عدنان الغول أبو الصواريخ القسامية ورائد التصنيع العسكري للمقاومة
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
عدنان الغول قائد وحدة التصنيع العسكري في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة في الفترة ما بين 1994 و2004، أطلق عليه لقب "أبو الصواريخ القسامية" و"رائد التصنيع العسكري" بالنظر لدوره المهم في تطوير ترسانة أسلحة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
أمضى معظم حياته مطاردا من أجهزة الاحتلال الأمنية والعسكرية، وأيضا من أجهزة السلطة الفلسطينية، واستطاع رغم المطاردة والحصار المفروض على غزة إحداث تحول في تاريخ المقاومة الفلسطينية من خلال بصماته في صناعة القنابل والصواريخ والقذائف بإمكانيات محلية.
نجحت كتائب القسام خلال فترة قيادته وحدة التصنيع العسكري في إنتاج 9 أسلحة، من أبرزها صاروخ القسام وقذيفة الياسين وصاروخ البنا والبدر وقذائف الهاون وغيرها من الأسلحة.
استشهد عام 2004 وعمره 46 عاما بعد استهداف سيارة كان يستقلها بصاروخ. وأطلقت كتائب القسام اسمه على بندقية القنص "غول" التي كشفت عنها إبان الحرب على غزة عام 2014، ويصل مداها إلى كيلومترين.
الولادة والنشأةولد يحيى محمود جابر الغول في 24 يوليو/تموز 1958 بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
كان والده معتقلا في سجن أبو زعبل في مصر عندما وضعته والدته سكينة أم خضر في عيادة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
أرادت والدته أن تسميه فرج، وكان رجاؤها أن يفرج الله كرب والده المسجون، أو يحيى تيمنا بنبي الله يحيى، غير أن الأخت الكبرى زينب ألحت على أن تسميه عدنان، ولإرضاء الجميع قرروا مناداته عدنان وتسميته يحيى في شهادة الميلاد، وبعد أشهر من ولادته جاء الفرج وخرج والده من السجن.
هُجّرت عائلته من قرية هربيا المحتلة، إحدى قرى قضاء المجدل عام 1948، وعاشوا سنوات من التشرد واللجوء.
استقرت العائلة في البداية في أحد مخيمات قطاع غزة بمدينة رفح لمدة عامين، قبل أن تضطرها الظروف الصعبة إلى التنقل بين عدد من المدن والمخيمات، مثل مدينة دير البلح ومخيم البريج ثم مخيم الشاطئ، ليستقر بهم الحال في منطقة المغراقة، حيث تملكت العائلة قطعة أرض.
نشأ وسط عائلة كبيرة ومحافظة، مكونة من 9 إخوة، 6 ذكور وهم خضر وموسى وجابر وعيسى وعدنان وعمر، وبنتان هما زينب وميسر، في حين توفي الأخ التاسع بعد ميلاده بقليل.
كان لوالده محمود الغول أبو خضر تأثير كبير عليه وعلى إخوته، إذ كان من قادة المجاهدين الذين تصدوا لهجمات قوات الاحتلال عام 1948 بقرية هربيا، وبعد انتقاله وعائلته إلى رفح انخرط في مواجهة القوات الدولية التي كانت تتعاون مع قوات الاحتلال في الحدود بين قطاع غزة والأراضي المصرية.
شارك والده في هذه الفترة في عمليات عسكرية استولى خلالها مع رفاقه على أسلحة وأموال، فاعتقلته السلطات المصرية في كمين وحكمت عليه المحكمة بالسجن 18 عاما تحولت بعد الاستئناف إلى 18 شهرا قضاها في سجن أبو زعبل.
تزوج عدنان من ابنة عمه وفاء إبراهيم الغول سنة 1981، وولد لهما 9 أبناء هم سارة وبلال وإسراء وإسلام ومحمد ونور ومحمود ودعاء وهلال.
خلال البحث عن أشلاء عدنان الغول ومرافقيه بحطام سيارتهم التي تعرضت لقصف في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2004 (غيتي) الدراسة والتكوين العلميتلقى جزءا من تعليمه الابتدائي في إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين بمخيم الشاطئ، واستكمل دراسته الابتدائية في مدارس مخيم النصيرات بعد انتقال عائلته إلى بلدة "المغراقة" وسط قطاع غزة.
