أكد فضيلة الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن الإسلام رسالة تهدف إلى تحقيق غايات حينما ننظر إليها نرى أنها تعتمد في حملها وتحقيقها على الشباب، فالشباب لهم دور كبير وفاعل، والأمة الإسلامية كانت في نهضتها تعتمد على الشباب، وهناك نماذج كثيرة من التابعين والصحابة الذين تأسوا بمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وحرصه على الشباب، وهناك أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤكد أن الشباب بانضباطهم ونشأتهم على طاعة الله والعلم وتعمير الأوطان، يظلهم الله في ظله في الآخرة ويساعدون في الدنيا على التطوير والتعمير، ونبه الرسول صلى الله عليه وسلم، الشاب إلى ضرورة توظيف واستثمار أوقاتهم في العلم والتدبر وتعمير الأوطان، وأن يجتهدوا في سعيهم وأعمالهم ولا يضيعوا حياتهم وشبابهم فيما لا يفيد، بل ينبغي أن يكون عضوًا مؤثرًا.

وكان قد عقد جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته 55، ندوة بعنوان "الشباب ومواجهة التغيرات المجتمعية، حاضر فيها، الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وأدارها محمود عبد الرحمن، المذيع بالمركز الإعلامي للأزهر الشريف، وناقشت كل ما يحتاجه الشباب لمواجهة التغيرات والتحديات التي تجتاح العالم وتؤثر على رؤيتهم ومستقبلهم وسبل المعالجة.

وأكد فضيلة وكيل الأزهر الشريف، أن الشباب عليهم مسؤولية كبيرة ويجب أن يتحملوا واجبهم في بناء الأوطان والمجتمعات، ويحافظوا على أداء مهامهم التي كلفهم الله بها سعيًا لتعمير الأرض تعليمًا وعملًا وإعمارًا للكون، لأنهم إن تكاسلوا عن أداء أدوارهم، سينعكس ذلك على حاضرهم ومستقبلهم، فإذا نجح الشاب في ذلك تتحق طاعة الله في أرضه ويعم الخير في ميادين الحياة المختلفة في الطب والتعليم والهندسة والرياضة وتتحقق الريادة، وحول التحديات التي تواجه الشباب في العصر الحديث وسبل المعالجة، أوضح وكيل الأزهر الشريف، أنها تندرج في الأساس تحت أزمة الوعي، وأن يفهم الشاب حقيقة الدور المنوط به في هذه الحياة ودوره في إعمار الكون وأن يفخر بأنه المستخلف في هذه الأرض وعليه دور وأمانة سيحاسبه الله عليها.

وبيَّن وكيل الأزهر الشريف، أن هناك من يريد أن يغرق الشباب في مفاهيم مغلوطة وثقافات عبر وسائل حديثة على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما فطن إليه الأزهر الشريف، بتبنيه استراتيجيات وخطط وبرامج لحماية وإنقاذ لقيم الشباب ومعالجة مشكلاتهم، ويتعاون الأزهر مع جميع مؤسسات الدولة من أجل الوقاية والتحصين للشباب، وهناك توجيهات واضحة من فضيلة الإمام الأكبر، بضرورة التعمق في الدراسة والتحليل وتقديم المعالجات لكافة مشكلات الشباب، ويقوم مركز تطوير الوافدين، برئاسة الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، بدور كبير في دعم وعلاج مشكلات الشباب، ويعد مجمع البحوث الإسلامية خطط للتوعية والتحصين للشباب ويذهب إلى كافة مؤسسات الدولة والجمعيات المصرية لتقديم ندوات للتوعية، ودرب الأزهر الشريف وعاظ وواعظات الأزهر لكي يحاوروا الشباب، ويرتادوا المقاهي بالعمامة الأزهرية وبلغات الشباب المختلفة وبثقافة تستوعب تلك التغيرات المعاصرة، ولدينا واعظات في الأزهر الشريف على قدر كبير من الكفاية للتدريب والتوعية والتثقيف لدخول الأماكن والاجابة على تساؤلات الشباب والتصدي لمشكلاتهم، ولدينا أيضًا أكاديمية الأزهر الشريف لتدريب الأئمة والوعاظ تعمل على مدار الساعة لرصد ومتابعة مشكلات الشباب ومعالجتها وتزويدهم بالعلم والمعرفة، كما وجّه فضيلة الإمام الأكبر بإنشاء وافتتاح الأروقة في جميع محافظات مصر للتوعية والتعليم وفق المنهج الأزهري، وهناك رواق الكبار من غير الأزهريين لحماية أفكارهم وتعلم علوم الأزهر المختلفة، كما أن هناك دور فاعل لمركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، وأنجزنا العديد من الدورات والبرامج التي تم تنفيذها، ليس ذلك لشباب مصر فقط، بل يأتي شباب العالم كله للأزهر الشريف للتعليم وتنمية القدرات والمهارات.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: وكيل الأزهر الشريف وکیل الأزهر الشریف على الشباب

إقرأ أيضاً:

فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان

• ذو القرنين الذي ذُكر في القرآن الكريم، هل هو نبيٌّ مرسل أم رجلٌ صالح من أولياء الله؟

لم يقم دليل على أن ذو القرنين كان نبيًّا، مع أن هذه المسألة شغلت المفسرين، وشغلت من دخل في هذه القضايا، فأبعدوا فيها النجعة في حقيقة الأمر، ومنهم من قال، على سبيل المثال، إن ذو القرنين هو الإسكندر المقدوني، وهذا قول بعيد، لأن هذه الشخصية في كتاب الله عز وجل وردت في سياق الثناء والامتداح، وأنه من الصالحين الذين أوتوا أسباب الملك والقوة والعلم، وأنه سار في الناس سيرة حسنة.

