أخبارنا:
2024-12-26@14:44:32 GMT

لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح

الرؤيا ما يراه الإنسان في نومه، والرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) رواه البخاري. والرؤيا الصادقة الصالحة كانت من بدايات مراحل الوحي لنبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) رواه البخاري.

قال ابن حجر: "فرؤيا النبي كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أُحُد (رؤيا النبي مقتل بعض أصحابه)". وقال ابن القيم في كتابه "زاد المعاد": "كمَّل الله له ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مراتب الوحي مراتب عديدة: إحداها: الرؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح". وقال القاضي عياض: "(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة): فى هذا حكمة من الله تعالى، وتدريج لنبيه صلى الله عليه وسلم لما أراده الله عز وجل به لئلا يفجأه الملك، ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تحتملها قوى البشرية، فبدأ أمره بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة، من صدق الرؤيا". وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: "قال المهلب: هى تباشير النبوة وكيفية بدئها، لأنه لم يقع فيها ضغث، فيتساوى مع الناس فى ذلك، بل خُصَّ بصدقها كلها، وكذلك قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحى، وقرأ: {إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ}(الصافات:102) فتمم الله عليه النبوة، بأن أرسل إليه الملَك فى اليقظة، وكشف له عن الحقيقة، فكانت الأولى فى النوم .. حتى أكملها الله له فى اليقظة تفضلاً من الله تعالى".

والسيرة النبوية فيها الكثير من الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وحدثت وتحققت وفق ما رآها، ومن ذلك:

رؤيته صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة دار الهجرة قبل ذهابه إليها، ورؤيته في المنام امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة حتى نزلت الجحفة، فأولها أن وباء المدينة ـ الذي كان متفشيا فيها ـ خرج من المدينة ونُقِل إلى الجحفة. ورؤيته صلى الله عليه وسلم للملائكة وهي تحمل له عائشة رضي الله عنها قبل زواجه بها بمدة وتقول له: (هذه امرأتك (زوجتك))، وهو يقول: (إن يكُ هذا مِنْ عند الله يُمْضِه). ورؤيته صلى الله عليه وسلم في نومه قبل غزة أحد بقراً تذبح، وكان تأويلها النفر من أصحابه الذين أصيبوا في أُحُد وقُتِلوا. وكذلك رؤيته صلوات الله وسلامه عليه في المنام لبعض أصحابه الذين سيغزون بعد موته ويركبون البحر، فسألته أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها أن يدعو الله لها أن تكون منهم، فأخبرها أنها منهم، وقد وقعت وتحققت هذه الرؤيا في زمن معاوية رضي الله عنه. وكذلك رؤيته صلى الله عليه وسلم لمفاتيح خزائن الأرض التي وضعت بين يديه، وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة أنه في دار عقبة بن رافع، وأنه أتي برطب، فأولها الرفعة لنا في الدين، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب.

فوائد :

ـ الفرق بين الرؤيا والحُلْم: عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرؤيا الصادقة من الله، والحُلْمُ من الشيطان) رواه البخاري، قال الطيبي: "الحُلْمُ عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح". والرؤيا الصادقة الصالحة ـ تسُر ولا تَغُر، وتؤدي بصاحبها إلى البشرى والعمل، لا إلى الغرور والكسل.

 

ـ النبوة فيها عقائد وعبادات، وتشريعات وأحكام، وفيها إخبار عن بعض ما سبق وما سيأتي من الغيب، وفيها أشياء كثيرة من النذر والبشارات.. فجزء من النبوة فيه إخبار ببعض الأمور الغيبية، والرؤيا الصالحة الصادقة تدل أحيانا على شيء غيبي يحدث في المستقبل، سواء كان شيئاً حسناً أو سيئاً، وهنا تلتقي الرؤيا مع النبوة في هذه الجزئية، قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: "إن لفظ النبوة مأخوذ من النبأ، والإنباء، وهو الإعلام في اللغة، والمعنى أن الرؤيا إنباء صادق من الله، لا كذب فيه، كما أن معنى النبوة الإنباء الصادق من الله، الذي لا يجوز عليه الكذب، فشابهت الرؤيا النبوة في صدق الخبر عن الغيب".

ـ الأحاديث الواردة في أن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة نجد فيها تفاوتاً في العدد، فمثلاً: بعض الروايات فيها: (الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) رواه البخاري، وفي رواية أخرى: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة) رواه مسلم، وفي رواية: (رؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة) رواه مسلم، واختلاف العدد في الروايات قال عنه ابن عبد البر: "اختلاف آثار هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا من النبوة ليس ذلك عندي باختلاف تضاد وتدافع والله أعلم، لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على ستة وأربعين جزءا، أو خمسة وأربعين جزءا، أو أربعة وأربعين جزءا، أو خمسين جزءا، أو سبعين جزءا، على حسب ما يكون الذي يراها، من صدق الحديث وأداء الأمانة والدين المتين وحسن اليقين، فعلى قدْر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد، والله أعلم. فمن خلُصَت له نيته في عبادة ربه، ويقينه وصدق حديثه، كانت رؤياه أصدق، وإلى النبوة أقرب". وهذا القول لابن عبد البر أيّده القرطبي قائلاً: "هذا التأويل يجمع شتات الأحاديث، وهو أولى من تفسير بعضها دون بعض وطرحه".