التحق عام 1973 بمدرسة خالد بن الوليد الثانوية في النصيرات، ثم درس الثانوية العامة في مدرسة فلسطين بغزة، وعرف بتفوقه في المواد العلمية، وخاصة مادتي الفيزياء والكيمياء.
بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، وبينما كان يستعد للمرحلة الجامعية توفي والده في الثاني من فبراير/شباط 1979 بعد إصابته بجلطة دماغية، بعدها بفترة قررت عائلته دعمه للسفر إلى إسبانيا ليستكمل دراسته الجامعية في تخصص الكيمياء، لكنه لم يمكث بها سوى شهرين وعاد إلى غزة، ومنها اتجه إلى مصر؛ حيث التحق بجامعة بيروت العربية بمدينة الإسكندرية للدراسة في كلية التجارة.
وخلال وجوده في مصر احتك بجماعة الإخوان المسلمين وتعرف عن قرب على أفكارها وأدبياتها وتأثر بقياداتها، وفي صيف 1981 عاد إلى قطاع غزة للاستعداد للامتحانات، غير أن توتر الأوضاع في مصر بعد اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات واعتقال العديد من الإسلاميين دفعته إلى اتخاذ قرار بعدم السفر، واتجه للعمل في الزراعة لمساعدة عائلته في الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تعيشها.
التجربة الجهاديةانضم في سن مبكرة إلى الحركة الإسلامية في غزة، وكان من أوائل الإسلاميين الذين انخرطوا في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وقبل تأسيس حركة حماس، إذ شكل خلية عرفت باسم خلية مجاهدي المغراقة عام 1984.
تمكّنت هذه الخلية بالاعتماد على أسلحة بسيطة صنعها عدنان الغول بمواد محلية من اغتيال ضابط كبير في جهاز الشاباك في جباليا، ونفذت عمليات أخرى كان أبرزها عملية الحاجز التي استشهد فيها 4 من رفاقه واعتقل آخر، وأصبح حينها اسمه معروفا لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، في هذه الفترة برزت قدرته على التنكر والتخفي، حيث كان يضع أحيانا باروكة على شعره وأحيانا يتنكر في هيئة رجل طاعن في السن ليتحرك بحرية بعيدا عن أعين الاحتلال وعملائه.
ومع تكثيف ملاحقته وتضييق الخناق عليه، اضطر إلى مغادرة القطاع والتوجه إلى سوريا عبر مصر. وفي سوريا قضى 7 سنوات كانت بمثابة مرحلة تكوين واكتساب الخبرات الميدانية العسكرية، حيث حصل على دورات متقدمة في صناعة المتفجرات والصواريخ وتركيب المواد وصناعة الصواعق والعبوات والألغام والقنابل.
عاد إلى قطاع غزة عام 1994 وشرع فور وصوله في استعادة نشاطه العسكري ضمن صفوف كتائب القسام، وأوكلت له في البداية مهمة شراء السلاح وتخزينه.
ومع لقائه المهندسَ يحيى عياش دشنت المقاومة مرحلة جديدة؛ حيث عملا على تأطير دورات سرية لعناصر المقاومة في مجال صناعة الأسلحة ثم وضع اللبنات الأولى لوحدة التصنيع العسكري بقيادة الغول وعياش.
عدنان الغول يعد من أوائل المقاومين المسلحين ضد الاحتلال قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى وقبل تأسيس حماس (غيتي)كان له دور أساسي وكبير في تطوير أسلحة كتائب القسام وإحداث تغيير في المواجهة مع الاحتلال، وذكر كتاب أصدرته دائرة الإعلام العسكري للكتائب بعنوان "رائد التصنيع العسكري.. السيرة الجهادية للقائد عدنان الغول" أهمية دوره والاهتمام الكبير الذي كان يحظى به من قيادة حماس، إذ كان الشيخ أحمد ياسين يوصي المجاهدين قائلا لهم: حافظوا على أبي بلال، هو أمانة في أعناقكم، فهو رجل ليس كباقي الرجال، وامتدحه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائلا: لو لم يدخل هذا الرجل إلى غزة لبقينا إلى الآن تقطع أيدينا ونحن نعمل بأعواد الكبريت.
