سودانايل:
2025-01-14@09:36:45 GMT

ما هو مصير الوساطات في الأزمة السودانية؟

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

نقلا عن مصر 360
بقلم : أمانى الطويل
يشكل تجميد الحكومة السودانية لعضويتها في منظمة الإيجاد خطوة، تطرح أسئلة بشأن موقف جهود الوساطة الإقليمية من الأزمة المحتدمة في السودان، تحت مظلة الاستقطاب الداخلي السوداني الذي يأخذ أشكالا عرقية، وقبلية وأيضا جهوية، كما يطرح أسئلة موازية بشأن قدرة هذه الوساطات على اختراق حالة التعقيد المركب في المشهد السوداني المسلح.


بداية، لا بد من الإشارة أن خطوة تجميد السودان لعضويتها جاءت على خلفية قرار قمة طارئة لـ «إيجاد»، بتجديد الدعوة للقاء مباشر بين طرفي الصراع (الجيش وقوات الدعم السريع) في غضون أسبوعين، وذلك على الرغم من فشل المنظمة في تأمين حضور محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لقاء تم ترتيبه بجيبوتي في ديسمبر الماضي لنفس الهدف أي جمع الجنرالين المتصارعين، وبدلا من حضور اللقاء، قام حميدتي بجولة للقاء رؤساء دول، هم أعضاء في منظمة إيجاد ذاتها في خطوة أقل ما يقال عنها، إنها مكايدة ضد البرهان ومن ورائه من قوى سياسية واجتماعية وقبلية وجهوية، ومن الأسف أن وافق عليها رؤساء دول في أداء دبلوماسي غير مطروق ولا مقبول.
وبطبيعة الحال السياسي الذي نعرفه في السودان رد البرهان على المكايدة بموقف سياسي، يجمد عضوية بلاده في منظمة إىجاد، بعد أن اتخذت قرارا بعقد قمة جديدة في كمبالا، دعت إلى نفس الإجراء أي لقاء البرهان وحميدتي متجاهلة طبقا لمنطوق بيان وزارة الخارجية السودانية القرار الرسمي من السودان بوقف انخراطه، وتجميد تعامله في أي مواضيع، تخص الوقع الراهن في السودان تحت مظلة منظمة إيجاد.
هذا النموذج من التفاعل الإقليمي مع الأزمة السودانية يشير إلى ضرورة توافر شروط بعينها للنجاح في مسألة الوساطة أولها، المسافة الواحدة بين طرفي الصراع، ويبدو أن إيجاد بسبب الدعم الذي تجده من الأطراف الغربية، ومقولات الحلول الإفريقية للأزمات الإفريقية التي يتبناها الاتحاد الإفريقي، دون فاعلية واقعية في حل الأزمات، تتجاهل هذه المسألة أو تتعالي عليها في وقت، يبدو فيه المشكل السوداني في بعض تجلياته تعبيرا عن صراع عرقي وجهوي إلى جانب الصراع السياسي، حيث لا بد هنا أن يؤخذ بعين الاعتبار مكوناته على الأرض، وطبيعة انحيازاته للرموز السياسية أو العسكرية التي تعبر عنه.
على أية حال، حضور ممثل عن الجامعة العربية في قمة كمبالا، قد يكون بداية انتباه من جانب إيجاد بضرورة تضمين، واحترام كافة المكونات السودانية وكافة تجلياتها.
ولكن على المستوى الإجرائي، وفي خطوة متعجلة ومستغربة ومتجاهلة الوقائع على الأرض، وجهت الأمانة العامة لـمنظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقي، بالبدء في إجراء مشاورات مشتركة مع أطراف النزاع، لإطلاق عملية سياسية في غضون شهر، تنتهي بتشكيل حكومة ديمقراطية في البلاد، وهو ما يعني انحيازا جديدا لطرح، يتبناه حميدتي ومن معه للحصول على شرعية سياسية بحكومة تنفيذية.
على الصعيد المقابل، فإن الفريق البرهان يتجاهل الخيار التفاوضي ،وربما ما رشح عن منبر جدة في مراحله الأخيرة، يشير الي ذلك، حيث حقق المنبر خطوات متقدمة، فيما يتعلق بموافقة الدعم السريع على الانسحاب من مواقع محددة لها قيمة رمزية للقوات المسلحة السودانية، وتم تجاهل هذه الخطوة المتقدمة، وحدث انسحاب لوفد الجيش بضغط، فيما يبدو من جانب أجنحته المتأثرة برموز الجبهة القومية الإسلامية في السودان، وربما هذا ما يفسر ضعف الحماس السعودي للفاعلية في الأزمة السودانية، والتمثيل الدبلوماسي منخفض المستوى في قمتي إيجاد الأخيرتين.
