"الوزراء" يستعرض مستقبل صناعة الطيران المستدام وتوقعات بتضاعف إنتاج وقود الطائرات
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً معلوماتياً تناول خلاله الدور الكبير الذي تلعبه صناعة الطيران العالمية في التقدم الاقتصادي والاجتماعي، مشيراً إلى أنه برغم هذا الدور فإن استهلاكها الملحوظ للطاقة قد حظي بالاهتمام بسبب العواقب البيئية اللاحقة، ومع توقعات بتضاعف الحركة الجوية خلال العقدين المقبلين، فإن استهلاك الطاقة بشكل كبير، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التأثير البيئي لهذه الصناعة.
وأوضح مركز المعلومات في تحليله أن الاستدامة تمثل تحديًا حاسمًا لصناعة الطيران، حيث تواصل الصناعة تعزيز جهودها للحد من تأثيرها البيئي مع الدعوة إلى تمكين أطر السياسات لتطوير العناصر الرئيسة لاستراتيجية صافي الانبعاثات الصفري في قطاع الطيران. ومن الجدير بالذكر، اعتمدت الدول الأعضاء لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) هدفًا طموحًا طويل الأجل (LTAG) لتحقيق صافي انبعاثات صفرية من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050 خلال الدورة الحادية والأربعين في أكتوبر 2022. وتتوافق هذه الخطوة المهمة إلى الأمام من قبل الدول مع كل من أهداف اتفاقية باريس، وهدف صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050 التي وافقت عليها شركات الطيران في الاجتماع العام السنوي السابع والسبعين للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) في أكتوبر 2021.
ونتيجة لذلك، هناك توقعات بمبادرات دولية أقوى في المجالات الرئيسة لإزالة الكربون، مثل تحفيز القدرة الإنتاجية لوقود الطيران المستدام. ويعد التقدم المحرز في العديد من الاقتصادات بشأن التحول في إنتاج الكهرباء إلى مصادر خضراء، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مثالًا على ما يمكن تحقيقه من خلال السياسات الحكومية الصحيحة، وخاصة في حوافز الإنتاج.
وأشار التحليل إلى أنه في ضوء تحقيق هدف انبعاثات صفرية من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050، تم وضع استراتيجيات للتحول نحو صناعة الطيران المستدام قائمة على أربعة عناصر رئيسة، وهي: وقود الطيران المستدام، وتعويض واحتجاز الكربون، وتقنيات الطائرات الجديدة، وتحسين البنية التحتية والعمليات. وتشير تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) إلى أن حوالي 65% من عمليات التخفيف اللازمة لصافي انبعاثات الكربون الصفرية في عام 2050 ستأتي من وقود الطيران المستدام، وتتمثل الاستراتيجية الثانية الأكثر أهمية في تعويض الكربون واحتجازه، وهو ما يمثل 19% من الانخفاض في الانبعاثات اللازمة للوصول إلى صافي الصفر. كما أن التقنيات الجديدة مثل الطائرات الكهربائية أو محركات الدفع الهيدروجينية ستؤدي أيضًا إلى تقليل الانبعاثات، ولكن ليس بقدر كبير مثل استراتيجيات وقود الطيران المستدام، واستراتيجيات تعويض الكربون.
وأكد التحليل أنه في الآونة الأخيرة، اكتسب وقود الطيران المستدام زخماً، حيث تتوقع صناعة الطيران أن يلعب وقود الطيران المستدام الدور الأكبر في إزالة الكربون من قطاع الطيران، لاعتباره من المنتجات صديقة للبيئة، حيث يتم إنتاجه من مواد أولية بما في ذلك نفايات الدهون والزيوت والشحوم، والنفايات الصلبة البلدية، والمخلفات الزراعية، والنفايات الرطبة، وكذلك المحاصيل غير الغذائية المزروعة في الأراضي الهامشية. ويمكن أيضًا إنتاجه صناعيًا عبر عملية تلتقط الكربون مباشرة من الهواء.
وتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ما أعلنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) عن توقعاته بألا تقل السعة التقديرية من إجمالي إنتاج الوقود من مصادر متجددة عن 69 مليار لتر (55 مليون طن) بحلول عام 2028. وسيشكل وقود الطيران المستدام (SAF) جزءًا من هذا الإنتاج المتزايد من خلال مصافي الوقود المتجدد الجديدة وتوسيع المرافق القائمة. وسيغطي مناطق الإنتاج كل من أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا والمحيط الهادئ.
وأظهرت البيانات أن الإنتاج العالمي لوقود الطيران المستدام سجل نحو 625 مليون لتر (0.5 مليون طن) في عام 2023، أي أكثر من ضعف الإنتاج المسجل في عام ٢٠٢٢ والذي بلغ نحو 300 مليون لتر (0.24 مليون طن)، وبزيادة قدرها 108.3%. ويمثل وقود الطيران المستدام 3٪ من جميع أنواع الوقود المتجدد المنتجة، حيث يذهب 97٪ من إنتاج الوقود المتجدد إلى قطاعات أخرى.
وأوضح التحليل أنه من المتوقع أن يتضاعف إنتاج وقود الطيران المستدام ثلاث مرات ليصل إلى 1.875 مليار لتر (1.5 مليون طن) في عام 2024، وهو ما يمثل 0.53% من احتياجات وقود الطيران، و6% من إنتاج الوقود المتجدد. وفي ظل هذا المستوى من الإنتاج، مع السياسات الداعمة للصناعة، سيصل إنتاج وقود الطيران المستدام إلى نحو 30 مليار لتر بحلول عام 2030.
وفي سياق الاهتمام العالمي بصناعة وقود الطيران المستدام، تم تشغيل أكثر من 490 ألف رحلة جوية تجارية باستخدام وقود الطيران المستدام حتى أبريل 2023، وتم توقيع العديد من اتفاقيات شراء مع منتجي وقود الطيران المستدام من قبل شركات الطيران. ومنذ بداية عام 2022، تم توقيع 57 اتفاقية شراء بين شركات الطيران ومنتجي وقود الطيران المستدام.
وقد استعرض التحليل أبرز الجهود الدولية لدعم وقود الطيران المستدام وهي:
- خلال الفترة (2011 -2015): قامت 22 شركة طيران بأكثر من 2500 رحلة ركاب تجارية بمزيج يصل إلى 50% من وقود الطائرات الحيوي المنتج من المواد الأولية.
- يونيو 2017، في الاجتماع العام السنوي الثالث والسبعين للاتحاد الدولي للنقل الجوي في كانكون، وافق أعضاء الاتحاد بالإجماع على قرار بشأن نشر وقود الطيران المستدام، بما في ذلك الدعوة إلى سياسات حكومية بناءة، والالتزام باستخدام الوقود الذي يحافظ على التوازن البيئي فقط ويتجنب استنزاف الموارد الطبيعية.
- نوفمبر 2019، تجاوزت الرحلات الجوية التجارية لوقود الطيران المستدام 250 ألف رحلة واكتسبت أكثر من 45 شركة طيران خبرة في استخدام وقود الطيران المستدام.
- يونيو 2020، تمت الموافقة على شهادتين فنيتين جديدتين من وقود الطيران المستدام من قبل الجمعية الأمريكية لاختبار المواد (ASTM).
- أكتوبر 2021، وافق الاجتماع العام السابع والسبعون للاتحاد الدولي للنقل الجوي في بوسطن على قرار لصناعة النقل الجوي العالمية لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050. ويتماشى هذا الالتزام مع هدف اتفاق باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لأقل بكثير من درجتين مئويتين. والسيناريو المحتمل هو أن 65% من هذا سيتم تخفيفه من خلال وقود الطيران المستدام.