فترة الاعتقالاعتقلته السلطة الفلسطينية عام 1998 ضمن حملة اعتقالات طالت عددا من المقاومين إثر تنفيذهم عمليات ضد الاحتلال، وتعرض ورفاقه للتعذيب خلال التحقيق وظل في السجن داخل زنزانة انفرادية حوالي 6 أشهر إلى أن تمكن من الفرار بعد أن قطع حديد شباك زنزانته، وظل بعدها مطاردا من السلطة، كما تعرضت عائلته للمضايقات والاعتقالات في محاولة للضغط عليه لتسليم نفسه.
وفي عام 1999 عقد عدنان اتفاقا مع قيادة جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني التابع للسلطة، يقضي بأن يسلم نفسه بشرط خروجه من السجن بعد شهرين من اعتقاله، لم توف السلطة بالاتفاق فطالت مدة الاعتقال من شهرين إلى 13 شهرا.
ثورة التصنيع العسكريبعد اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 بدأ مشروع التصنيع العسكري لكتائب القسام يزدهر، حيث أقيمت ورش وجلبت الآلات والمعدات اللازمة للشروع في إنتاج الأسلحة، وكان رجل هذه المرحلة عدنان الغول، الذي تولى قيادة وحدة التصنيع العسكري القسامي ونيابة هيئة الأركان.
استطاع رفقة العشرات من مهندسي الكتائب تطوير الصناعات العسكرية القسامية لتواكب الترسانة العسكرية للاحتلال، فظهرت في ساحة المواجهة أسلحة الاشتباك المباشر ومضادات الدروع والعبوات والألغام والقذائف والصواريخ.
وتمكنت المقاومة بإشراف عدنان الغول من إنتاج أول قذيفة "أنيرجا" مضادة للدروع عام 1998 تصل فعاليتها إلى مسافة 150 مترا، وبعد نجاح التجارب دخلت هذه القذيفة الخدمة ضمن الأسلحة الميدانية سنة 2001.
وبدأ التفكير في إدخال قذائف الهاون إلى ساحة المواجهة منذ نهاية عام 1997، وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية انتهت جولة تصنيع قذائف الهاون التي أحدثت تغييرات ميدانية في المواجهة مع الاحتلال.
وشهد 26 أكتوبر/تشرين الأول عام 2001 ميلاد أول صاروخ قسام يتم إنتاجه داخل وحدة التصنيع القسامية أطلق عليه صاروخ قسام 1 وبلغ طوله 70 سنتيمترا بمدى يتراوح بين 2 و3 كيلومترات، وبعدها بفترة قصيرة تم إنتاج صاروخ قسام 2 بطول 180 سنتيمترا ومدى يتراوح بين 9 و12 كيلومترا.
وكانت بصمات القائد عدنان حاضرة بقوة في تطوير منظومة العمل، حيث أسهم في تطوير آلية الإطلاق التي كانت تتم عن طريق الدائرة الكهربائية التقليدية، أي السلك والبطارية وتحويلها لآلية العمل بنظام المؤقت.
طفل فلسطيني يحمل صورة عدنان الغول (غيتي)عام 2001 بدأ العمل على مشروع تصنيع قاذف البنا، وهو قاذف مضاد للدروع يحمل على الكتف، قطره 80 ميليمترا، وبعد التجارب تم إدخاله ضمن أسلحة الميدان لأول مرة في مواجهة الاحتلال خلال اجتياحه لمنطقة الزيتون شرق مدينة غزة عام 2002.
وحاول الغول تجاوز نقاط ضعف قاذف البنا بصناعة قاذف البدر، وذلك بالزيادة في قطر القاذف من 80 ميليمترا إلى 100 ميليمتر، ودخل هذا السلاح الميدان عام 2003 حيث ظهرت فوائده في صد الاجتياحات الإسرائيلية للقطاع.
