اعتبر العلماء أن شهر رجب هو شهر الاستعداد النفسى والبدنى والروحى لاستقبال شهر رمضان المعظم، وتتشوق نفوس المؤمنين إليه وتهب عليهم نسائمه، ويستشعرون قربه، حتى قيل: شهر رجب شهر الزرع، وشعبان شهر السقي للزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع.
ومن هنا يجب الاستعداد لرمضان فى شهر رجب، بالتوبة، والمبادرة بالأعمال الصالحة، والإكثار منها لكي يدخل الإنسان شهر رمضان وهو في أتم استعداد وقرب من الله (عز وجل).
يقول الشاعر:
بيِّض صحيفتك السوداءَ في رجب
بصالح العمل المنجي من اللهب
شهـرٌ حرامٌ أتى من أشهر حرم
إذا دعـا اللهَ داع فيه لم يخب
طوبى لعبد زَكَى فيه له عملٌ
فكف فيه عن الفحشاء والريب
وقد اختص الله تعالى أمة نبيه وحبيبه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بنفحات في أيام الدهر، لكي تتعرض لها الأمة فتزيد من حسناتها.
ومن هذه الأيام المباركات، شهر رجب الذى عظمه الله تعالى، وجعله من الأشهر الحرم، وحذر سبحانه وتعالى من وقوع المعصية فيه، فإنها ليست كالمعصية في غيره، والظلم فى الشهر الحرام يعد أعظم خطيئة، فإذا كان الثواب يضاعف فيه على الطاعة، فإن العقاب يضاعف أيضا على المعصية.
يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَات فَتَعَرَّضُوا لها، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا".
ومن هذه النفحات الأشهر الحرم، التي أمر الله سبحانه وتعالى بتعظيمها وإجلالها، يقول تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أنفسكم".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ".
فينبغي على المسلم أن يكون في هذه الأشهر الحرم أكثر ابتعادا عن الذنوب والآثام، فيبتعد عن ظلمه لنفسه أولا، ثم يبتعد عن ظلمه لغيره بالاعتداء عليهم وسفك دمائهم، أو أكل أموالهم وحقوقهم بالباطل، أو الخوض فى أعراضهم وتتبع عوراتهم وإفشاء أسرارهم وإلحاق الأذى بهم.
وفى شهر رجب حدثت معجزة عظيمة ألا وهى الإسراء والمعراج: رحلة أرضية، ورحلة سماوية، الأولى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والثانية من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى.
وقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج تخفيفا وتسلية لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لما مات عمه وزوجه السيدة خديجة بنت خويلد - رضى الله عنها وأرضاها -، ولما عرض النبى - صلى الله عليه وسلم - نفسه على الطائف، فرفضوا دعوته، ورموه بالأحجار، وأغلقت الأبواب فى وجهه، فجاءت الرحلة المباركة، وكأن الله تعالى يقول: إذا كانت الأبواب قد أغلقت أمامك فى الأرض، فإن أبواب السماء مفتوحة أمامك يا محمد، لذا فتعد هذه الرحلة المباركة، أعظم تكريم للنبى - صلى الله عليه وسلم -، حتى أن أمين الوحى جبريل عليه السلام قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -: وما منا إلا وله مقام معلوم، فأنت إن تقدمت لاخترقت، أما أنا لو تقدمت لاحترقت، وناداه ربه عزوجل: أنت فى مكان لم يصل إليه غيرك، لاجبريل ولا غيره.
وفى هذه الرحلة أيضا كان أعظم تكريم لأمة حبيبه محمد، إذ فرض الله عليها الصلاة، وجعلها خمسا فى العمل، وخمسين فى الأجر.
اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان، لا فاقدين ولا مفقودين، وأدم علينا نعمة الأمن والأمان، واحفظ مصرنا من كل خوان معتد أثيم، وارفع عنا الغلاء يارب العالمين، اللهم آمين.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم شهر رجب
إقرأ أيضاً:
هل صحيح أن الدعاء يوم الأربعاء مستجاب؟.. داعية يجيب
هل صحيح ان الدعاء يوم الاربعاء مستجاب ؟.. يتساءل كثيرون متى يكون الدعاء مستجاب يوم الأربعاء؟، وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث عن فضل يوم الأربعاء؟، قال الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، إن هناك ساعة لو حرص عليها المسلم فى الدعاء واغتنمه استجاب الله له.
وأوضح “أبوبكر”، فى فيديو له منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن هناك ساعة إجابة أخرى لا يعرفها كثير من المسلمين غير ساعة الإجابة في يوم الجمعة، فهناك ساعة لو حرص عليها المسلم ووقت لو اغتنمه المسلم في الدعاء لاستجاب الله لدعائه.
هل صحيح ان الدعاء يوم الاربعاء مستجاب ؟وتابع: أنه عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان للنبي دعوة يريد أن تجاب وكان يتمنى أن يتم تحقيقها، فذهب في أحد أيام الأثنين إلى مسجد الفتح ما بين الظهر والعصر فعاد فلم يجب، فذهب الثلاثاء إلى المسجد في نفس التوقيت فلم ينل الإجابة أيضًا، وهكذا في اليوم التالي، ففي اليوم الثالث وهو الأربعاء ورأوا على وجهه البشرى بأن الله قد استجاب دعوته، قائلاً: "يعني لو عندك دعوة عايز تحققها اغتنم هذا الوقت في يوم الأربعاء من الظهر إلى العصر" مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى استجاب لنبيه في هذا التوقيت.
فيقول جابر بن عبد الله إنه لم ينزل به أي أمر مهم وغليظ إلا توخى تلك الساعة حتى ينال إجابة الله سبحانه وتعالى.
وأشار الى أنه على كل من يريد أن يحقق الله له شيئًا أو يصرف عنه همه أن يتوجه إلى الله يوم الأربعاء بين الظهر والعصر ويدعو فسوف يتلقى إجابة الله كما نقل إلينا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله.
6 أوقات يستجاب فيها الدعاءقالت دار الإفتاء المصرية، إن هناك 6 أوقات يستجاب فيهم الدعاء على المسلم إغتنامهم، ودعاء العبد مستجاب ولا مفرّ من ذلك، فقد قال الله تعالى في كتابه: {ادعوني استجب لكم}؛ لذلك لا يعني تأخر العطاء مع الإلحاح بالدعاء وعدم الاستجابة اليأس؛ فإن الله - سبحانه وتعالى- يحب أن يسمع صوت عباده وهو يدعونه.
وأضافت دار الإفتاء، فى منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن أوقات إستجابة الدعاء، هي ليلة القدر ويوم عرفة وشهر رمضان، وليلة الجمعة ويوم الجمعة وساعة الجمعة.
أسرار استجابة الدعاءمن أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وليسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مقبولة والله سبحانه وتعالى أكرم أن يرد ما بينهما.
الدعاء لا يشترط فيه الصلاة على النبي، ولكن ورد أن الصلاة على النبي في أول الدعاء وفي آخره، أرجى لأن يقبل الله ويستجيب لصاحبه.
ومن الممكن أن نقول في بداية الدعاء "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم صل على سيدنا محمد ، ويكمل الدعاء" وفي نهاية الدعاء يقول "وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".