مع تصاعد المواجهة مع التحالف البحري، بقيادة الولايات المتحدة، قد يستهدف الحوثيون الكابلات البحرية الدولية، وهو هدف متطور يمكن أن يعطل الاتصالات والاقتصاد العالميين بشكل خطير، بحسب إميلي ميليكين في تحليل بـ"منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum).

وأضافت ميليكين، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "على الرغم من العمليات الغربية التي سعت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، إلا أنهم استمروا في ضرب السفن التجارية (المرتبطة بإسرائيل) قبالة سواحل اليمن".

وتابعت أنه "إذا استمر القتال، فقد تعدل الجماعة استراتيجيتها نحو استهداف شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت البحر. وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشرت قناة تليجرام مرتبطة بالحوثيين خريطة توضح شبكات الكابلات في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي".

وأردفت أن الحوثيين أرفقوا الصورة برسالة (تحمل تهديدا مبطنا) وهي أنه "توجد خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر"، مضيفة أنه "يبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها، وليس الدول فقط".

اقرأ أيضاً

أجهزة مخابرات غربية: الحوثيون يتأهبون لشن مزيد من الهجمات

البنى التحتية الرقمية

ميليكين قالت إنه "مع تهديد حرب غزة (التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) بالتصعيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تعرضت كابلات الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر لتدقيق متزايد من الحوثيين وحلفائهم".

وأوضحت أنه "على تليجرام، أصدر كل من حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من إيران في العراق بيانات خاصة تشير إلى أنهم سيفكرون في قطع الكابلات. وهي خطوة من شأنها أن تمثل تطورا جديدا في الصراع الإقليمي".

وتابعت أن "العديد من الأشخاص، سواء في الشرق الأوسط أو في جميع أنحاء العالم بشكل عام، يعتبرون وسائل الراحة الحديثة التي توفرها الكابلات البحرية أمرا مفروغا منه".

و"في القرن الحادي والعشرين، تعمل هذه الكابلات كواحدة من أهم البنى التحتية الرقمية في العالم، إذ تخدم أكثر من 95% من تدفقات البيانات والاتصالات الدولية، بما في ذلك نحو 10 تريليون دولار في المعاملات المالية يوميا، وأي أضرار بالكابلات يمكن أن تمنع الوصول إلى الإنترنت عبر مناطق شاسعة؛ مما يتسبب في اضطرابات اقتصادية كبيرة لبلدان بأكملها"، بحسب ميليكين.

وأضافت: "والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وحلفاء واشنطن هو أن إتلاف الكابلات قد يقطع الاتصالات العسكرية أو الحكومية، فالكابلات هي الجهاز الوحيد الذي يتمتع بعرض نطاق ترددي كافٍ لاستيعاب تيرابايت من بيانات أجهزة الاستشعار العسكرية".

اقرأ أيضاً

ذا إنترسبت: الحوثيون هزموا بايدن استراتيجيا في معركة البحر الأحمر لهذه الأسباب

هدف سهل ومثالي

و"بقدر ما يعمل باب المندب كنقطة تفتيش لحركة المرور البحرية فوق سطح البحر، فإن هذه المنطقة واحدة من ثلاث نقاط اختناق للكابلات في العالم، ولذا فإن أي تهديد لهذه البنية التحتية يشكل مصدر قلق خاص للقوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة، الذين يتنافسون للسيطرة على شبكة الكابلات"، كما تابعت ميليكين.

ورأت أنه "حتى الآن، ظلت الكابلات آمنة بسبب التخلف التكنولوجي النسبي للحوثيين وليس الافتقار إلى الحافز. وحتى الآن، خاضت الجماعة في المقام الأول حربا برية ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحلفائها السعوديين والإماراتيين، وبالتالي لم تطور قوة بحرية عالية التدريب".

واستطردت: "كما أن الحوثيين يفتقرون إلى الغواصات اللازمة للوصول إلى الكابلات، لكن مع توفر الوقت والفرصة، قد يتمكنون من تكييف بعض تكتيكاتهم البحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات".

و"في الواقع، فإن مياه الخليج الضحلة، التي يصل عمقها إلى 100 متر فقط، تقلل من الحاجة إلى غواصات عالية التقنية لإنجاز المهمة، ويمكن أن تكون شبكة الكابلات هدفا سهلا مثاليا لهجومهم القادم، وهو احتمال يجب أن يثير قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية"، كما ختمت ميليكين.

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: الحوثيون أربكوا العالم بسبب البحر الأحمر.. ونجاح تجربتهم يغري إيران بالمزيد

المصدر | إميلي ميليكين/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: كابلات الاتصالات البحرية الحوثيون اقتصاد إنترنت اليمن غزة البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

يمكننا حماية ملايين الأطفال من قاتل عالمي بتكلفة زهيدة

ترجمة: قاسم مكي

قبل عشرة أعوام عندما تعرَّض سكان فلينت بولاية مشيجان الأمريكية إلى مستويات سامَّة من مادة الرصاص في مياه الشرب وُجِدت كميات مرتفعة منه في الدم عند طفل واحد من بين كل 20 طفلا في المدينة. هذه المستويات العالية من الرصاص جعلت الأطفال عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية والعجز الإدراكي وتأخر النمو. وهذه آثار صحية يواجهها السكان إلى يومنا هذا.

