الثورة نت:
2025-01-03@12:23:36 GMT

في قبضة الفكر الشمولي

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

 

النظرة الشمولية في الفكر والسياسة مكمن خطر شامل على حياة الفرد والمجتمع، وأهم أسرار عدم الاستقرار في البلدان المتخلفة، ونقصد الاستقرار المبني على أسس واضحة للسلام مشتقة من موجبات نظرية العقد الاجتماعي المؤسس للشرعية الدستورية التي تتقلص بموجبها مظاهر الاستبداد والتسلط ويتسع نطاق المطالبة بالحرية والعدالة، والخطر دائما ليس في الفكر – أي فكر – ولكنه في محاولة تحويل أي نظرية فكرية إلى برنامج عمل لسلطة ما تعتبر نفسها وصية على المجتمع، وهو عمل يمارسه كل المتسلطين في العالم بمختلف الصور والأشكال والادعاءات، ومن عجائب هيمنة قبضة الممارسات الشمولية الفولاذية المحكمة المتحكمة بحياة البشر – خاصة في البلدان التي يهيمن فيها الجهل ويساعدها في تقبل القرارات العشوائية التي تطال كل جوانب حياتنا أو معظمها – رأينا ذلك على سبيل المثال في حشد غالبية أبناء الجنوب والشمال للاندفاع العاطفي نحو الوحدة الاندماجية عام 1990م، الذي بني على الغريزة لا العقل لأن من يدير لعبة السياسة بروح التآمر والمصالح الشخصية غير المشروعة اعتمد على مخاطبة العاطفة الغوغائية القابلة للتحشيد، وحين اتخذ قرار الوحدة على ذلك النحو المتسارع فتغلبت العاطفة على العقل والحكمة وضاع الاهتمام ببناء وحدة قوية عصية على أي شكل من أشكال التآمر، ونفس النزعة مارسها ويمارسها اليوم من يدير نفس اللعبة السياسية، بمخاطبة غريزة الدعوة للانفصال بعد التجربة المريرة للوحدة الاندماجية الغوغائية لتصبح الغريزة نفسها سلاح الغوغائيين في الدعوة للانفصال وأبرز حاملي هذا السلاح قادة ما يسمى الانتقالي، ولهذا يعلنون – بين حين وآخر وبكل صفاقة – تبعيتهم للإمارات، ومن يتفحص تاريخ القسم الأكبر منهم يجدهم ممن شاركوا في الحشد الغوغائي للوحدة الاندماجية ودعوا إليها، إنها حالة من انعدام اللياقة وصلت حد التنصل عن أي صلة للجنوب اليمني باليمن.


لم أكن ممن استبشروا بالوحدة الاندماجية الغوغائية ورقصوا لها، وقد عبرت حينها عن رأيي كتابة وشفاهية في كل ندوة وحلقة نقاش شاركت فيها قبل أو بعد الحدث، ما أغضب بعض الفرحين الذين لا يحبهم الله، وليس لهم بالعقل علاقة، وقلت حينها: إن الوحدة الاندماجية بهذا الشكل ليست إلا كميناً ضد الوحدة الحقيقية التي تحتاج لسلطة سياسية ونخب بمستواها، فاعتبرني بعض دعاة التفاؤل والوحدة بأي ثمن متشائما موتورا من النظام الذي تصدَّر الدعوة إليها، بل وذهب بعض الجنوبيين الوحدويين جداً في ندوة أقامها اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع عدن وشارك فيها الأستاذ الوحدوي المناضل عمر الجاوي الذي قدم ورقة مضمونها ضرورة تحقيق الوحدة اليمنية في ظل أي نظام سياسي، وكاتب هذه السطور، حيث قدمت ورقة تحدثت فيها عن الآثار السلبية للثغرات التي تضمنها دستور دولة الوحدة وأنها تشكل خطراً على مستقبل الوحدة وأهم تلك الثغرات عدم تضمين الدستور الضمانات الكافية لحماية التعددية السياسية والحزبية التي قامت على أساسها الوحدة وضمان التداول السلمي للسلطة وتقليص سلطات الرئيس، ما دفع بعض المتداخلين إلى وصفي بالانفصالي المعارض المعادي للنظام في الشمال الذي اعتبروه منقذا لهم بالوحدة، هذه الديماغوجية تدعو للوقوف بمسؤولية أمام كل القضايا الوطنية وفتحها للنقاش بشجاعة ومسؤولية وحكمة، ومن ذلك: الوحدة – الثورة – أسباب هيمنة النظرة الشمولية على مركز القرار، ومبتدأ الحكمة تحصين الوحدة بالبناء المؤسسي للدولة وعدم الاستسلام لحكم الفرد والحكم الشمولي المستبد أيا كان نوعه ولونه.
وحدة اليمن بالتأكيد خيار كل من يدرك أهميتها في عالم اليوم القائم على تجميع القوى وحشد الطاقات وتوحيد الجهود والإمكانات في سبيل توسيع التفاهمات الإنسانية، تمهيداً لإيجاد نظام عالمي يؤمن بالتعددية الفكرية والثقافية والسياسية وحقوق الإنسان كوثيقة معاصرة ويسندها ويحميها باعتبارها إلى جانب ميثاق الأمم المتحدة نواة النظام العالمي المنشود.
الخطاب الواعي الجامع يعتمد على العقل والمنطق ويبني عليه المشروع الوطني القابل للبقاء والثبات الهادف إلى تحقيق السلام والوئام بين فئات المجتمع، وهو طريق الأمن والاستقرار، أما القبضة الأمنية الحديدية فليست سوى حالة أو محطة سياسية مؤقتة تخدم أجندة خاصة لفرد مستبد أو حزب أو جماعة مستبدة، فالعدالة تنافي الاستبداد وتناقضه بكل صوره وأشكاله، وأبرزها الحكم الملكي الوراثي أياً كان الأساس الذي يقوم عليه، فتوريث السلطة عدوان على فطرة الله، ولهذا فإن استخدام القوة المشروعة إنما يكون تنفيذا لمبدأ سيادة القانون وفي الحدود التي تحقق العدالة، وأي تجاوز لهذا المبدأ وهذه الحدود إنما هو اعتداء على حق الشعب في الحرية والعدالة والحياة الكريمة، وهي أكثر الجرائم شمولاً لأنها تمس كل فرد من أفراد المجتمع وكل مؤسسة من مؤسساته .
قصصت لنا بعض ما في ضميرك
قالوا تركت طريق الهداية
وخضت بحار التفلسف والزندقة
فماذا دهاك؟

