لماذا تضامنت ألمانيا مع الاحتلال؟.. أمين عام مسلمي أوروبا يجيب عربي21
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
شدد الأمين العام لمجلس مسلمي أوروبا، سمير فالح، على أن الموقف الألماني الداعم لدولة الاحتلال التي تشن عدوانا دمويا على قطاع غزة، جاء نتيجة كون ألمانيا مدينة لليهود تاريخيا، موضحا أن الدولة الأوروبية قدمت الدَّين التاريخي على المبدأ الإنساني.
وقال فالح في حديث خاص مع "عربي21" على هامش مؤتمر أقامه "مجلس مسلمي أوروبا" في مدينة إسطنبول التركية، إن "الموقف الألماني تجاه قضية غزة والحصار والضحايا المدنيين بالدرجة الأولى قدم العلاقة التاريخية بينه وبين الكيان المحتل".
وأضاف أن البعد الإنساني كان حاضرا في موقف ألمانيا تجاه موضوع الهجرة السورية قبل سنوات ما دفعها إلى تبني قرارات إنسانية رغم المعارضة الداخلية، فيما غاب مثل هذا الموقف عن القضية الفلسطينية بسبب الدين التاريخي.
في الوقت ذاته، لفت فالح إلى وقوع تغييرات في الموقف الألماني بعد شهور من الحرب تختلف تماما عما كان عليه الوضع في الأيام الأولى من الحرب، موضحا أن هناك أصوات ألمانية رسمية تدعو ولو بصوت خافت إلى إنهاء هذه الحرب أو على الأقل أن يكون هناك هدنة إنسانية.
وفي سؤال وجهته "عربي21" حول إمكانية أن تتسبب المواقف الشعبية المعارضة للعدوان في ألمانيا بتهديد السلم المجتمعي، شدد أمين عام مجلس مسلمي أوروبا على أن الوجود المسلم هو الأكثر حضورا في مثل هذه الفعاليات والتحركات، وهذا الوجود أخذ عهدا على نفسه بأن يتحرك ضمن إطار القانون.
ونوه فالح إلى دور الجيل الجديد والشباب في التحركات الشعبية الرافضة للحرب الإسرائيلي المتواصلة على قطاع غزة، مشيرا إلى أن هذا الجيل تحرر من سيطرة الإعلام الرسمي والرأي الواحد الموجه بفضل مواقع التواصل الاجتماعي.
وحول دور المجلس في دعم الشعب الفلسطيني في ظل العدوان المتواصل، قال فالح إن مجلس مسلمي أوروبا ساند الكثير من التحركات الداعمة للقضية الفلسطينية على المستوى الشعبي، وعلى المستوى القانوني، وعلى المستوى السياسي وعلى المستوى الإغاثي.
وشدد على أن الوجود المسلم في أوروبا معني بالقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن "لهذه القضية بعد إنساني ما يحتم علينا التحرك في داخل الوجود المسلم وخارجه من أجل التعريف بالقضية وإسنادها"، حسب تعبيره.
وتاليا نص اللقاء كاملا:
خلال الأزمة في سوريا كان لألمانيا في عهد المستشارة أنجيلا ميركل موقف مشرف تجاه قضية اللاجئين، لماذا غاب مثل هذا الموقف عما يحدث من جرائم بقطاع غزة؟
في موضوع الهجرة السورية كان الحاضر بدرجة أولى هو الموقف الإنساني، الذي كان محركا في هذا الملف نحو تبني موقف إنساني رغم المعارضة الداخلية، إلا أن الحكومة الألمانية حينها قدمت المبدأ الإنساني على كل الحسابات الداخلية أو السياسية.
القراءة الآن للموقف الألماني تجاه قضية غزة وقضية الحصار بالدرجة الأولى والضحايا المدنيين، أن الموقف الألماني والأوروبي على فكرة، الكثير من الموقف الأوروبي، قدم العلاقة التاريخية بينه وبين الكيان المحتل. هذه العلاقة كانت في المقدمة وهي التي حكمت هذا الموقف.
