صحيفة الخليج:
2024-12-19@03:58:54 GMT

عبد الله عمران.. عقد على رحيل فارس الكلمة

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

عبد الله عمران.. عقد على رحيل فارس الكلمة

إعداد - جيهان شعيب:

تمضي الأعوام، واحداً تلو آخر، ويوافق اليوم مرور 10 سنوات على وفاة القومي العروبي الدكتور عبد الله عمران تريم، فارس الكلمة.. رجل السياسة والإعلام، الذي صعدت روحه إلى بارئها في 30 يناير / كانون الأول 2014، لتبقى ذكراه حاضرة بقوة في وجدان محبيه وتلاميذه وكل من عرفه، إذ ليس لغياب هذا الرجل، رحيل من الأعين والآذان والقلوب، أو اندثار من وجدان أصدقائه ومحبيه ومرافقيه ومن عايشوه، لا سيما أنه كان يُباري الطيبة طيباً، وتواضعاً، وثقافةً، وفكراً، ورفعةً ودماثة أخلاق، وقبل هذا وذاك كان يحمل وداً غامراً، لكل من حوله، فاعتز به الجميع، وقوبل باحترام وتقدير كبيرين.

دوماً تظل ذكرى الكبار موثقة للأبد في سجلات القلوب، لتشهد على كل ما كان منهم، من طيب أفعال، وأعمال، ورقي مواقف، وجود عطايا، خاصةً أنهم على مدار تاريخ وجودهم، الذي كانت تحتضنه الحياة، كانوا ملء الأماكن، على اتساعها، وهكذا الراحل د.عبد الله عمران، مع شقيقه الراحل تريم عمران تريم، رحمهما الله، وتشهد أركان إمارات الخير بمواقفهما الوطنية الراسخة، ودورهما الذي كان مشهوداً في تأسيس الاتحاد، حيث كانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت الاتحاد السباعي، وطالبا حينها بتوحيد إمارات الخليج التسع، عقب خروج الاحتلال البريطاني، مطلع سبعينات القرن الماضي.

محمد بن راشد يسلم عبد الله عمران جائزة الصحافة العربية لشخصية العام في دورة 2009

وحين ظهرت صعوبة قيام الاتحاد التساعي، كانا في مقدمة المنادين بإقامة الاتحاد السباعي، الذي أضحى اليوم دولة الإمارات، وقال تريم عمران حينذاك: «عندما شعرنا بأنه لن يتفق على اتحاد تساعي، طلبنا أن يضم الاتحاد الإمارات السبع، وقلنا فليكن سباعياً، لأن المنطق والواقع يُشيران إلى أن إمارات المنطقة كلها بيوت متجاورة»، فضلاً عن ذلك أسس الراحلان، وقادا مسيرة مؤسسة «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر» التي تولّى الدكتور عبد الله عمران، رئاسة مجلس إدارتها، عقب وفاة شقيقه تريم عمران في 16 مايو أيار 2002.

كلمات كبيرة

لا تزال الذاكرة تلتمع بكلمات وفاء من كبار رجالات الدولة عن الراحل الكبير د. عبد الله عمران، الذي حينما وافته المنية، ودفن في مقبرة جبيل في الشارقة، شملت الجميع حالة من الحزن العميق عليه، كانت مغلفة بصدمة كبيرة لرحيله المفاجئ، وحينذاك نعاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله»، بقوله: «لقد فقدت بأبي خالد أخاً عزيزاً وصديقاً وفياً عرفت فيه مكارم الأخلاق، وشجاعة الرأي، وصفاء النية، وصدق الانتماء لوطنه والإخلاص لقيادته (...)، ويحسب لفقيدنا الراحل عطاؤه الوطني المتواصل منذ بواكير شبابه، سواء في العمل الحكومي الذي تقلد فيه أرفع المناصب، وأدى أجل المهمات، أو في عمله الإعلامي الذي حمل الاتحاد في قلبه، وأنجز مؤسسة صحافية مرموقة على الصعيدين الوطني والعربي».

