الناتو يضغط لمواصلة الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم الاثنين، محادثات مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الذي يزور واشنطن للضغط من أجل مواصلة الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا.
وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا بمليارات الدولارات منذ بدء الأزمة الحالية قبل نحو عامين، لكن نوابا من الحزب الجمهوري يبدون تردّدا متزايدا إزاء مواصلة هذا الدعم لكييف.
والتقى ستولتنبرغ وأوستن الذي قاد الجهود من أجل الدعم العسكري الدولي لكييف، في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في حضور كبير ضباط الجيش الأميركي الجنرال تشارلز براون ومسؤولين آخرين.
وطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من الكونغرس الموافقة على مساعدات إضافية بقيمة 61 مليار دولار أميركي لأوكرانيا.
لكن المحادثات متعثّرة، إذ يشترط نواب جمهوريون على الإدارة إجراء تعديلات كبرى على مستوى ضبط الهجرة والحدود للمصادقة على حزمة المساعدات لأوكرانيا.
وقال ستولتنبرغ، في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية الأميركية في اليوم السابق، إن الاتفاق الذي يتم التفاوض بشأنه في الكونغرس "صفقة جيدة"، لافتا إلى أن الدعم الأميركي لأوكرانيا هو مجرّد جزء من ميزانية البنتاغون.
وشدّد ستولتنبرغ على أن الدعم الأميركي لأوكرانيا يساعد أيضا العمّال الأميركيين لأن الأموال تستخدم لشراء أسلحة تصنّع في الولايات المتحدة.
ويلتقي ستولتنبرغ وزير الخارجية أنتوني بلينكن وكذلك مستشار الأمن القومي جايك ساليفان.
ومن المقرّر أن يلتقي، غدا الثلاثاء، نوابا جمهوريين وديمقراطيين منخرطين في النقاشات الدائرة حول دعم أوكرانيا. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: ينس ستولتنبرغ ينس ستولتنبرج حلف الناتو حلف شمال الأطلسي دعم عسكري أوكرانيا روسيا وأوكرانيا الأمیرکی لأوکرانیا
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا والدرس الذي على العرب تعلمه قبل فوات الأوان
ليست السياسة إلا ترجمة لموازين القوى، ومن لا يملك القوة لا يملك القدرة على فرض موقف أو الحفاظ على تحالف؛ وليس هناك درس أشد وضوحا لهذا المبدأ من المشهد الذي جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأوكراني زيلينسكي والأمريكي ترامب.. كانت وعود أمريكا ودعمها يتهاوى ويتكشف المشهد عن حقيقة طالما أنكرها البعض ممن راهن على الحماية الخارجية وهي أن المصالح هي القانون الأوحد في العلاقات الدولية خاصة في زمن تآكلت فيه القيم والمبادئ وعادت إلى المشهد بشكل واضح حقبة البقاء للأقوى.
ما حدث للرئيس الأوكراني هو استعراض أمام العالم لما يمكن أن يفعله الأقوى بالضعيف أو الذي يبدو ضعيفا، حتى لو بدا وكأنه حليف استراتيجي، ما دام لا يملك ورقة تفاوضية، يُمكن المساومة عليها. بدا وكأن زيلينسكي لم يكن رئيس دولة، بل متهم في قفص ترامب، مطالبا بإثبات ولائه وتقديم التنازلات المطلوبة.
لكن هذا المشهد رغم مرارته ورغم أنه النموذج الذي لا بد أن يقرأ وفقه المستقبل يستحق أن تستخلص منه الدروس والعبر وخاصة بالنسبة للعالم العربي.
إن الحقيقة التي باتت واضحة ولا جدال فيها أن السياسة الأمريكية، كما كشفتها هذه الواقعة، لم تعد تُدار وفق المبادئ التي روّجت لها طيلة عقود: الدفاع عن الديمقراطية، حماية الحلفاء، نصرة الشعوب المضطهدة، بل هي اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، صفقة تجارية بحتة، يُقدَّم فيها الدعم وفق معادلة حسابية واضحة: كم ستدفع؟ وماذا ستقدّم في المقابل؟
ليس هذا وليد اللحظة، لكنه بلغ حد الخروج عن الأعراف الدبلوماسية التي تحكم العلاقات الدولية، حيث جرى تسليع التحالفات علنا، دون مواربة أو تجميل. وحين ينظر العرب إلى ما جرى مع أوكرانيا، عليهم أن يتساءلوا، إذا كانت واشنطن قد تخلّت عن أوكرانيا، وهي في قلب المعركة، فكيف يمكن لدول أخرى أن تثق في التزاماتها؟ وإذا كانت المصالح الاقتصادية هي التي تحكم، فأين يقف العرب في هذه المعادلة؟
لا يبنى القرار السياسي الاستراتيجي على استشعار العاطفة أو على حسن الظن، فحين جرى توقيع اتفاقية سايكس بيكو، وحين قُسمت فلسطين، وحين سقطت بغداد، وحين تُركت ليبيا وسوريا لمصيرهما، كان الدرس ذاته يتكرر: من لا يملك قراره، لا يملك مصيره.
وأكبر خطأ تقع فيه الدول هو الاعتقاد بأن هناك «حليفا دائما»، بينما الحقيقة أن هناك فقط مصالح دائمة يتم الموازنة بين أفضلها كل حسب قيمته في لحظة الموازنة، ولذلك لا بد أن تعي الدول العربية أن المصالح الحيوية والاستراتيجية لا تُحمى بالوعود إنما بالقدرة الذاتية على فرض الإرادة.
ولذلك لا خيار أمام الدول العربية من أن يكون لديها أدوات القوة التي تتمثل بدءا في الشعور بالتكامل وحقيقة المصير المشترك ثم بالاقتصاد القوي المستقل فمن يعتمد على الآخرين في رزقه، لا يستطيع الاعتراض على شروطهم، وببناء تكنولوجيا متطورة في كل الجوانب بما في ذلك الجوانب العسكرية حتى تستطيع هذه الدول الدفاع عن نفسها دون وصاية أو حماية من أحد وبناء تحالفات قائمة على فكرة الندية وليس التبعية لأن الدول الكبرى تحترم من يفرض احترامه، لا من يستجديه. ثم إن على العالم العربي أن يعمل جادا على بناء وعي سياسي ووعي ثقافي وإرادة جماعية تنطلق من رؤية هذه الدول باعتبارها كيانا مترابط التاريخ وتحيط به الأخطار نفسها وينتظره نفس المستقبل.
وإذا كانت السياسة لا تعترف بالفراغ الذي إن لم تملأه أنت ملأه غيرك فإن على العالم العربي أن يدرك أمام كل هذه الأخطار التي تحيط به وهذه التجارب التي تقدم له بالمجان أن مكانه في الخارطة لا يحدد فقط بموقعه الجغرافي، بل بمدى قدرته على امتلاك قراره بعيدا عن حسابات الآخرين. وهذه لحظة مفصلية لا بد أن يعي فيها الجميع الدرس.