لأن هذه العلاقة التاريخية التي تجعل المانيا مدينة لليهود عموما ثم يتبنوا هذا الموقف بقطع النظر عن حجم الأزمة وحجم حجم المأساة في غزة من جراء الحصار ومن جراء الحرب على غزة.
ولكن الآن أصبح هناك أصوات في ألمانيا بعد استمرار هذه الحالة حالة الحصار وحالة الحرب والحالة الإنسانية الصارخة، أصبحت المواقف تتغير نوعا ما، ورأينا وزيرة الخارجية في تصريحاتها الأخيرة مقارنة بتصريحاتها في البداية، الآن أصبحت تتكلم عن الحالة الإنسانية وأصبحت تتكلم عن أنه لماذا كل هذا الحجم من الضحايا ومن الدمار، وتدعو ولو بصوت خافت إلى إنهاء هذه الحرب أو على الأقل أن يكون هناك هدنة إنسانية.
إذا كان هناك شعوب بالذنب لدى ألمانيا، هل يبرر ذلك التواطؤ مع جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني؟
هذه النقطة وهذه هي العقدة، هذا لا يبرر ولكن بعض السياسيين تخونهم الشجاعة في مثل هذه المواقف ويغلبون الموقف التاريخي والارتباط أو الدَّين إن صح التعبير، الدين الألماني، يغلبونه على أن يكون لهم موقف إنساني واضح وعادل من القضية.
ولكن في موقف الشارع، ليست هناك مقاييس واضحة، ولكن يبدو أن الشارع من خلال التفاعل على منصات الاجتماعي ومن خلال حتى المشاركة في بعض الوقفات والمظاهرات ومن خلال بعض الفعاليات المدنية، الشارع لديه رأي مختلف عن رأي السياسيين.
بالحديث عن المواقف الشعبية، هناك تحركات في ألمانيا على الصعيد الشعبي معارضة للعدوان، هل تعتقد أن مثل هذه المواقف من شأنها أن تهدد السلم المجتمعي أو تضر بالوجود المسلم هناك؟
طبعا هذا يخلق توترات في المجتمع ولكن ما أستطيع أن أؤكده أن الوجود المسلم هو الأكثر حضورا في مثل هذه الفعاليات والتحركات، وهذا الوجود أخذ عهدا على نفسه أن يعمل ضمن إطار القانون. ويعرف أن هناك جهات أخرى تترصد خروجه عن القانون حتى تمنع مثل هذه الفعاليات.
وبالتالي هناك التزام بالضوابط والقوانين، وإن كانت ظالمة في بعض الأحيان. ولكن نلتزم بها أو المسلم يلتزم بها، ويدافع عن نفسه في القضاء، وقد كانت هناك عديد من القضايا التي رفعت ضد منع بعض المظاهرات أو الوقفات أو التحركات وربحها أصحابها، لأنه في الأخير القانون هو سيد الموقف وهو الفاصل في هذه النقطة.
من الواضح في التحركات والوقفات المعارضة للحرب الإسرائيلية في ألمانيا ظهور العامل الشبابي بشكل بارز، كما يحصل في العديد من الدول الغربية، هل لدى هذا الجيل شعور أعمق بالعدالة والقيم الإنسانية؟
دعني أقول إن هذا الجيل تحرر نوعا ما من سيطرة الإعلام الرسمي والرأي الواحد الموجه. لأنه يشتغل على مستوى ثان تماما، قضية السوشيال ميديا تجد كلاما مختلفا عما هو عليه الخط الرسمي والإعلام الرسمي.
