الهجوم على القاعدة الأميركية... وقواعد اللعبة الإقليمية

ستُرسم المرحلة المقبلة على وقْع عمليات تبادل الرسائل الصادرة عن الأطراف المختلفة ومحاولات الاحتواء والوساطة.

هل سيعتبر الهجوم على البرج 22 متغير جوهري في انتشار الصراع إقليمياً أم أنّه تكتيكي مرتفع المستوى مقارنةً بأحداث سابقة؟

فوجئ الأردن بتصعيد على حدوده الشمالية لحرب المخدرات والتهريب، ودخل الجيش بمواجهات غير مسبوقة مع تجار المخدرات.

هل تعتبر إيران ما حدث تكتيكا على هامش حرب غزة أو ما يسمّى "جبهات الإسناد" أم ردّ على قتل قيادات إيرانية عسكرية وأمنية بارزة، بخاصة في سورية قبل أيام؟

هل يتجه رد الفعل الأميركي هذه المرّة لتوجيه ضربة مباشرة لإيران؛ مما سيؤدّي إلى ردود فعل أخرى أكبر ستحدّد طبيعتها منحنيات تطوّر الصراع العسكري لاحقاً؟

رغم وجود آلياتٍ قويةٍ ضد تحوّل الاشتباكات إلى صراع إقليمي، فإنّ تدحرج ردود الفعل الكمّية قد يؤدّي لنقطة تحوّل، قينزلق الجميع لصراع إقليمي له حسابات استراتيجية أعلى من المرحلة السابقة.

* * *

لم تتضح بعد تفاصيل هجوم مسيّرة على قاعدة أميركية على الحدود الأردنية السورية، الواضح حتى اللحظة أن الخسائر الأميركية ثلاثة عسكريين قتلى و34 جريحاً، في حين ما زال اللغط والجدل محتدماً إعلامياً وسياسياً في تعريف موقع البرج 22 الذي جرى استهدافه، بشأن ما إذا كان على الحدود الأردنية - السورية، أم داخل الأراضي الأردنية أم السورية!

السؤال الأكثر أهمية الآن عمّا إذا كان هذا الهجوم سيعتبر بمثابة متغير جوهري في انتشار الصراع إقليمياً أم أنّه تكتيكي مرتفع المستوى مقارنةً بالأحداث السابقة؟ سيرتبط الجواب بالردود المتتالية؛ ما إذا كانت ستأخذ طابعاً تكتيكياً، مثلما حدث سابقاً.

أي أن تقوم القوات الأميركية، على سبيل المثال، بردود فعل تستهدف المليشيات العسكرية الموالية لإيران (باتت تطلق على نفسها المقاومة الإسلامية في العراق) في سورية أو في الداخل العراقي أم أنّ رد الفعل الأميركي هذه المرّة سيتجه إلى توجيه ضربة مباشرة لإيران؛ وهذا بطبيعة الحال سيؤدّي إلى ردود فعل أخرى أكبر ستحدّد طبيعتها منحنيات تطوّر الصراع العسكري لاحقاً.

من الصعوبة حسم الجواب على السؤال السابق، لكن الاحتمالان قائمان في قراءة أولية؛ والهجوم عقّد مواقف الأطراف الرئيسية المعنية بالموضوع ووضعهم على حافّة قراراتٍ خطيرة.

بالنسبة للإدارة الأميركية، من الواضح أنّها لا ترغب بتطوّر الصراع واتخاذه طابعاً إقليمياً، وعملت جاهدة على بعث رسائل متعدّدة بأهمية "عدم توسيع رقعة الصراع"، وعملت على ضبط الأطراف المعنيّة، خصوصاً ما يتعلق بجبهة حزب الله - إسرائيل، وحتى في مستوى الردود التكتيكية على "التحدّي الحوثي" في البحر الأحمر.

غير أنه يصعب، هذه المرّة، تصوّر ردود مشابهة، بخاصة في خضم الحملات الانتخابية وتصاعد المزايدات السياسية في واشنطن، والصورة المهزوزة للرئيس جو بايدين، فمن المؤكّد أن التفكير سيكون بأهدافٍ مؤلمةٍ أكثر واستراتيجية أكبر، لكن ليس واضحاً ما إذا كانت طهران نفسها ستكون هدفاً، ما يغيّر قواعد اللعبة بدرجة أكبر أم ستكتفي بضربات قاسية للمليشيات واصطياد قيادات فيلق القدس!