ـ لا يجوز الجَزْم بتفسير مُعَيَّن للرؤيا، ولا بناء الأحكام والمواقف عليها، فهي ـ الرؤى الصادقة ـ مبشرات تبعث الأمل ويُتفاءل بها، وهي على أحسن الأحوال قرائن وليست أدلة، فلا يترتب ولا يُبني عليها أحكام شرعية، أو اعتقادات دينية وتصورات بدعية، لأن الاعتقادات والعبادات أمر توقيفي مبني على الوحي ـ القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقط ـ، وقد ضل وأخطأ بعض الناس في هذا الأمر فجعلوا الرؤى مصدرَ تشريع، وقد أنكر عليهم العلماء ذلك، قال الشاطبي: "وربما قال بعضهم: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي كذا وأمرني بكذا، فيعمل بها ويترك بها معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة، وهو خطأ، لأن الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعاً على حال إلا أن تُعْرَض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا".

لقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته ونزول الوحي عليه بمراحل من التهيئة والإعداد، وظهرت له الكثير من مقدمات النبوة، ومنها الرؤيا الصادقة التي كان يراها في نومه، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) رواه البخاري. قال ابن حجر في "فتح الباري": "(مثل فلق الصبح) قال ابن أبي جمرة: إنما شبهها بفلق الصبح دون غيره لأن شمس النبوة كانت الرؤيا مبادي أنوارها فما زال ذلك النور يتسع حتى أشرقت الشمس". وقال الألباني: "فكان هذا كالتوطئة لما يأتي بعده من اليقظة".

 عن اسلام.ويب

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم رضی الله عنها رضی الله عنه النبوة فی من النبوة فی نومه من الله قال ابن ما یراه ل الله جزء من

إقرأ أيضاً:

حكم تسمية الأشخاص باسمي "طه وياسين"

أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: هل يجوز التسمية باسمي طه وياسين؟ وهل هما من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟.

وقالت الإفتاء إنه يجوز شرعًا التسمية بهذين الاسمين، وعدّهما بعض العلماء من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

واوضحت الإفتاء أنه لاحرج في تسمية الأبناء بهذه الأسماء، وكون هذه الأسماء من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ليست من أسمائه أمرٌ مختلفٌ فيه؛ فقد ورد حديثٌ ضعيفٌ عند ابن عدي وابن عساكر يذكر فيه أن (طه، ويس) من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

أخرج ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (4/ 509)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (3/ 29)، عَن أَبِي الطُّفَيْلِ عامر بن واثلة الكناني رضي الله عنه قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِي عِنْدَ رَبِّي عَشْرَةَ أَسْمَاءٍ»، قَالَ أبو الطفيل: قد حفظت منها ثمانية: «محمد، وأحمد، وأبو القاسم، والفاتح، والخاتم، والماحي، والعاقب، والحاشر»، قَالَ أبو يَحْيى: وزعم سيفٌ أن أبا جعفرٍ قَالَ له: إن الاسمين الباقيين: يس، وطه.

وأضافت دار الإفتاء أن لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم أسماء كثيرة، بعضهم أوصلها إلى ثلاثمائة اسم، منها أسماء ‏وردت في القرآن الكريم، وهي: (الشاهد، والمبشر، والنذير، والمبين، والداعي إلى الله، ‏والسراج المنير، والمذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين والمزمل، ‏والمدثر).

ومنها ما ورد في القرآن والسنة النبوية، وهي: (أحمد، ومحمد)، ومنها ما ورد ‏في السنة فقط، وهي: (الماحي، والحاشر، والعاقب، والمقفي، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ‏والمتوكل)، ومن أسمائه المشهورة صلى الله عليه وآله وسلم: (المختار، والمصطفى، والشفيع، والمشفع، ‏والصادق، والمصدوق).

وورد عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِي خَمْسَة أسْماءٍ: أَنا محمَّدٌ، وَأَنا أحْمَدٌ، وَأَنا الحاشِرُ الّذِي يُحْشَرُ النّاسُ على قَدَمي، وَأَنا المَاحِي الذِي يَمْحُو الله بِيَ الكُفْرَ، وَأَنا الْعاقِبُ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".

قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (2/ 518) في شرح الحديث السابق: [وفيه جواز التسمية بأكثر من واحد، قال ابن القيم: لكن تركه أولى؛ لأن القصد بالاسم التعريف والتمييز والاسم كاف، وليس كأسماء المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن أسماءه كانت نعوتًا دالة على كمال المدح لم يكن إلا من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى لا للتعريف فحسب، (تتمة) قال المؤلف -يقصد السيوطي- في "الخصائص": من خصائصه أن له ألف اسم، واشتقاق اسمه من اسم الله تعالى، وأنه سمي من أسماء الله بنحو سبعين اسمًا، وأنه سمي أحمد، ولم يسم به أحدٌ قبله] اهـ.

ولقد اهتم علماء الأمة رحمهم الله تعالى بإفراد أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتأليف، فأُلِّف في أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة مؤلفات، وفي "كشف الظنون" و"ذيليه" تسمية أربعة عشر كتابًا، وهي للأئمة: ابن دحية، والقرطبي، والرصاع، والسخاوي، والسيوطي، وابن فارس، وغيرهم، وقد طبع منها "الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة" للسيوطي، و"البهجة السنية في الأسماء النبوية" للسيوطي أيضًا.

مقالات مشابهة

  • حكم تسمية الأشخاص باسمي "طه وياسين"
  • بيان فضل إماطة الأذى عن الطريق
  • الإفتاء تكشف عن سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • أقوى دعاء للتقرب إلى الله .. مُستجاب ومُجرّب اغتنمه
  • حكم تفسير الرؤيا ومن أي علم تستمد
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
  • صلاة هى الأفضل بعد الفرائض.. لا تتركها كل يوم
  • دعاء في الصلاة للنجاة من عذاب يوم القيامة