هل خاف الرئيس الفنزويليّ من حظوظ منافِسته في الانتخابات؟
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
لطالما استأسدَ نظام الزعيم شافيز في فنزويلا على المعارضة طوال المحطات الانتخابية منذ عقدَين تقريبًا، ولعلّ آخرها معركة 2019 مع المعارض خوان غوايدو، الذي انتهى به المطاف لاجئًا في الولايات المتحدة.
غير أنّ خطاب الاستخفاف بالمعارضة واتّهامها بالعمالة لواشنطن، لم يعد يؤتي أكله لدى أغلبية الشعب الذي اصطلى بنار الجوع والفقر، وهبّ لدعم مرشّحة المعارضة ماريا ماتشادو، في استطلاعات الرأي الخاصّة بالانتخابات الرئاسيّة لنهاية العام الجاري.
ومن الواضح أنَّ الرسالةَ وصلت نظام الرئيس مادورو، فاستيقظ الجميع على قرار من المحكمة العليا، ينصّ على عدم أهلية ماتشادو لخوض السباق الرئاسي!
تشكيك بنزاهة الانتخاباتهناك تفاصيل تخصّ الشأن الداخليّ الفنزويليّ وأخرى دولية، ساهمت بشكل كبير في الوصول إلى هذه النتيجة. أما عن الشأن الداخلي، فيعكس بالضرورة الدفاع المستميت للرئيس مادورو ورموز حكومته، عن مشروع الزّعيم اليساري شافيز الذي تولى رئاسة فنزويلا منذ 1999، حتى وفاته في 2013، ثمّ تولّى نائبه مادورو في ذلك الوقت منصب الرئاسة مؤقتًا، عملًا بنصوص الدستور، وانتقاله إلى الفوز بالمنصب بشكل رسمي في 2014.
وبالتالي فإن الفنزويليين- وبغض النظر عن مدى نجاح الزعيم شافيز أو مادورو من بعده في إدارة البلاد- محكومون من التيار السياسي نفسه منذ 25 سنة، ومن المحتمل جدًا أن يواصل هذا التيار استئثاره بالحكم لمدة 5 سنوات قادمة، في ظل المعطيات الحالية. وقد أثارت كل المحطات الانتخابية تشكيكًا في نزاهتها.
وفي نفس السياق، شهدت الساحة الانتخابية مؤخرًا أحداثًا، زادت من مستوى التشكيك في نوايا النظام الحاكم. حيث إنه وقبيل إجراء الانتخابات التمهيدية للمعارضة – التي يتم خلالها الاتفاق على مرشح واحد للانتخابات الرئاسية القادمة، للوقوف في وجه مرشح النظام- أعلن المجلس الانتخابي حلّ نفسه، وهو الذي كان من المفترض أن يشرف على هذه الانتخابات التمهيدية، واعتبرت المعارضة أن ذلك القرار هو "عملية تفجير من الداخل"، للحيلولة دون اتفاق المعارضة، وبقائها متشرذمة.
وأمام الضغوط الخارجية، تمّ التوصل إلى تكوين مجلس جديد، بأغلبية أعضاء من النظام الحاكم، قبل شهرَين من إجراء انتخابات المعارضة الداخلية. ورغم أنّ مرشحي المعارضة تقدموا بملفات ترشحهم، إلا أن المجلس لم يرفض ملف ماتشادو في ذلك الوقت، بسبب وجود نقائص أو أخطاء.
لكن وبعد أن حصدت ترشحها عن المعارضة – بأغلبية ساحقة أمام رفاقها، ثم تأكد ارتفاع شعبيتها في استطلاعات الرأي على حساب الرئيس مادورو في الشهرين الأخيرين – أعلنت المحكمة العليا، بشكل مفاجئ نسبيًا، عن عدم أهليتها للترشح؛ بسبب "ضلوعها في المؤامرة التي قادها خوان غوايدو ضد فنزويلا في 2019″، وأدّت إلى تسليط عقوبات على فنزويلا ومصادرة أموالها في الخارج.
