إشاعات تدهور الصين سابقة لأوانها وخطرة
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
عندما تحدث رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج في دافوس بسويسرا هذا الشهر طرح بلاده كمقصد راسخ للاستثمار. قال لي تشيانج: إن إمكانيات الاقتصاد الصيني «هائلة» واختياره للاستثمار «ليس مخاطرة ولكن فرصة».
استمع إليه الحضور في ارتياب، فبعد عقود من النمو الاقتصادي والديموغرافي والعسكري المتواصل شهدت الصين في العامين الماضيين متاعب أكثر مما حققت من فتوحات، وقاد ذلك بعض المحللين إلى الشعور بالقلق ليس من تزايد نفوذ الصين ولكن من تدهور لا رجعة عنه لاقتصادها.
هذه المخاوف سابقة لأوانها تماما، وما هو أسوأ من ذلك، إذا شكلت هذه المخاوف الافتراضات التي ترتكز عليها سياسة واشنطن ستفشل أمريكا في الارتقاء لتحدي الصين.
الخطر الرئيسي في الأجل القريب ليس تلاشي نهوض الصين ولكن إخفاق الولايات المتحدة في استجماع القوة الضرورية للرد الكافي عليه.
حقا المنطق الذي يتحدث عن تدهور الصين يبدو واضحا ومفهوما. فقد مضى عهد النمو بمعدلات تساوي رقمين (فوق 9%) والذي تمتع به اقتصادها على مدى عقود. فالنمو هبط إلى ما يزيد قليلا عن 5%، حسب الأرقام الرسمية. (يعتقد آخرون أن هذا المعدل ربما يتراوح عند 1.5%.) والمعدل الرسمي للبطالة وسط الشباب يبلغ 15%. ويعاني الاقتصاد من مشكلات كما انهار قطاع العقارات.
إلى ذلك تراجع عدد سكان الصين في عام 2022 لأول مرة خلال 60 عاما. لقد هبط في العام الماضي بأكثر من مليوني نسمة، واتضح أن جهود زيادة أعداد السكان لم تكن فعالة وأعمار حوالي 20% من الصينيين فوق الستين.
في مقال بصحيفة نيويورك تايمز عبَّر روشير شارما بدقة عن الشعور السائد حين كتب «إنه عالم ما بعد الصين الآن».
شارما ليس وحده في ذلك، فقد وصف بايدن الصين «بالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار». وأشار إلى أن بكين «ربما ليست لديها القدرات نفسها التي كانت تمتلكها في السابق».
وكتب ايفان اوسنوس بصحيفة نيويورك تايمز وهو مراقب حصيف للشؤون الصينية عن انحسار الإحساس بصعود الصين الذي لا رجعة عنه. وذكر أن الصين في نهايات أول عقد للرئيس شي في سدة الحكم تنتقل من الحيوية إلى الركود. كما يتنبأ بعض المحللين بأن العالم سيشهد قريبًا «ذروة الصين». بل يقول آخرون إنها بلغت سلفا ذروة نهوضها.
على الرغم من هذه التحديات تحتفظ الصين بميزات هائلة، فاقتصادها لا يزال كبيرًا جدًا، إنه أكبر ببعض المقاييس من اقتصادنا (الأمريكي). وفي حين هدأت وتيرة النمو إلا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في العام الماضي، كما يُرجّح، أعلى من الناتج الإجمالي في الولايات المتحدة. ولا تزال الصين أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 بلدًا.
كما تواصِل الابتكار في قطاعات تقنية مفتاحية كالذكاء الاصطناعي وحوسبة الكوانتم فيما تعمل في الأثناء على الالتفاف حول القيود المفروضة بقيادة الولايات المتحدة على تصدير مواد مثل أشباه الموصلات المتقدمة.
تستمر الصين في تحويل هذه الميزات إلى قوة استراتيجية. وفي حين تقل موازنتها الدفاعية عن موازنة البنتاجون إلا أنها في ازدياد. ويتوقع البنتاجون استمرار ازديادها لحوالي خمس إلى عشر سنوات على الأقل. وتملك بكين الآن أكبر قوة جوية في آسيا وأكبر أسطول بحري في العالم يضم أكثر من 370 سفينة وغواصة. (الأسطول الأمريكي أكبر من حيث الوزن الكلي لكنه بعكس الأسطول الصيني واجه مصاعب لزيادة عدد قطعاته البحرية).