وبطبيعة أن الشباب هم الذين يتعاملون أكثر مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ فهم يتأثرون بها في المقام الأول. ولذلك كمية المعلومات أو الفيديوهات التي تنشر على الميديا، ساهمت في أن هذا الشباب بدأ يطرح عديد الأسئلة حول ماذا يقع في غزة وما يمكن فعله من أجل غزة، ولذلك هم الذين تحركوا وتزعموا مثل هذه الفعاليات، والآن كثير من المظاهرات يقوم بها شباب، هم الذين يدعون لها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وعندهم فاعلية كبيرة.
وهذا الجيل عنده مساحة أوسع في التحرك والعلاقات لذلك أثره أكبر. نبدأ بالمدرسة. نبدأ بالثانويات. نبدأ بالجامعات بالشركات أو في أماكن عملهم. باعتبار أن لديهم علاقات مع زملائهم في المدرسة أو في الجامعة، فبالتالي هم قبل هذه الأحداث عندهم مساحة تحرك، وقد استفادوا من هذه المساحة وهذه والعلاقات، وتحركوا من خلالها.
ما هي الآليات التي يدعم مجلس مسلمي أوروبا من خلالها الشعب الفلسطيني وقضيته في أوروبا؟
المجلس من خلال مواقفه ومن خلال توجيهه للمسلمين ومن خلال تعاونه مع عديد المنظمات المتخصصة في شأن القضية الفلسطينية. دعم أو ساند الكثير من التحركات على المستوى الشعبي، على المستوى القانوني، على المستوى السياسي وعلى المستوى الإغاثي وهذا أيضا مهم.
ومن حيث الحجم والتأثير، ومع الاعتبار أنه يتحرك في داخل معطيات أو حيثيات قانونية، غير ما هي موجودة عليه في بلاد العالم الإسلامي مثلا، رغم ذلك فهذا الجهد وآثاره كبيرة.
وما ندعو إليه نحن، وقد ذكرناه حتى في بياناتنا، هو إننا نحن كمسلمين وكوجود مسلم معنيون بهذه القضية ولكن هي قضية إنسانية أيضا فلابد أن نتحرك في داخل الوجود المسلم وخارج الوجود المسلم للتعريف بهذه القضية وإسنادها بالطرق القانونية وبالأساليب السياسية والإغاثية.
وهذا تقديري أنه موجود ومتواصل، لو نقيس مثلا بداية الحرب على غزة والآن، التحول الذي طرأ على المواقف الشعبية وبعض المواقف السياسية، هذا من أسبابه الرئيسية يعود للوجود المسلم والتحركات التي قام بها وبيّن من خلالها كثير من الحقائق التي كانت تخفى على الرأي العام أو الطبقة والنخبة السياسية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات غزة المانيا المانيا تركيا غزة اسطنبول مسلمي اوروبا المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقف الألمانی وعلى المستوى على المستوى فی ألمانیا هذا الموقف هذا الجیل ومن خلال من خلال على أن
إقرأ أيضاً:
مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
في الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات الدولية لاستئناف الهدنة في قطاع غزة، تبدو الفجوة بين طروحات الاحتلال الإسرائيلي ومطالب المقاومة الفلسطينية أوسع من أي وقت مضى، فالمقترح الإسرائيلي الأخير، الذي رُوّج له إعلاميًا باعتباره خطوة نحو التهدئة، لا يحمل في طياته سوى شروط تعكس أهدافًا استراتيجية تسعى لتفكيك قوة حماس وسحب أوراقها التفاوضية، في مقابل تقديم تنازلات شكلية لا تلبّي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية.
هدنة مؤقتة لا تلبي الشروط الأساسية
الموقف الفلسطيني الرافض لمقترح الاحتلال لم يكن وليد رغبة في التصعيد، بل جاء كرد طبيعي على بنود تحمل نوايا خفية أكثر من كونها مبادرات سياسية، فحسب مصدر بارز في المقاومة، فإن جوهر الطرح الإسرائيلي لا يستجيب للمطالب الجوهرية المعلنة، وعلى رأسها وقف شامل ودائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من القطاع، وبدلًا من ذلك، يقترح الاحتلال “هدنة مؤقتة” مدتها 45 يومًا، يُسمح خلالها بمرور المساعدات الإنسانية عبر المعابر، ولكن بشروط يحددها الجانب الإسرائيلي، ما يُبقي قبضة الحصار مفروضة ولو بصيغة جديدة.
