صناعة الطعام الحلال تزدهر في العالم وسط إقبال واسع من غير المسلمين
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
تتوسع الحاجة إلى الطعام الحلال في العالم مع وجود نحو ملياري مسلم منتشرين في مختلف الدول والقارات، وعلى أرض الواقع فإن الطلب على الطعام الحلال لم يعد يقتصر على المسلمين فقط بل تعداهم إلى غيرهم، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أصبحت المواد الغذائية الحلال شائعة بين المستهلكين المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، حيث تطورت من كونها علامة تعريف للمراقبة الدينية إلى ضمان سلامة الأغذية والنظافة والموثوقية.
وبلغت قيمة سوق الأغذية الحلال العالمية 2339.1 مليار دولار (2.3 تريليون) عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو إجمالي إيرادات سوق الأغذية الحلال بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.5% من عام 2024 إلى عام 2030، ليصل إلى ما يقارب من 5284.96 مليار دولار (5.3 تريليونات) بحلول عام 2030. حسب ما ذكرت منصة "إم إم آر" لأبحاث السوق.
ويشهد السوق نموا قويا مدفوعا بزيادة عدد السكان المسلمين، وزيادة وعي المستهلك، والتعددية الثقافية السريعة المدفوعة بالعولمة، وتزايد المخاوف المتعلقة بالصحة والسلامة، وانتشار التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي.
والحلال تعني الطعام المسموح به وفقا للشريعة الإسلامية، وتعد اللحوم والدواجن والمأكولات البحرية من القطاعات الأساسية لسوق الأطعمة الحلال. وتعتبر اللحوم الحلال، على وجه الخصوص، ذات أهمية قصوى للمستهلكين المسلمين، ومنها لحم البقر والضأن والدجاج والمأكولات البحرية.
وتشكل منتجات الألبان، مثل الحليب والجبن والزبادي والزبدة، جزءا أساسيا من سوق الأطعمة الحلال، ويتم تطبيق معايير صارمة للنظافة والمصادر لضمان سلامة هذه المنتجات، مما يجعلها خيارا موثوقا به للمستهلكين المهتمين بالامتثال للشريعة الإسلامية وسلامة الأغذية.
سوق يتسع كل يومولا يقتصر الحلال على الطعام والغذاء، فقد توسعت "صناعة الحلال" إلى ما هو أبعد من قطاع الأغذية، لتشمل الأدوية، ومستحضرات التجميل، والمنتجات الصحية وأدوات الزينة، والأجهزة الطبية، بالإضافة إلى مكونات قطاع الخدمات، مثل الخدمات اللوجيستية، والتسويق، والوسائط المطبوعة والإلكترونية، والتعبئة، والعلامات التجارية والتمويل. ويبرز سوق الطعام الحلال بوصفه واحدا من أكثر الأسواق ربحية وتأثيرا في مجال الأعمال الغذائية العالمية اليوم، حسب ما ذكرت منصة "ريسيرتش غيت".
ويتوسع سوق الحلال العالمي بسرعة في عدد من الدول التي لم تكن داعمة له تاريخيا، وبلغت القيمة التقديرية لسوق الأغذية الحلال في الولايات المتحدة على سبيل المثال 59.4 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى حوالي 88.9 مليار دولار بحلول عام 2026، حسب ما ذكرت منصة "ألايد ماركت ريسيرتش".
ووفق تقرير تفصيلي بعنوان "تقرير سوق الأغذية الحلال" نشرت أهم ما ورد فيه مجموعة "آي إم إيه آر سي" على منصتها، وتناول وضع سوق الأغذية الحلال العالمي.
ركز التقرير على أهم قنوات التوزيع العالمية ويشمل ذلك، المتاجر الكبرى (محلات السوبر ماركت والهايبر ماركت)، وتجار التجزئة التقليديين وعبر الإنترنت وغيرهم، فأكد التقرير أنه وبناء على قنوات التوزيع، فقد استحوذت محلات السوبر ماركت والهايبر ماركت على الحصة الأكبر من السوق، وخاصة في المناطق الحضرية والضواحي.
وتقدم هذه المتاجر الكبيرة مجموعة واسعة من المنتجات الحلال، بدءا من المنتجات الطازجة واللحوم وحتى السلع المعبأة والوجبات الخفيفة، وهي توفر الراحة وتجربة تسوق شاملة للمستهلكين الذين يبحثون عن مجموعة واسعة من الخيارات الحلال، كما تقدم العديد من سلاسل المتاجر الكبرى أيضا منتجاتها الخاصة المعتمدة كحلال.
