قال الدكتور هيثم الحاج أستاذ النقد الأدبي والرئيس السابق للهيئة المصرية العامة، إنّه مع ملاحظة أن هناك حكايات أخرى ومختلفة يحكيها الآخرون عن مصر، لدرجة أن بعض المصريين يصدقون هذه الحكايات، موضحًا: "أقصد بذلك السرد الموازي للسرديات المصرية، مثل سردية الحملة الفرنسية وسردية حرب أكتوبر".

مفاجأة حرب أكتوبر | اللواء سمير فرج يحكي قصة مناظرته مع شارون

وأضاف "الحاج"، خلال حواره مع الإعلامي محمد الباز مقدم برنامج "الشاهد"، على قناة "إكسترا نيوز": "أحرص على رصد الروايات الحقيقية بتفاصيلها التي نتناساها لدرجة أنها لم تعم موجودة على سطح وعينا، مثلا، الكلام عن حرب أكتوبر كثير جدا، ففي فيلم جولدا تظهر نهايته أنهم انتصروا على مصر، وأن الأمور أصبحت متعادلة في نهاية حرب أكتوبر".

وتابع أستاذ النقد الأدبي: "ولكن، عند الرجوع إلى الرواية الأصلية من الطرف الآخر والتي تتضح في مذكرات جولدا مائير سنجد أنها لم تكن تقول إن إسرائيل انتصرت في حرب أكتوبر على مصر، بل إنها تقول الرواية المصرية التي ننساها، والتي تحاول إسرائيل الردم عليها من أجل الترويج لروايتها، وهو نفس ما حدث في قطاع غزة".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإعلامي محمد الباز الدكتور هيثم الحاج الحملة الفرنسية أكتوبر جولدا مائير حرب أکتوبر

إقرأ أيضاً:

يوسا وأسئلة الرواية

فـي إحدى مقابلاته الصحفـية، التي أجريت معه بُعيد صدور أعماله الروائية الكاملة فـي سلسلة «لا بلياد» الشهيرة، اعتبر الكاتب البيروفـي ماريو بارجاس يوسا، (الذي غيبه الموت قبل أيام)، أن الأمر بالنسبة إليه يساوي جائزة نوبل للآداب، وبخاصة أنه جاء وهو على قيد الحياة، (مثل قلّة قليلة من كتّاب العالم).

فكما هو معروف عن هذه السلسلة التي تصدرها «دار غاليمار»، أنها لا تنشر أعمال أي كاتب إلا بعد رحيله بعقود، معللة ذلك بـ«حكم الزمن»، بمعنى أن الزمن لا بدّ أن يقول كلمته ليبقي الكاتب الحقيقي، وليبعد الكاتب الذي لا يستحق البقاء والتذكر إلى دهاليز النسيان. ناهيك عن أن طباعة هذه السلسلة تكون عادة على الورق التي تطبع عليها الأناجيل والتوراة، وكأنها ترغب فـي ذلك أن تزيد من «هيبة» الكتاب والكاتب.

كلام يوسا عن دخوله هذه السلسلة لم يأت من فراغ، بل له أهمية خاصة جدًا، إذ إنه حافظ دائمًا على علاقة وثيقة بالأدب الفرنسي الذي اكتشفه عبر الترجمات فـي طفولته. وكان فـي السابعة عشرة من عمره، حين أصبح قادرا، بفضل الدورات اللغوية التي تلقاها فـي المركز الثقافـي الفرنسي فـي ليما، على قراءة الأدب الفرنسي بلغته المباشرة.

لكنه فـي باريس الستينيات، فـي عصر الفوران الفكري، تابع عن كثب أسئلته، من الوجودية -(حيث لم يُخف يوما أنه بدأ حياته الفكرية متأثرًا بسارتر، قبل أن يبتعد عنه بعد عقود إلى الأبد)- إلى البنيوية، بما فـي ذلك الرواية الجديدة التي لم تكن تربطه بها أي صلة (ربما باستثناء كلود سيمون وناتالي ساروت)؛ ففـي باريس أدرك حقًا مهنته ككاتب من خلال إكمال روايته «المدينة والكلاب» ومن ثم عمله على كتابة «البيت الأخضر» استنادًا إلى ذكريات المراهقة.

