنى التحتية الرقمية في العالم، إذ تخدم أكثر من 95% من تدفقات البيانات والاتصالات الدولية، بما في ذلك نحو 10 تريليون دولار في المعاملات المالية يوميا، وأي أضرار بالكابلات يمكن أن تمنع الوصول إلى الإنترنت عبر مناطق شاسعة؛ مما يتسبب في اضطرابات اقتصادية كبيرة لبلدان بأكملها"، بحسب ميليكين.
وأضافت: "والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وحلفاء واشنطن هو أن إتلاف الكابلات قد يقطع الاتصالات العسكرية أو الحكومية، فالكابلات هي الجهاز الوحيد الذي يتمتع بعرض نطاق ترددي كافٍ لاستيعاب تيرابايت من بيانات أجهزة الاستشعار العسكرية".
اقرأ أيضاً
ذا إنترسبت: الحوثيون هزموا بايدن استراتيجيا في معركة البحر الأحمر لهذه الأسباب
هدف سهل ومثالي
و"بقدر ما يعمل باب المندب كنقطة تفتيش لحركة المرور البحرية فوق سطح البحر، فإن هذه المنطقة واحدة من ثلاث نقاط اختناق للكابلات في العالم، ولذا فإن أي تهديد لهذه البنية التحتية يشكل مصدر قلق خاص للقوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة، الذين يتنافسون للسيطرة على شبكة الكابلات"، كما تابعت ميليكين.
ورأت أنه "حتى الآن، ظلت الكابلات آمنة بسبب التخلف التكنولوجي النسبي للحوثيين وليس الافتقار إلى الحافز. وحتى الآن، خاضت الجماعة في المقام الأول حربا برية ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحلفائها السعوديين والإماراتيين، وبالتالي لم تطور قوة بحرية عالية التدريب".
واستطردت: "كما أن الحوثيين يفتقرون إلى الغواصات اللازمة للوصول إلى الكابلات، لكن مع توفر الوقت والفرصة، قد يتمكنون من تكييف بعض تكتيكاتهم البحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات".
و"في الواقع، فإن مياه الخليج الضحلة، التي يصل عمقها إلى 100 متر فقط، تقلل من الحاجة إلى غواصات عالية التقنية لإنجاز المهمة، ويمكن أن تكون شبكة الكابلات هدفا سهلا مثاليا لهجومهم القادم، وهو احتمال يجب أن يثير قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية"، كما ختمت ميليكين.
اقرأ أيضاً
فورين بوليسي: الحوثيون أربكوا العالم بسبب البحر الأحمر.. ونجاح تجربتهم يغري إيران بالمزيد
المصدر | إميلي ميليكين/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: كابلات الاتصالات البحرية الحوثيون اقتصاد إنترنت اليمن غزة البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
أم الرشراش.. منفذ فلسطين على البحر الأحمر
ثلاث مميزات جعلت من هذه القرية الصغيرة أرضا للصراع للسيطرة عليها، فهي منفذ لفلسطين على البحر الأحمر، وبقعة تربط الأراضي الفلسطينية بالأراضي الأردنية والمصرية برا وبحرا في آن واحد، ونقطة اتصال بين قارتي آسيا وأفريقيا.
وتحدها البلدات التالية: صحراء النقب انتهاء بمدينة بئر السبع شمالا، مدينة العقبة الأردنية شرقا، البحر الأحمر جنوبا، وبلدة طابا المصرية غربا.
أم الرشراش قرية عربية مهجرة، أقصى جنوبي فلسطين، وجنوبي مدينة بئر السبع، على الجهة الشرقية لشبه جزيرة سيناء، وتطل على خليج العقبة، وهي آخر بلدة فلسطينية في الجنوب، كانت تتبع إداريا لمدينة بئر السبع وتبعد عنها حوالي 235 كم، وتقدر مساحة أراضيها بنحو 85 ألف دونم، واحتلت القرية في عام 1949 على يد جنود من لواء جولاني ولواء النقب في سياق عملية "عوفدا".
مدينة إيلات التي أقيمت على أرض أم الرشراش.
وقد سميت كذلك نسبة للقبيلة العربية التي كانت تقيم فيها، ورغم ذلك فإن لها تسميات عدة، لكل منها أسبابها، ومن تلك التسميات: قرية الحجاج أو الحجيج، وقد أطلق عليها هذا الاسم أو اللقب كونها كانت محطة لاستراحة الحجاج القادمين من مصر وبلاد الشام القاصدين الديار المقدسة في ذهابهم وعودتهم. والمرشش نسبة للقبيلة العربية التي استقرت في القرية. وأيضا تعرف بأيلة أو إيلات: وهي تسمية قديمة أطلقها الصليبيون عليها عقب احتلالهم لها، فيما يرجح البعض أنها تسمية كنعانية وأن الكنعانيين هم من أطلقوا عليها هذه التسمية.
ويعتقد بان لموقع القرية الجغرافي دور في تحديد النشاط الاقتصادي في أم الرشراش، حيث أن أهل القرية مارسوا أعمال الزراعة وتربية الماشية وصيد الأسماك، بالإضافة إلى ازدهار عمليات التبادل التجاري مستفيدين من موقعها على شاطئ البحر الأحمر، وقربها من الأراضي الأردنية والمصرية.
واختلف المؤرخين في تصنيف قرية أم الرشراش فبعضهم اعتبرها هي ذاتها بلدة أيلة / إيلات، وصنفها المؤرخ مصطفى الدباغ بأنها مختلفة عنها، ويذكر أن المرشش (أم الرشراش) بلدة فلسطينية وأيلة بلدة مصرية.