على الطرف الآخر، أظهرت إيران أنّها هي الأخرى تتجنّب الانزلاق إلى مواجهة شاملة وكبيرة مع الولايات المتحدة، واستعاضت عن ذلك بحروب الوكالة والاشتباكات المحدودة والمشاغلة والمشاغبة.

لكن السؤال: هل تعتبر طهران ما حدث جزءاً من التكتيكات التي تقوم بها على هامش حرب غزة أو ما يسمّى "جبهات الإسناد" أم أنّه ردّ على قتل قيادات إيرانية عسكرية وأمنية بارزة، بخاصة في سورية قبل أيام؟

وهل لدى طهران مخطّط واضح في حال تعرّضت لضربة أميركية بالرد مباشرةً، ما يشعل المنطقة، أم أنّها ستقوم بردود فعل إقليمية وتسخين أكبر وتتجنّب الدخول في مواجهة كبرى كأن توجّه ضرباتٍ أقوى للوجود العسكري الأميركي. وفي كلّ الحالات، من المستبعد أن تطوّر طهران ردّها ليصل إلى استهداف إسرائيل، إلّا إذا بدأت الأخيرة الضربات العسكرية؟!

يقف الأردن في موقف محرجٍ ومربك، فقد اتّخذ مواقف واضحة حاسمة، واعتمد ديبلوماسية تصعيدية غير مسبوقة ضد الحرب الإسرائيلية على غزّة، وشهدت علاقته بتل أبيب توتّراً غير مسبوق، إلا أنّه فوجئ بتصعيد على حدوده الشمالية لحرب المخدّرات والتهريب، ودخل الجيش بمواجهات غير مسبوقة مع تجّار المخدّرات، ومن المعروف أنّ هنالك نفوذاً إيرانياً على الحدود مع سورية، وأنّ هذه التجارة شبكة إقليميةٍ ترتبط بالمليشيات الموالية لطهران، وتمثل مصدراً مهماً لاقتصاد بديل في مواجهة العقوبات الأميركية.

يأتي هذا الهجوم ليضع الموقف الأردني بين حدّين متناقضين في حسابات الأمن القومي:

- الأول تهديد الحكومة اليمينية المتطرّفة في تل أبيب وتوجّهاتها الخطيرة، التي ينظر إليها الأردن بريبة وقلق؛

- الثاني الأمن على الحدود الشمالية والقلق من تصاعد التوتر والهجمات المتبادلة بما يضعه في مواجهة مع حلفاء إيران، الذين يستخدمون دعاية ضد إسرائيل وأميركا الداعم الأكبر لها، والتي وصلت سمعتها وصورتها لدى الرأي العام العربي، بخاصة الأردني، إلى درجة غير مسبوقة من الاستياء، وبوصفها مصدر التهديد الأول للأمن الإقليمي، كما أظهر استطلاع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أخيراً.

قبل أسابيع قليلة، سرّبت مصادر مقرّبة مما يسمّى حلف الممانعة أنّ المواجهات على الحدود الشمالية الأردنية ليست اعتباطية أو أمنية فقط، بل هي قرار سياسي إيراني بإشغال القواعد الأميركية والغربية على الحدود الأردنية - السورية، ومعروفٌ أنّ طهران تنظر إلى الأردن بوصفه خندقاً معادياً متقدّماً، ولا تستبعد الأردن ضمن قائمة الأهداف في حال حدثت مواجهات كبيرة، الأمر الذي يتطلب تفحّصاً ودراسة متأنيّة لتأطير إحداثيات الموقف الأردني خلال المرحلة المقبلة، والرسائل الأردنية في تعريف ما حدث وقراءته ضمن حسابات الأمن القومي.