وقد ترتب على إهمال الخيار التفاوضي من جانب البرهان على الرغم من اختلال الميزان العسكري لصالح الدعم السريع، منذ نوفمبر الماضي، أن تم اللجوء لأطراف إقليمية مثل، إيران لتسليح الجيش من جهة، وكذلك طرح مقاومة سميت (بالشعبية) ممن تم تسميتهم بالمستنفرين، وهم منتشرون جهويا في شمال ووسط وشرق السودان، ويمثلون القاعدة القبلية والاجتماعية لكل من الجيش، وتيار الإسلام السياسي في السودان.
في هذا السياق، نستطيع أن نرصد تداعيات إهمال الخيار التفاوضي في عدد من النقاط منها، أن استدعاء إيران لنقطة تمركز جديدة على شاطئ البحر الأحمر تحت مظلة الصراع في غزة، قد يشكل حساسية، بل رفض أمريكي للأداء السوداني، وبالتأكيد مثل هذه الخطوة، لن توافق عليها كل من المملكة العربية السعودية ومصر، بحسبان أن هذه الإتاحة السودانية لإيران، هي قوة مضافة لإيران غير مطلوبة، ولا مقبولة إٍقليميا.
أما على الصعيد الداخلي، فإن تسليح المدنيين قد ترتب عليه فوضى لحظية، حيث باع البعض منهم قطع السلاح لمجهولين واستخدموا الأموال في الخروج من السودان، كما برزت مصالح ضيقة لبعض رجال الأعمال السودانيين متوسطي القدرة الاقتصادية، جعلهم يمولون ويدعمون مدنيين بالسلاح في خطوة لموالاة الجيش، نظير حرية تعدين الذهب في بعض المناطق، كما أسفر الخطاب الاستقطابي المصاحب لعملية الاستنفار التي أطلقها البرهان، أن تم طرد مواطنين سودانيين منتمين للغرب من ولايات الوسط والشمال، وفي المقابل تم طرد مواطنين، ورجال أعمال من الوسط من مناطق غرب السودان.
وعلى صعيد مواز، فإنه يبدو، أن أكثر الأطراف تشددا ضد التفاوض، وهو علي كرتي، الأمين العام للجبهة القومية الإسلامية، بات طبقا لتسريبات متطابقة من عدد من الأطراف غير مسيطر على شباب الحركة الذين انخرطوا في حملات الاستنفار، ومن المتوقع، أن يكونوا قد تحالفوا مع خلايا نائمة لتنظيمات متطرفة مثل، داعش وغيرها في تطور غاية في الخطورة للسودان، وللإقليم الممتد من شرق إفريقيا نحو شمال القارة.
هذا المشهد بالتأكيد، يذكر بنمط الصراع الصومالي الذي أنتج أمراء للحرب على مستوى المناطق، وأسفر عن حرب أهلية ضعضعت الصومال وما تزال.
وقد يكون السؤال المطروح في هذه التفاعلات الساخنة، والمعقدة بالسودان، ماهي الشروط اللازمة؛ لتطوير موقف البرهان ومن معه للانخراط في عملية تفاوضية، دعوت إليها قائد الجيش السوداني من أكتوبر الماضي، أي قبل سقوط نيالا، وأكدت عليها، فيما عرف ونقل عني تحت عنوان حديث إلى البرهان.
في تقديري، مطلوب تقدير صحيح، يستبصره البرهان، ومن معه في هذه المرحلة الدقيقة، وهو تقدير قائم على محورين: الأول، أنه رغم اختلال الميزان العسكري لصالح الدعم السريع، إلا أنهم لن يستطيعوا حكم السودان؛ لأسباب مرتبطة بالوعي العام، بأن المشروع السياسي الذي يطرحه حميدتي حاليا، لا يملك مصداقية من ناحية الجدية في الخيار التفاوضي، وذلك بعد أن مارس مكايدة، ضد البرهان في جيبوتي، ولا يملك مصداقية في الموقف من التحول الديمقراطي؛ بسبب مشاركته في انقلاب أكتوبر ضد المدنيين، وربما بسبب ذلك، نرى أن تحالفه مع المدنيين في تحالف “تقدم” هو نوع من التحالفات الانتهازية المؤقتة التي تعرفها السياسية السودانية تاريخيا.
أما المحور الثاني، فهو وجود حاضنة شعبية للجيش من جانب الطبقة الوسطى السودانية الغير منخرطة في التفاعلات السياسية، وهي الطبقة القائدة والمرجحة للتحولات السياسية في أي بلد.
في هذا السياق، فإنه ربما يكون من المطلوب في هذه المرحلة، هو تقدم قوى إقليمية بمبادرة جديدة، تقوم على أسس الحياد السياسي بين الأطراف السودانية، والكفاءة الإجرائية؛ لإقناع البرهان الذي هو في موقف قوة بالفعل، بالدخول في تفاوض، يحقق وقفا لإطلاق النار، طال انتظاره في السودان، وذلك قبل الانخراط في حرب أهلية شاملة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان من جانب