سلطان وعبد الله عمران

مسيرة عطرة

بالنظر في سيرة ومسيرة الراحل الدكتور عبد الله عمران تريم، نجد أنه وُلد في إمارة الشارقة عام 1948، وتنقل ما بين مدارس الشارقة والكويت لتلقي تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، ثم انتقل إلى جمهورية مصر العربية، للدراسة الجامعية في كلية الآداب جامعة القاهرة، فحصل على ليسانس في التاريخ، فضلاً عن حصوله عام 1986على شهادة الدكتوراه في تاريخ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة من جامعة إكستر البريطانية.

ولمدة عامين وفي ثانوية العروبة بالشارقة، عمل الراحل بالتدريس، ثم أضحى من 1968 إلى1971 مديراً لإدارة معارف الشارقة، بعد ذلك شارك في عضوية فريق المفاوضات التساعية والسباعية لإقامة دولة الاتحاد، وتقديراً لدوره في المفاوضات، جرى تكليفه بتولي حقيبة وزارة العدل في أول حكومة اتحادية 1971- 1972، ثم عُين وزيراً للتربية والتعليم بين عامي 1972-1979، وكلّفه حينذاك المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيّب الله ثراه»، بتأسيس جامعة الإمارات، فكان أول رئيس أعلى لها، وكان دوره مميزاً في وضع العديد من المناهج، التي ضمنها تعزيز الهوية الوطنية، وتكريس تاريخ المؤسسين الأوائل وتراث الإمارات، علاوة على سعيه لمحو الأمية، وتعليم الكبار، ومحاربة الدروس الخصوصية، وغير ذلك.

نهيان بن مبارك وعبد الله عمران

البنية التشريعية

في عام 1990 عاد د. عبد الله عمران ثانيةً لتولي حقيبة وزارة العدل حتى عام 1997، وخلال تلك الفترة صاغ تشريعات عدة، أثرت بنية الدولة التشريعية، وعمل على تطوير سير إجراءات التقاضي، وتعزيز الوعي القانوني بين أفراد الدولة، وتكريس مبدأ القضاء العادل، المستند على مصداقية وشفافية، ما أكسبه الثقة بين جموع المواطنين، وحظي بمكانة مجتمعية رفيعة لجهوده الوزارية المتميزة، التي تضافرت بالوطنية الحقة، الداعمة للاتحاد من الجوانب كافة.

وخلال تلك الفترة عمل مع نخبة بارزة ومقدرة من رجالات الدولة، حيث رافق الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية في أول حكومة، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، والشيخ مبارك بن محمد آل نهيان وزير الداخلية، وأحمد خليفة السويدي وزير الخارجية.

عبد الله عمران مع أخيه تريم

تأسيس «الخليج»

يأتي تأسيس جريدة «الخليج» عام 1970، بمنزلة المرحلة الفارقة في مسيرة الراحلين تريم عمران ود.عبد الله عمران، وتتلخص القصة في أنهما عقب عودتهما من القاهرة عام 1968، وكانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت قيام الاتحاد، ففكّرا في العمل الصحفي، بإصدار مجلة سياسية شهرية هي «الشروق»، ولعدم وجود مطابع مؤهلة في الشارقة والإمارات المتصالحة، اختارا الناشر الكويتي فجحان هلال المطيري، الذي كان يماثلهما قومية الفكر العربي، ويمتلك مطبعة حديثة مع زوجته غنيمة المرزوق، ويصدران مجلة أسرية باسم «أسرتي»، ووافق المطيري على طباعة مجلة «الشروق» للشقيقين، فكان تريم عمران يحمل في الأسبوع الأخير شهرياً، المادة الصحفية ل «الشروق» التي تُكتب في الشارقة إلى الكويت، ويعود بها مجلة مطبوعة.

عبد الله عمران وخالد عبد الله عمران

ومع النجاح الذي حققته «الشروق»، فكر الشقيقان في إصدار صحيفة، «الخليج»، التي وُلدت يوم التاسع عشر من أكتوبر عام 1970 إلا أنها ماثلت «الشروق» في الظروف الصعبة التي واجهتها، وإن جاءت التحديات التي خاضتها «الخليج» أكثر تعقيداً، حيث كان منها تحديات مهنية، وسياسية، وحروب عدة، ومنها كلفة كبيرة جراء إصدارها في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، لكنهما أصرّا على استقلاليتها، ولكن مع انشغال تريم عمران الذي توّلى سفير الإمارات العربية المتحدة في القاهرة، ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، ود. عبد الله عمران بحقيبة وزارة العدل والتربية، وما إلى ذلك، توقفت جريدة الخليج عن الصدور في فبراير 1972، ثم عاودت الصدور في عام 1980.

