يرى بعض الخبراء أن قرارات التدابير الاحترازية التي اتخذتها محكمة العدل الدولية في قضية «الإبادة الجماعية» المرفوعة ضد تل أبيب، تمهّد الطريق لمحاكمة واعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقادة جيشه، وفقا للقانون الإسرائيلي الداخلي.
وفي 26 يناير الجاري أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ تدابير منع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، لكن القرار لم يتضمن نص «وقف إطلاق النار».


وفيما لاقى قرار المحكمة الدولية ترحيبا دوليا وإقليميا، بما في ذلك من حركة «حماس»، حذرت حركة «الجهاد الإسلامي» من استغلال إسرائيل عدم صدور قرار من المحكمة بوقف إطلاق فوري للنار في غزة، ما يتيح لها «التصرف كما تشاء».
وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي عقدت في 11 و12 يناير الجاري، جلستي استماع علنيتين، في إطار بدء النظر بالدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب «جرائم إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

«خطوة أولى» 
في حديثه للأناضول، أكد المحامي الباكستاني حسن إسلام شاد، أهمية وصف محكمة العدل الدولية القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا بأنها «معقولة» للنظر فيها.
شاد، وهو أول محام من دولة مسلمة بالمحكمة الجنائية الدولية، قال إن هذا القرار «يمثل الخطوة الأولى نحو محاسبة إسرائيل على بعض أعمال الإبادة الجماعية وإن لم يكن كلها».
وأوضح أن «هذا الاستنتاج كشف أيضًا عن الأساس القانوني لمسؤولية إسرائيل»، مشيرا إلى تشكل «زخم سياسي كبير» في هذا الإطار.
ولفت إلى «وجود مفهوم ولاية قضائية عالمية تربط جميع الدول، وبالتالي يجب عليها اتخاذ الخطوات اللازمة لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضمن قوانينها الداخلية».
وأضاف: «من الممكن بالفعل أن نشهد في المستقبل القريب جدًا أخبارًا عن إصدار مذكرات اعتقال ضد بنيامين نتنياهو أو قادة الجيش الإسرائيلي والأفراد المشاركين في الحملة العسكرية».
«وبمجرد أن يحدث ذلك، فسوف يكون ذلك هو اليوم الذي تندم فيه إسرائيل على أفعالها في غزة»، وفق المحامي الباكستاني.
سابقة تاريخية
رئيس تحرير مجلة ‏‏»وقائع فلسطين» رمزي بارود، قال إن «إسرائيل استخدمت المحرقة اليهودية أو الهولوكوست بطرق عديدة، لتبرير وجودها وأعمال العنف التي ارتكبتها ضد العرب والفلسطينيين في غزة على مر السنين».
وبيّن بارود في حديث للأناضول أن «إسرائيل استخدمت الهولوكوست أيضًا من أجل اتهام منتقديها وأعدائها بمعاداة السامية».
وعبّر عن اعتقاده بأن «قرار محكمة العدل الدولية مهم وتاريخي للغاية، والحكومة الإسرائيلية تعلم جيدا أنه يشكل سابقة تاريخية».
ورأى بارود أن «هذا يعطي شرعية كبيرة للمقاومة الفلسطينية، لأنها أصبحت الآن تكافح ضد الإبادة الجماعية بشكل رسمي إلى حد ما».
وقال: «لم تشِر محكمة العدل الدولية إلى حماس أو الجماعات الفلسطينية الأخرى على أنها إرهابية، بل أشارت إليها على أنها جماعات فلسطينية».
بارود أكد على أن «إسرائيل بدأت تدرك أنها تفقد الشرعية بسبب أفعالها باعتبارها دولة لا تعترف بالقانون الدولي انطلاقا من موقف عامّ».
وقال إن «تصريح نتنياهو السريع والتصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون آخرون (بعد القرار القضائي) ما هي إلا مؤشرات على أن القضية (في العدل الدولية) تؤخذ على محمل الجد».
وأوضح بارود أن تصريحات نتنياهو في أعقاب القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية «كانت مليئة بالتناقضات» ويفتقد للمنطق. وأضاف: «نتنياهو يتهم محكمة العدل الدولية باتخاذ قرار مُخز، ويقول أيضًا إن إسرائيل ستواصل الحرب لكنها ستحترم القانون الدولي. يبدو أن إسرائيل لم يعد لديها خطاب سياسي منطقي».
وأعرب بارود عن اعتقاده أن «الإفلاس السياسي لحكومة نتنياهو مستمر بعد قرار محكمة العدل الدولية، ومن المؤكد أن هذا سيؤدي إلى مزيد من عزلة إسرائيل مع مرور الوقت وسيعزز موقف الفلسطينيين بشكل أكبر».
وأشار إلى أن «أكثر محكمة تحترمها إسرائيل دوليا، هي محكمة العدل الدولية بسبب موقفها من التطهير العرقي والإبادة الجماعية (بحق اليهود) وأن التجارب التاريخية لليهود لها تأثير في ذلك».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: محكمة العدل الدولية الإبادة الجماعية محاكمة بنيامين نتنياهو الوضع الإنساني في غزة محکمة العدل الدولیة على أن

إقرأ أيضاً:

فيديو لاعتقال محمود خليل وإدانات لقرار ترامب التضييق على جامعة كولومبيا

نشرت عائلة طالب جامعة كولومبيا السابق محمود خليل لأول مرة صورا تظهر لحظة اعتقاله من طرف عناصر من إدارة الهجرة والجمارك بعد قرار إلغاء إقامته وتأشيرة دراسته، على خلفية مساعدته في قيادة احتجاجات طلابية بالجامعة تضامنا مع فلسطين.

