بداية صحوة في تونس؟
أسئلة تشكّل بداية صحوة ومساءلة لنخبة بقيت تتفرج على قتل ديمقراطيتها يوماً بعد يوم بسبب حسابات خاطئة، بيّنت الأيام زيفها وسذاجتها.
يسوء الوضع يومياً اقتصادياً وسياسياً وتضيق المحاكم بملاحقات وقضايا الرأي ويتوسع الخوف، بينما يمضي الرئيس نحو تثبيت حكمه غير عابئ بأحد.
يبقى السؤال الأهم متعلقاً بالعلاقة داخل المنظومة السياسية في تونس، وخصوصاً مع الإسلاميين، وينبغي طرح هذه الأسئلة بوضوح على الطاولة وحسمها نهائياً.
مطلوب خطاب ديمقراطي واضح لا يُقصي الخصم ولا يُلغي الصراع ولا يعزل الديمقراطية عن المضمون الاقتصادي والاجتماعي ويرفض معادلة الخبز أو الحرية؟
ارتباك ليلة 25 يوليو 2021 داخل المنظومة السياسية يظهر عدم إدراك الأولويات والوضع الحالي ونتائجه ربما حرّك هذا الوعي، فهل هي بداية صحوة في تونس أم هي مجرد لحظة عابرة؟
* * *
يسوء الوضع في تونس يوماً بعد يوم، اقتصادياً وسياسياً بالخصوص، تضيق المحاكم بالملاحقات وقضايا الرأي، ويتوسع الخوف كل يوم، بينما يسير الرئيس قيس سعيّد في طريقه إلى تثبيت حكمه غير عابئ بأحد.
ولكن جمهور المدافعين عنه يتضاءل، إذ فشل في كل المحطات التي دعا إليها التونسيين منذ انقلابه على الدستور في يوليو/تموز 2021، وحتى من كان يتوقع ربحاً ما من هذا الانقلاب وصمتَ على الظلم، بدأ يعي حجم المأساة التي شارك فيها وإن كان بالصمت.
وبعد كل هذه الفترة، شرع بعض النخبة في تونس في طرح الأسئلة الحقيقية، أسئلة الديمقراطيّة والحرية، وليس أسئلة السياسة والأحزاب والحسابات التي شجعت الانقلاب على التمادي في مسيرته واستهداف المعارضين واحداً بعد الآخر.
والسبت الماضي، نظّمت جمعيات تونسية ندوة مهمة، كان عنوانها واضحاً ومباشراً "الاستبداد الناشئ: تناقض الخطاب والممارسة، وأزمة القوى الديمقراطيّة".
ومن بين ما تضمّنته الورقة المقدمة للندوة أسئلة هامة، أهمها "كيف يمكن صياغة خطاب ديمقراطي واضح ومسموع، لا يُقصي الخصم ولا يُلغي الصراع، ولا يعزل الديمقراطية عن مضمونها الاقتصادي والاجتماعي؟ ما السبيل إلى فضح زيف معادلة الخبز أو الحرية؟".
وحاولت الندوة ما قالت إنه إلقاء "حجر في المياه الراكدة... وتشخيص نظام الحكم وسياساته وفضح نفاقه، وكذلك مساءلة أنفسنا أمام المرآة. فإذا كان التخلي عن ممارسة حرياتنا إزاء سلطة الخوف أقصر طريق لفقدان ما تبقّى منها، فإن مجابهة هذا الاستبداد الناشئ ستبقى عقيمة، ما لم يصحبها جُهد فكري وتقييم نقدي ونقاش صريح".
تبدو الأسئلة صحيحة وموضوعية، وقد تشكّل فعلاً بداية صحوة ومساءلة لنخبة بقيت تتفرج على قتل ديمقراطيتها يوماً بعد يوم بسبب حسابات خاطئة، بيّنت الأيام زيفها وسذاجتها. ولكن يبقى السؤال الأهم متعلقاً بالعلاقة داخل المنظومة السياسية في تونس، وخصوصاً مع الإسلاميين، وينبغي طرح هذه الأسئلة بوضوح على الطاولة وحسمها نهائياً.
