يعاني الكثير من الآباء من طلبات أبنائهم التي لا تنتهي ورغبتهم المستمرة في شراء ألعاب جديدة، حتى وإن كانت خزائنهم تغص بمقتنيات لا يكادون يستخدمونها.
وبحسب دراسة نُشرت بمجلة "أبحاث المستهلك" في عام 2015، فإن الأطفال الماديين يتبنون معتقدين رئيسيين:
تعريف النجاح على أنه امتلاك أشياء عالية الجودة، بالإضافة إلى عدد من السلع المادية.امتلاك منتجات معينة يجعلهم أكثر جاذبية بالنسبة للأطفال الآخرين.
ومما لا شك فيه، أن الآباء لا يغرسون هذه المعتقدات في نفوس الأطفال بشكل متعمد، إلا أن الطفل يطورها بناء على مراقبة ما هو متبع في المنزل.
يقول المستشار النفسي الأسري الدكتور أحمد سريوي للجزيرة نت، إن "الفكر المادي عند شخص ما هو هيمنة التفكير المالي على تقييمه للأشياء والأشخاص، فيربط كل ما يحدث له بقيمة مادية، وتصبح الحياة بالنسبة له مجموعة من المشاريع المالية التي يقبل بعضها، ويرفض الآخر بناء على المصلحة المادية".
ويتابع "هذا الإنسان في غالب الأحيان من المعسرين في الإنفاق، فهو حريص في استعمال الأموال، ويرى أن كل قرش يجب أن يبرر له قبل صرفه".
ويشرح سريوي، "حين يتزوج هذا الشخص وبحسب نظرية التعلم الاجتماعي، فإنه يُكسب أطفاله هذا الفكر بطريقة النمذجة في التعلم، فالطفل يرى كيف يقيم أباه أو أمه كل شيء بناء على المصلحة المالية المرجوة منها، فيقلد أبويه خصوصا في المرحلة العمرية الأولى، ليكبر بعد ذلك، ويكون نسخة منهما".
وبحسب المستشار النفسي الأسري، ويكون تعامل الأب أو كلا الأبوين مع طفلهما "بنفس المفهوم المادي الذي ينظرون فيه إلى الحياة، ويتعاملون مع الأشياء من خلاله، فيفضّل الطفل المكافئات المادية التي يؤدي مقابلها واجبا ما حتى يحصل عليها".
وبهذا، يتعلم الطفل من بيئته الاجتماعية ربط التعاملات الإنسانية بقيم مادية، وتصبح تصرفاته مقترنة بقيمة مالية.
حب التملكويقول سريوي، "في بعض الحالات، ينجب والدان كريمان بعيدان كل البعد عن المادية طفلا ماديا، نتيجة لنزعات شخصية تخص الطفل وحده، منها المادية وحب التملك والسيطرة، والحرص الزائد على الأشياء. في هذه الحالة، يجب على الآباء التنبه لمثل هذا الأمر وإعطاءه درجة عالية من الأهمية، لأن تشكيل السلوك لدى الطفل يبدأ في مرحلة الطفولة المبكرة ليتثبت أكثر في مرحلة الطفولة المتأخرة تمهيدا لمرحلة المراهقة".
وفي مثل تلك الحالات، ينصح المستشار الأسري الوالدين، بالتدخل لتعديل سلوك الطفل مبكراً قدر الإمكان، "وهناك أساليب كثيرة، منها أسلوب التعزيز التفاضلي، وهو تعزيز سلوك الطفل بشكل مادي ومعنوي كلّما أقدم على تصرف إنساني بعيد عن المادية، في مقابل تجاهل أي سلوك مادي وعدم إعطائه أي أهمية".
من جانبها، تقول الاختصاصية النفسية الدكتورة آمال صرايرة للجزيرة نت، إنها لاحظت "أن الصفات الجينية الوراثية والسلوكية تنتقل من الوالدين إلى الأبناء، ومن بينها الحرص في الإنفاق، والتركيز على تحديد المصروف بشكل منتظم".
ومن أهم الإستراتيجيات التي يستخدمها الآباء لنقل هذه الأفكار والسلوكيات إلى أطفالهم:
عدم تلبية رغبات وطلبات الطفل، وإقناعه بعدم أهميتها. تعليم الأطفال أسلوب التوفير.أما الأخطاء الشائعة الناتجة عن المبالغة في نقل هذه السلوكيات، فأبرزها:
ربط حب الأبناء بتوفير المال، وبذلك يترسخ لدى الطفل برمجة الخوف المستمر من الصرف أو تلبية حاجاته ورغباته. المقارنة بين الأبناء لإحداث تنافس بينهما، مما قد يُشعر الطفل بالنقص والنبذ من أهله. الماديات أهم من السعادة!وتقول صرايرة إن المبالغة في زرع السلوكيات المتعلقة بالجوانب المادة "تحول الأمر إلى ما يشبه أسلوب حياة بالنسبة للأبناء، فحتى لو توفرت له المادة لإسعاد نفسه، فإنه يفضل المحافظة على المال الذي يعتبره أهم من السعادة".
"وقد يغامر بعلاقات مهمة بحياته، مثل صداقاته ومعارفه، وحتى يتجنب إقامة أي علاقة اجتماعية؛ بسبب هذه الأفكار وما ينتابها من الشعور بالألم من الإنفاق والشعور بالذنب المستمر، وقد يمتد ذلك لحالات نفسية منها: القلق، والرهاب الاجتماعي"، وفق صرايرة.
