مرض فيروسي يُهدّد الثروة الحيوانية بالجبل الأخضر
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
يتزايد عدد الإصابات بمرض “الجلد العقدي” الذي يصيب الثروة الحيوانية بشكل يومي في مناطق الجبل الأخضر، لاسيما مدينة البيضاء، ليصل إلى 1000 إصابة في البيضاء وحدها، وسط مخاوف من انتشار المرض بين الماشية، ما يهدد الثروة الحيوانية في المنطقة.
و”الجلد العقدي” هو مرض فيروسي يصيب بشكل أساسي الأبقار، وبدرجة أقل الأغنام، وينتقل للحيوانات بواسطة الحشرات أو تناول طعام وشراب ملوّث، وتتمثلّ أعراضه في ارتفاع درجات الحرارة والتهاب الجيوب الأنفية وظهور حبوب على الجلد.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن صالح سليمان بومباركة مدير إدارة الثروة الحيوانية بمنطقة الجبل الأخضر قوله إن الإدارة رصدت حتى الآن إصابة ما يفوق (950) رأس ، مؤكدا نفوق أكثر من (100) رأس، وهو ما يعني أن حجم النافق في الماشية المصابة يفوق (10%).
وأوضح بو مباركة أن المرض بدأ الانتشار بين الماشية في الجبل الأخضر، عقب إعصار “دانيال” الذي ضرب المنطقة في سبتمبر الماضي، مطالبا السلطات بالتدخل العاجل لإنقاذ ثروات المواطنين من الضياع.
وتفتقر الفرق البيطرية التي تواجه المرض، إلى أبسط الإمكانيات الطبية والعلاجية لمكافحة المرض، لذلك يبدو من الملح جدا توفير الإمكانات من مبيدات حشرية ولقاحات وتحصينات.
وأشار بو مباركة، إلى أنهم لم يتلقوا أي دعم من الجهات المختصة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهو ما فاقم الأزمة، وينذر بتفشي المرض بشكل أكبر إذا لم تتم مواجهته.
ووفقا لمنصة “زويتيس” المتخصصة في مجال الصحة الحيوانية، فإن الجلد العقدي، مرض معدي ينتقل عن طريق الحشرات، والسبب الرئيسي في حدوثه هو فيروس يسمى “نيسلينج فيرس وينتمي لعائلة جدرى الضأن.
وتنصح الشركة بضرورة استخدام طاردات الحشرات، والتحصين المستمر للحيوانات، واستخدام رافعات المناعة، مؤكدة أنه من المهم معرفة شدة المرض أو شدة الأعراض.
وتتمثل أعراض المرض بظهور عقد جلدية، وغالبا ما تكون حرارة الجسم طبيعية، ولا تتأثر شهية الحيوان، أما الأعراض متوسطة، فيضاف لها فقد جزئي لشهية الحيوان، أما الأعراض شديدة، فتشمل انتشار عقد جلدية كبيرة بالجسم، وفقدان للشهية مع إسهال وأعراض تنفسية.
وعادة ما يكون العلاج باستعمال مضاد حيوي مناسب، واستخدام مضاد الحساسية، وينصح بتوفير طارد الحشرات الطائرة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الثروة الحيوانية الجبل الأخضر الثروة الحیوانیة
إقرأ أيضاً:
لبنان.. راشيا الوادي بلدة الحنين والجمال تروي ذاكرة الجبل
راشيا الوادي- عندما تصل إلى تخوم جبل الشيخ في لبنان ويبدأ الضباب بالتسلل من بين أشجار الصنوبر تشعر أنك تقترب من مكان يعرف كيف يدهشك بهدوئه.
هناك، عند بوابة البقاع الشرقي تستقر بلدة راشيا الوادي كأنها مشهد من رواية قديمة تروي للزائر حكايات الحرية والكرم والجمال.
ليست مجرد بلدة لبنانية، بل ذاكرة حية في حضن الجبل توازن بين عبق التاريخ وسحر الطبيعة، وتجمع في طابعها بين روح القرية وبساطة الحياة وجمال المشهد.
موسم فرح وذاكرةفي أكتوبر/تشرين الأول تتحول راشيا إلى ساحة من الفرح الشعبي، إنه مهرجان الدبس، الحدث السنوي الذي يجمع بين التراث والزراعة والحنين إلى الماضي.
في هذا اليوم تمتلئ الأسواق القديمة بالزوار، وتعلو رائحة عصير العنب المطبوخ فوق النيران، وتُرفع الأعلام اللبنانية ويظلل أكبر علم لبناني السوق الأثري، في مشهد رمزي يجمع بين الفخر والانتماء.
المهرجان ليس احتفالا زراعيا فحسب، بل طقس اجتماعي يعيد الحياة إلى البلدة، حيث يلتقي المزارعون والحرفيون والزوار في جو من الفرح المشترك، فالعنب في راشيا ليس موسما عابرا، بل مصدر رزق وهوية لأسر لا تزال تحافظ على معاصره القديمة باعتبارها جزءا من تراثها الحي.
تعزيز السياحة الريفيةوضمن مساعي لبنان لتعزيز السياحة الريفية تبرز راشيا بمثابة نموذج رائد في السياحة الزراعية، إذ تجمع بين الزراعة والحرف التراثية والطبيعة الخلابة.
