خبراء يفككون شفرة التصعيد ضد القواعد الأميركية بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
طهران- غداة الهجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة أميركية في الأردن خلّف 3 قتلى وعشرات المصابين بين الجنود الأميركيين، نفت طهران رسميا صلتها بالهجوم.
وقرأت أوساط إيرانية اتهام واشنطن "مجموعات مسلحة مدعومة من إيران" بالوقوف وراء الحادث، وتوعدها بالرد عليه، في سياق التوتر المتصاعد بالمنطقة، وحذرت من مغبة دحرجة كرة المواجهة غير المباشرة والانزلاق إلى احتكاك غير محسوب النتائج.
وبعد توعّد الرئيس الأميركي جو بايدن بمحاسبة كل المسؤولين عن الهجوم "في الوقت المناسب وبالطريقة التي نختارها" كما قال، وعقب بيان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ودعوته طهران إلى "وقف التصعيد"، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني -الاثنين- أن هذه الاتهامات "غرضها سياسي، وتهدف إلى قلب الحقائق بالمنطقة".
ويُجمع المراقبون في إيران على وصف الهجوم على قاعدة الدعم اللوجيستي عند "البرج 22" من شبكة الدفاعات الأردنية (شمال شرقي المملكة) وقرب الحدود مع سوريا، بأنه "تصعيد خطير"، لكنهم انقسموا بشأن طبيعة الرد الأميركي وتنفيذ تهديدات واشنطن والأهداف التي قد يطالها التصعيد.
مغامرة وتصعيدفي غضون ذلك، يربط السفير الإيراني الأسبق في بريطانيا جلال ساداتیان، بين استهداف المصالح الأميركية في المنطقة بدعم الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل في حربها على قطاع غزة، مستشرفا تصعيدا إقليميا في حال مواصلة هذا الدعم "لإبادة" أهل غزة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير ساداتیان إلى مقتل عدد من الجنود الأميركيين لأول مرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة جراء هجمات فصائل المقاومة على مصالح واشنطن، واصفا التطور الأخير بأنه "نتيجة طبيعية للمغامرة الصهيوأميركية الرامية إلى تقييد أيادي المقاومة وإطلاق أيادي إسرائيل للإمعان في ارتكاب إبادة جماعية في غزة".
ورأى أن الهجوم الذي أودی بحياة 3 جنود أميركيين جاء عقب إصدار قرار محكمة العدل الدولية في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا بخصوص الحرب الإسرائيلية على غزة.
واعتبر الدبلوماسي الإيراني الأسبق أن قرار المحكمة يمنح فصائل المقاومة الشرعية الدولية للضغط على الولايات المتحدة -باعتبارها أكبر داعمي تل أبيب– لمنع الإبادة الجماعية في القطاع، مستغربا مواصلتها تقديم هذا الدعم المطلق عقب القرار.
ويقرأ الاتهامات الأميركية والبريطانية لإيران بدعم حركات المقاومة الإسلامية التي تستهدف المصالح الأميركية والسفن المتوجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر "في سياق التصعيد المستفحل في المنطقة"، محذرا من الوقوع في الفخ الإسرائيلي الرامي إلى وضع طهران وواشنطن في مواجهة عسكرية.
مواجهة قريبةوفي ظل التصعيد الإقليمي الخطير الذي يدعو ساداتيان إلى احتوائه عبر سياسة ذكية تفوّت على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نواياه المبيتة لحرق المنطقة بأسرها لإنقاذ حياته السياسية، تعتقد شريحة إيرانية أخرى أن المواجهة بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة باتت قاب قوسين أو أدنى.
وإجابة عن سؤال توجهت به الجزيرة نت للناشط السياسي الباحث في شؤون الشرق الأوسط أحمد زيد أبادي، بشأن إمكانية توجيه واشنطن ضربة عسكرية ضد المصالح الإيرانية ردا على الهجوم على قاعدة أميركية في الأردن، أتى الرد بالإيجاب.
ويرى زيد أبادي أن احتمال الانتقام الأميركي والنيل من مصالح إيران "وارد جدا"، وسيكون ردا على استهداف حركات مقاومة عراقية قاعدة الدعم اللوجيستي في الأردن، ورجّح أن يكون الانتقام الأميركي "قريبا" وأن تكون أهدافه خارج الحدود الإيرانية، لا سيما في سوريا والعراق.
كما يعتقد أن المواجهة الإيرانية الأميركية ستكون حتمية في حال عدم توفُّر إرادة سياسية قوية وواضحة لدى قادة طهران وواشنطن للاتفاق بشأن الملفات الإقليمية الكبرى، محذرا من انزلاق التطورات إلى مواجهة عسكرية كبيرة بينهما.
وأضاف الباحث أن التطورات في الشرق الأوسط تزداد سوءا يوما بعد يوم، وأن السياسات المتذبذبة غير قادرة على معالجة التصعيد المحتدم بالمنطقة. وخلص إلى أن وقف العدوان على غزة لا يعني تراجع التوتر والمواجهة بين طهران وواشنطن، وإنما "سيساوي الانتقال إلى مرحلة أكثر خطورة".