لا تقلّ تعقيدات الموقف بالنسبة لكل من الحكومة العراقية والرئيس السوري بشّار الأسد، فالطرفان، رغم تحالفهما مع طهران، لا يرغبان بالدخول إلى حلبة الصراع، ويتجنّبان ذلك منذ البداية، ولديهم حساباتٌ مختلفةٌ تماماً عن طهران، وهي حال الحكومة اللبنانية التي تسعى إلى الضغط المستمر على حزب الله لعدم التورّط بصورة استراتيجية في الحرب الحالية.

ستُرسم المرحلة المقبلة على وقْع عمليات تبادل الرسائل الصادرة عن الأطراف المختلفة ومحاولات الاحتواء والوساطة؛ رغم وجود ميكانزماتٍ قويةٍ تقف أمام التحوّل إلى صراع إقليمي، فإنّ تدحرج ردود الفعل الكمّية قد يؤدّي إلى ما تسمّى نقطة التحوّل، أي أنّ الجميع ينزلق إلى صراع إقليمي له حسابات استراتيجية أعلى مستوى من المرحلة السابقة بأسرها.

*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق.

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران أميركا بايدن الأردن هجوم البرج 22 حزب الله القاعدة الأميركية فيلق القدس بشار الأسد التحدي الحوثي غیر مسبوقة على الحدود ردود فعل ر الصراع أم أن ه ما حدث

إقرأ أيضاً:

اتحاد التزحلق على الجليد: هدفنا نشر اللعبة في مصر..ونشكر القيادة السياسية الداعمة لكل الرياضيين

أشادت الدكتورة هبة جرجس رئيسية الاتحاد المصري لرياضة التزحلق على الجليد عن بالنتائج المميزة لمنتخب مصر الذى شارك مؤخراً ببطولة هلسنكي الدولية للتزحلق على الجليد.

وقالت جرجس أن النتائج مبشرة وهدفى المساهمة في تتويج الأبطال بميداليات دولية وعالمية ورفع العالم المصري في أهم المحافل الرياضية.

وكشفت رئيسة اتحاد التزحلق على الجليد أن اللاعبة صوفيا عوني بطله الجمهورية للتزحلق على الجليد شاركت مؤخرا في  بطولة فنلندا الدولية والتي أقيمت بفنلندا،  تحت مظلة الاتحاد الدولي  ونجحت صوفيا عوني في الحصول على المركز الخامس بمرحلة الناشئين  في البطولة التي شهدت مشاركة 18 دولة وهو إنجاز تاريخي في أكبر البطولات الدولية .

واعربت رئيسية الاتحاد المصري للتزحلق على الجليد عن سعادتها البالغة بحصول لاعبة منتخبنا الوطني على المركز الخامس بهذه البطولة مما يجعل مصر في الصدارة.


واضافت أنه لابد من مواصلة  السعي لتطوير هذه الرياضة الممتعة بشكل كامل ونشرها في جميع انحاء الجمهورية حيث أنها أول رياضة أولمبية شتوية في مصر.

وقدمت الدكتورة هبه جرجس الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي راعي الرياضة في مصر، وكذلك الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة لمجهوده الدائم الذي  يقدمه للرياضة المصرية.

طباعة شارك التزحلق الاتحاد المصري لرياضة التزحلق اشرف صبحي

مقالات مشابهة

  • اتحاد التزحلق على الجليد: هدفنا نشر اللعبة في مصر..ونشكر القيادة السياسية الداعمة لكل الرياضيين
  • الهند وباكستان.. هجوم كشمير يعيد شبح الحرب النووية إلى واجهة الصراع
  • هجمات متعددة على قوات تابعة للانتقالي في أبين
  • القواعد العسكرية لكيان العدوّ الإسرائيلي.. رعب متواصل من الفرط صوتي
  • نجم فرنسا السابق يهاجم ريال مدريد: «أفسدتم اللعبة الجميلة»
  • اللجنة الفنية لرياضة الشطرنج: وضع خطة عمل تهدف للارتقاء بالواقع الفني للعبة
  • توتر متصاعد بين الهند وباكستان.. وزير الدفاع الباكستاني يحذر من توغل عسكري وشيك
  • العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
  • استهداف “نيفاتيم” للمرة الثانية خلال يوم.. عجز صهيوني وقدرات يمنية متصاعدة
  • تحقيق لجيش العدو: تسعة مقاتلين من القسام سيطروا على قاعدة “زيكيم”