ويأتي ذلك في وقت اعتبر محامي الطالب -في لقاء مع شبكة "سي إن إن"- أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو استشهد ببند نادر الاستخدام يسمح له بترحيل من يعتقد أنه يشكل خطرا، وذلك لتبرير اعتقال خليل.

كما اعتبرت مصادر أكاديمية أن قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب وضع قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا، التي تعتبر مهد الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين، تحت الحراسة القضائية، وهو "تصعيد غير مسبوق يتجاوز سلطة الحكومة وينتهك الحرية الأكاديمية".

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن ذات المصادر قولها إن طلب إدارة ترامب وضع القسم تحت الحراسة تدخل صارخ يمحو الحدود بين الاستقلال المؤسسي وسيطرة الحكومة، وإن استهداف القسم جرى لأنه ينظر إليه على أنه ينتقد إسرائيل بشدة.

وأضافت أن إدارة ترامب تجاهلت القضاء عندما أمرت جامعة كولومبيا بإقالة رئاسة القسم.

لحظة الاعتقال

وأظهرت الصور التي نشرتها عائلة خليل ابنها بلباس مدني أثناء اعتقاله ووضع الأصفاد في يديه، بينما كان يحاول إعطاء هاتفه لزوجته نور عبد الله التي صورت الفيديو كي تتصل بمحاميته.

إعلان

ورفض معتقلوه إظهار مذكرة الاعتقال والتعريف بأنفسهم، وحين حاولت محامية خليل معرفة المزيد من المعلومات أغلق ضابط الأمن الهاتف.

وتحاول زوجة خليل -التي بدا الخوف واضحا في صوتها في شريط الفيديو- معرفة الجهة التي يتم اقتياد خليل إليها وإلى أي وكالة حكومية ينتمي هؤلاء العناصر الذين اعتقلوه.

غير دستورية

واعتبر محامو الطالب في وقت سابق أن سياسة إدارة ترامب (ترحيل بعض الأجانب الذين شاركوا في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) غير دستورية.

وفي أول دعوى قضائية يقدمونها منذ أن أوضحت السلطات الأميركية "الأساس القانوني" لاعتقاله، حثّ محاموه جيسي فورمان قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن على إطلاقه فورا من مركز احتجاز المهاجرين نظرا لانتهاك حقوقه في حرية التعبير.

كما قال أحدهم إنه "تعرض لهجوم انتقامي ومتطرف على حقه في حرية التعبير" مشيرا إلى أن ما فعله خليل حق محمي دستوريا.

وأضاف أن "هذه الإدارة لا تقول الحقيقة كاملة للجمهور الأميركي" لافتا إلى أن تهمة خليل أنه عبّر عن أفكار لا توافق عليها الحكومة الأميركية.

وأصبحت قضية خليل محور نقاش حاد فيما يتعلق بتعهد هذا الرئيس الجمهوري بترحيل بعض المشاركين بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي اجتاحت الجامعات الأميركية تنديدا بحرب إسرائيل على غزة.

عواقب سلبية

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صرح محامو وزارة العدل الذين يمثلون الحكومة بأن خليل أصبح معرضا للترحيل لأن وزير الخارجية قد قرر أن وجوده أو أنشطته في البلاد قد يكون لها "عواقب سلبية على السياسة الخارجية للولايات المتحدة".

وقال خبراء قانونيون إن البند -الذي استشهدت به الحكومة لتبرير قدرة روبيو على إعلان ترحيل خليل- هو جزء من قانون الهجرة والجنسية لعام 1952، ونادرا ما يستعان به، مما يعني قلة السوابق التي بوسع المحاكم الرجوع إليها لتحديد دستوريته.

إعلان

كما أكد محامو خليل أن هذا القانون لم يكن يراد به إسكات المعارضة، في حين لم توضح الحكومة بالتفصيل في أوراق المحكمة على أي نحو يمكن لخليل أن يُضر بالسياسة الخارجية الأميركية.

يشار إلى أن خليل فلسطيني الأصل وحصل على إقامة دائمة قانونية في الولايات المتحدة العام الماضي، واعتقله أفراد من وزارة الأمن الداخلي مساء السبت الماضي في سكنه الجامعي بمانهاتن، في وقت ذكرت فيه الحكومة أنه نُقل بعد ذلك لمركز احتجاز للمهاجرين في نيوجيرسي، ثم نُقل جوا إلى لويزيانا، حيث يُحتجز حاليا.

مقالات مشابهة

  • عاجل. إسرائيل تستأنف حربها على غزة بأمر من نتنياهو.. غارات على شمال ووسط وجنوب القطاع
  • عاجل | أكسيوس عن مكتب نتنياهو: إسرائيل استأنفت عملياتها العسكرية ضد حماس في غزة
  • إسرائيل وإدارة الصراع.. كتاب في استراتيجيات نتنياهو ومآلات التسوية
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • محكمة العدل الإلهية
  • محكمة إسرائيلية تحظر النشر في تحقيق ضد مسؤول كبير بمكتب نتنياهو
  • فصول من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى».. (1) سليل الإرهاب
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل ستواصل محادثات وقف إطلاق النار في غزة وفقًا للمقترح الأمريكي
  • فيديو لاعتقال محمود خليل وإدانات لقرار ترامب التضييق على جامعة كولومبيا
  • خبراء أمميون يتهمون إسرائيل باستخدام "العنف الجنسي والمنهجي" في غزة