لجريدة عمان:
2024-07-06@02:58:14 GMT

تفريغ المبدع العماني لأجل الوطن والثقافة

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

أبهجتنا المناسبات الثقافية المتواصلة في سلطنة عُمان منذ منتصف الشهر الجاري، فبعد تكريم الكتّاب والروائيين: الدكتورة جوخة الحارثي والروائي زهران القاسمي والمصوّر هيثم الفارسي، تم وضع حجر الأساس لمجمع عُمان الثقافي الذي يُعد من أهم البُنى الأساسية للثقافة في عُمان.

تمنحنا الثقة السامية المزيد من الامتنان للمقام السامي ولمؤسسات الدولة على العناية الخاصة بالقطاع الثقافي.

والثقافة هنا لا تقتصر على الإبداع الثقافي بمختلف أشكاله وأنواعه، بل بما تمثّله فلسفة الثقافة من قول وفعل وطريقة تفكير، بمعنى أن الثقافة لا تقتصر على الإنتاج وإنما في المردود المعنوي المؤثر في حياة الفرد ووعيه وطريقة تفكيره نحو ذاته ومحيطه والمؤسسات التي ينتمي إليها؛ لأن الثقافة طريقة تفكير ومسار حياة وهذا أحد تعريفات الثقافة الدالة على كل شيء يخصّ الإنسان ويختصّ به. لذلك كانت الثقافة الأداة الوحيدة لقياس التطور والرقي والاقتراب من فهم الإنسان وفطرته، ومن ثم فإن أي خطة تطويرية أو رؤية منشودة لا بد أن تعتمد على الثقافة تخطيطا وتنفيذا وتقييما.

بالعودة إلى المكرّمين في المجال الأدبي والفني، وهم الكاتبة والروائية الأكاديمية جوخة الحارثي، والشاعر والروائي زهران القاسمي، والمصور هيثم الفارسي، فإن إنتاجاتهم الأدبية والفنية قد فرضت نفسها على منصات التتويج وذوق القراء والمشاهدين، فجوخة الحارثي حققت إنجازًا عالميًا بحصولها على جائزة مان بوكر العالمية عن روايتها «سيدات القمر» في عام 2019م، وفازت النسخة المترجمة إلى الفرنسية بجائزة الأدب العربي في فرنسا عن الرواية ذاتها في عام 2021م، وقبل الإنجازات العالمية حصلت الحارثية على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون عن رواية «نارنجة» في عام 2016م. ولفت فوز «سيدات القمر» القرّاء والنقّاد إلى الأدب العُماني بشكل خاص والثقافة العمانية بشكل عام.

أما الكاتب والروائي زهران القاسمي فقد حصل على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2023م عن روايته «تغريبة القافر»، وقبلها حصل على عدة جوائز أدبية على المستوى المحلي. أما المصور هيثم الفارسي، فهو «أول مصوّر عماني ينضم إلى «ناشونال جيوجرافيك» لنشر صور عن سلطنة عُمان في مجلات سياحة المغامرات، وهو محكِّم دولي لأكثر من ثلاث مسابقات ومعارض دولية، وحصل على ما يقرب من 320 جائزة دولية ومحلية».

إننا نستشعر معنى أن يكون تكريم أي مثقف عُماني تكريما للمنتمين للحقل ذاته، ونحن إذ نغتنم الفرصة لنبارك للزملاء الكتّاب والفنانين المكرمين، فإننا نعيد طرح فكرة ليست بجديدة، وهي تفريغ المبدع العُماني من وظيفته ليتسنى له التعمق في مشروعه الفكري والأدبي والعلمي، ومنحه المزيد من الوقت للاستعداد للمشاركات الثقافية داخل الوطن العربي وخارجه، حيث يُمثل حضور أي مثقف عُماني في أي محفل تمثيلا لعُمان وثقافتها، وبلغة التسويق الثقافي يُعد الحضور والتمثيل ترويجًا لسلطنة عُمان بشكل أو بآخر، وهذا ما نعده مساهمة فردية وواجبًا وطنيًا تجاه بلد تنفرد بعراقتها وثقافتها وحضورها الثقافي والسياسي منذ وجودها في سجل التاريخ.

ولسائلٍ أن يتساءل عن التفُّرغ الوظيفي وأثره على المبدع، فبعض المبدعين يشاركون في العديد من المناسبات بعد إخطار مؤسساتهم التي يعملون بها، ولكن من يعرف الإجهاد بعد تلك اللقاءات الأدبية؟ فضلا عن ضغوطات السفر والاستعداد والتهيئة الذاتية للمشاركة في هذه المناسبات الثقافية أو تلك؟ إنّ من يعرف ذلك يُدرك بأن المثقف بحاجة إلى فرص للحصول على الراحة والتخفف من ضغوطات الوظيفة، إذ لا يخفى على أحد بأن الإجراءات الإدارية في بعض المؤسسات التي يعمل فيها المبدع لا تزال خاضعة لسياسات إدارية لا تولي القيمة الثقافية مكانتها وربما لا تُقدّر إنتاج المفكر ولا أثره في إعلاء اسم الوطن، لهذا نقول بأنه قد آن الأوان للتفكير في تفريغ المبدعين من وظائفهم تقديرًا من المؤسسة للفرد المنتمي إليها، بعدما أسهم في فرض اسم عُمان في الخريطة الثقافية العربية والدولية. فإذا كانت بعض البلدان تُخلّد صور مفكريها ومثقفيها على الأوراق المالية والطوابع التذكارية، فإننا نأمل بأن تنظر المؤسسة إلى المثقف الذي حظي بتقدير صاحب الجلالة بالتفرغ من الإجراءات الإدارية التي تتبعها المؤسسة في التعامل مع موظفيها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ع مانی