وخوان غوايدو برلماني، تم انتخابه رئيسًا لبرلمان 2019، وبعد ذلك بأيام أعلن نفسه رئيسًا مؤقتًا للبلاد بعد موافقة أغلبية برلمانية وبمباركة من الولايات المتحدة و59 دولة أخرى؛ احتجاجًا على إعادة انتخاب الرئيس مادورو في انتخابات أواخر 2018، لكن الرئيس مادورو وحكومته لملموا الأزمة وأجهضوا خُطة غوايدو وحلفائه.
ضغوط غربيةأمّا التفاصيل الدولية التي قادت إلى المشهد الانتخابي الحالي، فتتمثل في ارتفاع حجم الضغوط الغربية المطالِبة الرئيسَ مادورو وحكومتَه بمنح المعارضة أجواء ديمقراطية للتموقع والتحضير لخوضها غمارَ الانتخابات أمام الحزب الحاكم، في كنف النزاهة.
إضافة إلى ذلك، وعلى خلفية المراجعات التي فرضتها الحرب الروسية – الأوكرانية، قامت إدارة الرئيس بايدن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بتخفيف العقوبات الأميركية على فنزويلا وقبولها بصفقة تبادل سجناء، نصّت على تسليمها 32 اسمًا في سجون فنزويلا، مقابل تسليم سجين واحد، من الحجم السياسي الثقيل لفنزويلا، وهو الدبلوماسي أليكس صعب في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وكل ذلك مقابل، تعهّد الرئيس مادورو بضمان إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة.
المُثير في الأمر، أنّ قرار المحكمة العليا في فنزويلا بإزاحة مرشحة المعارضة ماتشادو من السباق الانتخابي وحرمانها 15 سنة هي والمرشح الثاني رفيقها أنريكي رادونسكي، من تولي المناصب العامة، يأتي بعد سلسلة من الأحداث تُرجّح القراءة القائلة بأن القرار انتقاميّ، ويعكس مخاوف النظام الحقيقية من فوز ماتشادو بالرئاسة القادمة. لاسيما أن التهمة الموجهة لها قديمة، وكان من الممكن أن تعلنها المحكمة قبل ترشح ماتشادو، لا بعد فوزها.
البعض يرى أن الرئيس مادورو "غدر" بنظيره الأميركي، وتراجع عن شرط "إجراء انتخابات حرة ونزيهة"، بعد عودة تدفق نفط فنزويلا في الأسواق الدولية واستعادة الرجل ذراعه اليمنى في الخارج "أليكس صعب".
شعارات فارغةإضافة إلى ذلك، يبدو أن تراجع الرئيس مادورو عن اتفاقه مع نظيره الأميركي، جاء على إثر انزعاجه من التقارب الواضح بين الولايات المتحدة ودُويلة غويانا، الجارة الشرقية لفنزويلا، التي جددت معركتها حول منطقة إيسيكيبو المتنازع عليها مع فنزويلا، ومنحت شركات النفط الأميركية عقود تنقيب في المياه المتنازع عليها، إضافة إلى الحديث عن احتمال تأسيس قاعدة عسكرية في غابات إيسيكيبو.
أما بالنسبة لموقف واشنطن، فكان متوقعًا، حيث أدانت قرار المحكمة العليا بمنع ترشح ماتشادو للانتخابات الرئاسية القادمة، بعد ساعات قليلة من إعلانه، ولوّحت بمراجعة العقوبات المسلطة على فنزويلا، على خلفية ما أقدم عليه القضاء الموالي للنظام الحاكم، حسب تعبير المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.