عبد الله عمران ويوسف الحسن

وتناولت «الخليج» على مدار مسيرتها الكثير من القضايا الشائكة، والملفات الساخنة، وعمل الدكتور عبد الله مع أخيه على تطويرها فأصدر مطبوعات أخرى أسبوعية وشهرية، بلغت في مجملها ست مطبوعات، تم ضمها جميعاً تحت لواء مؤسسة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، وتولى الدكتور عبد الله قيادة المؤسسة مع أخيه المرحوم تريم إلى أن توفي شقيقه في 16 مايو 2002، ليتولى بعدها رئاسة مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، بعد وفاة شقيقه

أداءات رفيعة

قدم الدكتور عبد الله العديد من المؤلفات حول قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وحول قضايا أخرى مثل التعليم والتنمية، علاوة على مقالات فكرية وسياسية عدة.

شارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية في مراكز الأبحاث المتنوعة، وكان عضواً فاعلاً في الكثير من مراكز الأبحاث، والدراسات، والمنتديات الفكرية والاقتصادية والسياسية العربية والمحلية.

عبد الله عمران في أحد مؤتمرات «الخليج» السنوية

اختير شخصية العام الإعلامية 2009 لجائزة الصحافة العربية في دورتها التاسعة خلال حفل ختام منتدى الإعلام العربي، وتسلم جائزته من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم راعي الحفل، تقديراً لعطاءاته، وخدمته للصحافة الإماراتية خاصة، والعربية عامة.

ترأس مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية، التي من أهم أنشطتها مركز تريم عمران للتدريب والتطوير الإعلامي، الذي توّلى تدريب مئات الإعلاميين في مجالات متنوعة على مدى السنوات.

جائزة تريم وعبد الله عمران للصحافة

ترأس الدكتور عبد الله عمران تريم مجلس إدارة مركز الخليج للدراسات، وكذلك مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران تريم للأعمال الثقافية والإنسانية، له مؤلفات عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعليم والتنمية والكثير من المقالات الفكرية والسياسية

وتأسست الجائزة في الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2003 باسم «جائزة تريم عمران الصحفية» بدعم وتنظيم مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية وتهدف إلى تشجيع وتكريم الكتاب والصحفيين العاملين في الصحافة المحلية الإماراتية، واستمرت الجائزة في دوراتها، تمنح الجوائز للصحفيين في الفئات المختلفة، وبوفاة الدكتور عبد الله عمران تريم في 30 يناير 2014، ووفاء وتكريماً له، أصبح اسم المؤسسة التي تدعم الجائزة «مؤسسة تريم وعبد الله عمران للأعمال الثقافية والإنسانية» التي يرأس مجلس إدارتها خالد عبد الله عمران وأصبح اسم الجائزة «جائزة تريم وعبد الله عمران الصحفية».

علاقة استثنائية

كانت علاقة الشقيقين تريم عمران ود. عبد الله عمران، رحمهما الله، استثنائية المفردات، عميقة المضامين، ووثيقة العرى، وكانا متلاحمين فكراً، ورُؤى، وآراء، وحين رحيل تريم عمران عام 2002، سكن الحزن قلب شقيقه د. عبد الله عمران، وتوالت كلماته عنه، فعقب عام من وفاة تريم، كتب عنه «أحتاجك يا تريم أكثر من أي وقت مضى، أحتاجك قدوة، وأباً، وأخاً، وصديقاً، أحتاجك حركة وعي في وعي، وفي فقداني لحس البواعث، نعم وحدك من يشجعني الآن على ألا أفقد هذا الحس، نم هنيئاً في ملعبك النوراني يا أبا نجلاء، نم بكامل قيافتك، وعذوبتك، وإيمانك الكبير بربك».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات دولة الإمارات العربیة المتحدة بن راشد آل مکتوم محمد بن راشد مجلس إدارة مؤسسة تریم فی الشارقة الذی کان

إقرأ أيضاً:

"المانجا بين الكلمة والصورة" ومستقبل القصص المصورة بمعرض جدة للكتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ندوة مميزة بعنوان "المانجا ما بين الكلمة والصورة"، ألقى معرض جدة للكتاب 2024 الضوء على عالم القصص المصورة، مستعرضاً أبرز تقنياتها ومستقبلها، من خلال ضيوفها العباس حميد الدين، ونوف الحسين، وأدارت الحوار تغريد الطاسان، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للمعرض.

