استضافت القاعة الرئيسية في خامس أيام الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ندوة لمناقشة «رواية الفتيان عند يعقوب الشاروني»، ضمن محور شخصية المعرض لأدب الطفل، تحدث خلالها الكاتب والناقد أحمد طوسون، وكاتب أدب الطفل أحمد قرني، والكاتبة السورية لينا الكيلاني، وأدارها الكاتب الصحفي والفنان أحمد عبد المنعم، بحضور أبنة الراحل الكاتبة هالة الشاروني.

بدأت الندوة بكلمة للكاتبة لينا الكيلاني والتي قالت:  «نحن نحيي ذكرى واحد من رواد أدب الأطفال في عالمنا العربي لذا لابد أن نتحدث عما يسمونه «رواية الفتيان» التي كتب عددًا منها، وأنا شخصيًا أحبذ أن أدعوها برواية الشباب، وكنت أصر على هذه التسمية لرواياتي الموجهة لهذه الفئة العمرية في كل إصدارتها سواء لدى وزارة الثقافة السورية، أو دور النشر الرسمية والخاصة في مصر، وسواها».

وأضافت لينا الكيلاني أن رحيل الشاروني كان مفاجئًا ومحزنا لنا جميعًا، وكنا نأمل أن يتواجد بيننا ونحن نحتفي به في معرض الكتاب هذا العام، ولكنه غادرنا في الموعد المحدد، وقبل أن أتحدث عن يعقوب الشاروني سألقي بعض الضوء على رواية اليافعين، مضيفة أنها تندرج تحت جنس أدبي تحظى بأهمية خاصة ذلك لأنها تتوجه إلى من هم في مرحلة المراهقة، أو على عتبة الشباب من خلال القضايا الخاصة بهم ، والموضوعات التي تهمهم طالما أن الأدب قادر على اكتشاف النفس البشرية، والتعبير عن تحولاتها والصراعات التي تتعرض لها، وبالتالي فهو لا يعدم تأثيره على القراءة والمجتمع عمومًا.

ومن جانبه قال الكاتب أحمد قرني : نحن نستمد الندرة العميقة في كتابات اليافعين من هؤلاء الرواد مثل الكبير الراحل يعقوب الشاروني.

واستعرض دراسة تناولت خمس روايات يوجد بينهم خصائص متماثلة، منها أن البطل معروف عنه انه خارق ويستطيع فعل كل شيء بينما في كتابات يعقوب الشاروني وجدنا نقلة نوعية كسرت مفهوم البطل الخارق واصبحوا بسطاء يمكن أن نراهم في الشارع والمدرسة، واستطاع الشاروني بحبكة درامية رائعة أن يقدم الأبطال عن طريق السؤال والدهشة، بالإضافة إلى استعراضه الابطال في البيئة الفقيرة وقدراتهم وطاقتهم الكبيرة ونظرته البعيدة التي تغلبت على الواقع بمشكلاته وصعوباته.

مضيفا: دائما ما طرح الشاروني الأزمات في رواياته ووجد لها حل، فهو ينحاز إلى الحلول المنطقية والواقعية، واستطاع أن يتنقل من تجربة لأخرى دون أن يفقد توازنه وطرح الواقعية الشديدة في رواية ليلة النار، انتقل للمغامرة المحفوفة بالمخاطر في كتابته عن الخيال العلمي في رواية سفن الأشياء الممنوعة، والتي تتحدث عن زمن بعيد وكيف سيتغير العالم ويتحول إلى شاشات وسفن فضاء فيجعلك أمام المعرفة في مواجهة الخيال، كما وضع العلم في مواجهة الخرافة في رواية عفاريت منتصف الليل التي استعرضت مخاوف أهل الريف من الجن وأن جيل الاطفال هم الأمل في التصدي لتلك الخرافات ويقاوم مخاوفه.