فقط بعدما شمَّر الناشطون عن سواعدهم وشنوا حملة لا هوادة فيها اتجهت الأنظار إلى المدينة وخصص المسؤولون ما يقرب من نصف بليون دولار لتنقية الماء.

اليوم هنالك أزمة تسمم بالرصاص مستفحلة على نطاق أوسع بكثير ولا يكاد يتحدث عنها أحد. ففي بلدان الدخل المتوسط والمنخفض والتي بها 1.5 بليون طفل من أطفال العالم توجد مستويات مرتفعة من الرصاص في دم طفل واحد بين كل طفلين. وهذا المعدّل يساوي عشرة أضعاف معدل التسمم في ذروة أزمة مدينة فلنت.

يقدِّر مركز التنمية العالمية أن الضرر الذي يسببه الرصاص لأدمغة الأطفال مسؤول عن نسبة 20% من الفجوة التعليمية بين بلدان الدخل المرتفع والدخل المنخفض. ووفقا للتقديرات، في كل عام التسمم بالرصاص يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار ويودي بحياة 1.5 مليون شخص على الأقل أو ما يزيد عن الوفيات السنوية من الأيدز والملاريا معا.

مع ذلك يبلغ إجمالي التمويل العالمي السنوي لمعالجة التسمم بالرصاص في البدان النامية 15 مليون دولار فقط. وهذا المبلغ يساوي تكلفة إعلان واحد لمدة 60 ثانية في مباراة البطولة السنوية لكرة القدم الأمريكية (سوبر بول) ولا يشكل سوى جزء ضئيل من الأموال التي تنفق على أمراض أخرى تترتب عنها أعباء صحية مماثلة.

اليوم تتعاون الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية واليونيسيف ومنظمة الأعمال الخيرية المفتوحة «أوبن فيلانثروبي» لتغيير ذلك. نحن معا ندشِّن شراكة مع أكثر من 50 بلدا ومنظمة من أجل مستقبل خالٍ من الرصاص لكل طفل. لقد جمعنا ما يزيد عن 150 مليون دولار أو أكثر من عشرة أضعاف الاستثمار العالمي السنوي الحالي في هذا المجال.

وباعتبار أحدنا مدير أكبر وكالة للتنمية في العالم والآخر رئيس واحدة من أكبر الهيئات الخيرية في العالم لم نشهد أبدا في حياتنا مثل هذه الفرصة القليلة التكلفة والمقنعة للتأثير بقدر هائل على أحد أكبر أسباب الوفيات في العالم.

من بين أسباب شح التمويل الافتراض بأن التصدي لمشكلة التسمم بالرصاص يتطلب استثمارات ضخمة في إصلاح البنية التحتية وفي عمليات تطهير بيئي باهظة التكلفة كما في الولايات المتحدة. فقد خصص الرئيس جو بايدن 15 بليون دولار لاستبدال أنابيب المياه المصنوعة من الرصاص (أو تحتوي على رصاص) وهي مصدر مهم للتعرض إلى التسمم هناك.

لكن الرصاص في العديد من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ليس فقط مشكلة قديمة بل لا يزال قيد الاستخدام في منتجات استهلاكية متاحة على نطاق واسع مثل طلاء (دهان) المنازل والبهارات (التوابل) ومستحضرات التجميل. ومعالجة هذه المصادر لا يتطلب بلايين الدولارات.

مثلا في الفترة من 2019 إلى 2021 أزالت بنجلاديش الرصاص من كل إنتاجها من الكركم تقريبا بتكلفة لا تتعدي مليوني دولار. فعلت ذلك بوسائل منها إلصاق نشرات إعلانية في الأسواق توضح للمواطنين لون الكركم الذي يضاف إليه الرصاص وهذا يمكِّنهم من طلب كركم أفضل.

أيضا خلال سنتين وبمبلغ لا يتعدى 300 ألف دولار فقط من مانحين قادت دولة مالاوي حملة للشروع في تطبيق قانون يحظر الطلاء الذي يحتوي على الرصاص وحفز الزبائن للاتصال بالجهات المصنِّعة وضغطها للكفِّ استخدامه في منتجاتها. والآن نصف سوق الطلاء المرتكز على مادة الرصاص خالية منه. وتعهدت الشركات المتبقية بالتخلص من الرصاص بنهاية هذا العام. وخلال ثمانية أشهر فقط منذ بدأنا جهودا منسَّقة لرفع الوعي وأيضا مستوى الدعم لهذه القضية العالمية تعهدت ستة بلدان بالعمل على تنظيم استخدام الرصاص في الطلاء لأول مرة.

هنالك مصدر آخر للرصاص وهو نتيجة لممارسات صناعية غير آمنة أثناء إعادة تدوير البطاريات والتعدين والتخلص من النفايات الإلكترونية والتي تُسرِّب الرصاص في البيئة.