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

بعد إقدامهما على حرق شجرة الميلاد.. شابان في قبضة قوى الأمن

 صدر عـن المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي ـ شعبة العلاقات العامّة البلاغ التّالي: "بتاريخ 24-12-2024 وفي محلة مستديرة النيني، أقدم مجهول على حارقة على شجرة الميلاد مما أدى الى احتراق قسم منها".

أضاف: "ونتيجة الاستقصاءات والتحريات التي قامت بها القطعات المختصة في قوى الأمن الداخلي، توصلت شعبة المعلومات إلى الاشتباه بتورط شخصين في عملية احراق الشجرة، وهما:

- ع. ر. ز. (مواليد عام 1998، لبناني) من أصحاب السوابق في مجال تعاطي المخدرات والكحول وافتعال المشاكل.

- و. ع. (مواليد عام 2003، لبناني)".

تابع: "بتاريخي 30 و 31-12-2024، وبعد عملية رصد ومراقبة دقيقة تمكنت دوريات الشعبة من توقيفهما في محلة باب الرمل.

بالتحقيق معهما، اعترف الأول بإقدامه على احراق شجرة الميلاد في محلة مستديرة النيني بناء على طلب الثاني الذي قام بإعطائه مبلغًا ماليًا لشراء المحروقات لإتمام فعلته. وصرح الثاني انه اتفق مع الأول على احراق الشجرة.

 أجري المقتضى القانوني بحقهما وأودعا المرجع المعني بناء على إشارة القضاء".

مقالات مشابهة

  • سارق ملفات سجن صيدنايا في قبضة الأمن السوري
  • بعد إقدامهما على حرق شجرة الميلاد.. شابان في قبضة قوى الأمن
  • اليوم.. ذكرى وفاة أيقونة الفكر والفن الكاتب الكبير وحيد حامد
  • بالفيديو.. ذكرى وفاة أيقونة الفكر والفن الكاتب الكبير وحيد حامد
  • ذكرى وفاة أيقونة الفكر والفن الكاتب الكبير وحيد حامد
  • الأثر الرجعي لطبقات ود ضيف الله: دورها في تقييد الفكر وتجذير الخرافة
  • بوابة الدموع في قبضة رُبان السفينة
  • تقرير بريطاني ينفي إعطاء"مكافآت نقدية" للعائلات التي تنهي حياة كبار السن فيها بالقتل الرحيم
  • تعرف على المدن التركية التي يعيش فيها الناس أطول عمراً؟
  • المؤتمر يوصي بدعم الابتكار في تصميم الأجهزة والتطبيقات التي تلبي احتياجات ذوي القدرات الخاصة