ومن جانبه قال الكاتب أحمد طوسون: لا يمكننا عند الحديث عن جنس أدبي من الأجناس الأدبية السردية المقدمة للطفل تجاهل الآثر الأدبي العميق الذي قدمه الرائد الراحل يعقوب الشاروني من إبداعات في الأجناس الأدبية المختلفة ومنها إبداعاته المقدمة في مجال روايات اليافعين التي تجاوزت نحو خمسين عملًا.

وأضاف «طوسون»: لعل الرقمنة تعد أحدث الموضوعات التي تناولتها روايات اليافعين، على مستوى الشكل والمضمون، وبحكم أن طفل اليوم اختلفت اهتماماته وتطلعاته وألعابه عن طفل ما قبل التطور التكنولوجي الرقمي مضمونا هاما في أحدث رواياته وتطويعها بما يتناسب مع المرحلة العمرية التي يخاطبها وهنا أحاول استقرائه في عملين مختلفين أحدهما ينتمي للرواية الاجتماعية لليافعين وهو رواية " الابناء لهم أجنحة، حيث تمثل الرقمنة أساسا لحل عقدة النص الأساسية ونقطة الانطلاق للتقارب بين أسرتي الشقيقين وإذابة جمود المشاعر بينهما والعمل الأخر ينتمي لرواية الخيال العلمي للأطفال واليافعين وهو رواية "سفن الأشياء الممنوعة"، وإن بدأ العمل رقميا بالأساس نظرًا لأن موضوعه المستقبل وسفن الفضاء إلا أن الحكايات الخرافية الممنوعة التي تم الاحتفاظ بها على شرائح الكترونية وتم مسحها من ذاكرة البشر على الأرض تستعد دورها وتكون ملهمة لشروق وضياء في تغلبهما على المشكلة التي واجهت سفينتهما الفضائية وهددت حياتهما.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القاعة الرئيسية معرض القاهرة الدولي للكتاب یعقوب الشارونی

إقرأ أيضاً:

الانتصار: هل يُعيد تشكيل الوعي لمستقبل واعد، أم مجرد فصل جديد في رواية لم يتغير سياقها؟

د. الهادي عبدالله أبوضفائر

فرحة الانتصار، التي وقف فيها الجيش والقوات المساندة له صامدين كالجبال، مُقدمين الغالي والنفيس، ليس مجرد واجب، بل كعهدٍ خالدٍ لا ينكسر. لم يكن هذا الفداء إلا انعكاساً لروحٍ، لا تعرف الانحناء، وعزيمةٍ تتحدى المستحيل، حيث امتزجت الدماء بالحلم، والتضحية بالمجد. إنها فرحة لم تكن مجرد نشوةٍ لحظية أوفرحة خاطفة، بل كانت ذروة ملحمة إنسانية، تماهت فيها دموع الشعب مع دماء الأبطال، لينسجوا معاً رايةً لا يطويها النسيان. ففي كل قطرة دمٍ سُكبت، وفي كل صرخة ألمٍ علت، كان هناك وعدٌ يولد، بأن هذا الوطن لن يكون إلا حراً، عزيزاً. أنها ملحمة إنسانية خُطّت بمداد التضحية، حيث التقى الألم بالأمل، والفقد بالمجد.