ويلعب تجار التجزئة التقليديون دورا مهما في توزيع المنتجات الغذائية الحلال، خاصة في المناطق التي تركز على الأسواق المحلية والشركات الصغيرة. ويشمل تجار التجزئة هؤلاء الجزارين المحليين ومحلات البقالة المجاورة والأسواق الحلال المتخصصة، وغالبا ما يكون لديهم فهم عميق لمجتمعاتهم، ويقدمون مجموعة واسعة من المنتجات.
وقد اكتسبت قنوات التوزيع عبر الإنترنت قوة جذب كبيرة في سوق الأغذية الحلال، مدفوعة بسهولة نسبية في الوصول من خلال التجارة الإلكترونية، والقدرة على تلبية قاعدة المستهلكين العالمية، ويقدم تجار التجزئة عبر الإنترنت مجموعة واسعة من المنتجات الحلال، بما في ذلك العناصر المتخصصة التي قد لا تكون متاحة بسهولة في المتاجر المحلية.
وتتيح هذه القناة للمستهلكين تصفح وشراء الطعام الحلال من منازلهم وتوصيله إلى عتبة بابهم، وغالبا ما يقدم تجار التجزئة عبر الإنترنت أوصافا تفصيلية للمنتجات، وقوائم المكونات، ومعلومات الشهادات، وهو أمر جذاب بشكل خاص للمستهلكين المهتمين بصحة المنتجات الحلال.
قدم التقرير تحليلا شاملا لجميع الأسواق الإقليمية الرئيسية، والتي تشمل أميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، وأوروبا (ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، إيطاليا، إسبانيا، وغيرها)؛ وآسيا والمحيط الهادي (الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا وإندونيسيا وغيرها)، وأميركا اللاتينية (البرازيل والمكسيك ودول أخرى)؛ والشرق الأوسط وأفريقيا. ووفقا للتقرير، استحوذت منطقة آسيا والمحيط الهادي على أكبر حصة في السوق.
وتعد منطقة آسيا والمحيط الهادي مركزا قويا في سوق الأغذية الحلال العالمية، فهي موطن لأكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، مما يزيد الطلب الكبير على المنتجات الحلال. وتمتلك دول مثل إندونيسيا وماليزيا وباكستان وبنغلاديش صناعات غذائية حلال وهيئات تنظيمية راسخة، بالإضافة إلى ذلك، تخلق المأكولات والممارسات الثقافية المتنوعة في المنطقة سوقا نابضا بالحياة لمجموعة واسعة من الأطعمة الحلال، بدءا من الوجبات الخفيفة في الشوارع وحتى المأكولات الفاخرة، وتعد منطقة آسيا والمحيط الهادي مستهلكا كبيرا ومنتجا رئيسيا أيضا للمنتجات الغذائية الحلال، وتصدر إلى الأسواق العالمية.
وشهدت أميركا الشمالية طلبا متزايدا على الطعام الحلال، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى مجتمعها متعدد الثقافات، وقد غذت المجتمعات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا هذا الطلب، مما أدى إلى توفر المنتجات الحلال في محلات السوبر ماركت والمطاعم الرئيسية.
ويشهد القطاع أيضا ارتفاعا في عدد المستهلكين غير المسلمين الذين يختارون المنتجات الحلال نظرا لجودتها وسلامتها، ودفع هذا الاتجاه العديد من منتجي الأغذية في أميركا الشمالية إلى السعي للحصول على شهادة الحلال لتلبية احتياجات هذا السوق المتوسع.
وشهد السوق الأوروبي للأغذية الحلال نموا كبيرا، مدفوعا بكل من السكان المسلمين والمستهلكين غير المسلمين الذين يبحثون عن مواد غذائية منتجة أخلاقيا وعالية الجودة.
وتضم دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا جاليات إسلامية كبيرة، مما يسهم في الطلب على المنتجات الحلال، كما بذل الاتحاد الأوروبي جهودا لتوحيد عمليات إصدار شهادات الحلال، وتسهيل التجارة وضمان ثقة المستهلك.
وتتمتع أميركا اللاتينية بسوق مزدهر للأغذية الحلال، حيث ظهرت دول مثل البرازيل والأرجنتين كلاعبين رئيسيين في إنتاج وتصدير اللحوم الحلال، ويلبي سوق الأغذية الحلال في المنطقة احتياجات الأقلية المسلمة والأسواق الدولية، بما في ذلك الشرق الأوسط وآسيا، وقد اكتسبت صناعة اللحوم الحلال البرازيلية، على وجه الخصوص، الاعتراف بالتزامها بمعايير الحلال الصارمة، مما يجعلها مصدرا رئيسيا للأسواق العالمية.
حسب منصة "حلال تايمز" تشمل أفضل 12 شركة لتصنيع الأغذية الحلال في عام 2023 الشركات التالية:
شركة "كيو إل" للأغذية (QL Foods Sdn Bhd) شركة الإسلامي للأغذية (Al Islami Foods Co) مجموعة داغانغ حلال (DagangHalal Group) طريق الزعفران (Saffron Road) كاوان فودز بيرهاد (Kawan Foods Berhad) لحم جنان (Janan Meat) بريما للمنتجات الزراعية (Prima Agri-Products) نستلة (Nestle) آلانا سونز (Allanasons Pvt) بي آر إف (BRF) ميدامار (Midamar) كارغيل (Cargil)وتقدم هذه الشركات مجموعة واسعة من المنتجات المعتمدة كحلال للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وتلتزم بمعايير صارمة في إنتاج أغذيتها، حيث ساعد التزامهم بإنتاج منتجات حلال عالية الجودة ومعتمدة على زيادة قبول الأطعمة الحلال والطلب عليها في جميع أنحاء العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: آسیا والمحیط الهادی المنتجات الحلال تجار التجزئة ملیار دولار الحلال فی
إقرأ أيضاً:
برنامج الأغذية العالمي: الملايين بمنطقة الساحل معرضون لخطر المجاعة
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن نحو 3 ملايين بمنطقة الساحل يعتمدون على المساعدات الغذائية المنقذة للحياة سيعانون من توقفها في حالة عدم وجود تمويل عاجل.
وحذر برنامج الأمم المتحدة، في تقريره الصادر الجمعة، من تعرض الملايين من الأشخاص في غربي أفريقيا إلى الجوع الحاد بحلول يونيو/حزيران القادم.
وتزامنت التحذيرات المتعلقة بالمجاعة مع توقعات وصول موسوم الجفاف في مرحلة مبكرة من هذه السنة بسبب نقص الأمطار والمحاصيل الزراعية في العام الماضي.
وأكد البرنامج أن نقص التمويل يجبره على تعليق المساعدات الغذائية لحوالي مليوني شخص، ضمنهم اللاجئون السودانيون في تشاد واللاجئون الماليون في موريتانيا، الذين تعتمد حياتهم على دعم برنامج الغذاء العالمي.
ومع حلول فترة الصيف القادم، سيعاني آلاف النازحين والمشردين ومئات الأسر الضعيفة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو من خطر المجاعة الحاد.
ويحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 620 مليون دولار أميركي على وجه السرعة لضمان استمرار الدعم للأشخاص المتضررين من الأزمات في منطقة الساحل ونيجيريا على مدى الأشهر الستة القادمة.
وحذرت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي في غرب أفريقيا مارغوت فان دير فيلدن من عدم سرعة الاستجابة للتمويل، قائلة إن تراجع المساعدات الخارجية يمثل تهديدا كبيرا لاستمرار عمليات الدعم والإنقاذ في غربي أفريقيا.
وأضافت المديرة الإقليمية أن منطقة غربي أفريقيا عانت من الإهمال وعدم التمويل، وقد حان الوقت لتجد نقلة نوعية تخفف من تأثير الجوع على الأطفال والأمهات الحوامل.
إعلانوفي أحدث تحليل للأمن الغذائي، فإن حوالي 52 مليون امرأة ورجل وطفل سيعانون من الجوع الحاد بين شهر يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2025، من ضمنهم 3.4 ملايين مهددون بانعدام الغذاء الطارئ في منطقة الساحل، و2600 شخص سيعانون من درجة الجوع الكارثي (المرحلة الأكثر خطورة) في شمال مالي.
الأزمات الأمنيةوتقول الأمم المتحدة إن أسباب انتشار الجوع في منطقة غرب أفريقيا تعود إلى الصراع المسلح والنزوح والصدمات الاقتصادية والفيضانات المدمرة في عام 2024، التي أثرت بشكل مباشر على أكثر من 6 ملايين في المنطقة.
وتعد التوترات الأمنية من العوامل التي ساهمت بشكل رئيسي في انتشار المجاعة في منطقة الساحل، حيث بات النازحون والفارون من الحرب في السودان يشكلون ضغطا على الموارد المحدودة في دولة تشاد التي زادت فيها المجاعة بنسبة 200% في الفترة الواقعة بين 2020 و2025.
وفي موريتانيا التي أصبحت مركزا لاستقطاب المهاجرين من دول أفريقيا، فإن النازحين الذين يسكنون في مخيم أمبره في ولاية الحوض الشرقي على الحدود مع مالي سيعانون من المجاعة، حسب برنامج الغذاء العالمي.
وسابقا، طلب الرئيس الموريتاني من الشركاء والمانحين الدوليين التدخل من أجل تعبئة الموارد لصالح اللاجئين الذين يشكلون خطرا على الأمن الموريتاني.
وفي العام 2023 حذر برنامج الغذاء العالمي من ضغط النازحين من دولة مالي على السكان في موريتانيا ومضايقتهم في الموارد ووسائل الوصول إلى العيش الكريم.