- أغسطس 2022، أقرت الحكومة الأمريكية قانون خفض التضخم (IRA)، والذي سيشهد استثمار البلاد بمبلغ قياسي قدره 369 مليار دولار في الطاقة النظيفة والمتجددة، ويقدم الائتمان الضريبي الخاص بوقود الطيران المستدام، كجزء من قانون خفض التضخم، ائتمانًا ضريبيًا أساسيًا بقيمة 1.25 دولار للجالون من وقود الطيران المستدام المنتج بعامل خفض الانبعاثات بنسبة 50%. ولكل زيادة بنسبة 1% في عامل خفض الانبعاثات، تتم إضافة مبلغ إضافي قدره 0.01 دولار أمريكي من الائتمان الضريبي - بحد أقصى 1.75 دولار أمريكي/جالون من وقود الطيران المستدام المنتج. ويؤدي هذا الحافز إلى تقليل تكلفة إنتاج وقود الطيران المستدام، وتقليل تكلفة الفرصة البديلة لإنتاج وقود الطيران المستدام مقارنة بالمنتجات المشتركة الأخرى للمنتج، مثل الديزل المتجدد. كما أنه من المتوقع أن يؤدي هذا النهج الذي تتبعه الحكومة بأكملها لتحفيز إنتاج وقود الطيران المستدام إلى إنتاج ما لا يقل عن 11 مليار لتر من وقود الطيران المستدام بحلول عام 2030.
- مارس 2023، نشرت المفوضية الأوروبية قانون الصناعة الصفرية (NZIA) المقترح، والذي يهدف إلى توسيع نطاق تصنيع التكنولوجيا النظيفة في الاتحاد الأوروبي بهدف توفير ما لا يقل عن 40٪ من الخطة السنوية للاتحاد الأوروبي لاستراتيجية تقنيات صافي الصفر بحلول عام 2030. وقد تكون هذه فرصة لإنشاء صناعة وقود طيران مستدامة أكثر قوة في أوروبا.
- يونيو 2023، أصدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي سلسلة من خرائط الطريق لعرض الخطوات الحاسمة للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050، بما في ذلك وقود الطيران المستدام.
كما استعرض التحليل أهم التحديات التي حددها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، والتي تواجه التطوير والنشر السريع لوقود الطيران المستدام على النحو التالي:
- عدم كفاية الدعم السياسي لتعزيز التوسع في استخدام وقود الطيران المستدام.
- غياب نهج منسق في منهجية المحاسبة الخاصة بوقود الطيران المستدام.
- عدم إمكانية الوصول إلى وقود الطيران المستدام في لوجستيات الوقود الحالية والبنية التحتية للمطارات.
- محدودية توافر المواد الأولية لوقود الطيران المستدام والفعالة من حيث التكلفة والبنية التحتية لمعالجة المواد الأولية.
- محدودية الاستثمار وارتفاع تكاليف تمويل البنية التحتية لإنتاج وقود الطيران المستدام.
- التنافس على الموارد والحوافز مع قطاعات أخرى مثل النقل البري والطاقة المتجددة.
وفي هذا السياق، وضع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) سياسات للحكومات تعمل على تسريع الإنتاج التجاري ونشر وقود الطيران المستدام بكفاءة، حيث تعتبر الحوافز الإيجابية في جانب العرض هي الأداة السياسية الأكثر فعالية.