ولكن ما هي الرواية؟ ماذا تعني كتابة الرواية بالنسبة إلى ماريو بارجاس يوسا؟ لا يمكننا أن نفهم فعلا أي شيء عن عمله الأدبي، إن لم نسأل أنفسنا هذا السؤال الأساسي منذ البداية.

فبالنسبة إلى يوسا، ليست الكتابة عملاً عاديًا، أو تحويلاً للعقل، بل هي التزام كامل من جانب الكائن، بجسده، وعواطفه، وأفكاره، ومن المهم أن نلاحظ أنه منذ البداية اتخذ من فلوبير مثالاً له، على الأقل فـيما يتصل بأسلوب عمله. إذ كان الأمر بالنسبة إلى فلوبير بمثابة نوع من الزهد الذي يتطلب، قبل كتابة الرواية، تحضيرات طويلة، وتدوين ملاحظات، والتحقق من الموقع، وصولا إلى أصغر تفاصيل الأماكن التي من المفترض أن تتطور فـيها الحبكة. فكتابة رواية تتطلب عدة سيناريوهات، عدة نسخ يتم تقليصها فـي النهاية إلى نسخة واحدة، تم تقليمها إلى حدّ كبير، وإخضاعها للاختبار الشفهي لـ«الفم» الذي سيخرج منه العمل النهائي.

إلى هذا المستوى من المتطلبات كان يرتقي يوسا بممارساته الكتابية. فمفهومه للأدب يتطلب منه أن يستثمر نفسه بالكامل من خلال عمل طويل و«ضميري». وكما هو الحال مع فلوبير، فهو لا ينتظر الإلهام ليأتي إليه: بل يذهب للبحث عنه، بمزاجه الناري وإحساسه «بالباروكية»، فـي قتال وثيق مع العمل أثناء تطوره. ولكن بينما كان فلوبير يعمل فـي منزله، جالسًا إلى طاولته المستديرة فـي مكتبه، كان يوسا يواصل فـي كثير من الأحيان كتابة نفس الرواية فـي أماكن مختلفة، وأحيانًا فـي بلدان مختلفة. لا يزعجه هذا التنقل الجغرافـي. أينما كان، لديه مكانه: إنها الرواية التي يكتبها، والترحال الذي يعيشه فـي أماكن أخرى لا يمكن إلا أن يثري عمله بجوانب وحكايات جديدة.

تشبه قراءة يوسا دخول نوع من غابات الكتابة فـي الأمازون، زاخرة بكل معنى الكلمة، حيث يتشابك الزمان والمكان فـي شبكة معقدة، أشبه بمتاهة خيط أريان (كما فـي الأسطورة اليونانية) الذي يشكل أسلوب الكاتب. بالنسبة إليه، الرواية هي المكان الذي يتم فـيه التعبير عن كل الاحتمالات، وربما حتى المستحيل. انطلاقًا من الواقع، أو من واقع مفترض، يستطيع الكاتب أن يطلق العنان لخياله، وأن يلعب على العديد من المؤامرات ويكسر الأنواع، وأن يضاعف وجهات النظر والمنظورات، كما علمه قراءة فوكنر، ولكن بحرية أكبر، حرية شبه كاملة.

إذا كان هناك سحر فـي الرواية، فهو فـي قدرتها على التوفـيق بين السرديات والأوصاف والحوارات فـي الكتاب نفسه، لتكون صورة للحياة فـي جوانبها المتعددة، وهذا بالضبط ما يطبقه يوسا فـي كتبه؛ يستمع إلى «شياطينه»، ويستغل الفروق الدقيقة ويستكشف مسارات جديدة، وكل ذلك يحمله أسلوب متوهج هو العلامة التجارية للكاتب. شخصياته هي كائنات من لحم ودم؛ نحن هنا فـي المادة الإنسانية والاجتماعية لعالم لديه خبرة ملموسة فـيه بفضل مهنته السابقة كصحفـي.