الهدف غير المعلن: نزع أوراق القوة من يد حماس
القراءة التحليلية لبنود المقترح تشير إلى أنه لا يُراد له أن يكون اتفاقًا لإنهاء الحرب، بل أداةً لفرض وقائع سياسية جديدة، فتركيز المقترح على استعادة تسعة أسرى إسرائيليين، بينهم جندي يحمل الجنسية الأمريكية، يعكس رغبة الاحتلال في استعادة “ورقة الأسرى” كأولوية تفوق أي اعتبار إنساني يتعلق بأهالي غزة، بل إن المصدر ذاته يؤكد أن الطرح يهدف إلى سحب هذه الورقة تدريجيًا من يد حماس، باعتبارها أحد أهم عناصر الضغط التي تملكها الحركة.
ويُضاف إلى ذلك، تضمّن المقترح بندًا ينص على إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي في غزة على نحو ما كان عليه قبل الثاني من مارس، وهي صيغة تعني استمرار الاحتلال الفعلي، سواء عبر التمركز العسكري المباشر أو السيطرة على المجالين الجوي والبحري، بما يفرغ أي حديث عن “التهدئة” من مضمونه الحقيقي.
استراتيجية “التهدئة المشروطة”.. إعادة إنتاج الحصار
من الناحية السياسية، يبدو أن “إسرائيل” تسعى لإعادة صياغة مفهوم الحصار عبر أدوات جديدة، فبدلًا من الحصار العسكري الصريح، يُطرح الآن “فتح مشروط للمعابر” لفترة مؤقتة، بما يُبقي مصير غزة بيد الاحتلال، وهذه الاستراتيجية تُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التهدئة السابقة التي فشلت لأنها لم ترتكز على ضمانات دولية ملزمة، ولم تُحقق أي تغيير جوهري في حياة الفلسطينيين، بل إن هذا النوع من التهدئة المشروطة يُستخدم عادة لكسب الوقت، وإعادة التموضع، وتفكيك المقاومة من الداخل عبر خلق حالة إنهاك وإرباك سياسي وأمني.
إعادة التمركز لا تعني الانسحاب
البند المتعلق بـ”التمركز العسكري قبل الثاني من مارس” لا يمثل سوى عودة إلى مرحلة تصعيدية سابقة، فهذا التاريخ يُمثل ذروة العمليات البرية التي شنّها جيش الاحتلال داخل القطاع، وبالتالي فإن العودة إلى تلك الوضعية تُعدّ بمثابة تثبيت لواقع الاحتلال وليس العكس، كما أن المقترح لا يشير إلى أي نية للانسحاب الكامل من غزة، وهو مطلب جوهري لدى المقاومة، ما يُفقد المقترح أي جدية في تحقيق تهدئة حقيقية.
الرهان على الزمن.. تكتيك إسرائيلي مألوف
ما تقوم به “إسرائيل” ليس جديدًا؛ فالرهان على عامل الزمن، عبر مقترحات مؤقتة، هو جزء من تكتيكها المعروف لإدارة الصراع وليس حله، وقد استخدمت هذه الاستراتيجية في جولات سابقة من المواجهة، حيث تسعى لتجميد الوضع الميداني لفترة محددة، تسمح لها بإعادة ترتيب أوراقها العسكرية والسياسية، دون أن تُقدّم أي التزامات حقيقية للفلسطينيين، وفي هذا السياق، فإن ما يُطرح اليوم لا يختلف في جوهره عن مبادرات سابقة فشلت لأنها لم تكن سوى محاولات لفرض الاستسلام بغطاء دبلوماسي.