ولذلك، لا يمكن أن يقال بأنه الإسكندر المقدوني الذي كان صاحب بطش شديد وظلم في الناس وسفك للدماء، أما عن نبوّته، فقد وقع الخلاف، قيل بنبوّته، لكنه قول الأقل من أهل العلم، كما قيل بنبوة لقمان، وكما قيل بنبوة الخضر صاحب موسى، وكما قيل بنبوة مريم عليها السلام.

إذن، الخلاف يشمل ذو القرنين أيضًا، لكن هذا قول الأقل من أهل العلم، والأظهر أنه عبدٌ صالح، وكان ملكًا من الملوك العادلين الذين أوتوا بسطة في القوة والسلطة والأسباب، وأنه سار في شرق الأرض وغربها، فاتحًا، رافعًا للظلم، ناشرًا للعدل، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر.

وهذا القول نُسب إلى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الأثر أن سيدنا علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- سُئل عنه، فقال: "إنما هو عبد صالح"، أي نفى نبوته، وهذا هو الأظهر فيه.

وقد أسهب المفسرون في الكلام عن هذه الشخصية، وذهب بعضهم إلى أنه من العرب، لأن الاسم مركب من "ذي" وما أُضيف إلى المعرف بـ"أل"، وهو أسلوب معروف عند العرب، لا سيما في اليمن، لكن هذا أيضًا بعيد، لا سيما إذا نظرنا إلى سبب نزول قصة ذي القرنين، وأن ذلك كان إما من اليهود مباشرة أو بإيعاز منهم للمشركين ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو كان من العرب لما خفي أمره على العرب، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالراجح أن اليهود كانوا يقصدون شخصية تاريخية معروفة عندهم، وهذا يستبعد أن يكون من العرب.

ومن أفضل ما كُتب عن شخصية ذي القرنين، وما قام به، هو ما كتبه العلامة أبو الكلام آزاد، فقد كتب مقالًا رائعًا في هذا الموضوع، اعتمد فيه على ما ورد في كتاب الله عز وجل، وما لدى اليهود في كتبهم القديمة، سواء الكتب المقدسة أو الروايات التاريخية، كما اعتمد على علم الآثار والأركيولوجيا، بالإضافة إلى المصادر اليونانية.

والمصادر اليونانية كانت في عداء مستحكم مع فارس عبر تاريخها، والنتيجة التي وصل إليها أبو الكلام آزاد هي أن ذو القرنين هو الملك كورش الثاني، وأن له تماثيل وتصاوير تُظهره بتاج له قرنان، وهي موجودة بالفعل، كما أنه كان ملكًا عادلاً، وحّد مملكة فارس بين فرعيها، وهو مؤسس الدولة الأخمينية الفارسية، أو من حولها إلى إمبراطورية فارسية.

وكان معروفًا بالعدل والرحمة، وهو الذي خلّص اليهود من الأسر البابلي وأعادهم إلى فلسطين، اعتمد أبو الكلام آزاد على كل هذه المصادر، فخلص إلى هذه النتيجة، وإن كان بحثه الآن نادر الوجود، وهو أمر غريب، فقد تُرجم إلى الإنجليزية، لكنه لم يُذكر في تفسيره، الذي وصل فيه إلى سورة المؤمنون، إن لم تخني الذاكرة، وإنما كان مقالًا أو بحثًا منفصلًا، وأنا لدي نسخة منه، لكنها منقوصة، إذ تصل إلى ما يقرب من 270 صفحة، لكن بحجم صفحات صغير، والحاصل أنني أجد أن بحث مولانا أبو الكلام آزاد هو الأكثر إقناعًا، ويمكن لمن شاء من أهل العلم وطلبة العلم أن يرجعوا إليه، وإن وُجدت منه نسخة جيدة، فليكرمونا بها.

لكن الخلاصة، جوابًا عن السؤال: الظاهر أنه ليس بنبي، وإنما هو عبد صالح، مؤمن، ملك عادل، أُوتي من أسباب القوة والعلم، وسار في شرق الأرض وغربها وشمالها، بل إن أبا الكلام آزاد حدد مكان السد، فقال إنه في جبال القوقاز بين بحر قزوين والبحر الأسود، وذكر أنه كان مبنيًّا بالحديد والنحاس، كما ورد وصفه في كتاب الله عز وجل.

