كريم خان: نعتقد أن الجيش والدعم السريع ارتكبا جرائم حرب في دارفور
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
كريم خان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، حذر من الآثار الإنسانية الوخيمة للنزاع في السودان، وأكد أن الصراع يتطلب اهتمام أعضاء مجلس الأمن الآن أكثر من أي وقت مضى.
التغيير: وكالات
قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية، إن هناك أسبابا للاعتقاد بأن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي- الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية- تُرتكب في دارفور من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات التابعة لهما.
وحذر كريم خان من الآثار الإنسانية الوخيمة للنزاع الحالي، مشيرا إلى أننا نقترب بسرعة من نقطة الانهيار. ونبّه إلى أن الصراع في السودان يتطلب اهتمام أعضاء مجلس الأمن الآن أكثر من أي وقت مضى.
متحدثا من تشاد، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قدم المدعي العام كريم خان إحاطة إلى مجلس الأمن، اليوم الاثنين، استعرض خلالها تقريره الثامن والثلاثين بشأن الحالة في السودان والتحقيق في الادعاءات بارتكاب جرائم في دارفور. ويشمل التحقيق الجاري في الجرائم الأخيرة، على سبيل المثال ال الحصر، الجرائم المرتكبة في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور. كما تحظى مناطق أخرى من دارفور باهتمام كبير لدى المكتب.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية إن فشل المجتمع الدولي في تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية وما تلا ذلك من غياب المساءلة يؤديان إلى تأجيج أعمال العنف الناجمة عن الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وشدد كريم خان على “الحقيقة المرة التي لا مفر منها” هي أن الفشل في التحرك الآن سيعرض الأجيال القادمة لمصير مماثل. وشدد على “أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد”، وحث السودان على الامتثال بحسن نية لقرارات مجلس الأمن والتعاون مع مكتبه وتقديم المعلومات المطلوبة إليه والسماح للمحققين بالعمل في البلاد.
شهادات تقشعر لها الأبدانفي تشاد، التقى المدعي العام بقادة اللاجئين الدارفوريين للاستماع إلى رواياتهم بشأن أعمال العنف التي عانوا منها في دارفور. وقال إنه التقى أول أمس بضحايا العنف في دارفور الذين هربوا إلى معسكر فرشنة ونقطة العبور في منطقة أدري التشادية على الحدود مع السودان، مشيرا إلى أنه سمع شهادات مباشرة من رجال ونساء من ضحايا العنف. وأضاف:
“في فرشنة، تحدثت إلى إحدى الناجيات، والتي قالت كلاما ردده كثيرون آخرون، حيث قالت وأنا أقتبس: لقد نزحت عدة مرات خلال أحداث عام 2023. أخيرا، نزحت إلى الجنينة، ثم هربت إلى أدري ثم انتقلت إلى فرشنة. وبعد ذلك جئنا إلى هنا حفاة، والكثير منا ليس لديهم أي ممتلكات. ما زلنا نشعر بأننا لسنا بشرا وكأننا بشر أقل مرتبة”.
وروى المدعي العام شهادة أخرى تقشعر لها الأبدان من إحدى الناجيات عن العنف الجنسي- بما في ذلك ادعاءات باغتصاب نساء دارفوريات داخل مستودع برنامج الأغذية العالمي في غرب دارفور.
ونقل شهادة رجل آخر أفاد فيها بتعرض الفارين للإساءة اللفظية، حيث قال الرجل: “كانوا ينعتونا بسواد بشرتنا، وقالوا لنا إنهم سوف يبيدوننا. قالوا إنه يجب أن ينتهي بنا الأمر كلاجئين في معسكرات تشاد”.
وقال المدعي العام إن الاضطهاد والقتل والاغتصاب في هذه الظروف تشكل كلها انتهاكا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
“خذلان أهل دارفور مرتين”
وأكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن توفير العدالة والحماية للناس في دارفور هو مسؤوليتنا الجماعية “ونحن نبذل كل جهد ممكن للعمل مع أعضاء المجلس، ومع المنظمات الإقليمية، ومع المجتمع المدني، ومع السودان، ومع تشاد، ومع أي شخص. كي نضمن وضع حد تحقيق العدالة وندرك أنه بدون المساءلة، ستكون هناك دورات جديدة من العنف، والمزيد من انعدام الأمن، والمزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء العالم”.
وقال المدعي العام إنه ومع اندلاع صراعات في أماكن أخرى من العالم، “يخشى أهل دارفور من خطر حقيقي يتمثل في إمكانية أن يصبح الوضع في دارفور من الفظائع المنسية. وإذا حدث ذلك، فستكون هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها خذلان أهل دارفور. وخذلان الإنسانية بشكل عام، ويجب ألا نسمح بشكل جماعي بحدوث ذلك”.
