سودانايل:
2025-03-18@00:35:00 GMT

ما هو مصير الوساطات في الأزمة السودانية؟

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

نقلا عن مصر 360
بقلم : أمانى الطويل
يشكل تجميد الحكومة السودانية لعضويتها في منظمة الإيجاد خطوة، تطرح أسئلة بشأن موقف جهود الوساطة الإقليمية من الأزمة المحتدمة في السودان، تحت مظلة الاستقطاب الداخلي السوداني الذي يأخذ أشكالا عرقية، وقبلية وأيضا جهوية، كما يطرح أسئلة موازية بشأن قدرة هذه الوساطات على اختراق حالة التعقيد المركب في المشهد السوداني المسلح.


بداية، لا بد من الإشارة أن خطوة تجميد السودان لعضويتها جاءت على خلفية قرار قمة طارئة لـ «إيجاد»، بتجديد الدعوة للقاء مباشر بين طرفي الصراع (الجيش وقوات الدعم السريع) في غضون أسبوعين، وذلك على الرغم من فشل المنظمة في تأمين حضور محمد حمدان دقلو (حميدتي)، لقاء تم ترتيبه بجيبوتي في ديسمبر الماضي لنفس الهدف أي جمع الجنرالين المتصارعين، وبدلا من حضور اللقاء، قام حميدتي بجولة للقاء رؤساء دول، هم أعضاء في منظمة إيجاد ذاتها في خطوة أقل ما يقال عنها، إنها مكايدة ضد البرهان ومن ورائه من قوى سياسية واجتماعية وقبلية وجهوية، ومن الأسف أن وافق عليها رؤساء دول في أداء دبلوماسي غير مطروق ولا مقبول.
وبطبيعة الحال السياسي الذي نعرفه في السودان رد البرهان على المكايدة بموقف سياسي، يجمد عضوية بلاده في منظمة إىجاد، بعد أن اتخذت قرارا بعقد قمة جديدة في كمبالا، دعت إلى نفس الإجراء أي لقاء البرهان وحميدتي متجاهلة طبقا لمنطوق بيان وزارة الخارجية السودانية القرار الرسمي من السودان بوقف انخراطه، وتجميد تعامله في أي مواضيع، تخص الوقع الراهن في السودان تحت مظلة منظمة إيجاد.
هذا النموذج من التفاعل الإقليمي مع الأزمة السودانية يشير إلى ضرورة توافر شروط بعينها للنجاح في مسألة الوساطة أولها، المسافة الواحدة بين طرفي الصراع، ويبدو أن إيجاد بسبب الدعم الذي تجده من الأطراف الغربية، ومقولات الحلول الإفريقية للأزمات الإفريقية التي يتبناها الاتحاد الإفريقي، دون فاعلية واقعية في حل الأزمات، تتجاهل هذه المسألة أو تتعالي عليها في وقت، يبدو فيه المشكل السوداني في بعض تجلياته تعبيرا عن صراع عرقي وجهوي إلى جانب الصراع السياسي، حيث لا بد هنا أن يؤخذ بعين الاعتبار مكوناته على الأرض، وطبيعة انحيازاته للرموز السياسية أو العسكرية التي تعبر عنه.
على أية حال، حضور ممثل عن الجامعة العربية في قمة كمبالا، قد يكون بداية انتباه من جانب إيجاد بضرورة تضمين، واحترام كافة المكونات السودانية وكافة تجلياتها.
ولكن على المستوى الإجرائي، وفي خطوة متعجلة ومستغربة ومتجاهلة الوقائع على الأرض، وجهت الأمانة العامة لـمنظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقي، بالبدء في إجراء مشاورات مشتركة مع أطراف النزاع، لإطلاق عملية سياسية في غضون شهر، تنتهي بتشكيل حكومة ديمقراطية في البلاد، وهو ما يعني انحيازا جديدا لطرح، يتبناه حميدتي ومن معه للحصول على شرعية سياسية بحكومة تنفيذية.
على الصعيد المقابل، فإن الفريق البرهان يتجاهل الخيار التفاوضي ،وربما ما رشح عن منبر جدة في مراحله الأخيرة، يشير الي ذلك، حيث حقق المنبر خطوات متقدمة، فيما يتعلق بموافقة الدعم السريع على الانسحاب من مواقع محددة لها قيمة رمزية للقوات المسلحة السودانية، وتم تجاهل هذه الخطوة المتقدمة، وحدث انسحاب لوفد الجيش بضغط، فيما يبدو من جانب أجنحته المتأثرة برموز الجبهة القومية الإسلامية في السودان، وربما هذا ما يفسر ضعف الحماس السعودي للفاعلية في الأزمة السودانية، والتمثيل الدبلوماسي منخفض المستوى في قمتي إيجاد الأخيرتين.
وقد ترتب على إهمال الخيار التفاوضي من جانب البرهان على الرغم من اختلال الميزان العسكري لصالح الدعم السريع، منذ نوفمبر الماضي، أن تم اللجوء لأطراف إقليمية مثل، إيران لتسليح الجيش من جهة، وكذلك طرح مقاومة سميت (بالشعبية) ممن تم تسميتهم بالمستنفرين، وهم منتشرون جهويا في شمال ووسط وشرق السودان، ويمثلون القاعدة القبلية والاجتماعية لكل من الجيش، وتيار الإسلام السياسي في السودان.