ومجمل هذه الأدلة تدفع إلى الإقناع، لكنه ليس نبيًّا، ولا هو أيضًا من الشخصيات التي شُوّهت سيرتها في التاريخ، وبالمناسبة، اسم كورش يرد أيضًا عند بعض المفسرين كاحتمال لشخصية ذي القرنين، ويبدو أنه الأقرب. والله تعالى أعلم.

• هل على الأسهم زكاة؟ نريد التفصيل في هذا الجانب؟

نعم، لنلخص ما يتعلق بزكاة الأسهم، لها ثلاثة أحوال، الحالة الأولى: أن تكون هذه الأسهم مرادًا بها البيع والشراء، أي التداول والمضاربة، كما يقال باللغة المعاصرة، فيشتري هذه الأسهم، ثم ينتظر غلاء ثمنها أو قيمتها، فيبيع ليشتري أسهمًا أخرى، وهكذا. فهو لا ينتظر التوزيعات الدورية للأرباح، وإنما يريد المتاجرة بالأسهم نفسها.

إذًا، الزكاة في هذه الحالة تكون في القيمة السوقية للأسهم التي في يده يوم زكاته، فلا التفات هنا إلى ما تمثله هذه الأسهم، ولا إلى التوزيعات السنوية أو الدورية، وإنما عندما يحين حول زكاته، فإنه ينظر فيما يملكه من أسهم، ويزكيها بحسب قيمتها السوقية، كأنها عروض تجارة، وهذا كله، ما تقدم وما سيأتي، مشروط بأن تكون هذه الأسهم فيما هو مباح شرعًا، وهذا مما لا حاجة إلى تأكيده.

الصورة الثانية: أن تكون هذه الأسهم رأسمال في أعيان مستعملة في التصنيع أو التجارة أو غير ذلك، أي لا يقع البيع والشراء عليها، وإنما على منافعها، كمثال: بناء مصانع، أو شركة نقل لديها عربات ومركبات نقل متنوعة تؤجرها وتستعملها لنقل البضائع، أو لديها سفن وطائرات، لكنها لا تتاجر بالسفن والطائرات والمركبات التي تملكها، وإنما في منافعها، في هذه الحالة، يُنظر إلى ما تمثله الأسهم من هذه الأصول، فلا يدخل ذلك في الوعاء الزكوي، وإنما ما كان على خلاف ذلك هو الذي يدخل في الوعاء الزكوي مع الأرباح، إذًا، في هذه الحالة، تزكّى الأرباح فقط، وتشبه العقارات في هذا الحكم.

الصورة الثالثة: أن تكون الأسهم نفسها محلًا للاتجار، أي أن تكون الحصص التي شارك بها المساهم في الشركة ذاتها محلاً للبيع والشراء، سواء كانت في الزراعة، أو العقارات، أو الاتصالات، أو التقنية، أو أي مجال من مجالات العمل والتجارة المشروعة، فالزكاة واقعة في هذه الأصول، مما يعني أن أسهمه تمثل هذه الأصول، وهي جزء شائع محدد من هذه الأصول، والتجارة واقعة فيها.

في هذه الحالة، سيزكي كما هو الحال في الصورة الأولى، أي أنه سيزكي الأسهم كلها بحسب قيمتها السوقية، وليس هناك تزكية مرتين، أي مرة لرأس المال ومرة للأرباح، بل تُزكى مرة واحدة بالقيمة السوقية يوم زكاة صاحب الأسهم، إذًا، في الصورة الأولى والثالثة، الزكاة تكون على كامل قيمة الأسهم السوقية.

أما الصورة الثانية، حيث تمثل الأسهم أعيانًا لا تقع التجارة فيها وإنما في منافعها، فهنا لا يُحسب رأس المال، وإنما تُحسب الأرباح فقط، مثال توضيحي على شركات الاتصالات، إذا كان رأس المال الذي اشترى به الشخص هذه الأسهم يمثل أعيانًا ومنافع وخدمات وأصولًا تقع عليها التجارة، فإنها داخلة في الزكاة، ويزكى رأس المال مع الأرباح.

إجمالًا، لا يمكن حصر الأمثلة والتطبيقات العملية، وإنما التقعيد هو الذي يهم، والله تعالى الموفق.

مقالات مشابهة

  • ملتقى رياض الصالحين يحذر من الغيبة والنميمة.. ويؤكد: الكلمة بناء للمجتمع
  • فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • شيخ الأزهر: المرأة الفلسطينية ضربت المثل في الشجاعة والتاريخ سيقف طويلاً وهو يحني لها الرأس
  • فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • «حكماء المسلمين»: الأزهر الشريف منارة الوسطية والتسامح
  • الأزهر الشريف.. 1085 عامًا من العطاء والوحدة الإسلامية
  • مفتي الجمهورية: الصبر فضيلة عظيمة تشكل أساساً للرسالات السماوية
  • المشرف على الرواق الأزهري: المحافظة على الأوطان مطلب شرعي وعلى الشباب التمسك به
  • سلامة داود: الأزهر الشريف كان ولا يزال وسيظل يجمع شمل الأمة ويقاوم تفرقها
  • بمناسبة مرور 1085 عاما على تأسيسه.. .محافظ القاهرة يؤدى شعائر صلاة الجمعة بجامع الأزهر الشريف