وأضاف التحليل أنه في ضوء استراتيجية الدولة المصرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة قامت وزارة الطيران المدني بتشغيل أول رحلة صديقة للبيئة في يناير 2022 والتي أقلعت من القاهرة إلى باريس، لتصبح الرحلة الأولى من نوعها في القارة الإفريقية، كما أطلقت الشركة الوطنية مصر للطيران أولى رحلاتها التجارية بوقود الطيران المستدام من مطار شارل ديجول بباريس إلى مطار شرم الشيخ مباشرة في نوفمبر 2022، وذلك بالتعاون مع شركة Neste كبرى الشركات العالمية الرائدة في مجال إنتاج وقود الطيران المستدام، فضلًا عن بحث السيد وزير البترول والثروة المعدنية مع رئيس شركة هني ويل العالمية مشروع إنتاج وقود الطائرات المستدام في أكتوبر 2023، حيث تقدر الطاقة الإنتاجية للمشروع بـ 120 ألف طن سنويًا من منتج وقود الطيران المستدام وذلك باستخدام زيت الطعام المستخدم والمتوافر محليًا كمادة خام أساسية، ومن المقترح إقامته بجوار شركة أنربك بالإسكندرية، بالإضافة إلى مشاركة وزارة الطيران المدني في المؤتمر الثالث للطيران والوقود البديل (CAAF/3) والذي انعقد تحت رعاية المنظمة الدولية للطيران المدني (إيكاو)، خلال نوفمبر 2023، بالإمارات العربية المتحدة، والذي تم مناقشة عدد من الموضوعات حول سياسات واقتصادات تقليل انبعاث الكربون، ومستجدات الطاقة البديلة، والتحول إلى الوقود المستدام.
وأفاد التحليل في ختامه أن صناعة الطيران المستدام هي مجال ناشئ، ولكن مع الجهود الدولية التي تتم في هذا الشأن وزيادة الاستثمارات في البحث والتطوير، والسياسات الحكومية الداعمة، والتوسع في تطبيق الحوافز لدعم صناعة الطيران المستدام، ونشر استخدام وقود الطيران المستدام يمكننا تحقيق مستقبل للطيران صديقًا للبيئة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
التنقيب في ماضي الخصوم.. هل يعرقل مستقبل حكومة السنغال؟
في أبريل/نيسان القادم سيكون الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، ووزيره الأول عثمان سونكو قد أكملا سنة في قيادة البلاد بعد أن خاضا طريقا شاقا كان السجن والحرمان من الحقوق المدنية أحد منعرجاته البارزة.
وعلى وقع الوعود بتحقيق الرخاء، والوعيد بمحاسبة رموز النظام السابق، أمضى الرئيس ربع المأمورية البالغة 5 سنوات، والقابلة للتجديد مرة واحدة.
مطبات وانتخاباتومع بداية تعيينه في منصب رئيس الوزراء بدأ عثمان سونكو في عرض مقترح تعديلات دستورية طفيفة أمام البرلمان لإلغاء بعض المناصب التي يرى أنها هدر للمال العام ولا تقدم خدمات ملموسة للمواطنين مثل المجلس الأعلى للجماعات المحلية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
لكن البرلمان – الذي كان حينها محسوبا على الرئيس السابق ماكي صال – شكل عقبات ومطبات في وجه طموحات رئيس الوزراء وإصلاحاته، إذ أسقط مقترح التغيير الدستوري، وبدأ الخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يتزايد حتى قرر تحالف نواب "بينو بوك ياكار" (التحالف من أجل السنغال) تقديم ملتمس لحجب الثقة عن الحكومة وإسقاطها.
وفي خطوة اعتبر مراقبون أنها جريئة، أصدر الرئيس فاي مرسوما رئاسيا يقضي بحل البرلمان ويدعو لانتخابات تشريعية مبكرة، وحقق فيها حزب "الوطنيون الأفارقة في السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوة" (باستيف) اكتساحا كبيرا للساحة، إذ حصل على 130 مقعدا من أصل 165.
إعلانوإثر صدور نتائج الانتخابات التشريعية، أعاد رئيس الجمهورية تكليف سونكو بقيادة الحكومة من جديد، وأدخل فيها قيادات بارزة كانت معارضة للنظام المنصرف.
ينحدر سونكو من الطبقات الهامشية، وعاش جزءا من شبابه في منطقة كازامانس حيث الخلافات والتمرد وعدم الخضوع لأوامر الدولة.