بغض النظر عن تربّص الإدارة الأميركية بأخطاء النظام الفنزويلي، وحرصها الشديد على إعادة فنزيلا إلى الحِضن الأميركي، من خلال النفخ في المعارضة الفنزويلية، والدفع برموزها إلى مواجهة الرئيس مادورو وهزيمته بأي ثمن، فإن شعارات المقاومة والسيادة التي يرفعها نظام الرئيس مادورو لإقناع شعبه بعمالة المعارضة، لم تعد تجد آذانا مصغية أمام تفشي قضايا الفساد المالي في أوساط رموز النظام الحاكم، وتفشي الفقر والبطالة في المقابل، في أغلب فئات المجتمع.
.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحکمة العلیا الرئیس مادورو
إقرأ أيضاً:
حديث عن استعداد الإمارات تسليم عبد الرحمن القرضاوي إلى مصر.. ما خيارات المعارضة؟
في ظل ما يجري من حديث عن تسليم الإمارات للشاعر المصري التركي عبدالرحمن يوسف القرضاي إلى السلطات المصرية، وقيام البرلمان المصري الأحد بمناقشة وإقرار قانون تسليم المجرمين مع الإمارات ليبدو الأمر قانونيا، يثار التساؤل حول ردود الفعل المنتظرة من المعارضة المصرية بكل أطيافها لدعم أحد الرموز الثورية خاصة وأن الأمر يتزامن مع الذكرى 14 لثورة 25 يناير 2011.
وإثر مناقشة مجلس النواب الأحد، اتفاقية جديدة لنقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين مصر والإمارات، متناولا تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية حول طريقة إقرار الموافقة على الاتفاقية والصادر بها قرار رئيس الجمهورية (رقم 570 لسنة 2024)، أحال النواب الاتفاقية إلى اللجان المختصة.
الأمر الذي دفع نشطاء وسياسيون ومعارضون لإعلان التضامن مع يوسف، تحسبا لأن تسلمه الإمارات لمصر، خاصة وأنها الحلقة الثانية من التسليم التي قد يتعرض لها نجل الشيخ يوسف القرضاوي، بعد أن سلمته السلطات اللبنانية للإمارات في 8 كانون الثاني/ يناير الجاري.
وفي السياق، أعلنت الإمارات، الجمعة الماضية، إعادة فتح سفارتها بالعاصمة اللبنانية بيروت، بعد إغلاق تجاوز 3 سنوات، وبعد 18 يوما من تسليم القرضاوي لأبوظبي.
"بداية الأزمة"
وإثر إطاحة المعارضة السورية بنظام بشار الأسد، وفرار الأخير، في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، انطلق يوسف ونشطاء مصريين إلى دمشق للاحتفاء بانتصار الثورة السورية، لتحتجزه السلطات اللبنانية في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2024، أثناء عودته من سوريا إلى تركيا عبر لبنان، بطلب من السلطات الأمنية المصرية والإماراتية.
وكان نجل القرضاوي، قد نشر مقطعا مصورا من قلب "المسجد الأموي" في دمشق، ثمن فيه نجاح الثورة السورية، متمنيا التوفيق لشعب سوريا وقيادتها في مواجهة ما أسماه بـ"التحديات الشريرة التي يخطط لها العالم أجمع، وعلى رأس المخططين والمتآمرين أنظمة الخزي العربي وصهاينة العرب في الإمارات، والسعودية، ومصر، وغيرها".
"حراك ومناشدات"
منذ ذلك الحين تتابع المناشدات الحقوقية والاعتراضات من معارضين ومخاوف المقربين من القرضاوي على سلامته، كونه أحد نشطاء ثورة يناير 2011، وأحد من يقرضون الشعر دعما للشعوب العربية ولشعب ومقاومة فلسطين، ونجل أحد أهم علماء المسلمين في القرنين العشرين والحادي والعشرين، الشيخ يوسف القرضاوي.
ودشن ناشطون في عواصم عالمية وقفات احتجاجية أمام سفارة الإمارات، وبينها وقفة أمام مجلس العموم البريطاني في لندن للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين بمصر والتنديد بإخفاء الشاعر عبدالرحمن يوسف.