في هذا السياق، نستطيع أن نرصد تداعيات إهمال الخيار التفاوضي في عدد من النقاط منها، أن استدعاء إيران لنقطة تمركز جديدة على شاطئ البحر الأحمر تحت مظلة الصراع في غزة، قد يشكل حساسية، بل رفض أمريكي للأداء السوداني، وبالتأكيد مثل هذه الخطوة، لن توافق عليها كل من المملكة العربية السعودية ومصر، بحسبان أن هذه الإتاحة السودانية لإيران، هي قوة مضافة لإيران غير مطلوبة، ولا مقبولة إٍقليميا.
أما على الصعيد الداخلي، فإن تسليح المدنيين قد ترتب عليه فوضى لحظية، حيث باع البعض منهم قطع السلاح لمجهولين واستخدموا الأموال في الخروج من السودان، كما برزت مصالح ضيقة لبعض رجال الأعمال السودانيين متوسطي القدرة الاقتصادية، جعلهم يمولون ويدعمون مدنيين بالسلاح في خطوة لموالاة الجيش، نظير حرية تعدين الذهب في بعض المناطق، كما أسفر الخطاب الاستقطابي المصاحب لعملية الاستنفار التي أطلقها البرهان، أن تم طرد مواطنين سودانيين منتمين للغرب من ولايات الوسط والشمال، وفي المقابل تم طرد مواطنين، ورجال أعمال من الوسط من مناطق غرب السودان.
وعلى صعيد مواز، فإنه يبدو، أن أكثر الأطراف تشددا ضد التفاوض، وهو علي كرتي، الأمين العام للجبهة القومية الإسلامية، بات طبقا لتسريبات متطابقة من عدد من الأطراف غير مسيطر على شباب الحركة الذين انخرطوا في حملات الاستنفار، ومن المتوقع، أن يكونوا قد تحالفوا مع خلايا نائمة لتنظيمات متطرفة مثل، داعش وغيرها في تطور غاية في الخطورة للسودان، وللإقليم الممتد من شرق إفريقيا نحو شمال القارة.
هذا المشهد بالتأكيد، يذكر بنمط الصراع الصومالي الذي أنتج أمراء للحرب على مستوى المناطق، وأسفر عن حرب أهلية ضعضعت الصومال وما تزال.
وقد يكون السؤال المطروح في هذه التفاعلات الساخنة، والمعقدة بالسودان، ماهي الشروط اللازمة؛ لتطوير موقف البرهان ومن معه للانخراط في عملية تفاوضية، دعوت إليها قائد الجيش السوداني من أكتوبر الماضي، أي قبل سقوط نيالا، وأكدت عليها، فيما عرف ونقل عني تحت عنوان حديث إلى البرهان.
في تقديري، مطلوب تقدير صحيح، يستبصره البرهان، ومن معه في هذه المرحلة الدقيقة، وهو تقدير قائم على محورين: الأول، أنه رغم اختلال الميزان العسكري لصالح الدعم السريع، إلا أنهم لن يستطيعوا حكم السودان؛ لأسباب مرتبطة بالوعي العام، بأن المشروع السياسي الذي يطرحه حميدتي حاليا، لا يملك مصداقية من ناحية الجدية في الخيار التفاوضي، وذلك بعد أن مارس مكايدة، ضد البرهان في جيبوتي، ولا يملك مصداقية في الموقف من التحول الديمقراطي؛ بسبب مشاركته في انقلاب أكتوبر ضد المدنيين، وربما بسبب ذلك، نرى أن تحالفه مع المدنيين في تحالف “تقدم” هو نوع من التحالفات الانتهازية المؤقتة التي تعرفها السياسية السودانية تاريخيا.
أما المحور الثاني، فهو وجود حاضنة شعبية للجيش من جانب الطبقة الوسطى السودانية الغير منخرطة في التفاعلات السياسية، وهي الطبقة القائدة والمرجحة للتحولات السياسية في أي بلد.
في هذا السياق، فإنه ربما يكون من المطلوب في هذه المرحلة، هو تقدم قوى إقليمية بمبادرة جديدة، تقوم على أسس الحياد السياسي بين الأطراف السودانية، والكفاءة الإجرائية؛ لإقناع البرهان الذي هو في موقف قوة بالفعل، بالدخول في تفاوض، يحقق وقفا لإطلاق النار، طال انتظاره في السودان، وذلك قبل الانخراط في حرب أهلية شاملة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان من جانب

إقرأ أيضاً:

ضربة لصناعة الشاي الكينية.. السودان يغلق أبوابه وخسائر بالمليارات

تواجه صناعة الشاي في كينيا أزمة غير مسبوقة بعد فرض السودان حظرا مفاجئا على واردات الشاي الكيني، أدى إلى خسائر مالية جسيمة وأثار قلقا متزايدًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية.