برميل بارود
في المقابل، يستبعد الباحث في الشؤون العسكرية، محمد مهدي يزدي، توجيه واشنطن ضربة عسكرية ضد المصالح الإيرانية، موضحا أنه رغم "الحملة الإعلامية الشعواء" ضد طهران، فإن القادة الأميركيين يتفادون ربط الهجمات بها، لأن ذلك سيعرضهم لانتقادات وضغوط كبيرة تطالب بمواجهة إيران بشكل مباشر.
ورأى -في حديث للجزيرة نت- أن واشنطن لا تريد مواجهة طهران في المرحلة الراهنة، لأن إطلاق رصاصة الرحمة على علاقاتهما المتأرجحة بين حالتي "لا سلم ولا حرب" ستكون بمثابة إضرام النار في خزّان بارود المنطقة، مما قد يعرض المصالح الأميركية للخطر.
وفي قراءته للهجوم على القاعدة الأميركية، يرى الباحث العسكري أنه يأتي لحرف التركيز الأميركي عن منطقة البحر الأحمر، وخفض الهجمات التي تستهدف اليمن بين الفينة والأخرى ردا على عمليات الحوثيين على السفن المتجهة إلى إسرائيل.
وقال إن العدوان الإسرائيلي على غزة جعل "المحور الصهيوأميركي" في مواجهة مركّبة مع محور المقاومة، وإن تزايُد الهجمات على المصالح الأميركية بالمنطقة يرسل رسالة واضحة مفادها أنه لا أمن لهذه المصالح عقب عدوان الاحتلال الذي يحظى بدعم أميركي واسع، مما يفتح الباب على مصرعيه لتسوية محور المقاومة حساباته مع واشنطن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المصالح الأمیرکیة على غزة
إقرأ أيضاً:
اليمن وغزة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
فهد شاكر أبوراس
أمام تجربة الخمسة عشر شهراً من إسناد القوات المسلحة اليمنية للشعب الفلسطيني في غزة، ومضي اليمن قدماً في المترس المتقدم، من عملية طوفان الأقصى، وما قبلها سنوات ثماني من العدوان والقصف والتدمير والحصار، سوف تتساقط كل الرهانات والمحاولات الأمريكية والإسرائيلية لردع اليمن وثنيه عن موقفه المساند للشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة، قبل أن تتساقط صواريخه الباليستية والفرط صوتية على أساطيلهم وقطعهم الحربية في البحر الأحمر وقواعدهم العسكرية والمطارات في عمق الكيان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد اعترفت الأوساط الصهيونية أن الهجمة الأمريكية على اليمن أبعد في الحقيقة عن ردعه وثنيه عن موقفه.
ها هي اليوم صواريخ المضطهدين المعذبين بفعل الغطرسة الأمريكية والإسرائيلية تتقاطع في سماء يافا المحتلة وتتسابق فيما بينها على نيل ثواب التنكيل بالعدو، في شهر نزول القرآن.
إن تجارب خوض المقاومة الفلسطينية للحروب السابقة غير المتناظرة ولا المتكافئة، انتهت جميعها بالتفاوض والهدن وصفقات تبادل الأسرى وتوقيع الاتفاقيات بين الطرفين، سوف تنتصر المقاومة هذه المرة لا محالة، وستنتزع أهداف العدو المعلنة وغير المعلنة وسوف تقتلع خيلاءه، وستسقط كل مؤامراته، وقد ضربت قواته وأصابتها بالتشظي، وأدخلته في الحروب اللا نهائية المرهقة له إلى أقصى حد.
كما أن استمرار تدفق الدم الفلسطيني في قطاع غزة، تحت كثافة آلة القتل الصهيونية، لن يؤدي بالمقاومة الفلسطينية وشعبها الصامد في القطاع لرفع الراية البيضاء والاستسلام، بقدر ما سيوجب عليها التصدي للعدو وكسر شوكته، ولطالما شاهد العدو وشاهد العالم معه الكثير من مشاهد التحام المقاومة الفلسطينية مع حاضنتها الشعبية ورسائلها التحذيرية للعدو من تداعيات العودة خطوة إلى الوراء في مسار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والفضل كله لله، وعلى قاعدة “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”، سوف يقاتل الغزيون ومعهم اليمنيون واللبنانيون والعراقيون والإيرانيون، برغم ما يكاد لهم ويحاك ضدهم من مؤامرات، وستحافظ المقاومة الفلسطينية على بسالتها وديمومة عطائها وستمنع العدو من ترميم انكساره، بينما الأنظمة العربية غارقة في خطيئة الخذلان، بل إن بعضها تبدو أعجل على انتصار الهيمنة الأمريكية في المنطقة من أمريكا نفسها، ولكن قادة الأنظمة العربية سوف يندمون بعد هزيمة العدو وانتصار المقاومة.