وتزايدت المخاوف على حياة ومصير الشاعر المصري، مع تداول أنباء عن ترحيله بالفعل من أبوظبي إلى القاهرة، التي أكد نشطاء وصحفيين مصريين أنها تقوم بعمل إطار قانوني لعملية التسليم عبر إقرار البرلمان لاتفاقية التسليم بين البلدين.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه حقوقيون أن احتجاز الإمارات عبدالرحمن يوسف، وإخفائه قسريا، غير قانوني كونه ليس مواطنا إماراتيا، ولم يرتكب جريمة على أرض الإمارة العربية إلا أن حكومة القاهرة، تستند إلى حكم قضائي صادر ضده، كواحد من بين آلاف الأحكام التي يصدرها القضاء المصري ضد معارضيه منذ العام 2013، والتي تصفها منظمات حقوقية بالقضايا المسيسة والأحكام الصادرة في غير إطار من القانون.
وكانت "الدائرة 21 إرهاب" قد قضت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، بحبس عبدالرحمن يوسف غيابيا مدة 3 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، كما أيدت محكمة النقض المصرية في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، حكم الحبس المشدد 3 سنوات ضده فيما يُعرف إعلاميا بقضية "إهانة القضاء".
وفي بيان لها، رفضت حملة أصدقاء يوسف، الذي يحمل الجنسية التركية محاولة البرلمان المصري تفصيل اتفاقيات بهدف تسليمه لمصر، محذرة من انتهاك حقوقه وتعريض حياته للخطر، مطالبة الإمارات بالإفراج الفوري عنه والسماح له بالعودة إلى تركيا، داعية للتكاتف الحقوقي لمنع إتمام عملية التسليم المتوقعة.
وربط الكاتب والإعلامي قطب العربي بين التنكيل بالقرضاوي، وبين دوره في ثورة يناير 2011، مؤكدا عبر صفحته بـ"فيسبوك"،أن الشاعر المصري هو مذيع الثورة الأول ، وأنه من افتتح إذاعة الثورة من ميدان التحرير ليلة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
وفي 15 كانون الثاني/ يناير الجاري، ناشدت أسرة عبدالرحمن يوسف، سلطات أبوظبي، السماح لها ولبناته الصغار ولمحاميه بالتواصل معه، وضمان حصوله على كافة حقوقه القانونية مع تقديم ضمانات بشأن سلامته خاصة ما يثار عن تعرضه للتعذيب، مؤكدة أنه "ليس مدانا بأي جريمة في الإمارات".
وطالبت 28 منظمة حقوقية بالإفراج الفوري عن القرضاوي الابن، محملة السلطات الإماراتية مسؤولية سلامته، مطالبة السلطات التركية باتخاذ خطوات عاجلة والضغط الدبلوماسي لمعرفة مصيره والعمل على إطلاق سراحه في أسرع وقت "خاصة في ظل سجل الإمارات المعروف بانتهاكاته بحق سجناء الرأي وممارسة التعذيب ضدهم"، وفق البيان.
وفي تموز/ يوليو 2022، كشف معتقلون في الإمارات سابقا أمام لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة عما تعرضوا إليه من جرائم تعذيب أثناء احتجازهم.
وتحدث سياسيون ونشطاء معارضون مصريون، مع "عربي21"، حول ما لديهم من معلومات حول وضعه في الإمارات، واحتمالات تسليمه لمصر، ومدى تأثر ذلك الأمر على الحراك في الشارع المصري.
"هناك مؤشرات وأيضا موانع"
وفي قراءته قال السياسي والإعلامي المصري الدكتور حمزة زوبع، لـ"عربي21": "نعم هناك مؤشرات ودوافع على إمكانية أن تفجير قضية نجل القرضاوي بركان غضب ضد نظام القاهرة، لكن هناك موانع".
وأضاف زوبع لـ"عربي21": "نحن أمام ما يُعرف بمصانع الغرب المتراكم"، مؤكدا أن "الثورات لا تقوم لسبب واحد، ولكن كما يقال في مجال الطب مريض تكتشف أمراضه المزمنة مع حدوث عارض مرضي كنزلة برد، في حالة حادة على قمة بعد حالة مزمنة".