إقرأ أيضاً:

مقر السفارة الجديد بالتجمع الخامس.. سفير السودان بالقاهرة: السفارة تسعى لتعزيز خدماتها للجالية السودانية

أكد الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوي سفير السودان بالقاهرة أن السودان يمتلك أكبر جالية في مصر، ما يفرض مسؤولية كبيرة لتقديم خدمات تليق بالمواطنين السودانيين المقيمين هناك.وأشار خلال جولة تفقدية اليوم لمقر السفارة الجديد بالتجمع الخامس بالقاهرة إلى أن الرأي العام السوداني يولي اهتمامًا خاصًا بمصر، وهو ما يعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية.كما أعرب السفير السوداني عن خالص شكره وتقديره لمصر، قيادة وشعبًا، على الدعم الكبير الذي قدمته في تسهيل الانتقال إلى المقر الجديد للسفارة السودانية بالقاهرة.وخص بالشكر وزارة الخارجية المصرية والدبلوماسيين والأجهزة الأمنية، الذين منحوا موافقة استثنائية لتحقيق هذا الانتقال، بما يليق بكرامة وسيادة السودان.وأكد أن المقر الجديد للسفارة صُمم ليكون منارة لتعزيز العلاقات الثنائية وتقديم الدعم للجالية السودانية.وأشار السفير عدوي إلى أن الانتقال إلى المقر الجديد يعكس رغبة السودان في تطوير وتعزيز علاقاته مع مصر وكافة سفراء الدول المعتمدين في القاهرة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني المصرية، بما يسهم في تحقيق تعاون أعمق وشراكات أقوى.واكد على أهمية العمل المستمر لتحقيق أهداف السودان في ظل الظروف الحالية.ودعا إلى تكاتف الجهود لتقديم أفضل الخدمات الممكنة، بما يعكس تطلعات الشعب السوداني وكرامته.وقال أن السفارة السودانية بالقاهرة تسعى دائما لتعزيز خدماتها للجالية السودانية وتطوير العلاقات الثنائية بين السودان ومصر بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.واكد على الدور المحوري للإعلام في تعزيز الوعي المجتمعي وتبصير الشعوب.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الرئيس الموريتاني يبحث مع البرهان تطورات أزمة السودان.. دعوات لدعم خطط الإعمار
  • وزير التعليم السوداني للجزيرة نت: هذه أسباب عقد امتحانات الشهادة السودانية
  • ميدل إيست آى: مصر متورطة في معارك على الحدود السودانية مع المهربين
  • مشهد جديد في السودان
  • الحكومة السودانية تقرر في مصير المواطنين المتواجدين في مناطق سيطرة الدعم السريع
  • مقر السفارة الجديد بالتجمع الخامس.. سفير السودان بالقاهرة: السفارة تسعى لتعزيز خدماتها للجالية السودانية
  • قائد قوات الدعم السريع السودانية يتعهد باسترداد كامل لمدينة "ود مدني"
  • البرهان: عهد القوات المسلحة السودانية استرداد كل شبر دنسته مليشيا آل دقلو
  • البرهان: فتح جميع معابر ومنافذ إدخال المساعدات في السودان
  • البرهان يشكر الرئيس الأمريكي