وسط قرع طبول الفرح، وفي غمرة الزهو بالنصر المستحق، يلوح في الأفق سؤال أشد عمقاً، يتجاوز لحظة النشوة ويخترق حجاب المستقبل: ماذا بعد؟ هل الانتصار خاتمة المسير، أم أنه أول الخُطى على درب لا يقل وعورةً عن دروب القتال؟ وهل النصر مجرد احتفاء بلحظة الفوز، أم يمكن تحويله إلى بذرة تُغرس في تربة المجد، فتنمو وتزدهر، لا لتذبل مع مرور الزمن، ولا لتبهت تحت وطأة الاندثار؟ إن الانتصار ليس راية تُرفع في يوم الفوز ثم تُطوى مع تعاقب الأيام، إن أعظم الانتصارات لا تُقاس فقط بما يُكتسب من أرض أو يُحقق من غايات، بل بما يُترجم إلى وعي حضاري قادر على اجتثاث أسباب الفرقة والشتات. فالشعوب التي لا تعي أن قوتها الحقيقية تكمن في وحدتها، تظل أسيرة دوائر الصراع، تتكرر أخطاؤها بأسماء مختلفة، وتتعثر خطواتها على الطرق ذاتها. أكتوبر، تفتحت فيها أزهار الحرية حينما أعلن الشعب عن رغبته في حياةٍ كريمة، لا يطالها الاستبداد ولا تُغشيها ظلال الفقر. وفي أبريل، ارتسمت ملامح التجدد بجرأة الأمل والإصرار على التغيير، حيث صار الحلم واقعاً يستحق النضال. وفي ديسمبر، ترددت أصداء الثورة لتحكي قصة شجاعة لا تعرف الاستسلام، قصة شعب أضاء درب الحرية بكفاحٍ لا يلين. ولكن، يبقى السؤال: هل لدينا الاستعداد أن نحافظ على النصر؟ هل نحن مستعدون للوقوف أمام اختبار الزمن، وحماية النصر حتى لا يصبح سراباً يذبل مع مرور الأيام؟ هل سنكتفي بظل وهج لحظي، أم سنغرس بذور هذا النصر في تربة الاستمرارية، ليرتقي من مجرد لحظة انتصار إلى مسيرة حضارية تُخلّد في صفحات التاريخ.

حينما يصمت أزير البنادق، هل ذلك إعلاناً للانتصار المطلق، وضماناً لسلام دائم وتعايش بين المكونات، أم أنه بزوغ فجر أشد تعقيداً، معركة إعادة البناء واستعادة التوازن؟. الهزيمة العسكرية، مهما بدت ساحقة، ليست سوى سطر في فصل طويل من التاريخ، فالتحدي كيف نعيد ترميم مجتمع أرهقته الحروب ومزقه خطاب الكراهيه، وأُنهكته دوامة الصراعات؟ إن سقوط الميليشيات لا يعني بالضرورة سقوط الأفكار التي أنجبتها، ولا يمحو الخراب الذي خلّفته في بنية الدولة والمجتمع. فالنسيج الاجتماعي الذي أصابه التمزق لا يلتئم تلقائياً، بل يحتاج إلى وعي عميق وإرادة سياسية صلبة لترميم الهوية الوطنية، وردم الفجوات التي تسللت منها، وبناء أسس لدولة لا تقوم على أنقاض الأزمات، بل تتجذر في العدل والاستقرار. فالانتصار ليس إسقاط كيان مسلح، بل في تأسيس نظام يحول دون ظهور كيان مماثل، وفي بناء وطن محصّن ضد التميز، عصيّ على التصدع، لا تتغذى مؤسساته على الصراعات، بل ترتكز على سيادة القانون، وتُعلي قيم المواطنة، حتى لا تتكرر المأساة في دورة أخرى.

إن سقوط الميليشيا، وإن كان منعطفاً مصيرياً، لا يعني بالضرورة محو الخوف المتجذر في الذاكرة الجمعية، ولا يضمن زوال الكراهية التي تغلغلت في النفوس. فالحرب، بطبيعتها، لا تنتهي بمجرد إسكات البنادق، بل تواصل حضورها في الوعي، تفرز أسئلتها القلقة، وتفرض تحدياتها الأشد تعقيداً: العدالة والمصالحة. وهنا، تُختبر الدولة لا كسلطة قهر، بل كحكومة قادرة على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، حتى لا تتحول الهزيمة العسكرية للميليشيا إلى مجرد محطة في دورة أزلية من الفوضى. فالتاريخ يُعلِّمنا أن الفراغ، إن لم يُملأ ببناء راسخ، صار تربة خصبة لولادة أشكال جديدة من العنف، يعيد إنتاج الخراب بأقنعة مغايرة. أخطر ما قد تواجهه أمة خارجة من نفق الاحتراب هو أن تترك جراحها مفتوحة، نهباً لرياح الضعف والانقسام التي تنتظر فرصة جديدة لتقتات عليها. لذلك، فالهدم وحده ليس انتصاراً، ما لم يتبعه بناءٌ راسخٌ يعيد التوازن، ويمنح لكل ذي حقٍ حقه. وكما أن السلاح قد يسكت صوت الفتنة مؤقتاً، فإنه لا يستطيع اقتلاع جذورها إن لم تُجتث معها أسباب الظلم، وإن لم يُسدَّ فراغ العدالة الذي تتسلل منه الفوضى.