ونتيجة لهذا القرار، احتُجزت شحنات تقدر قيمتها بنحو 1.3 مليار شلن كيني في الموانئ، مما يهدد معيشة آلاف العاملين في هذا القطاع الحيوي.

وبحسب صحيفة "ستاندارد" الكينية، توقفت 207 حاويات محملة بالشاي كانت متجهة إلى السودان في ميناء مومباسا، وهو ما يمثل حوالي 20% من الشحنات الكينية الموجهة للسودان، بينما تواجه شحنات أخرى عراقيل جمركية في الموانئ السودانية.

كما أن بعض الشحنات لا تزال عالقة في البحر في انتظار تصريح الدخول، مما يزيد تعقيد الوضع ويؤثر سلبا على تدفق التجارة بين البلدين.

ويُعد السودان ثالث أكبر سوق للشاي الكيني عالميا، إذ يستورد نحو 10% من إجمالي إنتاج كينيا سنويا. ولذلك، يشكل هذا الحظر ضربة موجعة للصناعة، إذ تجد الشركات المصدرة صعوبة في استرداد مستحقاتها المالية أو إعادة توجيه البضائع إلى أسواق بديلة.

كما أن بقاء الشاي المخزن لفترات طويلة قد يؤثر على جودته، ومن ثم يزيد من حجم الخسائر المحتملة.

خسائر مالية

وفقا لموقع Kenyans.co.ke الكيني، تكبد المصدرون الكينيون "خسائر غير مسبوقة" نتيجة لهذا الحظر، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الأزمة إلى تسريح واسع للعمال في مزارع الشاي ومصانعه.

إعلان

ويواجه المزارعون الصغار الذين يعتمدون على التصدير وضعا ماليا حرجا، خاصة في ظل غياب أسواق بديلة قادرة على استيعاب الفائض بسرعة.

وأمام حجم الخسائر، وجّه المصدرون نداء عاجلا إلى الرئيس الكيني وليام روتو للتدخل الفوري، وسط مطالبات للحكومة باستخدام القنوات الدبلوماسية لتخفيف الأزمة.

ووفقا لتقرير نشرته "بي بي سي"، تتزايد الضغوط على السلطات الكينية لبدء محادثات مباشرة مع الخرطوم لضمان استئناف صادرات الشاي في أقرب وقت.

وفي تصريح لموقع Kenyans.co.ke، قال أحد المصدرين "نحن في وضع صعب للغاية. إذا لم يتم إيجاد حل سريع، فقد تواجه صناعة الشاي في كينيا أزمة اقتصادية واسعة النطاق".

أسباب الحظر السوداني وتداعياته

وجاء هذا الحظر عقب تعليق السودان لجميع الواردات من كينيا، احتجاجا على استضافة نيروبي مؤخرا اجتماعا لقوات الدعم السريع التي وقعت اتفاقا مع حلفائها السياسيين والمسلحين لتأسيس حكومة موازية في السودان.

وقد أثار هذا الاجتماع استياء الحكومة السودانية التي ردّت بفرض حظر تجاري على كينيا.

ويعتقد بعض المحللين أن السودان ربما يسعى أيضا إلى دعم إنتاجه المحلي من الشاي، أو أنه يحاول حماية اقتصاده من الضغوط الخارجية. ومع ذلك، فإن إغلاق السوق السودانية أمام الشاي الكيني قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره في السودان نفسه، مما قد ينعكس سلبًا على المستهلكين هناك.

هل ستنجح كينيا في احتواء الأزمة؟

تُبرز هذه الأزمة مدى تأثير القرارات السياسية على الاقتصاد، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الشاي الذي يُعد أحد أهم صادرات كينيا.

ومع استمرار الخسائر، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة الكينية من استعادة السوق السودانية قبل تفاقم الأزمة؟ حتى الآن، تظل الأمور غير واضحة، في حين يترقب المصدرون أي تحرك رسمي قد ينقذ الصناعة من أزمة تهدد مستقبلها.

مقالات مشابهة

  • “عافية”.. خطوة من القنصلية السودانية في أسوان لتخفيف معاناة المهجرين
  • عمران في قلب الأزمة الإنسانية يوثق فراغ سلة الغذاء بشرق السودان
  • كيكل: نحن جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة السودانية، وعلى أهبة الاستعداد لترتيبات الدمج والتسريح
  • منصة محايدة!!
  • سوريا.. مطالبات بالكشف عن مصير المفقودين خلال الحرب
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • ضربة لصناعة الشاي الكينية.. السودان يغلق أبوابه وخسائر بالمليارات
  • الجيش الملكي يهزم المغرب الفاسي ويقترب من حسم وصافة البطولة الإحترافية
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)