ومع ذلك، سيكون من التقييد وحتى الخطأ أن نقول إن رواياته «واقعية»، ورغم أنها تستحضر بالفعل مواقف أو ذكريات حقيقية، فإن المؤلف يعيد اختراعها من خلال الخيال ويعيد بناء واقع آخر، الذي وعلى الرغم من أنه معقول وحيّ، إلا أنه خيال. قد يكون «كذبة» بطريقة ما، إلا أنه يصبح مكانًا للحقيقة التي تكشف، من خلال كثافتها الأدبية، عن الطبيعة الحقيقية للواقع، طبيعة دكتاتورية أودريا، على سبيل المثال، فـي محادثة فـي الكاتدرائية.

تتمتع أعمال يوسا بجاذبية كونية. تُرجم إلى عدة لغات بعد صدور كتاب «المدينة والكلاب». لا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك. طبيعته تقوده إلى العالمية. ولنتذكر أنه قضى طفولته فـي بوليفـيا وشمال بيرو، وأن الكتب التي قرأها فـي منزل أجداده وأعمامه كانت تُترجم عمومًا من الفرنسية. وعندما كبر، عاش فـي عدة بلدان يتحدث لغاتها بطلاقة، وبدافع من الفضول الفكري الذي لا يشبع، أصبح مهتمًا فـي وقت مبكر جدًا بالكتاب الأوروبيين والأمريكيين العظماء. ومن خلال هذه الرحلة إلى ثقافات أخرى، فـي نوع من الغرابة الفكرية التي تعود إلى الوراء لتسليط الضوء على أصوله الخاصة، نراه يعيد اختراع رؤيته لوطنه الأصلي وسوف يكتشف حقاً، كما كتب هو نفسه، أمريكا اللاتينية ويبدأ فـي الشعور بأنه أمريكي لاتيني.

تدور أحداث معظم كتبه فـي هذه المادة الوفـيرة الموجودة فـي أمريكا الجنوبية، ومن هنا على وجه التحديد تستمد هذه الكتب عالميتها. ولكن لا أحد يستطيع أن يقول ذلك بشكل أفضل من فارغاس يوسا: «علمتني فرنسا أن العالمية، وهي سمة مميزة للثقافة الفرنسية منذ العصور الوسطى، بعيدة كل البعد عن كونها حصرية لتجذير الكاتب فـي المشاكل الاجتماعية والتاريخية لعالمه الخاص، فـي لغته وتقاليده، بل على العكس من ذلك، فقد تعززت بها، وشحنت بالواقع».

مقالات مشابهة

  • يوسا وأسئلة الرواية
  • شرطة أبوظبي تحذر من إعلانات ومزادات بيع وهمية إلكترونياً
  • غالانت يكشف كذب إسرائيل: لم يكن هناك نفق بمحور فيلادلفيا بل قناة بعمق متر واحد وتم تسويقها على أنها نفق عميق
  • شرطة أبوظبي تحذر من إعلانات ومزادات بيع احتيالية وهمية إلكترونياً
  • شرطة أبوظبي‬⁩ تحذر من إعلانات ومزادات بيع احتيالية وهمية إلكترونياً
  • عزة هيكل: المرأة المصرية نموذج للإرادة وقادرة على التوفيق بين أدوارها المتعددة
  • المغرب.. تظاهرة حاشدة أمام ميناء طنجة رفضاً لرسو سفينة تنقل أسلحة لـ”إسرائيل”
  • هآرتس: لمن يدعي بأن “مجزرة المسعفين” حدث شاذ: تابع جرائم إسرائيل وكذبها منذ 7 أكتوبر    
  • ليبرمان : إسرائيل في حالة غليان داخلي ونتعرض لهزائم متتالية منذ “7 أكتوبر”
  • وزير التعليم: الدولة المصرية تولي اهتمامًا بالغًا بدعم ذوي الاحتياجات الخاصة