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة.. بما مضى أم بأمر فيه تجديد؟

دائما ما يعترينا نوع من التفاؤل الممزوج بالأمل والأمنيات كلما تم تغيير مسئول واستبدل به آخر جديد، فجأة يطفو على سطح أحلامنا كل ما نرجو تحقيقه مما فشل أو عجز أو تكاسل الآخرون عن تقديمه.
يستوى الأمر هنا إن كان المسئول رئيسا للدولة أو رئيسا للوزراء أو وزيرا أو محافظا أو حتى مجرد مدير مؤسسة نهتم لشأنها.
ولأن الهم الثقافى من الهموم المسيطرة والملحة على واقعى وعقلي، باعتبارى الأول كاتبة وشاعرة، أنتمى بشكل مباشر لذلك الوسط، ثم لطبيعة عملى الصحفى المرتبط بالشأن الثقافي، مما استلزم معه ألا أجد غضاضة فى تكرار ما يحتاجه الملف الثقافى طوال سنوات عجاف من الإهمال والتهميش والتجاهل لأولوياته.. 
لذا دعونى أتوجه فى السطور التالية بما سبق واستعرضته فى مقال سابق بعنوان «ماذا يريد المثقفون»، فى مطلع الانتخابات الرئاسية الفائتة، كملف ذى أولوية يجب أن يطرح على مائدة الرئيس وحكومته، ولأن شهورا مرت ومازال الأمر طى عدم الالتفات، فلأعيده على مسامع الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة الجديد، الذى آمل أن يكون مختلفا فى منهجية التفكير والتنفيذ عن سابقيه، علنا نعيد للثقافة قيمتها، فى مجتمع أحوج ما يكون لأن يستعيد هويته الثقافية ويشعر بأهميتها فى صنع حاضره ومستقبله. 
وعلى غرار ما قاله يوما نيلسون مانديلا «لا يوجد بلد يمكن أن يتطور حقا ما لم يتم تثقيف مواطنيه»، وإذا ما افترضنا أننا نبحث عن التقدم والتطور فى ظل ما نجابهه ويواجهه العالم، فإن الثقافة هنا تصبح أمرا مهما لا يمكن تهميشه بحال، بينما ما نحياه من واقع يؤكد أن هناك تهميشًا وتحييدًا للملف الثقافى بشكل سافر، يوضحه تخفيض ميزانية الثقافة إلى النصف تقريبا، وافتقادها لكثير من الدعم، وهو ما حدث منذ فصل وزارة الآثار عن الثقافة، دون الأخذ فى الاعتبار أهمية ذلك القطاع وضرورة مضاعفة ميزانيته لتلبية أجزاء مما يقدمه من فعاليات وأنشطة على مستوى الجمهورية، بكافة مؤسساته، وهو ما يتطلب معه بعض الإجراءات الملحة، أهمها العمل على برنامج لتطوير المؤسسات الثقافية، وبموجب هذا البرنامج يتم العمل على إحلال وتجديد وتطوير المؤسسات والمنشآت الثقافية، حيث هناك العديد من تلك المؤسسات إما متعثرة وإما مغلقة وإما غير ذلك من أسباب أدت إلى خروجها من الخدمة الثقافية، وذلك بسبب العديد من الأمور؛ إما لقلة الاعتمادات والمخصصات المالية وإما للاشتراطات الخاصة بالحماية المدنية وإما بسبب إجراءات التخصيص للأراضي.
كذلك ضرورة رفع كفاءة العديد من دور العرض والمسارح وإجراء الصيانة للعديد منها، وفتح العديد من بيوت وقصور الثقافة التى تفتقدها كثير من المناطق النائية، ضرورة تخفيض الضريبة وأسعار التذاكر.
وإن كان لوزيرة الثقافة الأسبق د.إيناس عبدالدايم تصريح صحافى منذ أكثر من عامين مضيا، مفاده أن ٧٣ بالمئة من ميزانية الوزارة تذهب على رواتب العاملين، فإن الأمر حقا يدعو للخجل، وإعادة النظر بل وربما الهيكلة.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة.. بما مضى أم بأمر فيه تجديد؟
  • وزير الثقافة لـ«الوطن»: عودة الفعاليات الفنية الدولية المتوقفة قريبا
  • غدا.. القومي لثقافة الطفل يستأنف صالون "محبة الوطن"
  • دار الكتب والوثائق تحتفل بذكرى «30 يونيو» (صور)
  • يا وزير الثقافة.. «نحتاج أداءً عكاشيًا»
  • "المبدع الصغير" ضمن مبادرة ثقافتنا في أجازتنا بثقافة الفيوم
  • لطيفة بنت محمد تبحث مع قنصل عام اليابان تطوير الشراكة بمجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • لطيفة بنت محمد تبحث سبل تطوير الشراكة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • عروض فنية وسينما ولقاءات أدبية.. الثقافة الفلسطينية تواصل مهامها رغم الحرب
  • لطيفة بنت محمد تبحث مع قنصل عام اليابان سبل تطوير الشراكة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية