في قرار تاريخي له آثار بعيدة المدى، أمرت محكمة في هونغ كونغ بتصفية شركة تشاينا إيفرغراند، المطور العقاري الأكبر مديونية في العالم، ما يمثل فصلا حاسما في محاولات الصين لمعالجة الأزمة المتفاقمة داخل قطاعها العقاري.

وقد وجدت شركة "تشاينا إيفرغراند"، التي أسسها هوي كا يان في منتصف التسعينيات، نفسها متورطة في مستنقع مالي، حيث تجاوزت التزاماتها 300 مليار دولار في مقابل 240 مليار دولار من الأصول.

ويأتي قرار المحكمة، الذي أصدرته القاضية ليندا تشان، بعد 19 شهرا من المحاولات الفاشلة لإعادة هيكلة الديون الهائلة، مما أثار المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في الصين واستقرار أنظمتها المالية.

وشددت القاضية تشان على عدم إحراز تقدم في تقديم اقتراح قابل للتطبيق لإعادة الهيكلة وإعسار إيفرغراند الكبير.

ويأتي هذا في أعقاب سلسلة من الانهيارات في سوق العقارات الصينية منذ عام 2020، حيث سعى المنظمون إلى كبح جماح الديون المتصاعدة، معتبرين أنها تشكل تهديدا للمسار الاقتصادي للبلاد.

وتنقل أسوشيتد برس عن وثائق من المحكمة، تكشف عن أن الشركة مدينة بحوالي 25.4 مليار دولار لدائنين أجانب، مما يضع الشركة في تصنيف "معسرة للغاية وغير قادرة على سداد ديونها" وفقا للوائح.

وقد أدى القرار، الذي جاء في أعقاب اعتقال رئيس مجلس الإدارة هوي كا يان في أواخر سبتمبر/أيلول للاشتباه في ارتكابه "جرائم غير قانونية"، إلى تعقيد جهود الشركة للتعافي.

وثائق المحكمة تكشف عن أن الشركة مدينة بحوالي 25.4 مليار دولار لدائنين أجانب (الفرنسية) ردود فعل مضطربة

وشهدت أسهم إيفرغراند المتداولة في هونغ كونغ انخفاضا كبيرا بنسبة تجاوزت الـ21% في وقت مبكر من يوم الاثنين قبل تعليقها عن التداول، بينما شهد مؤشر "هانغ سينغ" في هونغ كونغ زيادة بنسبة 0.9% وفقا لأسوشيتد برس.

وقد واجه مطورو العقارات مثل "كنتري غاردن" و"سوناك تشاينا هولدينغ" ردود فعل متباينة في أسعار أسهمهم على وقع القرار، فيما رجحت مصادر من السوق أن يكون تأثير السوق المباشر أكثر وضوحا بالنسبة للمستثمرين الأجانب.

لكن بروك سيلفرز، العضو المنتدب في "كايوان كابيتال" فقد أشار لأسوشيتد برس "ستبدو إيفرغراند في الغد تماما مثل إيفرغراند بالأمس، ولن يكون هناك الكثير من الاختلاف الملحوظ"، وهو ما يشير إلى تعقيد النظام البيئي المالي في الصين من خلال حقيقة أن أمر التصفية هذا من المتوقع أن يكون له تأثير مباشر على المستثمرين الأجانب أكثر من تأثيره على عمليات إيفرغراند في البر الرئيسي كما يوضح سيلفرز.

تداعيات الأزمة والتحديات التنظيمية

وبينما تكافح الصين في أعقاب انهيار إيفرغراند، يواجه القطاع العقاري، الذي يشكل أكثر من ربع إجمالي النشاط التجاري في الصين، تأثيرات متتالية. وقد ترددت أصداء أزمة الديون في مختلف الصناعات، من البناء إلى المواد الخام، مما أثر على النمو الاقتصادي وتسبب في مخاوف بين المستثمرين.