وعندما أراد دخول المعترك السياسي، رفع شعار محاربة الفساد وضرورة محاسبة المسؤولين، فانجذب إليه الشباب، والحالمون بالتغيير وتحسين الأوضاع المعيشية.
وفي عام 2018 ألف كتابا تحت عنوان "البترول والغاز في السنغال.. النهب المزمن" ركز فيه على الفساد المتعلق بصفقات استخراج ثروة البلاد.
وقد ظلت هذه الشعارات لصيقة بذهنه وجزءا من أفكاره ومبادئ حزبه، وعندما أصبح رئيسا للوزراء بدأ في تجسيدها على أرض الواقع، فدخل في صدام مع رجال السياسة والنفوذ وأصحاب رؤوس الأموال.
قررت الحكومة تشكيل لجنة من الخبراء الماليين والقانونيين لمراجعة عقود النفط والغاز التي أبرمت في العهد السابق للنظر في مدى مطابقتها لمصالح الأمة.
وبعد فترة وجيزة أعلن رئيس الوزراء في نهاية سبتمبر/أيلول 2024 نتائج المراجعة والتدقيق، إذ زعم وجود خروقات مالية وتزوير للأرقام في سجلات الحكومة.
وفي 13 فبراير/شباط الجاري أصدر مجلس التدقيق في محكمة الحسابات تقريرا عن الوضع المالي للبلاد يشمل الفترة الممتدة من سنة 2019 وحتى 31 مارس/آذار 2024، وهي الولاية الأخيرة للرئيس السابق ماكي صال الذي كان خصما للنظام الحالي وأدخل قياداته إلى السجن.
وتحدث التقرير عن خروقات واسعة في التسيير، وتزوير الأرقام التي كانت تقدم للشركاء الدوليين، إذ كشف أن الديون المستحقة على ميزانية الدولة حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 تصل إلى 18 ألف مليار فرنك غرب أفريقي أي نحو 28 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة 99.67 من الناتج المحلي، وهي نسبة تفوق ما قدمته الحكومة السابقة إذ قالت إن الدين العام يمثل 74% من الناتج.
إعلانكما قال التقرير إن العجز في الموازنة العامة لسنة 2023 وصل 12.3% وهو يخالف 4.9% التي تم إعلانها في الحقبة الماضية.
واتهم مالك أندور الوزير السابق والقيادي في حزب التحالف من أجل الجمهورية السلطات بالسعي إلى تشويه صورة الخصوم، واعتبر أن التقرير الصادر من محكمة الحسابات لا يتضمن إدانة لأي شخص رغم أن النظام هو من يقف خلفه.
أبواب المحاكموقال وزير العدل عثمان دياني إن التقرير المالي كشف عن تجاوزات قد تشكل جرائم غسيل الأموال، والإثراء غير المشروع، وكذلك الاحتيال على الأموال العمومية.
وأضاف الوزير أن المتورطين في هذه التجاوزات إذا أثبتت التحقيقات جرمهم سيعرضون على المحاكم من دون استثناء، رغم أنه لم يذكر أحدا باسمه.
وفي 16 فبراير/شباط الجاري عقد حزب التحالف من أجل الجمهورية المحسوب على ماكي صال مؤتمرا صحفيا، قال فيه إنه يطالب بعرض تقرير محكمة الحسابات على المحاكم القضائية العادية والمجلس الدستوري والمحكمة العليا، وكذا المحاكم الإقليمية والدولية.
وقال الحزب إنه سيتقدم بشكوى ضد محكمة الحسابات في السنغال بتهمة التزوير وتشويه شرف المواطنين الذين تولوا مناصبة عامة وحساسة في الدولة.
ويرى عضو الجمعية الوطنية "تيرنو حسن صال" أن تقرير محكمة الحسابات ليس سوى أداة لتنفيذ أمر السلطة التنفيذية الجديدة، لأنه قام بفرز الملفات بشكل انتقائي ليحاكم أشخاصا معينين، واعتبر أن التقرير ليس له مصداقية لأن محكمة الحسابات سبق لها أن صادقت على مشروع قانون تسوية الميزانية للسنوات المذكورة، وقد ناقضت نفسها.