ولفت إلى أن "الوضع المصري مزمن؛ وكل مرة تتفجر قضية يأمل الناس أن هذه القضية أو هذا الملف هو الذي سيفجر الغضب والثورة أو سيحدث شيئا كبيرا، ولكن هذا النظام أصبح جلده سميكا، صحيح أن لديه حساسية ويشعر بعدم الأمان، ولكنه يطبق ذات الكتالوج ويتعامل بطريقة الإدارة بالأزمات، وليس إدارة الأزمات التي تعني علاج الأزمة، ولكن الأولى هي خلق أزمة".
ويرى أن "أزمة اختطاف الشاعر المصري ليست أمرا سهلا على الإمارات ومصر إذا جرى ترحيله للقاهرة؛ لأن هناك كلفة يجري دفعها، رغم أن النظام المصري يبدو غير متأثر بتلك الكلفة، ولكنه يعرف أنه غير مستمر للأبد، ويترك للبلد دفع تلك الفواتير".
وأشار إلى أنه "مع أن ردود الفعل كثيرة وقائمة وما زالت؛ ولكن لاحظ أنك تتعامل هنا مع الإمارات المدعومة من اللوبي الصهيوني، ومن الأمريكان، ولديها مال كثير تصرفه على دول لاختطاف قرارها، كأن تسلم لبنان يوسف، للإمارات وهو غير إماراتي، ومع توقع اتفاقية مع مصر لتسليمه إلى القاهرة، وكأننا صرنا عزبة من عزب الإمارات".
وأعرب عن أسفه من أن "مصر لم يعد لها سيادة على قرارها؛ ففي ما يخص التعامل مع الثورة والثوار والإخوان المسلمين فالقرار للإمارات وإسرائيل، وما تقوم به إسرائيل في الضفة وغزة هو ذات ما تقوم به مصر، وهذا ما قُلته منذ عهد حسني مبارك، فهي مدرسة واحدة تريد إقصاء كل صوت إسلامي لكنها اتسعت لتشمل كل صوت معارض".
وخلص زوبع، للقول: "وبالتالي أرى أن هناك حراك في مصر وهناك أناس غاضبة، وهناك مؤشرات تتمثل في عملية التدوين الواسع للمصريين، ولكن السؤال: متى اللحظة التي تنطلق فيها الشرارة؟"، ملمحا إلى وجود "موانع مثل أنك تواجه دولا وأموالا طائلة".
"ثورة غير سانحة"
وقال القيادي بحزب "الحرية والعدالة" المصري الحاكم سابقا، محمد سودان: "حتى الآن ليست هناك معلومات عن تسليم الإمارات يوسف، لمصر".
وأكد لـ"عربي21"، أن "يوسف، مواطن تركي توجه من إسطنبول إلى دمشق، كغيره من الإعلاميين بعد إسقاط الأسد، واعتقال سلطات بيروت له إجراء غير قانوني ينافي القانون الدولي، وتسليمه بهذه الطريقة المهينة للإمارات سبة في جبين حكومة لبنان".
وعن اعتبار الحراك الناتج عن توقيف يوسف، فرصة يمكن أن تستغلها المعارضة المصرية للانتفاض ضد السيسي، لا يظن سودان، أنه "أمر يُجدي نفعا مع نظام مستبد، خاصة وأن السيسي، منشغل الآن بأوامر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتهجير الغزيين إلى سيناء، والعودة لتنفيذ مشروع صفقة القرن".
ويعتقد أن "الظروف الحالية ليست سانحة لثورة ضد السيسي، إن لم ينقلب الجيش عليه بأوامر أمريكية، وحينها سيحتاج الجيش إلى دعم شعبي، كما فعلوها في انقلاب كانون الثاني/ يناير 2011، وكذا في انقلاب تموز/ يوليو 2013".