المسألة أعمق من مجرد استرداد المدن ورسم الحدود، إنها استعادة الإنسان، وانتشاله من الأنقاض التي شوهت وعيه وأربكت انتماءه. إنها لحظة إعادة تعريف الهوية الوطنية بعيداً عن تشظيات الأيديولوجيا وضجيج الانقسامات، لحظة يُكرَّس فيها سلطة القانون ليعلو فوق همجية السلاح، الانتصار لن يكتمل إلا حين ينعكس في نفوس الأفراد قبل أن يُسجَّل على خرائط الأرض. ومهما بلغت عظمتها، تظل لحظية ما لم تتبعها انتصارات أكثر عمقاً على جبهات الفكر، والاقتصاد، والسياسة. فالحروب قد تهزم الجيوش، لكنها لا تهزم الأفكار، ولا تمحو جذور الصراعات إن لم تُجتث بأدوات أكثر حكمة ورسوخاً. تكتمل الفرحة حين حين يتحول النصر من مجرّد تفوّق عسكري إلى نهضة شاملة، تعيد صياغة الوعي الوطني، وتمنح الشعوب أسباباً حقيقية للسلام والاستقرار. وتنتقل المعركة من ميادين السلاح إلى ساحات الأفكار التي تنبذ الكراهية، وتقتلع جذورها من العقول، وتكسر الدوائر المغلقة التي تعيد إنتاج العنف بأشكال جديدة. إنها لحظة فارقة، يُختبر فيها وعي الأمة وقدرتها على تجاوز الانقسامات، وردم الفجوات، وترميم النسيج الوطني بعيداً عن ثارات الماضي. فإعادة بناء الأوطان لا تُنجز عبر ركام الحروب، بل على أسس العدل والتنمية، لا يكون السلام حقيقياً إلا إذا كان مستداماً، ولا تكون الدولة منيعة إلا إذا كانت عادلة. فالقوة وحدها قد تفرض الاستقرار، لكنها تظل هشّةً إن لم تسندها عدالة حقيقية تحفظ الحقوق وتصون الكرامة. حتى لا تجد الحرب ما تقتات عليه وتعيد انتاج نفسها. فالحروب لا تندلع من فراغ، بل تولد من رحم الظلم، وتتغذّى على الإقصاء والتهميش، وتنمو في بيئة يغيب فيها العدل ويسود فيها الفساد.

abudafair@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • أسرار بدلة الزنجباري التي ارتداها رامز جلال في برنامجه.. فيديو
  • موقع صدى البلد ينعى الكاتب الصحفي مصطفى الجمل
  • تهنئة المطران مار يعقوب أفريم للمسلمين بحلول عيد الفطر
  • المخاوف الاقتصادية تعصف بمؤشرات وول ستريت.. والأنظار تتجه إلى التضخم
  • يا صوت مصر .. مجدي يعقوب يقبل يد أنغام ويشكرها على دعمها
  • بتمويل مؤسسة الكاتب البريطانية: انصر” تنظم إفطارًا جماعيًا لـ 400 عائلة نازحة في مأرب
  • مسودة جديدة لصفقة المعادن تحيي المخاوف بشأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي
  • المستقبل ينفي: لم ننخرط في أي تحالفات إنتخابية
  • بالفيديو.. قلعة صيدا تتزين بالعلم الفلسطينيّ
  • الانتصار: هل يُعيد تشكيل الوعي لمستقبل واعد، أم مجرد فصل جديد في رواية لم يتغير سياقها؟