أعلن سياسيون ومفكّرون ومثقفون وقيادات دينية وأدباء وفنانون من أنحاء العالم، في إعلان مشترك، رفضهم "غضّ النظر عن الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية" في غزة، مؤكدين أن "هذا يمثّل تحدِّيا أخلاقيا للعالم أجمع".

وجاء في الإعلان الذي صدر الاثنين: "نواكب، بأسى وغضب، فظائع رهيبة تستهدف أكثر من مليوني إنسان من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء.

إنّ هذا يمثِّل تحدِّيا أخلاقيا للعالم أجمع يستدعي يقظة إنسانية عاجلة ومراجعة مبدئية صارمة".

وضمّت قائمة أوائل الموقِّعين أكثر من مائة شخصية من أنحاء العالم، من بينهم قادة دول وحكومات ووزراء سابقون، وحائزون على جوائز دولية بارزة، وعلماء مسلمون وقادة كنائس، ومفكِّرون وكتّاب وأدباء وفنّانون من بلدان عدّة؛ من العالمي العربي والإسلامي وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأستراليا.


وأكّد الموقعون على الإعلان الصادر بثماني لغات: "نرفض غضّ النظر عن الجرائم الشنيعة ضدّ الإنسانية الجارية ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي تتخذ طابع الإبادة والتطهير العرقي، ونستنكر بأقصى العبارات ما يحظى به ذلك من دعم عسكري وسياسي ودعائي متواصل من جانب قوى دولية".

وقال الإعلان هذه الجرائم "كشفت أنّ عالمنا يعاني اختلالات جسيمة، وأزمة أخلاقية مُتفاقمة، ومعضلة قيمية مُستعصية، وممارسات دعائية مضلِّلة"، محذرا "من العواقب التي يجرّها تغييب المواثيق والشرائع وإسقاط القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؛ على السِّلم العالمي ومصالح الشعوب".

وأكّد الإعلان أنّ "دعم الاحتلال العسكري وسياسات القهر والاضطهاد وحملات الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب بسرديّات تتذرّع بالأخلاق والمبادئ والإنسانية؛ هو تغليف مضلِّل يتّخذ من الشعار الأخلاقي والمبدئي والإنساني أداة قتل وقهر واضطهاد".


ورفض الإعلان "استدعاء القيَم والمبادئ والمواثيق أو تعطيلها بصفة انتقائية سافرة حسب أولويّات السياسة واتجاهات المصالح"، مضيفا: "إنّ تناقُض مواقف القوى الدولية حسب مصالحها واستقطاباتها؛ ينزع المصداقية عن مواقفها عموما".

وأشار الإعلان إلى أنّ "العدوان الرهيب الجاري ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أفقد شعوبا وجماهير حول العالم ما تبقّى لديها من ثقة بأخلاقيّات النظام الدولي، وبعمل العدالة الجنائية الدولية، وبمفعول القيم والمبادئ والمواثيق والشعارات في الواقع".

وقالت الشخصيات في الإعلان: "من بواعث الفزع أن تحتفي منصّات دولية وسياسية وإعلامية بخطابات مكرّسة لتبرير العدوان وتمجيد مقترفه ولوْم ضحاياه وتحميلهم المسؤولية عن مصيرهم المُرعِب قتلا وسحقا وتعطيشا وتجويعا وتشريدا".

ورأى الموقِّعون أنّ "ما يجري في فلسطين يُعيد إلى الأذهان فصولا مُرعبة من ذاكرة العهد الاستعماري. إنّ هذا يؤكِّد أهمية فتح ملفّات الاستعمار ومحاكَمته أخلاقيا ومبدئيا واستلهام العظات اللازمة منه للحاضر والمستقبل".

واستهجن الإعلان "وضع بعض البشر فوق بعض في المرتبة والحقوق والاهتمام، وننبذ المساس بكرامة أيّ من الشعوب والجماعات البشرية بصفة صريحة أو إيحائية"، وأكّد أنّ "الفظائع الجارية في غزة مثال مُعبِّر عن عالَم يُعاني من اختلالات جسيمة على حساب جنوب الكوكب وشعوبه ومجتمعاته، وهذا يتطلّب نهجا تصحيحيا عاجلا بلا هوادة".