شكل إتمام مشروع "قاذف الياسين" نقلة نوعية في عمل وحدة التصنيع العسكري، حيث أطلق لأول مرة في الثالث من أغسطس/آب 2004، وفي عام 2006 استخدم سلاح الياسين في عملية الوهم المتبدد جنوب قطاع غزة، والتي أسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
بعد هذه الخطوة المهمة بدأ تفكير عدنان الغول يتجه نحو العمل على مشروعين جديدين، هما الصواريخ المضادة للطائرات والطائرات الشراعية، وكان يقول لرفاقه إنه بتنفيذ هذين المشروعين سيكون قد أدى رسالته، بدأ بوضع الخطط والتصميمات والنماذج لتنفيذ أفكاره، غير أنه لم يتمكن من إتمامها بسبب استشهاده.
محاولات الاغتيالبالنظر لدوره المهم في تطوير منظومة التصنيع العسكري لكتائب القسام، كان عدنان الغول يشكل خطرا إستراتيجيا على إسرائيل وتهديدا حقيقيا لها، لذلك وضعت خططا كثيرة لاغتياله، وكان هدفها الأول الذي جندت أجهزتها لملاحقته.
تعرض لـ9 محاولات اغتيال استعانت فيها قوات الاحتلال بالطائرات والصواريخ، وأيضا بالعملاء، غير أنها باءت جميعها بالفشل.
كانت أولى محاولات الاغتيال عام 1994 مباشرة بعد عودته من سوريا، حيث دس له أحد العملاء السم في القهوة بعد استدراجه إلى أحد المطاعم متظاهرا برغبته في بيع سلاح من نوع كلاشينكوف ومسدس.
وبعدها تعرض لمحاولة اغتيال داخل سجن السلطة الفلسطينية عندما طلب منه ضابط بشكل ودي تفكيك قنبلة تبين أنها مجهزة للانفجار، وهو ما أدى إلى فقدانه أصبعين من يده.
وفي أغسطس/آب 2001، استهدفت صواريخ أطلقتها طائرة أباتشي موكب سيارات كان في إحداها عدنان الغول ومحمد الضيف، وفي أخرى ابنه بلال الذي استهدف حينها بصاروخ مباشر استشهد على إثره وعمره 18 عاما.
الاستشهادفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2004، استهدفت طائرة إسرائيلية بصاروخ سيارة كان عدنان الغول يستقلها مع الشهيد عماد عباس أحد خبراء المتفجرات في كتائب القسام؛ وهو ما أدى إلى استشهادهما وإصابة عدد من المارة.
وخرج مئات الآلاف من سكان غزة لوداعه وتشييعه تقدمتهم قيادات من حركة حماس وعشرات المسلحين من كتائب القسام.
أطلقت كتائب القسام اسمه على بندقية القنص "غول"، التي كشفت عنها في أغسطس/آب 2014 خلال الحرب على غزة، ووصل مداها إلى كيلومترين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کتائب القسام عدنان الغول فی تطویر قطاع غزة غیر أن
إقرأ أيضاً:
خبير صناعة السيارات: خفض معدل البطالة وتعافي الاقتصاد كلما زاد التصنيع
قال المهندس جمال عسكر، خبير صناعة السيارات، إن أول مؤشر إيجابي لتشغيل شركة النصر وزيادة المكون المحلي لصناعة السيارات هو خفض معدلات البطالة فى الدولة، إلى جانب العملة الصعبة وتقليل الفقد منها.
وأضاف خلال حواره ببرنامج “الخلاصة” المذاع عبر فضائية “المحور”، أنه كلما كان التصنيع محلي، يكون التوطين لأقصي درجة من أجل التغلب عن كل اللاعبين الموجودين فى المنطقة أو اللاعبيين الصينيين، إضافة إلى تقليل أسعار السيارات وتزيد فترة الضمان ومراكز الخدمة تستطيع تغطية العميل بشكل سريع.
وفي سياق متصل، قال منتصر زيتون عضو شعبة السيارات بالغرفة التجارية، إن عودة شركة النصر للصناعة خبر جميل وإنجاز كبير، مشيرا إلى أن شركة النصر بدأت عام 1960، وكانت عملاق من عمالقة الصناعة فى مصر والدول العربية.