الوسومالجيش الدعم السريع المحكمة الجنائية الدولية تشاد دارفور كريم خان مجلس الأمن الدولي مدعي المحكمة الجنائيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع المحكمة الجنائية الدولية تشاد دارفور كريم خان مجلس الأمن الدولي مدعي المحكمة الجنائية المحکمة الجنائیة الدولیة المدعی العام مجلس الأمن فی دارفور کریم خان
إقرأ أيضاً:
حرب السودان تدخل عامها الثالث.. جرائم حرب في دارفور وانهيار شامل بالشمال
مع دخول الحرب السودانية عامها الثالث، يتأكد أنها ليست مجرد صراع عسكري بين جنرالات يتنافسون على السلطة، بل حرب مدمّرة طالت كل زاوية من زوايا البلاد، من الفاشر في الغرب إلى عطبرة في الشمال، وسط انهيار شبه كامل للخدمات والبنية التحتية، وتفاقم معاناة المدنيين.
في إقليم دارفور، شهدت مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها موجة جديدة من المجازر، حيث لقي أكثر من 400 شخص مصرعهم في هجمات شنتها قوات الدعم السريع على معسكرات النازحين. واستهدفت الهجمات مخيم زمزم، أحد أكبر مخيمات النازحين في شمال دارفور، والذي كان يؤوي نحو 500 ألف نازح.
وأكدت الأمم المتحدة نزوح نحو 400 ألف شخص من المخيم بعد أن استولت عليه قوات الدعم السريع، فيما تشير تقارير ميدانية إلى عمليات قتل وتصفية على أساس عرقي.
مؤتمر دولي في لندن.. بلا حضور سودانيفي الشمال، شنت طائرات مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع هجمات على مستودعات الوقود ومحطة لتوليد الكهرباء في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل. وأسفرت هذه الضربات عن انقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة، مما فاقم الوضع الإنساني الصعب.
وبالتزامن مع ذكرى مرور عامين على اندلاع الحرب، تحتضن العاصمة البريطانية لندن مؤتمراً دولياً لبحث الأزمة السودانية، بمشاركة أكثر من 14 دولة من بينها السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة.
وأثار المؤتمر جدلاً واسعاً بعد استبعاده لأطراف النزاع، وعلى رأسهم الحكومة السودانية التي احتجت رسميًا على عدم دعوتها، متهمة بريطانيا بوضعها على قدم المساواة مع قوات الدعم السريع.
دعوات دولية لوقف الكارثةوزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، شدد على أن المؤتمر يهدف إلى "رسم مسار لإنهاء المعاناة"، معلنًا عن حزمة مساعدات جديدة بقيمة 158 مليون دولار. من جهتها، أعلنت ألمانيا تقديم 125 مليون يورو كمساعدات عاجلة.
وحذّر المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، من "عواقب كارثية" إن استمر تجاهل الوضع، قائلاً: "الموت حقيقة دائمة في أجزاء كبيرة من السودان".
منظمات حقوقية ومصادر أممية وصفت ما يجري في دارفور بأنه إبادة جماعية مستمرة. فخلال ثلاثة أيام من الهجمات على مخيم زمزم، وثقت الأمم المتحدة مقتل 148 شخصاً على الأقل، فيما قال ناشطون إن العدد يفوق ذلك بكثير.
كما قُتل تسعة من عمال الإغاثة، وأكدت تنسيقيات لجان المقاومة بالفاشر أن قوات الدعم السريع "أقدمت على تصفية 56 من سكان مدينة أم كدادة على أساس عرقي".
ارتفاع الانتهاكات ضد الأطفال بنسبة 1000%وفقًا لمنظمة اليونيسف، شهد السودان ارتفاعًا مروّعًا في الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال بنسبة 1000% خلال عامين، من بينها القتل والتشويه والاختطاف والعنف الجنسي. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن "ملايين الأطفال حُطّمت حياتهم" بسبب الحرب.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الحرب تسببت في نزوح نحو 13 مليون شخص، لجأ أكثر من ثلاثة ملايين منهم إلى دول الجوار. وتقول المفوضية السامية للاجئين إن النساء والأطفال يشكلون 88% من المهجرين، بينما أفادت تقارير بأن الكثير من النساء تعرضن للاغتصاب.
وتحولت السودان إلى دولة ممزقة، تعاني من أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث. وبحسب الاتحاد الأفريقي، فإن الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع حصدت أرواح عشرات الآلاف، في ظل استمرار انتهاكات جسيمة بحق المدنيين من كلا الطرفين، ومع تراجع المساعدات الدولية، يبدو أن الأسوأ لم يأتِ بعد.
وسط هذه المأساة، تتواصل الدعوات لوقف الحرب، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أن معاناة السودان ستستمر، طالما بقيت لغة السلاح هي السائدة، وطالما غابت الإرادة الدولية الحقيقية لإحلال السلام.