وقالت الشخصيات الموقِّعة على الإعلان العالمي: "نحذِّر من نهج احتكار الحقيقة ومصادرة القيَم والمبادئ وتشغيلها انتقائيا حسب مصالح القوى الدولية، وفرض سردية أحادية على العالم تقوم على التحيّز والغطرسة والتجاهل والتبرير".

وأضاف الإعلان: "عالما يُقرِّر تشغيل قيَمه ومبادئه ومواثيقه بصفة انتقائية، ولا تتكافأ فيه أرواح البشر أو تتساوى فيه حقوقهم وحريّاتهم وكرامتهم؛ هو عالم جائر يزرع الغضب في صفوف أجيالٍ تلحظ الفجوة بين شعارات نبيلة وممارسات مروِّعة".

وحذّر الإعلان من أن "الرضوخ لخطابات تبرير الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب التي سُمعت من منصّات دولية وثقافية وإعلامية يمثِّل تهديدا للإنسانية جمعاء وليس للشعب الفلسطيني وحده"، كما حذّر من "إسباغ أوصاف "الحضارة" و"التحضُّر" و"الإنسانية" و"الخير" و"النور" على سياسات الإبادة وجرائم الحرب، ومن تبرير الفظائع عبر نزع الإنسانية عن الشعوب المضطّهَدة وتسميم أجواء التعايش الإنساني والتفاعل الثقافي في عالم متنوِّع".


ونبّهت الشخصيات الموقعة إلى أنّ "عالمنا يفتقد سُلطة مُساءلة أخلاقية تقف في وجه الغطرسة والسطوة وانتهاك المواثيق والشرائع وسياسات الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب والاضطهاد"، وقد "صار مُلحّا خوْض نقاش فلسفي وفكري وثقافي عالمي للتحقُّق من مدى جاهزية عالمنا المبدئية والأخلاقية للامتثال للمواثيق الإنسانية والدولية والتصدِّي لحملات الإبادة والتطهير العرقي وسلب حقوق الشعوب وحريّاتها"، بحسب الإعلان.

وحثّ الإعلان العالمي روّاد الفلسفة والفكر والثقافة والأدب والفنّ وقادة المجتمعات الدينية والمدنية على "النهوض بدورهم المبدئي والأخلاقي في إنصاف الحقوق والعدالة والحرية وكرامة الإنسان في فلسطين وفي كلّ مكان، وفي التصدِّي للظلم والقهر والاضطهاد والإبادة والتطهير العرقي والسياسات العنصرية".

وشدّد الإعلان على أنّه "يتعيّن إعلاء صوت الضمير الإنساني بشجاعة وقبل فوات الأوان، فالجرائم ضدّ الإنسانية انتهاك للبشرية جمعاء وليس فقط لضحاياها المُباشرين الذين تُسلَب حقوقهم في الحياة والأمان والحرية والكرامة في فلسطين".

وأكد الإعلان أنّ "عالما يُحدّد موقفه من الفظائع والانتهاكات طبقا لهُويّة الجاني وهُويّة الضحية؛ هو عالم لا أمان فيه ولا حقوق ولا عدالة، ولن تتورّع دوله وجيوشه عن الفتك ببعض البشر لتمكين بعض السياسات التي تُقدِّم مصالحها على التزاماتها المُعلنة".

ومن أبرز الموقعين على الإعلان؛ الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، ورئيس الوزراء التونسي الأسبق حمادي الجبالي، ورئيس الحكومة المغربية الأسبق عبد الإله بنكيران، ووزير الخارجية الماليزي السابق تان سيري سيد حامد البار، والحقوقية العربية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، ودان كوفاليك؛ أستاذ القانون الدولي في جامعة بيتسبرغ الأمريكية، والمحامي الشرفي البلجيكي جورج أونري بيوتي، ومحققة جرائم الحرب من نيوزيلندا جوليه ويب بولمان، وعضو مجلس الشيوخ الكولومبي فؤاد راباغ، وعضوا البرلمان الإيطالي السابقان ستيفانو أبوزو وتاتيانا باسيليو، ومرشّح الرئاسة المصري الأسبق أيمن نور.