وتختم، "بالنسبة لأساليب العلاج نركز على تغيير الأفكار وتحليلها بالأسلوب العلاجي المعرفي السلوكي، وأميل أيضا لأسلوب تحرير المشاعر، وتغيير الحديث الذاتي لدى الفرد، بالإضافة إلى التدريب على إستراتيجية التعرض للمواقف بشكل تدريجي لتغيير السلوك".
أما موقع "فري ويل مايند"، فنشر بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها حتى لا يتحول الطفل إلى إنسان مادي، ومنها:
تعزيز الامتنان: تعليم طفلك أن يكون ممتنا لما لديه سيمنعه من التفكير في أنه لا يمكن أن يكون سعيدا إلا بالحصول على المزيد. التركيز على قضاء وقت ممتع: بدلا من تقديم الهدايا لطفلك، شاركه في أنشطة بسيطة معا، يمكنك المشي أو اللعب معه في الحديقة. أنفق المزيد من المال على التجارب الإنسانية، بدلا من شراء الهدايا. قدوة الكرم: سيتعلم طفلك الكثير من أفعالك، وليس من كلماتك. أظهر أنك شخص طيب ومعطاء، ويقدر الأشخاص أكثر من الأشياء. تبرع للجمعيات الخيرية، وتحدث عن اللطف كثيرا. التشجيع: امدح طفلك عندما تجده لطيفا أو كريما، مع التأكيد على أهمية تقييم الأشخاص، بدلا من الأشياء.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بدلا من
إقرأ أيضاً:
مفاجأة من العيار الثقيل: آبل تنقل إنتاج آيفون الأمريكي إلى هذه الدولة بدلا من الصين
صورة تعبيرية (مواقع)
في خطوة قد تعيد رسم خريطة التصنيع العالمية وتزلزل توازنات التكنولوجيا، تستعد شركة آبل لتنفيذ تحول جذري يتمثل في نقل عملية تجميع هواتف آيفون المخصصة للسوق الأمريكية من الصين إلى الهند، وفق ما كشفته صحيفة فاينانشال تايمز.
الخطوة، التي من المقرر أن تبدأ العام المقبل، تأتي في ظل استمرار التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية التي دفعت بالشركات الكبرى إلى البحث عن بدائل آمنة ومستقرة.
اقرأ أيضاً معجونك قد يقتلك: دراسة صادمة تكشف عن معادن سامة في معظم معاجين الأسنان 26 أبريل، 2025 لا تهملها: بقعة صغيرة على جلدك قد تكون جرس إنذار لسرطان خبيث يهدد حياتك 26 أبريل، 2025وبحسب التقرير، فإن عملاق التكنولوجيا الأمريكي – الذي تجاوزت قيمته السوقية 3 تريليونات دولار – يخطط لتجميع أكثر من 60 مليون جهاز آيفون موجهة للسوق الأمريكي في الهند بحلول نهاية 2026.
وهذا يعني مضاعفة الإنتاج في الهند بما لا يقل عن مرتين، وتحويلها إلى قاعدة تصنيع رئيسية بدلاً من الصين.
ويبدو أن الدافع الرئيسي لهذا التحول هو محاولة آبل تقليل اعتمادها على السوق الصينية، خاصة بعد أن تكبّدت خسائر كبرى أثناء الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث كادت الشركة أن تواجه رسوماً جمركية خانقة على منتجاتها المستوردة من الصين.
ورغم أن البيت الأبيض استثنى الهواتف الذكية من بعض الرسوم، فإن آبل لا تزال تخضع لضرائب تصل إلى 20% على المنتجات الصينية، في إطار الرد الأمريكي على الدور الصيني في تصدير مادة الفنتانيل.
الهند على خط الإنتاج العالمي:
الهند، التي تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى وجهة مفضلة للشركات التكنولوجية الكبرى، باتت تحتضن حاليًا ثلاث منشآت صناعية تابعة لآبل، بينها مصنع فوكسكون الضخم في مدينة تشيناي.
وقد بدأت الشركة بالفعل في شحن أجهزة آيفون مجمعة في الهند إلى الولايات المتحدة، في خطوة أولى نحو التنفيذ الكامل للخطة.
وفي شهر مارس فقط، قام موردو آبل الرئيسيون – فوكسكون وتاتا – بتصدير هواتف بقيمة تقارب 2 مليار دولار إلى السوق الأمريكية، كما استأجرت آبل طائرات شحن خاصة لنقل 600 طن من الآيفونات، أي ما يعادل نحو 1.5 مليون جهاز، لضمان توفر المخزون في السوق الأمريكية.
ورغم أن 90% من أجهزة آيفون لا تزال تُجمع في الصين حتى اليوم، إلا أن الهند بدأت تفرض نفسها كقاعدة إنتاج بديلة، حيث صدّر موردو آبل الأساسيون – فوكسكون وتاتا – هواتف بقيمة 2 مليار دولار الشهر الماضي.
ويرى خبراء أن تصنيع آيفون في الولايات المتحدة لا يزال غير واقعي بسبب غياب البنية التحتية والعمالة المدربة، إضافة إلى تكاليف باهظة قد تصل بسعر الهاتف إلى 3500 دولار، حسب تقديرات ساخرة من بعض المحللين.
لكن مع هذا التحول الكبير نحو الهند، يبدو أن آبل تمضي في طريقها لفك "الارتهان الصيني"، في محاولة لضمان مرونة سلسلة التوريد وسط توترات جيوسياسية متصاعدة.