سياسة الإلهاءوتساءل عضو الجمعية الوطنية النائب تيرنو ألاسان عن الوعود التي قدمها رئيس الوزراء السنغالي للشعب قائلا إنه مضى أكثر من 8 أشهر على انتظار تحسن الأوضاع المعيشية وخلق فرص اقتصادية.
واعتبر النائب أن الوعود التي التزم بها سونكو تبين أنها ليست دقيقة، وأصبح النظام يبحث عن طرق لاستهداف خصومه عبر انتقاء ملفات معينة والانشغال بها بدلا من واجباته التي تتمثل في إحداث نهضة تنموية.
إعلانمن جانبه، قال النائب من كتلة " تاكو والو" عبدو أمبو إن الدول لا تتطور بالانتقام من الأشخاص والإساءة للرموز والقضاء على تاريخهم، معتبرا أن ما يقوم بها رئيس الوزراء الحالي ليس سوى نوع من سياسة الإلهاء، مقابل عجزه عن تقديم بديل لهجرة المواطنين الذين يموتون في البحر ويعاملون كعبيد في إسبانيا وأوروبا.
وشبه النائب التقرير الذي صدر مؤخرا عن الحالة الاقتصادية بأنه "غطاء للبؤس" الذي تعيشه البلاد ومحاولة للتستر على مشاكل المواطنين.
توسع المعارضة
وقد شهدت الأيام الأخيرة توسعا ملحوظا في صفوف المناوئين للحكومة، إذ تم تشكيل تحالف جديد أطلق عليه "جبهة الدفاع عن الديمقراطية والجمهورية"، ويتألف من 76 مكونا يضم أحزابا سياسية وهيئات نقابية وحقوقية، وتكتلات شبابية، وتسعى جميعها إلى رص الصفوف من أجل الوقوف أمام حزب باستيف.
ويضم التحالف الجديد شخصيات سياسية وازنة من بينها عمدة بلدية دكار السابق خليفة صال، ورئيس الوزراء الأسبق إدريسا سك، ورئيس حزب "البديل من أجل الوطن" أنتا بابكر.
ويقول أصحاب التحالف المذكور إنهم سيوحدون أصواتهم ضد هيمنة الحزب الحاكم الذي يسعى إلى التفرد بالساحة عبر استهداف الرموز السياسية في البلاد.
مستقبل الساحةوفي حديث للجزيرة نت يقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي الحسين ولد حمود إن الخلافات السياسية والتباين في وجهات النظر من مظاهر الحكم الديمقراطي، لكن السنغال ليس في صالحه العمل على التأزيم والانسداد، حيث كان حديث عهد بالتوترات التي تسببت في مقتل وإصابة العشرات في سنة 2023.
ويرى ولد حمود أن حزب باستيف عليه الاستفادة من أخطاء النظام السابق، وتركيز الجهود على إنجاز المشاريع التي على أساسها تم انتخابه من قبل الجماهير الشبابية العريضة في السنغال، حتى يبقى متحكما في الساحة السياسية على المدى البعيد.
إعلانويرى أمادو تيديان الباحث في معهد العلوم السياسية في بوردو بفرنسا أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة برهنت على أن حزب باستيف بفضل شخصية سونكو يمتلك الكلمة في الميدان السياسي على الأقل في الوقت الحالي.
ويضيف في مقال نشرته صحيفة "أفريك كونفيدنتييل" أن سونكو تحول من رمز للأمل إلى عنوان للعجز وسوء التقدير، ولن يكون له حضور بعد هذه المأمورية، لأن الثقة التي تبنى على مدى عقود تنهار بسرعة إذا ما استمر السياسي في تكرير نفس الخطاب دون أن يجسده على أرض الواقع.