كما ضمّت القائمة أسماء أخرى بينها: المفتي العام للجمهورية العربية السورية أسامة الرفاعي، وداتو ويرا سيخ عبد الغني شمس الدين، رئيس أمانة جمعية العلماء لآسيا- ماليزيا، ومحمد عزمي عبد الحميد، رئيس المجلس الاستشاري الإسلامي الماليزي، والمطران عطا الله حنّا من فلسطين، وياسين أقطاي، الأستاذ في الأكاديمية التركية للعلوم- تركيا، وعبد الكريم بكار، الأمين العام لمنظمة متحدون ضد التعصب الطائفي- سوريا، عبد الرزاق قسوم، أستاذ في جامعة الجزائر- الجزائر، وظفر الإسلام خان، الرئيس السابق لمفوضية دلهي للأقليات في نيودلهي- الهند، وعبد الرزاق مقري، الأمين العام لمنتدى كوالالمبور للفكر والحضارة- الجزائر، والأب ميغيل توماس كاسترو، راعي كنيسة باوتيستا إيمانويل بالسلفادور، وداتو سيري شيخ أحمد أوانغ، رئيس تحالف المساجد العالمي للدفاع عن الأقصى- ماليزيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجرائم غزة الشخصيات غزة حقوق الإنسان جرائم شخصيات اعلان عالمي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة والتطهیر العرقی وجرائم الحرب

إقرأ أيضاً:

انتخابات موريتانيا.. غزواني لولاية ثانية ومرشح يهدد بالشارع والاستقطاب العرقي يميز المشهد

تتجه الأمور في موريتانيا إلى حسم المرشح (الرئيس الحالي) محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية رئاسية ثانية، وبنسبة أقل مما توقع مناصروه، وفوق ما كان يرجو منافسوه، حيث تسير مؤشرات النتائج إلى منحه نحو 55% من أصوات الناخبين، وذلك بعد فرز أكثر من 92% من الأصوات المعبر عنها.

ومع أن النتائج الواردة لم تكن مفاجئة في منح الرئيس الغزواني (67 عاما) مأمورية ثانية وأخيرة، بعد حملة انتخابية كانت الأقل صخبا وفق الموريتانيين، وكان فيها خطاب الرئيس الغزواني الأكثر تهدئة، فيما ركز خصومه على انتقاد الفساد وسوء التسيير وتردي الخدمات، وارتفاع البطالة وهجرة الشباب وهشاشة البنية التحتية.

كما دخلت الخطاب السياسي الانتخابي مفردة جديدة وهي تطبيق الشريعة الإسلامية، وهي المفردة التي تعهد ونادى بها مرشح حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ذو الخلفية الإسلامية، حمادي ولد سيدي المختار، الذي يتولى أيضا زعامة المعارضة في موريتانيا.

ومع أن عمليات الفرز لم تكتمل بعد؛ فإن معظم المراقبين يتوقعون أن ترسو النتائج النهائية على الترتيب الحالي للمرشحين وبذات النسب المئوية تقريبا، خصوصا مع اقتراب نسبة الفرز من 95%.

وإجمالا يمكن تسجيل الملاحظات التالية على مجريات العملية الانتخابية ونتائجها:

نسبة مشاركة متوسطة أقرب للضعيفة، وهو الضعف الذي شكا منه مختلف السياسيين، وخصوصا في الساعات الأولى من التصويت، قبل أن يرتفع المؤشر قليلا مع عصر يوم الاقتراع، لتصل نسبة المشاركة إلى نحو 55% وفقا لما نرشته اللجنة المستقلة للانتخابات على موقعها الإلكتروني. تصدر ولد الغزواني في جميع ولايات (محافظات) البلاد (15 ولاية، بالإضافة إلى دائرة الخارج)، باستثناء ولايتين هما "داخلت نواذيبو"، ونواكشوط الجنوبية، اللتين تصدر فيهما منافسه الذي حل في المركز الثاني بيرام الداه اعبيد (59 عاما). التصويت على أساس عرقي: أظهرت نتائج الانتخابات المعلن عنها لحد الآن، أن الانتخابات كانت أقرب -حسب بعض قراءاتها وفي جزء من نتائجها على الأقل- إلى استفتاء على أساس عرقي، كما أظهرت مستوى من التحالف المجتمعي السياسي بين شريحة الحراطين (العبيد السابقون) التي ترشح منها سياسيان بارزان هما رئيس حركة إيرا بيرام الداه اعبيد، والمحامي العيد ولد محمدن، وبين قوى سياسية ذات تأثير كبير في أوساط الزنوج، مثل تحالف العيش المشترك. وإذا كان المرشح العيد قد حصل على نسبة تتراوح لحد الآن ما بين 3-4% فإن طبيعة خطابه الوطني، جمعت حوله نخبة محدودة من الشباب الموريتاني من مختلف الأعراق، لكنه أخفق في اختراق الكتل الناخبة المحسوبة على شريحة الحراطين والزنوج، بينما رفع المرشح بيرام الداه اعبيد، نسبته بشكل كبير في المناطق ذات الأغلبية من الزنوج أو الحراطين، وكذا في المدن العمالية حيث ينتشر أفراد قوميته في المهن البسيطة.

وتظهر النتائج التالية بعض المؤشرات على التصويت على أساس عرقي:

حصول رئيس حركة إيرا بيرام ولد اعبيدي على نحو 32% من أصوات الناخبين في ولاية غورغل مقابل 49% لمرشح السلطة محمد ولد الشيخ الغزواني، فيما حصل رئيس حزب تواصل المرشح تواصل على أقل من 5%، أما في ولاية البراكنة المتقاسمة عرقيا، فقد حصل بيرام على 19% مقابل 56% للرئيس الغزواني، ونحو 9% لولد سيدي المختار. وفي مدينة نواذيبو الشاطئية حيث الأغلبية العمالية من شريحتي الحراطين والزنوج، حافظ بيرام على تقدمه في رئاسيات 2024 ليحصل 41% من أصوات الناخبين في مقابل 35% للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، و13% لولد سيدي المختار. وفي مدينة روصو الشاطئية على ضفة نهر السنغال، فقد جاء الفارق بين الرئيس الغزواني ومنافسه بيرام في حدود 800 صوت لا أكثر (حتى الآن على الأقل)، حيث حصل غزواني على نحو 9000 صوت، فيما حصل بيرام على نحو 8200 صوت. أما في العاصمة، فقد حصل مرشح الأغلبية محمد ولد الشيخ الغزواني في نواكشوط الغربية التي تضم مقاطعة ذات أغلبية زنجية، وهي مقاطعة السبخة، إضافة إلى المقاطعتين الأكثر ثراء في البلاد، على نحو 38%، وهي نتيجة مقاربة لتلك التي حصل على بيرام اعبيد، وهي 35%، فيما حصل ولد سيدي المختار على نحو 13%. أما في ولاية نواكشوط الجنوبية التي تضم أيضا مقاطعتي الرياض والميناء اللتين تقطنها أغلبية من الحراطين والزنوج؛ فقد نال ولد اعبيد على 40%، مقابل نحو 34% للمرشح الغزواني، فيما حل مرشح حزب تواصل الفقيه حمادي ولد سيدي المختار في الرتبة الثالثة بأصوات 15% من الناخبين. أما في عدد من الولايات الكبيرة ذات الأغلبية من القومية العربية (البيضاء)، فقد كان المرشحان محمد ولد الشيخ الغزواني وحمادي بن سيدي المختار في الرتبتين الأولى والثانية مع تفاوت كبير بين نتائجهما. فقد منحت ولاية الحوض الشرقي الرئيس الغزواني نسبة 78% من الأصوات المعبر عنها، فيما حصل حمادي على 10% وجاء بيرام ولد اعبيدي ثالثا بنسبة 6%، وتكرر الأمر مع ولاية الحوض الغربي، حيث حل الغزواني في الرتبة الأولى بأصوات 71% من المواطنين، فيما يحل حمادي في الرتبة الثانية بنسبة 17%، ونزلت نسبة بيرام إلى 7% فقط. وفي ولاية العصابة تنعكس المؤشرات قليلا، حيث يرتفع بيرام إلى الرتبة الثانية بنسبة 16، وتنزل نسبة حمادي إلى الرتبة الثالثة بأصوات 12% من الناخبين، فيما يحافظ الغزواني على الصدارة بنسبة 65% من بينها أصوات مدينته بومديد التي منحته نسبة نجاح بأصوات 92% من ناخبيها. ويتكرر الأمر نفسه مع ولاية آدرار في الشمال الموريتاني، حيث يرتفع نسبة غزواني إلى 75% فيما تهبط أصوات بيرام ولد اعبيد إلى 7.51%، ليرتفع حمادي إلى الرتبة الثانية بـ12%. وتظهر هذه المؤشرات -وفقا لمراقبين- قوة الخطاب الفئوي وتأثيره، وتمركزه بشكل أساس في المدن الكبرى. كما تظهر النتائج -غير النهائية حتى الآن- أن الخطاب السياسي الذي انتهجه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خلال السنوات الخمس المنصرمة، للتقرب من ضحايا المظالم التاريخية التي تعبر عن نفسها لونيا في أحفاد الأرقاء السابقين، وكذا الزنوج، لم ينعكس بقوة لصالحه في صناديق الاقتراع بالمستوى الذي كان يتوقع ويطمح إليه أنصاره، كما لم تسعفه أيضا البرامج التنموية التي نفذتها وكالة تآزر الذراع الاجتماعية للدولة الموريتانية في قلب موازين التصويت في مناطق التمايز العرقي. وفقا لمتابعين. تمايز سياسي بين القوى الإسلامية: فقد أظهرت الانتخابات اصطفاف كل القوى المحسوبة على الطرق الصوفية خلف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حيث حصد نسبة نجاح محلقة في المكاتب المحسوبة على الأسر الصوفية الكبرى في قرى ومناطق مثل النمجاط، النباغية، بوتلميت، النعمة، مكطع لحجار وغيرها. وفي المقابل لم يمنح خطاب تطبيق الشريعة، مرشح حزب تواصل حمادي ولد سيدي المختار تقدما كبيرا ولافتا للانتباه في مختلف أنحاء البلاد، حيث حل في الرتبة الثالثة التي لم يكن له منافسا فيها، حيث كان الفارق كبيرا مع المرشح الذي حل في الترتيب التالي، وهو المحامي العيد ولد محمدن. لم يعلن حتى الآن أي مرشح عن قبوله أو رفضه لنتائج الانتخابات باستثناء المرشح بيرام ولد عبيد، ربما لأن الوقت ما زال مبكرا، ولم تعلن النتائج بشكل نهائي حتى الآن، وينتظر في الساعات القادمة أن يعلن المرشحون المنافسون لولد الغزواني عن مواقفهم من نتائج الانتخابات قبولا -وهو المتوقع- أو رفضا -هو الأمر غير المرجح. وحده المرشح بيرام أعلن رفض النتائج وهدد بالنزول إلى الشارع، داعيا الجيش إلى عدم حماية ما وصفه بالنظام الفاسد وفق تعبيره، وأكد أن "الجيش والأمن والحرس" ليسوا عبيدا للنظام، وأن الشعب سينتصر حتى ولو رشقه الجيش بالرصاص من أجل حماية المفسدين. وفي ظل موقف بيرام الرافض للنتائج، لا أحد حتى الآن يعرف أين ستتجه سفينة التهدئة السياسية التي كانت أهم مكسب سياسي يراهن عليه نظام ولد الشيخ الغزواني، ويخشى البعض إن استمر رفض أحد المرشحين للانتخابات أن تصبح التهدئة في مهب رياح الانتخابات الأقل صخبا، والأكثر تعبيرا عن التمايز العرقي في موريتانيا. ملامح الولاية الثانية

يدخل ولد الشيخ الغزواني ولايته الثانية، بخطاب غير معهود لدى الأغلبية الحاكمة في موريتانيا، حيث يؤكد الرجل أن أولوياته في المرحلة القادمة تتركز في:

محاربة الفساد: وقد كرر الرجل أكثر من مرة، أنه لن يكون في نظامه مكان لمن يمد يده إلى المال العام، ويعتبر الوفاء بهذا الوعيد من الصعوبات الهيكلية في موريتانيا التي تتذيل دول العالم في مكافحة الفساد، حيث تقبع في الرتبة 130 من أصل 180 دولة. ويجري فيها الحديث على نطاق واسع عن ترسخ الفساد، وضعف الإجراءات الرقابية، وسيجعل قرار من هذا القبيل الرئيس ولد الغزواني في مواجهة عدد من كبار داعميه المتهمين من قبل المعارضة بالفساد، وترسيخ نظام إداري عميق من المحسوبية.