ويؤكد ديفيد غودمان، مدير مركز الدراسات الصينية في جامعة سيدني في حديث لأسوشيتد برس، على الحاجة إلى التدخل التنظيمي ليس فقط بالنسبة لشركة إيفرغراند، ولكن أيضًا لشركات التطوير العقاري الأخرى المتعثرة.

ويشير غودمان إلى أن إعادة الهيكلة ستكون عملية معقدة، مضيفا: "لو استطاعت الحكومة أن ترى إجابات بسيطة لهذه المشاكل، لكانت قد وصلت إليها منذ عامين إلى 3 أعوام".

ولم يعرب فيرغوس سورين، المحامي الذي يمثل مجموعة من الدائنين، عن دهشته من نتائج التصفية، مشيرا إلى فشل إيفرغراند في الانخراط بشكل هادف في المفاوضات.

القطاع العقاري الذي يشكل أكثر من ربع إجمالي النشاط التجاري في الصين يواجه تأثيرات متتالية بسبب الأزمة (رويترز) التداعيات العالمية: حالة اختبار للبر الرئيسي للصين

وبينما تبحر الصين في أعقاب تصفية إيفرغراند، فسوف يراقب المجتمع المالي العالمي العواقب عن كثب. وتعتبر هذه القضية بمثابة اختبار للنظام القانوني في البر الرئيسي الصيني، حيث يعمل الإطار القانوني في هونغ كونغ بشكل منفصل، وإن كان يتأثر بشكل متزايد بالبر الرئيسي.

وفي تحليل شامل، أشار بروك سيلفرز إلى أن أمر التصفية من المرجح أن يؤثر على المستثمرين الأجانب بشكل أسرع. وتمتد التداعيات الأوسع إلى ما هو أبعد من التأثير المباشر على السوق، ما يطرح تساؤلات حول مرونة الصين الاقتصادية وقدرة الحكومة على معالجة القضايا العميقة الجذور داخل قطاع العقارات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی هونغ کونغ ملیار دولار فی الصین فی أعقاب

إقرأ أيضاً:

سلام: التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من عسكري إلى سياسي

 أكد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال أمين سلام أن إدارة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب "ستعيد فور تسلم مهامها، تحريك ملف السلام في الشرق الأوسط، ومن ضمن أولوياته السعي لتوقيع اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل"، مرحبا بـ"عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض".

وأشار لـ"أندبندنت عربية"، الى أن "معالم الخطة الأميركية للملف اللبناني بعد انتهاء الحرب، تتألف من ثلاث نقاط تشمل: انتخاب رئيس للجمهورية ليفاوض على الاتفاقات الدولية وتشكيل حكومة جديدة، وتحصين الجيش ودعمه عسكريا وأمنيا وإعادة انتظام العمل القضائي في البلاد".

ولفت الى أن "هناك تفاهمات دولية بدأت تظهر ملامحها، بين واشنطن وطهران تحديدا، حول تموضع "حزب الله" في الداخل اللبناني"، موضحا أن "التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من حزب عسكري إلى حزب سياسي".
 
وعن الجهود الدولية لوقف الحرب في لبنان، كشف سلام أنه خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية واشنطن، عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين أميركيين ومستشاري الرئيس ترامب، وقال: "ما لمسناه في واشنطن نية حقيقية لدى الإدارة المقبلة لدعم استقرار لبنان. فقد أكد مستشارو ترامب، بمن فيهم مسعد بولس، أن لبنان سيكون ضمن أولوياتهم".

أضاف: "فريق الرئيس الجمهوري ينظر إلى لبنان كجزء من استراتيجية إقليمية أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. والإدارة الأميركية الجديدة ترى أن بلادنا يمكن أن تكون نموذجا للاستقرار إذا تم التعامل معه بجدية".

وأعرب عن تفاؤله بـ"إمكانية أن يشهد عام 2025 بداية جديدة للبنان رغم التحديات"، وقال: "مع تغيير الإدارة الأميركية، ووجود دعم دولي وإقليمي واضح، يمكن أن يكون عام 2025 نقطة تحول إيجابية. ولكن النجاح يعتمد على قدرتنا كلبنانيين على اتخاذ قرارات حكيمة ومسؤولة".