الزائر هنا لا يكتفي بالمشاهدة، بل يشارك في التجربة، يقطف العنب ويصنع المربى، أو يتعلم طريقة صناعة الصابون البلدي في ورش صغيرة.
وهكذا، تتحول الزيارة إلى رحلة اكتشاف وتفاعل تعيد إلى الريف مكانته في خريطة السياحة اللبنانية، وتنعش الاقتصاد المحلي عبر تمكين المجتمعات الريفية من استثمار مواردها.
بلدة التاريخ والطبيعةتاريخ راشيا لا يُروى بالحجارة فقط، بل بالكرامة التي سكنت جدرانها، ففي قلعة راشيا وُلد فجر استقلال لبنان عام 1943 عندما اعتقلت القوات الفرنسية الزعماء اللبنانيين فيها، قبل أن تتحول تلك اللحظة إلى رمز وطني خالد.
واليوم، يقف الزائر أمام القلعة فيرى أكثر من مجرد أثر حجري، بل بوابة لذاكرة وطن، ومن على أسوارها تمتد بانوراما آسرة من جبل الشيخ المهيب إلى سهول البقاع الرحبة، حيث يلتقي التاريخ بالطبيعة في مشهد لا يُنسى.
إعلانراشيا محاطة بتلال خضراء، تفترشها غابات الصنوبر والبلوط، وتخترقها ينابيع باردة كأنها خيوط فضة تجري على مهل.
وفي الربيع، تكتسي الأرض بأزهار برية ملونة، في حين تتلون أوراق الخريف بالنحاس والعنبر، فتغدو البلدة لوحة من إبداع الخالق.
هنا لا يحتاج الزائر سوى أن يمشي في دروبها الهادئة، ليكتشف الوادي الذي يحمل اسمها، حيث يمكن أن يسمع موسيقى الطبيعة في خرير المياه وهمس الريح بعيدا عن ضجيج المدن.
أما عشاق المغامرة فيجدون في راشيا مقصدا مثاليا للمشي الطويل (الهايكينغ)، أو لركوب الدراجات الهوائية على الطرق الريفية التي تحيط بها بساتين الزيتون والكروم، وتُفتح أمامهم مشاهد لا تُنسى عند الغروب.
التراث ودفء الناسفي قلب البلدة القديمة تتناثر البيوت الحجرية ذات الأسقف الحمراء كأنها قصائد من الطين والحجر، أزقة ضيقة مرصوفة بالحصى، وشرفات مقوسة تعكس هندسة تقليدية صمدت في وجه الزمن.
وفي السوق الأثري القديم تمتزج رائحة الزعتر الجبلي برائحة الخبز المجهز على الحطب، وتستقبلك محال صغيرة يملؤها دفء البساطة.
وهنا يُعرض المربى المنزلي والعسل الطبيعي والدبس وصابون الغار كأن كل منتج يحمل بصمة عائلة وأرض.
أما أهل راشيا فهم فصل آخر من الجمال، يُعرفون بكرمهم وودهم، يفتحون بيوتهم للغرباء كما لو أنهم أبناء البلدة، وفي مقاهيها الجبلية الصغيرة يمكن أن تحتسي فنجان قهوة وأنت تشاهد الغروب خلف جبل الشيخ، فيما يروي لك أحد الشيوخ قصة من أيام الحرب أو من زمن كانت فيه راشيا تعج بحقول العنب.
الإقامة في راشيا ليست مجرد مبيت، بل تجربة ريفية أصيلة، فبيوت الضيافة القديمة تم ترميمها بعناية لتبقى وفية لذاكرة المكان، وتمنح الزائر شعورا بالدفء العائلي وسط الطبيعة.
كما تنتشر في محيط البلدة نُزل صغيرة تقدم إقامة بسيطة ومريحة لعشاق الهدوء الذين يبحثون عن انقطاع مؤقت عن صخب الحياة اليومية، مقابل مشهد صباحي يطل على الضباب المتسلل من بين الجبال.
من المطبخ إلى الذاكرةلا يمكن أن تمر ببلدة راشيا دون أن تختبر مطبخها، فهنا الطعام جزء من التراث، على المائدة تقدم التبولة والكبة النية والمشاوي والمناقيش المخبوزة على الحطب.
أما الحلويات فهي قصة أخرى، فالمعمول بالقشطة والعسل البقاعي يحملان نكهة الأمهات وجدّات القرية، ويقدم غالبا مع فنجان قهوة يروي تفاصيل اللقاءات الدافئة، كل طبق هنا يحكي عن أرض خصبة وناس عاشوا على الكرم والجهد والرضا.
بين الماضي والحاضرراشيا ليست مجرد محطة في رحلة البقاع اللبناني، بل تجربة إنسانية وجمالية، فيها يلتقي التاريخ بالحياة اليومية والمشهد الطبيعي بالذاكرة الوطنية، إنها البلدة التي تذكرك بأن لبنان رغم ما مرت به من أزمات فإنه لا يزال يحتفظ بوجهه الجميل، وجه الجبل الذي لا يفقد ابتسامته.
من يقصدها مرة يعود إليها مرات، لأن في كل زاوية منها حكاية، وفي كل نافذة تطل على الوادي وعد بجمال لا يزول.
إعلان