وعلى الجانب الآخر، يرى السياسي المصري، أن "الشعب المصري في حالة كبت شديدة؛ ولكن القهر والقبضة الحديدية والظلم الذي يعيشه تحت وطأة النظام العسكري والبوليسي بدعم قضائي داخلي ودعم إقليمي ومحلي ودولي يصعُب معه قيام ثورة الآن، مهما عظمت أخطاء السيسي، وفشله، والفساد المستشري عبر عصبة كبار الضباط ورجال الأعمال".
"جريمة في حق الثورة"
وأكد الناشط السياسي والحقوقي المصري حسام المتيم، أن "توقيف واختطاف شاعر الثورة من قبل الدولة اللبنانية وتسليمه بلا سند قانوني لدولة الإمارات التي لا يحمل جنسيتها لهي جريمة غير مقبولة في حق مصر الثورة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "الإمارات على رأس محور الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، وعليه فهناك مخاوف شديدة على صحة يوسف، عند الوضع في الاعتبار تعمد سلطات أبوظبي إخفائه قسريا منذ تسلمه من لبنان، ومع سجلها الحافل بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خاصة مع النشطاء السياسيين والحقوقيين".
ويعتقد المتيم، أنه "على المعارضة المصرية بالداخل والخارج بدء حملات ضغط قانونية وإعلامية وحقوقية للإفراج عن الشاعر يوسف، ليس فقط لكونه يستحق الحرية كأبسط حقوقه بل ولكونه من رموز الثورة على الطغيان ورفض الظلم، وقد كان بمقدمة صفوف ثوار مصر 25 يناير 2011".
وقال إنه "على المعارضة المصرية تدشين حملة موحدة ومنظمة ومخاطبة منظمات حقوق الإنسان الدولية والهيئات الدولية التي تمثل الكتاب والصحفيين للضغط على الإمارات لإطلاق سراحه كونه لم يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون"، مبينا أن "حبسه قسريا يزيد من احتمالية تعرضه لتعذيب بدني ونفسي شديد ويشكل خطرا على صحته وسلامته بل وحياته".
"عادت شعارات يناير"
ويرى الناشط المصري المقيم في أمريكا سعيد عباسي، أن "الأوضاع بمصر مشتعلة بالفعل من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية"، مؤكدا أن تقييد الحريات، والقمع بجميع الأصعدة يساعد بإشعال الثورة، ودليل ذلك هشتاغ (#جاك_الدور_يادكتاتور) الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وأصاب إعلام السيسي بهيستيريا الخوف من ثورة".
وأضاف لـ"عربي21": "فاختطفت الإمارات ليوسف من لبنان، ويعلم الجميع أنها من تتحكم في مصر، وليس من مصلحتها زعزعة نظام السيسي، وأمام النظام القمعي الإماراتي انتفض الأحرار أمام سفارة أبوظبي بأمريكا، وبالتعاون مع منظمات أمريكية وعربية تجمعنا الأسبوع الماضي بواشنطن، وتظاهر أحرار أوروبا أيضا أمام سفارات الإمارات مطالبين بالحرية للشاعر المصري".
وأكد أن "ما فعلته الإمارات معه جدد رغبة الاتحاد تحت شعارات 25 يناير: (عيش، حرية، عدالة اجتماعية)، والحراك قائم بمنصات التواصل الاجتماعي، وعلى الأرض، وباحتجاجات بريدية بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان العالمية".
ولفت عباسي، إلى أنه "بالرغم من هذا ينشغل برلمان السيسي بملاحقة المعارضين بدلا من التركيز على حل مشكلات المصريين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد تكون القشة التي قصمت ظهر البعير، والخلاص من الانقلاب العسكري".
وختم مؤكدا أنه "ليس هناك داعي للفرقة، فالانقلاب العسكري ينكل بالجميع، ونحن في الخارج لن نكف ولن نمل حتى الخلاص من الحقبة السوداء وأسوأ مراحل تاريخ مصر الحديث".