معالجة هذه الممارسات يمكن أن تكون أكثر تكلفة. لكن بصرف النظر عن مصدر التلوث يمكن أن تتبع جهودنا نفس الاستراتيجية الموثوقة والتي استخدمت في بلدان الاقتصادات المتقدمة لمكافحة التسمم بالرصاص وهي القياس (قياس مستوى التعرض للرصاص) والتنظيم (تنظيم استخدامات الرصاص) والإحلال وتطبيق الإجراءات.

أنجع مثال لتلك الاستراتيجية حملة التخلص من الرصاص في البنزين والذي كان منذ فترة طويلة أكبر مصدر للتسمم بالرصاص في العالم. فبعد أن عزت دراسات في سنوات السبعينات مستويات الرصاص المرتفعة في الدم إلى البنزين الذي يحتوي على الرصاص بدأت الحكومات في بلدان الدخل المرتفع استحداث وتطبيق إجراءات تنظيمية لحظره ودفعت بالشركات لإيجاد بدائل خالية من الرصاص لمنتجاتها.

في عام 2002 ساعدت حملة قادتها الأمم المتحدة بلدان الدخل المتوسط والمنخفض على القيام بنفس الشيء. لعبت هذه المبادرة والتي نفذت بموازنة متواضعة بلغت 6 ملايين دولار دورا حاسما في التخلص التدريجي من البنزين الذي يحتوي على الرصاص في 50 بلدا تقريبا خلال العقد التالي. وبحلول عام 2021 حظره كل بلد على ظهر الكوكب وشكل ذلك انتصارا بارزا للصحة العامة ينقذ الآن حياة أكثر من مليون شخص في كل عام.

ستعمل الشراكة على التوسع في تطبيق نفس هذه الاستراتيجية الفعالة التي استخدمت في التخلص من البنزين المعالج بالرصاص. ونظرا إلى أن مجتمعات كثيرة ليست لديها فكرة حول مدى الضرر الذي يتسبب فيه الرصاص كل يوم ولا تعرف حكومات عديدة حجم أو مصدر مشكلة التسمم بالرصاص في بلادها سنركز أولا على إجراء مسوحات وطنية للدم وفحص المنتجات الاستهلاكية لتحديد مصادر التسمم الرصاصي. بعد ذلك سنعمل مع الحكومات المفتقرة إلى النظم الإجرائية التي تحتاجها للشروع في معالجة هذه المشكلة. ففي 50 بلدا من جملة 81 دولة بها مكاتب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لا توجد لوائح إجرائية تحظر الطلاء الذي يحتوي على الرصاص.

سنزود هذه الحكومات بوسائل مثلا بقوانين نموذجية لمساعدتها في صياغة إجراءات تنظيمية فعالة وأيضا بِنْيَة تحتية للمختبرات لمساعدتها في رصد الانتهاكات حتى تتمكن من تطبيق القانون. وبالنظر الى توافر بدائل سبق تطويرها للمنتجات المرتكزة على مادة الرصاص سندعم القطاع الخاص في التحول إلى هذه البدائل بالتوسط لربطه بالمورِّدين والخبراء.

أمام المشاكل العويصة والعديدة التي تطغى على عناوين الأخبار يمكن أحيانا الشعور بعدم جدوى محاولة إحداث فرق في هذا العام. لكن يجب ألا يكون ذلك كذلك عندما يتعلق الأمر بالرصاص. ففي مدينة فلنت وفي بنغلاديش ومالاوي كان تحرك الآباء والأمهات والجيران والأصدقاء هو الذي وجَّه الاهتمام الوطني والتمويل نحو جهود التقليل من استخدامات الرصاص وحثَّ الحكومات والشركات على التحرك. يمكن لكل أحد منا المساهمة في بناء حركة عالمية للقيام بذلك حول العالم.

الكاتبان سامانثا باور مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

اليكساندر بيرجر الرئيس التنفيذي لمنظمة أوبن فيلانثروبي

عن واشنطن بوست

مقالات مشابهة

  • الزمرد في مرسى علم.. كنز الفراعنة المدفون في أعماق صحراء البحر الأحمر
  • عقب نجاح حفل دبي.. أنغام تواصل سيطرتها في الخليج وتستعد لحفل عالمي بالمتحف الكبير
  • الاحتلال الإسرائيلي يعترض مسيرة في البحر الأحمر
  • «القاهرة الإخبارية»: سفينة حربية تعترض مسيرة في البحر الأحمر
  • بايدن: سنرد على استهداف الحوثيين السفن الأمريكية في البحر الأحمر
  • بايدن: سنرد على أي استهداف للسفن الأميركية في البحر الأحمر
  • غدًا.. الخليج أمام ماغديبورغ الألماني في بطولة العالم للأندية لكرة اليد
  • يمكننا حماية ملايين الأطفال من قاتل عالمي بتكلفة زهيدة
  • الإمارات تواصل توسيع شبكة شركائها التجاريين حول العالم عبر استكشاف الفرص مع نيوزيلندا وأستراليا
  • هزيمة “شرطي العالم” في البحر الأحمر.. خسارة القتال والسردية والنفوذ!