حماس بين الضغط والتريث
المعطى الجديد في المشهد هو موقف حماس، التي لم تُعلن رفضها الرسمي للمقترح لكنها لم تُقدّم ردًا نهائيًا أيضًا، ما يدل على أن الحركة تدير الموقف بتأنٍ شديد، في ظل توازن معقد بين الضغوط العسكرية والسياسية والإنسانية، فالحركة تدرك أن أي خطوة نحو قبول مقترح هشّ قد يُفقدها دعمًا شعبيًا واسعًا، وخاصة في ظل تصاعد الغضب الفلسطيني والعربي نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته، فإن التريث يسمح لحماس بقراءة المشهد الإقليمي والدولي، وخاصةً في ظل تنامي الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب، وارتفاع منسوب الإدانة للجرائم الإسرائيلية.
غياب الضمانات الدولية.. مأزق أي اتفاق محتمل
ما يفاقم هشاشة المقترح الإسرائيلي هو غياب أي آلية دولية تضمن تنفيذ بنوده. فحتى في حال قبول حماس بوقف مؤقت لإطلاق النار، فإن التجربة السابقة تُظهر أن الاحتلال لا يلتزم بأي تفاهمات ما لم تُقيدها قوة دولية قادرة على المحاسبة، وفي ظل تواطؤ بعض القوى الكبرى مع الرؤية الإسرائيلية، وتراجع فعالية المؤسسات الدولية، تبدو أي ضمانات مجرد وعود شفوية لا تلبث أن تنهار تحت ضغط التغيرات الميدانية.
الخشية من فخ النزع التدريجي للسلاح
أخطر ما في الطرح الإسرائيلي هو ما بين السطور.. فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من الضغط السياسي والعسكري لنزع سلاح المقاومة، دون خوض معركة مباشرة، فالمقترح يُمهّد لحالة من التفكيك التدريجي لقدرات حماس، عبر إدخالها في مسارات تفاوض طويلة، تُستنزف خلالها سياسيًا وعسكريًا، ويُعاد فيها تشكيل البيئة الأمنية في غزة وفقًا للرؤية الإسرائيلية، وهذا ما يُفسر إصرار المقاومة على التمسك بشروطها الأساسية، ورفضها لأي صيغة تُعيد إنتاج الاحتلال أو تُفرّغ انتصاراتها الميدانية من مضمونها.
في النهاية، في ضوء ما تقدّمه “إسرائيل” من مقترحات ظاهرها التهدئة وباطنها الهيمنة، تبرز معادلة جديدة تُختبر فيها صلابة الموقف الفلسطيني وقدرته على الصمود السياسي بعد الصمود الميداني، فالعرض الإسرائيلي الأخير ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من المحاولات التي يسعى من خلالها الاحتلال لتفكيك بنية المقاومة، ليس عبر الحرب المفتوحة فقط، بل من خلال ما يُروّج له كمساعٍ دبلوماسية وإنسانية.
تركيز الاحتلال على استعادة الأسرى، وإصراره على فتح المعابر بشروطه، وتحديده لفترة تهدئة مؤقتة، ثم الإبقاء على وجوده العسكري بطريقة أو بأخرى، كلها مؤشرات على أن المقترح يفتقر لأي نية حقيقية لإنهاء العدوان، بل يُراد له أن يكون وسيلة ضغط مركبة: استنزاف سياسي لحماس، وإنهاك مجتمعي لسكان غزة، وتلميع لصورة “إسرائيل” دوليًا على أنها تسعى لـ”السلام”، لكن ما يغفله الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية، وبعد سنوات من المواجهة والخبرة، لم تعد أسيرة الأوهام الدبلوماسية، فقراءة الحركة للمقترح تعكس نضجًا في فهم أبعاد الصراع، وتؤكد أن الميدان ليس وحده من يحسم المعركة، بل الوعي بطبيعة الخصم وأدواته السياسية.