سنة 2024 ستكون أسوأ من سابقتها عربيا وفلسطينيا
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
جميع التقارير الدولية بشّرتنا بأن السنة الجديدة التي احتفلنا بدخولها قبل شهر ستكون أسوأ من تلك التي ودعناها. فالعالم يسير نحو الأسوأ، وما يحدث هنا وهناك ليس سوى محاولات لتجنب السيناريوهات الكارثية. إذ يكفي الاطلاع على التقرير السنوي الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي حول المخاطر العالمية 2024، والذي صاغه حوالي 1500 خبير على مستوى العالم في مجالات عدة، كالجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية.
عند التأمل في الخارطة المصاحبة لهذا التقرير يلاحظ بأن من بين مؤشرات الارتفاع في درجات الخطورة؛ تضخم الرقابة وتراجع حرية التعبير، وأزمة غلاء المعيشة، وزيادة حدة الاستقطاب المجتمعي السياسي، والاضطرابات المدنية والسياسية العنيفة، وتصعيد الصراعات المسلحة بين الدول.
عند التأمل في الخارطة المصاحبة لهذا التقرير يلاحظ بأن من بين مؤشرات الارتفاع في درجات الخطورة؛ تضخم الرقابة وتراجع حرية التعبير، وأزمة غلاء المعيشة، وزيادة حدة الاستقطاب المجتمعي السياسي، والاضطرابات المدنية والسياسية العنيفة، وتصعيد الصراعات المسلحة بين الدول
سيكون لدول الجنوب النصيب الوافر من هذه الصراعات أو من تداعياتها؛ جزء من هذه الصراعات ناتج عن عوامل داخلية وبينية متراكمة منذ سنوات وموروثة عن مراحل سابقة غابت خلالها الحكمة وبعد النظر، والبعض الآخر وارد على المنطقة من خارج حدودها؛ من ذلك سوء التصرف في ملف الهجرة غير النظامية الذي سيستمر كأحد القضايا الحارقة، والقابلة للانفجار في كل لحظة. إذ تكفي الإشارة في هذا السياق إلى ما تعيشه معظم الدول الأوروبية من حالة انزياح شديدة نحو أقصى اليمين، وهو ما تعكسه انتخابات المجالس المحلية والإقليمية في مختلف الدول. وتذكر التقديرات أن هناك احتمالا بفوز أحزاب اليمين المتطرف بربع مقاعد البرلمان الأوروبي خلال الانتخابات القادمة التي ستجري في شهر حزيران/ يونيو المقبل. وما حدث مؤخرا في ألمانيا دليل على درجة الخطورة التي تمثلها هذه التحولات المتسارعة، وتأثيراتها المحتملة على دول جنوب المتوسط.
لقد اضطرت الأحزاب الرئيسية الكبرى الى دعوة الألمان الى التظاهر ضد "حزب البديل" اليميني الذي شارك بعض قادته في لقاء سري حضره ممثلون عن أحزاب أوروبية شبيهة في توجهاتها واستراتيجيتها السياسية والأيديولوجية. ويدعو حزب البديل إلى إخراج "ملايين المهاجرين والألمان من أصول أجنبية نحو دولة نموذجية في شمال أفريقيا". وإذا نجح هذا الحزب في الانتخابات القادمة فإن أزمة كبيرة ومتعددة الأبعاد ستتضرر منها دول عديدة من بينها دول المغرب العربي.
في مثل هذه الأجواء الدولية المشحونة بالاحتمالات السيئة ينتعش الاستبداد، خاصة في الدول الهشة التي تفتقر لمؤسسات قوية، ولم تترسخ لديها التقاليد العميقة في مجالات التعايش وممارسة الديمقراطية. ويُخشى أن تزيد هذه الأجواء الدولية من تدهور الأوضاع في العالم العربي، خاصة الدول المأزومة، أو تلك التي تمر بمرحلة انتقالية سياسية أو اقتصادية صعبة ومعقدة. كما أن الأنظمة القمعية أو ذات النزوع الاستبدادي تستثمر عادة التوترات الإقليمية والعالمية لتزيد من وضع يدها على الدولة والمجتمع، فالحنين الى التغول والانفراد بالسلطة لا يزال يسيطر على العقول والأنفس وتقاليد الحكم.
على الصعيد الفلسطيني فالتحديات أشد خطورة وتعقيدا، فسنة 24 ستكون سنة تكثيف المساعي والمناورات من أجل تصفية القضية الفلسطينية، كما أنها ستكون في المقابل منطلقا لإخراج القضية من جحر الذئاب. فصمود المقاومة يعتبر بكل المقاييس إنجازا تاريخيا غير مسبوق، لكن المعضلة تكمن في المطبات القادمة
كل حدث يمكن الالتفاف عليه وتحويله الى وقود لإرهاب الطامعين في المشاركة في السلطة، والأزمات الاقليمية والدولية مصدر أساسي لهذا الوقود. لقد سبق أن تم استغلال جائحة كوفيد بشكل خطير، وتم اللعب بأرواح الناس في سبيل البقاء في الحكم أو الانفراد به.