ليس من شك في أن هناك مراجعات ضرورية على كل الأطراف أن تقوم بها سريعاً، ولكن عميقاً وبشكل ينهي الجدل في هذا الخصوص مرة واحدة، ويُفضي إلى تحديد أولويات الجميع بشكل لا لُبس فيه، وعلى رأسها حماية الديمقراطية وصندوق الانتخابات الشفاف، قبل كل شيء.
ما حدث من ارتباك ليلة 25 يوليو 2021 داخل المنظومة السياسية في تونس يدل بشكل واضح على عدم إدراك للأولويات، وقد يكون الوضع الحالي ونتائجه حرّكت هذا الوعي، فهل هي بداية صحوة في تونس أم هي مجرد لحظة عابرة؟
*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تونس صحوة الاستبداد الإسلاميين انقلاب المنظومة السياسية قيس سعيد حسابات خاطئة
إقرأ أيضاً:
لقاء توعوي لدعم الإبداع والابتكار في جنوب الباطنة
نظّمت وزارة العمل، ممثلة بفريق إدارة مشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، لقاء توعويا بالتعاون مع مكتب محافظ جنوب الباطنة، وجاء برعاية سعادة الدكتور حمود بن علي بن حميد المرشودي، والي العوابي.
وأكدت الدكتورة زمزم بنت سيف اللمكية، مديرة مشروع المنظومة الوطنية لبناء القدرات وإدارة المواهب، أهمية هذه المنظومة في بناء جيل قادر على الإبداع والابتكار، مشيرة إلى ارتباطها بمؤشرات "رؤية عُمان 2040" وأهدافها الطموحة في تمكين الموارد البشرية الوطنية وتأهيلها للمنافسة في مختلف المجالات التنموية.
وأوضحت أن المنظومة تسعى إلى توحيد الجهود الوطنية في اكتشاف المواهب ورعايتها، وتعزيز بيئة داعمة للإبداع والابتكار، بما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويؤسس لاقتصاد قائم على المعرفة والكفاءات الوطنية.
ناقش اللقاء ورقة عمل حول أهمية اقتصاد المعرفة ودور اقتصاد الموهبة في بناء المجتمعات الحديثة، إذ يُعد الاستثمار في الموهوبين وتنمية قدراتهم من الركائز الأساسية لتحقيق اقتصاد مستدام ومتطور. ولهذا، تعتمد الدول المتقدمة على رأس المال البشري الموهوب كعنصر رئيسي لدفع عجلة الابتكار، مما يستدعي تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات لدعم أصحاب المهارات الاستثنائية، وتهيئة بيئة ملائمة تمكنهم من الإسهام بفعالية في التنمية الوطنية.
وشمل اللقاء عرضا تناول أهمية المقياس الوطني للكشف عن الموهوبين وآليات التعرف عليهم، حيث يُعد هذا المقياس أداة علمية دقيقة لرصد المهارات الفريدة لدى الأفراد وتوجيههم نحو المجالات التي تتيح لهم تحقيق أعلى مستويات التميز والإبداع، وقد تم التأكيد على أن بناء منظومة متكاملة لدعم المواهب يُسهم بشكل مباشر في تعزيز اقتصاد المعرفة، إذ يسهم الموهوبون في تطوير الابتكارات والحلول الإبداعية، مما يعزز تنافسية سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والعالمي.
واختُتم اللقاء بجلسة نقاشية تفاعلية، شهدت تبادلا واسعا للآراء والأفكار حول سبل تطوير المنظومة الوطنية لتنمية القدرات وإدارة المواهب، إلى جانب آليات تعزيز دور الجهات الحكومية والخاصة في رعاية الموهوبين، وأكد المشاركون أهمية تبنّي استراتيجيات واضحة ومستدامة لدعم الكفاءات الوطنية، وخلق بيئة محفزة للإبداع، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة.
يأتي هذا اللقاء ضمن سلسلة الجهود الوطنية الهادفة إلى تمكين الكفاءات العمانية وتعزيز دورها في بناء مستقبل مستدام ومزدهر، انسجاما مع توجهات "رؤية عُمان 2040"، التي تضع الاستثمار في الإنسان في صميم مسيرة التنمية والتقدم.