كما تعزز الصين بسرعة ترسانة أسلحتها النووية وأنظمة إطلاقها بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وتسعى لبناء منشآت وقواعد عسكرية في بلدان كثيرة بمناطق عديدة، وتظل مغالية في طموحاتها تحت قيادة الرئيس شي.
في العام الماضي كانت بكين وراء عقد قمة مجموعة البريكس للبلدان النامية وتوسيع عضويتها مقدمة بذلك نفسها لقيادة البلدان الرئيسية غير الغربية. وتتصرف السفن الصينية على نحو عدائي في بحر الصين الجنوبي، حيث تصطدم بالسفن الفلبينية في المياه المتنازع حولها.
ويورّد البنتاجون العشرات من حوادث اعتراض الطائرات الأمريكية الخطرة. كما تعبر الطائرات الحربية الصينية الآن بانتظام خط الوسط لمضيق تايوان (الفاصل بين الجزيرة والصين).
وهذا الشهر تمكنت الصين من تحويل الاعتراف الدبلوماسي لدولة جزيرة ناورو الصغيرة من تايبيه إلى بكين قبل يومين من الانتخابات الرئاسية في تايوان. وكانت ناورو من بين البلدان القليلة المتبقية التي تعترف بحكومة تايبيه. ويفخر القادة الصينيون بقيادتهم مقارنة بالغرب المتشظي الذي يتشبث بامتيازاته التاريخية خصوصا في جنوب العالم.
قد يستمر الركود الاقتصادي في الصين وقد يقلص يوما ما إنفاقها الدفاعي ويقيد حراكها الدولي وربما يضعفها كمنافسة قوية. لكن لا توجد مؤشرات تذكر على ذلك الآن. ومن الحماقة الاعتماد على مثل هذه النتيجة.
الصين تواصل صعودها ويبدو أنها عازمة على بسط هيمنتها الإقليمية ومراجعة النظام العالمي. لكن في تنافس القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين والذي يحرك باطراد السياسة الدولية تشكل القوة المطلقة لبكين نصف المعادلة فقط. القوة النسبية هي في نهاية المطاف الأكثر أهمية في هذا النوع من التنافس. لذلك ستكون قوة الولايات المتحدة هي الأهم. وهنا لدينا (نحن الأمريكيين) عمل ينتظرنا.
القوة الأمريكية والمتمثلة في حجم وحيوية اقتصادنا وقدرات قواتنا المسلحة وقوة أحلافنا وتحالفاتنا وقدرتنا على تحقيق الوحدة السياسية الضرورية لحل المشكلات قادرة تماما على التعامل حتى مع الصين الصاعدة.
لكن هذه الميزات لا تقترن مع بعضها البعض تلقائيا. علينا توظيف التحدي الصيني لحفز أنفسنا على النجاح.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الصین فی
إقرأ أيضاً:
اختفاء شحنة من المواد المشعة في الولايات المتحدة
الثورة نت/..
اختفت اليوم الثلاثاء، شحنة تحتوي على مادة مشعة في ظروف غير معروفة بالولايات المتحدة.
وذكرت وكالة “نوفوستي” الروسية أن اللجنة التنظيمية النووية الأمريكية اكدت أن الشحنة التي تحتوي على الجرمانيوم 68، كانت مرسلة من مركز للسرطان في بلدة ناجا بولاية نيوجيرسي، بغرض التخلص منها، إلا أن الشحنة لم تصل إلى وجهتها.
وأوضحت اللجنة أن حاوية الشحن وصلت إلى وجهتها إلا أنها كانت تالفة وفارغة، حيث وجه مركز السرطان طلبا لشركة الشحن باستعادة الشحنة المشعة، وإلا ستقدم تقريرا خلال 30 يوما يتضمن الإجراءات التصحيحية اللازمة.
وذكرت اللجنة أن كمية المادة المشعة ضئيلة جدا، وتصنفها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنها مصدر إشعاع أقل من المستوى الثالث من خمسة مستويات، وهو التصنيف الذي تستخدمه اللجنة الأمريكية أيضاً.