ويشكك مراقبون في قدرة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني على الوفاء بوعده، حيث يذهب وزير المالية والمفتش الأسبق للدولة سيدي ولد أحمد ديه في تصريحات صحفية نشرت قبل أيام إلى أن حديث ولد الشيخ الغزواني عن مكافحة الفساد غير منطقي، متسائلا أين كان ولد الشيخ الغزواني خلال السنوات المنصرمة، وكيف سيحارب الفساد، وهو يختار إلى صفه الشخصيات المتهمة بالفساد والإخفاق.

وفي نفس السياق سبق للحكومة الموريتانية أن أقرت إستيراتيجية لمحاربة الفساد للفترة ما بين 2023-2030، وذلك من أجل محاصرة شبح الفساد الذي يقضم الاقتصاد وثقة الشعب الموريتاني في أنظمته.

ولاية الشباب: يعد ولد الشيخ الغزواني بولاية رئاسية خاصة للشباب بمختلف فئاته وتوجهاته، ويأتي هذا الإجراء بعد أن تفاقمت موجة هجرة الشباب الموريتاني إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تجاوز المهاجرون قرابة 40 ألف شخصا وفقا لوسائل إعلام موريتانية، وما تزال وتيرة الهجرة في تسارع كبير.

ولتنفيذ الإستيراتيجية الجديدة للشباب تعهد ولد الغزواني بتأسيس وكالة تمكين موجهة للشباب الذي يمثل أكثر من ثلثي السكان.

تحدي إدارة الثروة الغازية: دون أن يتحدث ولد الشيخ الغزواني في خطاباته عن الغاز الذي سيبدأ تصديره خلال الأشهر الأولى من مأموريته، فإن هذه الثروة ستكون أساس تنفيذ وعود الرجل الذي يخطو إلى عقده السابع ومأموريته الثانية والأخيرة، ويعد الموريتانيين بثورة زراعية في بلد ما زال يستورد أغلب غذائه من الخارج. وإلى جانب هذه الآفاق، فإن ولد الشيخ الغزواني لم يخف تحديات أخرى تعهد بمواجهتها، حيث كان هاجس الأمن وفرض سيطرة الدولة، ضمن رسائل موجهة للخارج، تمثل فيها الرئيس الأكثر هدوء في تاريخ البلاد بقول الشاعر العربي القديم: ولي فرس للحلم بالحلم ملجَم.. ولي فرس للجهل بالجهل مسرَج

وبين الحلم والجهل في سياقيهما السياسي يستعد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية جديدة، بعد أن خبر الإدارة والأطراف السياسية طوال خمس سنين، ليدير مشهدا سياسيا قوامه انهيار الأحزاب التقليدية، وصعود القوة الشبابية، وتصاعد الخطاب العنصري.

مقالات مشابهة

  • حرب التجويع
  • "ديهاد + روما" مبادرة عالميّة تجمع قادة قطاع العمل الإنساني العالمي في جامعة لويس
  • بيل جيتس يحذر من وباء عالمي قاتل
  • انتخابات موريتانيا.. غزواني لولاية ثانية ومرشح يهدد بالشارع والاستقطاب العرقي يميز المشهد
  • العيون الأمنية تترصد الظاهرة الإرهابية على "تيك توك"
  • النائب العام الفلسطيني السابق: جرائم الإبادة بغزة يشاهدها العالم صوت وصورة (فيديو)
  • عشرات التونسيين يتظاهرون احتجاجا على جرائم الإبادة بغزة
  • لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية: لبنان في لحظة مصيرية ووقف الحرب مصلحة إقليمية – دولية
  • عشرات التونسيين يتظاهرون احتجاجا على جرائم "الإبادة" الإسرائيلية بغزة
  • مؤشر عالمي… اليمن الدولة الأقل سلمية على مستوى العالم