تناولت الحسين خلال حديثها أهمية تقديم محتوى ملائم باللغة العربية يلبي تطلعات الجيل الجديد، ووصفت المانجا بأنها وسيلة مبتكرة وجذابة لإثراء المحتوى العربي، مشيرة إلى دورها في تصدير الثقافة العربية إلى العالم. وأضافت: "نستطيع من خلال المانجا تقديم محتوى بصري يخدم الأطفال والشباب، خاصة الفئة العمرية من 9 إلى 15 سنة، شريطة أن يتناول قضاياهم بشكل يناسب قيمنا وأخلاقنا عند الترجمة أو التعديل".

وأكدت الحسين أهمية تمكين الأجيال وتعزيز الخيال، واعتبرت الذكاء الاصطناعي أداة قيمة لتحسين جودة الإنتاج الإبداعي، مما يسهم في تنمية قدرات الأطفال على الابتكار والمنافسة. كما أوضحت أن مجلات المانجا حاضنة للمبدعين السعوديين والعرب، وتسهم في تصدير منتج عربي للعالم عبر عمليات دقيقة تشمل الترجمة والتنقيح والتدقيق، ينفذها سعوديون وسعوديات مؤهلون.

من جانبه، تحدَّث العباس حميد الدين عن دور المانجا في تعزيز ثقافة القراءة لدى الأطفال والشباب، مشيراً إلى حرص الجهات المعنية على توطين صناعة الرسوم المتحركة بسواعد سعودية. وقال: "تصدير الثقافة السعودية عبر المانجا يتطلب إعداد جيل واعٍ قادر على مخاطبة العالم بمهارة، مما يعزز مكانة المانجا بوصفها قوة ناعمة لنشر ثقافتنا".

وشدَّد العباس على أهمية عنصر الإثارة في إنتاج القصص المصورة، معتبراً أنها المفتاح لجذب الجمهور. وأكد: "اغتنام المانجا بوصفها وسيلة لتصدير ثقافتنا يتطلب إبداعاً مستمراً وتطويراً مستداماً، لضمان مستقبل مشرق لهذا الفن الواعد".

بهذا، نجحت الندوة في إلقاء الضوء على الإمكانات الكبيرة للمانجا، باعتبارها أداة ثقافية وإبداعية تعكس رؤية مستقبلية طموحة لتعزيز الهوية العربية وتصديرها للعالم.

يُذكر أن معرض جدة للكتاب 2024 يستقبل الزوار يومياً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 منتصف الليل، باستثناء يوم الجمعة حيث تبدأ الزيارة من الساعة 2 ظهراً، ويستمر حتى 21 ديسمبر الجاري.

مقالات مشابهة

  • صلاة الاستخارة.. أفضل وقت لها والعلامات التي تظهر بعدها
  • حاكم الشارقة يعلن فتح أبواب جامعة الذيد للدارسين من دول الخليج
  • مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار يحقق جائزتي التميز في الابتكار والقيادة في حفل “يورآسيا الخليج للتميز 2024”
  • افادات المقدم عبدالله أبو فارس (راكز قحت)
  • المطران عطا الله حنا: يجب أن تتوقف الحرب التي يدفع فاتورتها المدنيين الأبرياء
  • أمير منطقة تبوك يستقبل المواطن عبداللطيف العطوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى
  • المدينة التي تبكي بأكملها.! (2)
  • "المانجا بين الكلمة والصورة" ومستقبل القصص المصورة بمعرض جدة للكتاب
  • رحيل نبيل الحلفاوي.. الوسط الفني يودّع قامة استثنائية
  • مواقع التواصل الاجتماعي تتحول لسرادق عزاء بعد رحيل القبطان نبيل الحلفاوي