ونظرا لأهمية موقعها الجغرافي استخدمها الرومان والبيزنطيون والنبطيون كقاعدة لهم في بلاد الشام، وفي العصور الوسطى في بعض المراجع التاريخية تذكر أم الرشراش بأنها كانت أول بلدة إسلامية تؤسس خارج شبه الجزيرة العربية، وفي مراجع أخرى البلدة كانت قائمة أساسا وقد بايع أهلها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام.
احتلها الصليبيون مرتين، في الأولى أخرجهم منها صلاح الدين الأيوبي، وفي الثانية أخرجهم منها الظاهر بيبرس عام 1276. وفي عام 1517 خضعت لحكم العثمانيين، وفي عام 1818 ضمها محمد علي باشا للأراضي المصرية وباتت تحت حكمه لكن ما لبثت أن عادت عام 1841 للتبعية العثماني.
وفي عام 1906 عقدت اتفاقية ترسيم حدود بين العثمانيين والبريطانيين الذين كانوا يحتلون مصر آنذاك، بموجب البند الأول لتلك الاتفاقية فإن بلدة طابا تعتبر أول بلدة مصرية في شبه جزيرة سيناء، وبذلك بقيت أم الرشراش تحت التبعية العثمانية، أي اعتبرت أراضي فلسطينية.
وقعت في عام 1917 تحت حكم سلطات الانتداب البريطاني كما هو حال باقي مدن وبلدات فلسطين، وعقب احتلال البريطانيين لفلسطين وفي عام 1928 عقدت اتفاقية بين حكومة الانتداب البريطاني وحكومة شرقي الأردن، وبموجب تلك الاتفاقية ألحقت أم الرشراش بالأراضي الأردنية، وبكلا الحالتين بقيت خاضعة للانتداب البريطاني الذين أقاموا فيها مركزا للشرطة بقي قائما حتى عام 1948.
منذ بداية حرب عام 1948 بسط الجيش المصري سيطرته على أراضي صحراء النقب، حيث كان يسيطر على جنوب الضفة الغربية والقدس، حتى منطقة أسدود على الساحل الفلسطيني لكن العصابات الصهيونية اخترقت الهدنة المتفق عليها مع الجيش المصري وقاموا بعملية عسكرية تحت مسمى "يوآڤ" تمكنوا خلالها من هزيمة الجيش المصري واحتلال جميع القرى والمدن الفلسطينية الواقعة جنوب الخليل في الشرق وحتى مدينة أسدود على ساحل البحر المتوسط.
أما قرية أم الرشراش فمع بدايات عام 1949، فقد نفذت وحدات من جيش الاحتلال عملية هجومية أخرى باسم "هحورب" حيث ولج الجيش الاحتلال إلى سيناء واستولى على طريق بئر السبع- عسلوج، ما أجبر الحكومة المصرية على الاستجابة لضغوط الأمم المتحدة، والموافقة على وقف إطلاق النار والبدء بمحادثات التهدئة على الجبهات القتالية بين الطرفين المصري والإسرائيلي والأردني الذي انضم بعد ذلك إلى طاولة المفاوضات لتحديد خطوط الهدنة بين الدول الثلاثة بشكل نهائي.
قرر الصهاينة فرض الأمر الواقع، والهدف هو الوصول إلى البحر الأحمر، وقد نجح الصهاينة في مفاجأة الضباط والجنود المصريين، الذين كانوا يتواجدون في قرية أم الرشراش وكانوا يلتزمون بوقف إطلاق النار.
مشهد ليلي لمدينة إيلات المحتلة.
ودمرت أم الرشراش العربية بالكامل عقب احتلالها وعلى أنقاضها أسس المحتلون مدينة وميناء إيلات عام 1949، وهو من أهم المؤانئ بالنسبة لسلطات الاحتلال.
ولا يعرف على وجه الدقة متى غادر أهل أم الرشراش قريتهم، ولم يذكر أي مصدر موثق للقرية، ما الذي حل بسكانها وعن مصيرهم عقب احتلال قريتهم.
ويوجد مكان القرية مطاران يخدمان السياح، كما يربطها معبر حدودي مع مدينة العقبة الأردنية.
أما من ناحية المواصلات البرية فتعتبر إيلات منعزلة عن باقي المدن الفلسطينية إذ يصل إليها شارع رئيسي واحد فقط يمر من وادي عربة. ويوجد معبر حدودي مفتوح على مدار الساعة يخدم السياح العابرين من شبه جزيرة سيناء إلى إيلات.
وما زال الكثير من المصريين يطالبون بها على أساس أنها أرض مصرية. لكن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط صرح في عام 2006 حول ملكية مدينة أم الرشراش بتأكيده على أنها أرض فلسطينية وفقا لاتفاقية ترسيم الحدود بين بريطانيا والدولة العثمانية في 1906 و1922.
المصادر.
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ مصطفى الدباغ، موسوعة بلادنا فلسطين.
ـ شكري عراف، كتاب "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية".
ـ "ابو الغيط : "ام الرشراش ايلات" ارض فلسطينية"، صحيفة الدستور الأردنية، 25/12/2006.
ـ عبد الحليم سالم، "مطالب باستعادة "أم الرشراش" من إسرائيل ونشر الأمن بسيناء"، اليوم السابع المصرية، 30/4/2011.
ـ د. فايز أبو شمالة، "أم الرشراش "إيلات" ليست مصرية"، صحيفة موقع رأي اليوم، 14/4/2016.