أما على الصعيد الفلسطيني فالتحديات أشد خطورة وتعقيدا، فسنة 24 ستكون سنة تكثيف المساعي والمناورات من أجل تصفية القضية الفلسطينية، كما أنها ستكون في المقابل منطلقا لإخراج القضية من جحر الذئاب. فصمود المقاومة يعتبر بكل المقاييس إنجازا تاريخيا غير مسبوق، لكن المعضلة تكمن في المطبات القادمة. الحرب لن تنتهي، وإن توقفت فستعود بشكل من الأشكال. وإذا كانت الأنظمة العربية قد خذلت المقاومة خلال الشهور الأربعة الماضية، فلا يُتوقع أن تمد لها يد العون والدعم خلال المرحلة القادمة باستثناء من رحم ربك. الأغلبية الساحقة ستدير ظهرها للقضية، متعللة في ذلك بضعفها وهوانها وخوفها على مصالحها القريبة والبعيدة. ومن يفكر في رفع صوته بنبرة أعلى مما هو مسموح به، عليه أن يفكر جيدا في طبيعة الضغوط التي ستسلط عليه إسرائيليا وأمريكيا وأوروبيا. لهذا المقاومة تعتمد مرة أخرى على نفسها بدرجة أولى، وعلى حلفائها وفق ما تسمح به أوضاعهم وظروفهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التقارير الفلسطيني المقاومة فلسطين المقاومة تقارير أزمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الأولى عربيا.. ما أهمية زيارة أمير قطر لسوريا؟
دمشق- مثلت زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الخميس، إلى العاصمة السورية دمشق، كأول زيارة لرئيس دولة عربية إلى البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، نقطة فارقة في سياق العلاقات بين البلدين كما يرى محللون.
ورأى محللون أن هذه الزيارة تعكس رغبة الدولتين المشتركة في تعزيز التعاون والعلاقات بينهما وبحث سبل تطويرها، حيث قالت وكالة الأنباء القطرية "قنا" إن قطر تؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري والإدارة السورية الجديدة، خاصة فيما يتعلق بملف العقوبات ورفعها عن سوريا.
وكان في استقبال أمير قطر في مطار دمشق الدولي الرئيس السوري أحمد الشرع، ورئيس الحكومة محمد البشير، ووزيرا الخارجية أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة، وعدد من المسؤولين وأعضاء السفارة القطرية في دمشق.
وبدورها، رحبت وزارة الخارجية السورية بزيارة أمير قطر وأشادت بالدور الذي لعبته الدوحة كحليف للشعب السوري طوال الأعوام الـ14 الماضية، مؤكدة تطلعها العميق إلى توطيد العلاقات بين البلدين.
بينما قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس مع وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري محمد بن عبد العزيز الخليفي، إن الاجتماعات ناقشت إطارا شاملا لإعادة الإعمار في البلاد، وهذا ما يعد مؤشرا على مشاركة قطرية فعالة مرتقبة في جهود إعادة الإعمار، سواء عبر الاستثمارات أو عبر تقديم المساعدات الإنسانية.
إعلان اللبنة الأولى عربيايرى الكاتب والباحث السوري مصطفى النعيمي أن زيارة أمير قطر إلى الجمهورية العربية السورية تأتي في سياق استكمال الدعم للقضية السورية، الذي كان قد بدأ مع بداية الثورة قبل 14 عاما.
وشدد الباحث على أهمية كون هذه الزيارة هي "الأولى عربيا على مستوى الزعماء"، مضيفا في حديثه للجزيرة نت: "أرى أن قطر لم ولن تتخلى عن مسؤوليتها تجاه القضية السورية، حيث تسعى إلى مد جسور الثقة المتبادلة بين الشعب والحكومة السورية من جهة، والجانب القطري من جهة أخرى".
ويضيف الباحث أن الزيارة تأتي في طليعة التحركات الدبلوماسية على مستوى قادة الدول، إذ تمثل تأييدا للشرعية الكاملة للنظام الحاكم في دمشق، إلى جانب تقديم التهنئة بشكل مباشر عبر زيارة الأمير تميم بن حمد آل ثاني إلى سوريا.
وأكد النعيمي على أن هذه الزيارة ستكون "اللبنة الأولى عربيا في إعادة بناء سوريا، وستتبعها خطوات مماثلة من الدول العربية، مع بقاء قطر في طليعة الداعمين للقضية السورية منذ انطلاق الثورة، وحتى تحقيق الاستقرار وبناء الدولة".
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (يسار) أكد على عمق العلاقات السياسية الإيجابية مع سوريا (الصحافة القطرية) دول المنطقةيرى الباحث السوري مضر الدبس أن هذه الزيارة تحمل دلالات كثيرة، أهمها هو الحرص القطري على دعم خيارات الشعب السوري، وهو موقف كان واضحا منذ بداية الأزمة.
"فالسوريون لا ينسون أن علم الثورة ظل مرفوعا في سماء قطر منذ عام 2011 وحتى اليوم، وهو تعبير عن موقف ثابت في الوقوف مع إرادة الشعوب التي تنتصر في النهاية، ما يجعله خيارا صائبا على المدى الإستراتيجي" حسب قوله.
