مساعٍ لتشكيل جبهة عريضة ضد حزب الله.. هل تنجح؟!
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
على وقع المخاوف المتصاعدة من قرار إسرائيلي بتوسيع الحرب ضدّ لبنان، بموازاة الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، أعلن رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل في تصريحات تلفزيونية، عن مساعٍ في صفوف قوى المعارضة تشكيل "جبهة عريضة" ضدّ "حزب الله"، متهمًا الأخير بـ"خطف قرار الدولة"، كاشفًا أنّ هذه الجبهة التي يجري العمل عليها ستضمّ "اللبنانيين السياديين"، وفق توصيفه.
جاء إعلان الجميل بعد تعرّضه لما وصفها بـ"حملة تخوين" اتهم "حزب الله" بالوقوف خلفها، بسبب المواقف التي يدلي بها، متحدّثًا عن "تهديدات" تلقّاها من جانب مؤيدين للحزب، أو محسوبين عليه، لكنّه قال إن العمل على هذه الجبهة المناهضة لـ"حزب الله" سابقٌ لهذه الحملة، ملمّحًا إلى أنّ الأمر يصطدم ببعض "التحفّظات" لدى بعض أطراف المعارضة، التي يتردّد البعض في السير بهذا الخيار في الوقت الحاليّ.
وإذا كان الجميل يربط الشقّين السياسي والأمني في معارضته للحزب، باتهامه الأخير بمصادرة قرار الحرب والسلم، من بوابة أحداث الجنوب، كما بمحاولة "فرض" مرشحه الرئاسي على الجميع، على مستوى الاستحقاق الرئاسي، فإنّ مواقفه تفتح الباب أمام سلسلة من علامات الاستفهام، فهل تنجح مساعيه فعلاً في تشكيل مثل هذه الجبهة؟ وما الذي قد تعنيه مثل هذه الخطوة في الظروف الحالية؟ وأيّ جدوى عمليّة منها؟
تباينات بين قوى المعارضة
على الرغم من تصريحات النائب سامي الجميل المتصاعدة حول إمكانية تشكيل "جبهة ضدّ حزب الله"، تضمّ "اللبنانيين السياديين" وفق توصيفهم، فإنّ العارفين يضعون ما يُحكى في هذا الإطار حتى الآن، في خانة "الدعاية والإعلام" ليس إلا، لأنّ مثل هذه الجبهة إن تشكّلت اليوم، فلن تكون كما يريدها رئيس حزب "الكتائب" فعلاً، بل ستبدو "ضعيفة"، بحيث لا تضمّ قوى وازنة، بل تقتصر على بعض الشخصيات المعروفة بمعارضتها للحزب.
لعلّ السبب الأساسيّ في ذلك وفق العارفين، يكمن في "التحفظات" الموجودة حتى لدى بعض معارضي الحزب الأساسيين على تشكيل مثل هذه الجبهة في مثل هذا الوقت، خصوصًا في ضوء انخراط لبنان في حربٍ إسرائيلية "مدمّرة" على الجنوب، ولو حاول الجميل الإيحاء بأنّ "مرونة" بدأت تطرأ على مواقف هؤلاء بشكل أو بآخر في الفترة الأخيرة، بسبب ما يعتبرها "حملات تخوين وتهديد" يواجَه بها كلّ معارض للحزب في مكانٍ ما.
وفي هذا السياق، يقول العارفون إنّ مثل هذه الجبهة قد تجد قبولاً في الظروف العادية، وعلى المستوى السياسي، باعتبار أنّ التركيز على محاولة "حزب الله" فرض مرشحه الرئاسي على سائر الأفرقاء قد يكون مفيدًا على المستويين السياسي والشعبي، إلا أنّها اليوم مع تزايد التهديدات الإسرائيلية بشنّ حرب واسعة على لبنان، قد لا تلقى قبولاً، خصوصًا أنّ مثل هذه الظروف تتطلب "تضامنًا وطنيًا" بمعزل عن الموقف من الحزب وارتباطاته الإقليمية.
ما الجدوى؟
أبعد من السؤال عن احتمالات ولادة هذه "الجبهة" ضدّ "حزب الله"، ومدى تأثيرها إذا ما وُلِدت بالحدّ الأدنى من القوى والشخصيات السياسية، ثمّة من يسأل عن "الجدوى العملية" من تشكيل هذه الجبهة، فهل يمكن فعلاً الرهان عليها لوقف ما يصفه الجميل بـ"خطف الدولة"، وهل يمكن لهذه الجبهة أن تنهي احتمالات الحرب التي يقول إنّ "حزب الله" يورّط اللبنانيين بها، وهل تنفع هذه الجبهة مثلاً في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي يتهم الحزب أيضًا بتعطيله؟!
يقول المؤيدون لفكرة "الجبهة" إنّ لها الكثير من المنافع والإيجابيات، من بينها توجيه رسالة إلى المجتمع العربي والدولي مفادها بأنّ اللبنانيين لا يوافقون بالمُطلَق على أداء "حزب الله"، بحيث تكون هذه الجبهة مثلاً "مرجعًا" يمكن للمجتمع الدولي الراغب بمساعدة لبنان العودة إليه، بل يمكن أن تكون هذه الجبهة خطوة أخرى في مسار "النضال" ضدّ الحزب، بما يمثّل من "هيمنة إيرانية" تحديدًا، بحسب توصيف المعارضين للحزب ولإيران على حدّ سواء.
