تلغراف: الإسرائيليون يخشون هرمجدون ويتوقعون نهاية العالم
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
أفاد تقرير في صحيفة "تلغراف" البريطانية بأن إسرائيل تعيش حالة من القلق والتوتر، إذ يُقاتل جيشها على جبهتين؛ إحداهما في قطاع غزة ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والأخرى في جنوب لبنان ضد حزب الله.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي كتبه كبير مراسليها روبرت مينديك، إن السكان في إسرائيل متوجسون وينتابهم إحساس بأن الأوضاع تنذر بالشؤم، بل إن البعض منهم يعتقد أن "الحرب العالمية الثالثة" قد بدأت بالفعل.
وحاول المراسل الربط بين ما يدور من اقتتال في الجبهتين المذكورتين وحرب نهاية العالم المعروفة باسم هرمجدون، "التي بدت يوما ما بعيدة المنال، إلا أنها لا تبدو مستبعدة تماما الآن".
وهرمجدون كلمة مشتقة من اللغة العبرية وتعني "هار مجدو"، أو تل مجدو الواقع غرب مدينة جنين في فلسطين، وهو موقع تجمع الجيوش للمعركة النهائية، وفقا لسفر الرؤيا في العهد القديم، الكتاب المقدس لدى اليهود.
وذكرت الصحيفة أنه يوجد في الشمال حوالي 160 ألفا من صواريخ حزب الله مصوبة نحو هذا الاتجاه، بينما في الجنوب يخوض الجيش الإسرائيلي معارك مستعرة ضد حركة حماس في حرب مستمرة منذ 4 أشهر تقريبا.
وزادت أن إسرائيل تعيش توترا. وبالوقوف في مدينة مجدو، الواقعة وسط إسرائيل، والتي أضحت الآن موطنا لموقع أثري واسع، هناك توجس من نذير بالشر يسود المنطقة.
وتقع مجدو على الطريق التجاري القديم بين مصر وبلاد ما بين النهرين (العراق وسوريا حاليا)، وكانت موقعا لعدد من معارك، وورد ذكرها في العهد القديم.
ووفقا للصحيفة البريطانية، فإنه لا أحد يزور مجدو هذه الأيام، مما يوحي بأن البلاد لا تزال في حالة صدمة بعد مرور أكثر من 100 يوم على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقد اختفت مظاهر السياحة، وأصبح الزوار المسيحيون الذين اعتادوا القدوم إلى هرمجدون يفضلون الابتعاد عن المنطقة خوفا من نشوب حرب نهاية التاريخ، كما يشير التقرير.
غير أن سائحا واحدا، تقول تلغراف، إنه ظهر من العدم، واسمه سيرغي بوزانوف (62 عاما)، في زيارة ليوم واحد إلى الموقع رفقة زوجته.
هرب من روسيا ليجد الحرب في إسرائيل
وأضافت الصحيفة أن بوزانوف -وهو يهودي روسي- غادر وطنه قبل 10 أشهر هربا من "مشعل الحرب" الرئيس فلاديمير بوتين.
ونقلت عنه القول "أردت فقط رؤية هرمجدون قبل أن تصبح مسرحا لحرب حقيقية". وأردف بوزانوف -وهو مهندس متقاعد في مجال تكنولوجيا المعلومات- "من المحتمل جدا أن تندلع حرب في شمال (إسرائيل)، وهي لا بد منها، لكنني أخشى وقوعها".
وأشارت تلغراف إلى أن بوزانوف يدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي أن معظم البلاد لا تريد بقاءه في المنصب، وتنحي عليه باللائمة في الإخفاقات الأمنية التي حدثت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما أن الإسرائيليين يحملونه وزر شن حرب على قطاع غزة لا تظهر دلائل على تراجع زخمها.
الحرب على حزب الله تلوح بالأفقوالحقيقة هي أن الحرب على حزب الله، الذي تصفه الصحيفة بأنه خصم أخطر من حماس، تلوح في الأفق؛ فقد أُخليت بلدات حدودية من عشرات الآلاف من ساكنيها قبل شهور، وبات التوتر مرتفعا في ظل بيانات الجيش اليومية عن غارات جوية على جنوب لبنان، أو صواريخ يطلقها حزب الله على إسرائيل.
ويعتقد الكاتب والناشط الاجتماعي ممدوح إغباري أن الصراع الحالي سينتشر لأن "العالم كله الآن ضد إسرائيل"، مضيفا "هناك بالفعل حرب على حزب الله (..) ومن الصعوبة بمكان الوصول إلى تفاهم بين الدول الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وبريطانيا".
ويقول بتلقائية، وهو يرتشف فنجانا من القهوة في أحد مقاهي مدينة أم الفحم الفاخرة، "الحرب العالمية الثالثة تحدث الآن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حزب الله حرب على
إقرأ أيضاً:
وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!
سواء في لبنان أو في غزة يظل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار أمراً شديد الأهمية؛ لأنه يعني وقف القتل والتخريب والتهجير الذي يوشك أن يصبح آتياً من طرفٍ واحدٍ هو الطرف الإسرائيلي. بيد أنّ المشكلات الأخرى المتكاثرة بعد الحرب على الجبهتين هي بالصعوبة نفسها، بل قد تكون أكثر عسراً واستعصاءً، وستقتصُر المعالجة هنا على الجبهة في لبنان.