ويضيف الدبس في حديثه للجزيرة نت: "وبهذا المعنى، تعكس هذه الزيارة دعما على المستوى الأخلاقي للسوريين، إلى جانب إمكانية بناء علاقات جديدة، خاصة أن سوريا باتت اليوم قادرة على إقامة علاقات دولية تقوم على المصالح المشتركة".
إعلانواعتبر الباحث السياسي أن هناك حاجة حقيقية اليوم لتنسيق مواقف دول المنطقة إزاء التحديات المختلفة، "إذ توجد ملفات عديدة تتطلب موقفا مشتركا، مثل العلاقة مع الإدارة الأميركية، والقضايا العالقة في المنطقة، والقضية الفلسطينية، والملف الإيراني".
موضحا أن هذه كلها مسائل تحتاج إلى تنسيق سياسي بين دول الخليج عموما، وبين سوريا ودول شرق المتوسط، "حيث أصبحت سوريا الجديدة قادرة على لعب دور إيجابي في هذه الملفات" حسب الباحث.
وفي سياق الحديث عن نتائج هذه الزيارة، يشير الدبس إلى أن هناك مصالح اقتصادية لشعوب المنطقة باتت متداخلة، ما يستدعي تحقيق السلام وبناء علاقات إستراتيجية طويلة الأمد تعود بالفائدة على الجميع.
مضيفا: "وكما نعلم، هناك جالية سورية كبيرة في قطر ودول الخليج، مما يجعل العلاقات السياسية الإيجابية عاملا مساعدا في المرحلة الانتقالية لسوريا، لتجاوز العقبات نحو بناء دولة مستقلة وموحدة، وهو ما أكده أمير قطر خلال زيارته إلى دمشق، ويمكن القول إن هذا التوجه يخدم مصالح جميع شعوب المنطقة".
دور مستقبليوحول الدور المستقبلي لقطر في سوريا، يرى الباحث السوري الدكتور أحمد الحسين، أنه لن يكون مختلفا كثيرا عن مرحلة ما قبل ثورة 2011، حيث كان لقطر في سوريا استثمارات كبيرة، والعديد من الاتفاقيات الإستراتيجية، ومشاريع الطرق ضمن نظام الاستثمار "بي أو تي" (BOT)، ومشروع مد أنابيب الغاز للوصول إلى أوروبا، ومن المتوقع أن تستثمر قطر مجددا في هذه المجالات.
ويضيف الحسين في حديثه للجزيرة نت أن "الباب مفتوح اليوم؛ فسوريا بلد يبدأ من تحت الصفر، وقطر لم تتوقف عن دعم الشعب السوري وثورته عبر إقامة القرى والمخيمات، وتقديم المساعدات الطبية وغيرها".
وأشار الباحث إلى ترقب السوريين لبناء علاقات إستراتيجية مع قطر؛ لأن هناك قطاعات عديدة جاهزة للاستثمار في سوريا: كالنقل، والبنى التحتية، والكهرباء، والماء، والصرف الصحي، إلى جانب المطارات، وسكك القطار، والطرق بين المحافظات، ومشاريع الإعمار، والعديد من الرؤى المستقبلية التي يمكن أن تنجزها قطر في سوريا، بحكم خبرتها واستثماراتها ودورها الرائد في الاستثمار.
وأكد الحسين على ضرورة الاستفادة من التجربة القطرية الرائدة في مجال التعليم، سواء في التربية أو التعليم العالي، مضيفا أنه "يمكن لقطر مساعدة سوريا في وضع إستراتيجية للوصول لما يريده ويتمناه السوريون لبلدهم، والسوريون أساسا لديهم إرادة عالية للإنجاز، وإمكانيات عالية ورغبة بإعمار بلادهم".
مدينة الأمل في سوريا تم افتتاحها بحضور وزيرة التعاون الدولي في قطر (الجزيرة) جهود مكثفةوكانت دولة قطر قد كثفت جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، عبر تسييرها جسرا جويا لدعم الشعب السوري وإغاثته، حيث أرسلت طائرات محملة بمساعدات إنسانية تضمنت سيارات إسعاف، ومواد غذائية، وعقاقير دوائية مقدمة من صندوق قطر للتنمية.
إعلانهذا إلى جانب إرسالها تجهيزات فنية للمساهمة في إعادة تشغيل مطار دمشق الدولي، حيث كانت الخطوط الجوية القطرية أولى شركات الطيران المدنية التي تستأنف رحلاتها إليه بعد سقوط النظام.
وفي إطار الجهود التي بذلتها دولة قطر طوال سنوات الحرب لمساندة النازحين واللاجئين السوريين، تم الإعلان، أمس الأربعاء، عن افتتاح مشروع "مدينة الأمل" بمنطقة أعزاز في ريف حلب، بالتعاون مع مؤسسة قطر الخيرية وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية، حيث تضم 1400 وحدة سكنية مجهزة بالكامل لإيواء 8 آلاف و800 فرد من العوائل التي نزحت إلى الخيام بفعل الحرب.