لكن في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يقول إنّ الإشكالية الحقيقية أنّ "أضرار" مثل هذه الجبهة أكثر من إيجابياتها، فهي تزيد المشهد تعقيدًا، في مرحلة يبدو البلد أحوج ما يكون فيها إلى التضامن والمؤازرة والتفاهم، على المستويين السياسي والأمني، مرحلة تتطلب تكريس منطق "الحوار" بين اللبنانيين، لا الذهاب إلى خطوات تصعيدية قد لا تخدم الداخل، وإن عبّرت في مكانٍ ما عن رفض مبدئي لحالة قائمة، وهو ما يحتاج إلى مقاربة من نوع آخر.
لا شكّ أنّ من حقّ جميع القوى السياسية أن تعبّر عن معارضتها لغيرها، بالطريقة التي تجدها مناسبة، وأنّ تشكيل "جبهة ضدّ حزب الله" يمكن أن يكون بهذا المعنى خطوة "رمزية ومعبّرة" تحمل الكثير من الدلالات. لكن ثمّة من يسأل: ما المُنتظر من خلق المزيد من "الجبهات" في ظلّ الظروف "المتشنّجة" الحالية؟ وإذا كان الاعتراض على "حزب الله" ينطلق من محاولته "فرض" مرشحه، فهل من يظنّ أنّ انتخاب الرئيس "يُفرَض" على طريقة "الجبهات"؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
بعد انتخاب عون.. لبنان يواجه تحديات تشكيل الحكومة الجديدة والمتغيرات على الساحة السياسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقى نواف سلام رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة، الرئيس اللبناني الجديد العماد جوزيف عون فى قصر بعبدا للتشاور حول تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، إذ تسبب ذلك فى غضب لدى أوساط حزب الله الذي تضاءل نفوذه فى الساحة السياسية اللبنانية.
واستقبل تعيين سلام وانتخاب عون الأسبوع الماضي الشعب اللبناني بالفرح فى العديد من أنحاء البلاد، حيث احتفل الناس فى ساحة الشهداء فى بيروت.
ويُنظر إلى سلام وعون على أنهما منارتا أمل قادرتان على تحقيق تغيير حقيقى بعد الأزمات العديدة التى يشهدها لبنان.
ولكن اختيار الحكومة يشكل مهمة صعبة بالنسبة لسلام، مثله كمثل رؤساء الوزراء الآخرين الذين سبقوه، وقد تستغرق العملية عدة أيام أو أسابيع أو حتى أشهر، فى حين تسعى الأحزاب العديدة فى البرلمان إلى الحصول على تمثيل على المستوى الوزاري.
وبموجب الدستور اللبناني، يتعين على الحكومة أن تأخذ فى الاعتبار التنوع الطائفى فى البلاد، إذ لا يزال حزب الله، الذى تضاءل نفوذه بسبب الحرب الإسرائيلية على لبنان ولم يعد قادرًا على إيصال مرشحيه المفضلين إلى منصبى الرئاسة ورئاسة الوزراء، يتمتع بالقوة.
وحذر رئيس البرلمان اللبنانى محمد رعد من أن الحكومة الجديدة لا بد أن تأخذ فى الاعتبار التنوع الطائفى فى لبنان.
وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامى الجميل، الذى أيد سلام، إن "جميع اللبنانيين شركاء فى بناء لبنان الجديد" وإن أى "إقصاء" ممنوع.
ويتعين على المسئولين الجدد فى لبنان أيضًا أن يشرفوا على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، حيث من المقرر أن تنتهى فترة الهدنة الأولية التى استمرت ستين يومًا بموجب هذا الاتفاق فى أواخر يناير.
ورحب المجتمع الدولى بتعيين سلام، لكن من غير الواضح كيف قد يستقبل الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب رئيس الوزراء الجديد.
وبصفته رئيسًا لمحكمة العدل الدولية، وصف سلام تصرفات إسرائيل بأنها "إبادة جماعية"، فيما يعتبر ترامب من أشد المؤيدين لإسرائيل.
ومن المقرر أن يواجه الرئيس اللبنانى الجديد وحكومة سلام الكثير من التحديات، فى ظل أنهما سيضطران إلى التعامل مع طبقة سياسية تنظر إليهما بحذر، فى ظل التحديات الأخرى التى تواجه لبنان وهى وجود البلاد فى أزمة حرب مع إسرائيل، بجانب ضغوط عربية ودولية لإنجاز المشهد السياسى فى لبنان من جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا وقطر ومصر.
يأتي ذلك فى ظل غموض الرؤية حول حقيقة أن رئيس مجلس النواب وحزب الله، وكذلك السياسى المسيحى المارونى جبران باسيل، قد لا يدعمون عون فى الفترة المقبلة.