إنّ الصعوبة الأولى بعد وقف النار إن حصل تتمثل في دخول الجيش اللبناني إلى منطقة الليطاني الحدودية والتي اخترقتها إسرائيل من الوريد إلى الوريد. وبالطبع، فإنّ الانسحاب الإسرائيلي ينبغي أن يحصل أولاً، وإن حصل فهل يكون دخول الجيش سهلاً وسلِساً؟ المنطقة المقصودة خالية من السكان تقريباً، لكنها لا تخلو من عناصر الحزب وربما لا تزال هناك أسلحة ومخابئ إن لم تكن هناك أيضاً أنفاقٌ لم يدمّرها الإسرائيليون بالكامل. فهل يستطيع الجيش إخلاء المنطقة من السلاح والمسلحين بطول مائة كيلومتر تقريباً؟ للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي ما حصلت ضربةٌ للحزب كضربة هذه الحرب. وقد كان سابقاً ينفّس عن نفسه بدعاوى الانتصار التي لا يستطيعها الآن؛ ولذلك ستنصبّ مماحكاته على الجيش و«يونيفيل» الذين لن يقاتلوه لكنهم سيصرُّون على الخروج والإخراج وهم تحت رقابة الإسرائيليين والأميركيين والفرنسيين.إشكاليات الخروج والإخراج، تتلوها إشكاليات الموقف الداخلي. لدينا منذ قيام دولة لبنان الكبير الذي لم يعد كذلك لا لجهة سورية ولا لجهة إسرائيل ولا لجهة المناطق التي ينتشر فيها الحزب ومسلَّحوه. منذ قيام الدولة في العشرينات منذ القرن الماضي تحضر مشكلات الهوية الفصامية بين المسيحيين والمسلمين وقد صارت الآن رباعية وليست ثنائية: المسيحيون والسنة والشيعة والدروز. وقد كانت المظلومية الشيعية سيدة الموقف من ستينات القرن الماضي، وهي ستعود الآن بعد الصدمة الهائلة على الصعد كافة: كيف سيعود الشيعة إلى منازلهم على الحدود ومعظم المنازل مدمَّرة؟ وهم سيشهدون الدمار الهائل وسيبتزون الحكومة العاجزة بحجة رفع الظلم. وبعد الحكومة هناك عشرات ألوف المساكن التي يحتلها المهجَّرون في سائر الأنحاء بإيجار ومن دون إيجار، وهناك عشرات المدارس التي لا تستطيع فتح أبوابها للطلاب لأنّ المهجَّرين فيها! وربما لا يمون الحزب على مناطق التهجير، لكنه لن يسهِّل عودة أصحابها إليها وسيكون هذا الإباء جزءاً من الصدمة التي نزلت بالحزب وسائر اللبنانيين.
قبل الحرب كان «الثنائي الشيعي» يحتجز رئاسة الجمهورية ويريد فرض مرشح معين من أجل الأمن الاستراتيجي للحزب! أما الآن فسائر الشيعة غير آمنين ولا في مساكنهم، والذي أتصوره أن الرهان سيزداد تعقيداً لأن الفصامية ازدادت بين الشيعة والمسيحيين وما عاد عندهم ما يمكن تبادله. هناك من اللبنانيين من يعتقد أن إعادة الإعمار وإعادة بناء الدولة هما همّان يمكن أن يجمعا اللبنانيين. لكنّ الأمر ليس كذلك الآن. كان هناك «مجنون» بإعادة إعمار بيروت وهو رفيق الحريري يعاونه السعوديون والفرنسيون، لكنّ التضامن العربي والدولي ليسا حاضرين الآن. مفاوض الشيعة الوحيد على وقف النار وعلى استعادة الكيان السياسي واحد ووحيد هو نبيه بري وأمل الشيعة فيه مشروط، إنما لا ثقة للآخرين به. وعلى أي حال، فكل تنازُلٍ من جانبه سيقابل بالإنكار والاستنكار. لكن، هناك انطباعٌ الآن أنّ إيران تريد أخيراً وقف الحرب بعد أن كانت قد أثارتها. ويقال إنّ علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني إنما زار بري ولبنان لهذا الغرض. وبالطبع الجميع الآن يعتبر إسرائيل هي العقبة وقد جاء آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأميركي إلى لبنان لهذا الغرض، ويقال إنّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدعمه أيضاً!
الجميع الآن يترقب نوايا وأفعال ترمب الذي يقال إنه يريد وقف كل الحروب ومنها الحرب على لبنان وستبيّن الأيام القليلة المقبلة مدى الصدق في هذه المقولة. لكن على ماذا يراهن الحزب المقاتل بعد هلاك الألوف من عناصره وطائفته، وإذا كان «يعاني» سابقاً غرور فائض القوة، فهو يعاني اليوم الضعف الشديد الذي أوصلته إليه الحرب الإسرائيلية ويسخر المتحدثون الإسرائيليون ويزعمون أنهم يريدون تحرير اللبنانيين من سطوة الحزب وداعميه، ويصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغرور إلى مخاطبة الشعب الإيراني بأنه يريد تحريرهم من نظام حكمهم الفظيع!
الصعوبات قبل وقف النار وبعده لا تُعدُّ ولا تُحصى. وعندما جاء هوكستين إلى بيروت قابل ثلاثة، هم: الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون الذي من المفروض أن يرسل جحافله الجرارة إلى منطقة الليطاني للحلول محلَّ تحصينات الحزب وأنفاقه.
المطربة اللبنانية الشهيرة فيروز بلغت التسعين، ويتخذها اللبنانيون ومحبو لبنان من العرب دليلاً على «خلود» لبنان رغم ضخامة المشكلات فيه داخلياً وخارجياً.