وتطرق وزير الاقتصاد الى موضوع الخسائر الاقتصادية نتيجة الحرب التي شهدها لبنان لعام وشهرين تقريبا، فأشار الى أن "البلد يحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات ليتعافى من الحرب التي أعادته 10 سنوات إلى الوراء".

وقال: "ان حجم الأضرار التي لحقت بلبنان نتيجة الحرب المستمرة، تجاوزت كل التوقعات. ان الأرقام التي كشف عنها البنك الدولي، وقدرت الخسائر بنحو 10 مليارات دولار، لا تمثل سوى جزء من الصورة الكاملة. نحن نعتقد أن الخسائر الفعلية، بما في ذلك الأضرار المباشرة وغير المباشرة، تتراوح بين 15 و20 مليار دولار".

أضاف: "هذه الأرقام تشمل الدمار في البنى التحتية، وتضرر القطاعات الاقتصادية الكبرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية الخطرة. نحن نتحدث عن نزوح أكثر من مليون شخص، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. فقط خلال الأشهر القليلة الماضية، فقد أكثر من 400 ألف شخص وظائفهم، مما زاد من حدة الأزمة الاقتصادية".

وتابع: "هذه الأرقام مرشحة للارتفاع في ظل استمرار النزاع، مما يجعل الحاجة إلى وقف إطلاق النار أمرا ملحا. كل يوم يمر في ظل الحرب يعيدنا سنوات إلى الوراء، ويزيد من الأعباء التي ستواجهها أي جهود لإعادة الإعمار".

وعن تداعيات الحرب على الأوضاع الاجتماعية، أوضح أن "الأزمة الحالية أضافت أعباء جديدة إلى وضع اقتصادي كان يعاني الانهيار أصلا".

وقال: "نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية. النزوح الجماعي والبطالة المتزايدة جعلا من الصعب على اللبنانيين تأمين حاجاتهم الأساسية. حتى القطاع الصحي يواجه ضغوطا هائلة في ظل نقص الموارد".

اضاف: "الأزمة الاقتصادية الراهنة تعني أن لبنان لا يستطيع تحمل مزيد من الحروب أو النزاعات. نحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإلى خطة طوارئ لتخفيف العبء عن الجميع".
 

وأعلن أن "الحكومة تعمل على إنشاء منصة إلكترونية للتواصل مع القطاع الخاص لتقييم الأضرار ودعم المؤسسات المتضررة". وقال: "هذه المنصة ستتيح لنا جمع البيانات اللازمة لتقديم صورة شاملة عن حجم الأضرار، مما يسهل عملية جذب الدعم الدولي".

وعن خطط إعادة الإعمار، أكد سلام أن "المجتمع الدولي مستعد لدعم لبنان، شريطة التزامه بالإصلاحات الضرورية". وقال: "لقد ناقشنا في واشنطن إمكانية إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار، تشارك فيه كل من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول العربية. والفكرة هي توجيه المساعدات بصورة شفافة لضمان استخدامها في مشاريع تنموية حقيقية".

ولفت الى أن "إحدى الخطط التي يعمل عليها تشمل إعادة تشغيل مطار القليعات في الشمال، كجزء من مشروع أوسع لتحسين البنى التحتية وتعزيز النشاط الاقتصادي".

وانتقد "بشدة ممارسات بعض التجار الذين استغلوا الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة"، مشددا على أن "ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة ليس مبررا بالكامل بظروف السوق العالمية، فهناك استغلال واضح من قبل بعض تجار الأزمات الذين يضاعفون معاناة المواطنين".

وأكد سلام أن "وزارة الاقتصاد تعمل على تكثيف الرقابة ومعاقبة المخالفين"، وقال: "التكنولوجيا تلعب دورا مهما في تحسين أدوات الرقابة، وما نحتاج إليه الآن هو نظام رقابي أكثر كفاءة، لضمان عدالة الأسعار وحماية المستهلك".

وأقر بوجود "تحديات كبيرة تعرقل اتخاذ القرارات اللازمة لإنقاذ لبنان"، وقال: "لبنان يعيش حال انقسام سياسي حاد، تجعل من الصعب تحقيق توافق داخلي حول القضايا المصيرية. ولكن مع ذلك، نحن في حاجة إلى تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الضيقة".

وفي ما يتعلق بدور "حزب الله" في المفاوضات، قال: "الحزب يلعب دورا محوريا في المشهد الحالي، ولا يمكن تجاهل حقيقة أنه أحد الأطراف الرئيسة في النزاع الحالي. لذا، فإن أي حلول يجب أن تأخذ في الاعتبار موقفه وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية تصب في مصلحة لبنان ككل".

اضاف: "ان التحدي الأكبر يكمن في إيجاد صيغة توافقية تضمن الحفاظ على سيادة لبنان مع الالتزام بالقرارات الدولية، مثل القرار 1701. هذا يتطلب حوارا داخليا صادقا وإرادة سياسية قوية".

وعن المنطقة ومستقبلها، أكد سلام "أهمية رؤية السعودية 2030 وتأثيرها الإقليمي على مستقبل الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان"، معتبرا أنها "ليست مجرد خطة اقتصادية، بل استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في المنطقة، إذ تمثل مشروعا طموحا يعكس نهجا جديدا في إدارة العلاقات الإقليمية، وأن لبنان لديه فرصة حقيقية لأن يكون جزءا من هذه الرؤية إذا أحسن إدارة قراراته الداخلية".

وأكد أن "الرؤية السعودية تعتمد على تحقيق نزاعات صفر في المنطقة كشرط أساسي لتحفيز التنمية الاقتصادية، وأن هذا المسار يشمل جميع الدول العربية، بما فيها لبنان، الذي يمكن أن يستفيد بصورة كبيرة إذا انضم إلى هذا القطار، إذ تشمل رؤية 2030 أيضا توفير بيئة سياسية مستقرة تخدم جميع شعوب المنطقة".

ورأى أن "لبنان لديه موقع استراتيجي يجعله بوابة بين الشرق والغرب، والأمر يتطلب منه القيام بخطوات إصلاحية واضحة أبرزها الالتزام بالقرارات الدولية، والعمل على إزالة التوترات الداخلية والخارجية المتصلة به".

وخلص الى أن "لبنان أمام خيارين: أولهما الانضمام إلى رؤية 2030 والاستفادة من الاستقرار الإقليمي، أو البقاء رهينة النزاعات والفوضى. لبنان أمام فرصة تاريخية للخروج من أزمته، لكن الوقت ينفد والمطلوب الآن قرارات شجاعة من الجميع، وتغليب مصلحة الوطن على الحسابات الضيقة".

مقالات مشابهة

  • محكمة تعز تقضي بسجن ثلاثة أشخاص في قضية ابتزاز ناشطة
  • من عقبة العامرات إلى جسر هونغ كونغ
  • سلام: التفاهمات تقضي بأن يتحول الحزب من عسكري إلى سياسي
  •   قرار تاريخي من محكمة الجنايات الدولية.. متى تحاكم بقية المجرمين؟
  • بدء تدريب كونغ فو في مركز شباب المدينة بالمنيا
  • قرار تاريخي من محكمة الجنايات الدولية ضد الكيان الصهيوني ..متى يحاكم بقية المجرمون ؟
  • تأثير الإنترنت على الصحة العقلية لكبار السن
  • الصين تستهدف 138 مليار دولار لحجم سوق إعادة تدوير بطاريات الطاقة
  • محكمة النقض تستقبل الوفد القضائي للمحكمة العليا لمقاطعة هينان بجمهورية الصين
  • “الصندوق العقاري”: إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي “سكني” لشهر نوفمبر