الرباط- بعد 3 أشهر من الإضراب والاحتجاج، أُبلغ المدرس المغربي أبو بكر إيشو بقرار توقيفه عن العمل، وإحالته إلى المجلس التأديبي بدعوى التغيب غير المبرر عن العمل، في واقعة من أصل مئات الوقائع التي تكشف عن عمق أزمة القطاع التعليمي في المغرب.

يعمل إيشو في ثانوية مولاي عبد الله التأهيلية بمدينة سيدي إفني مدرسا لمادة اللغة العربية، واستجاب لدعوة التنسيق الوطني للتعليم للمشاركة في الإضرابات التي دعت إليها لإسقاط النظام الأساسي الذي جاءت به الوزارة بداية الموسم الدراسي.

وبينما دافع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي عن هذا النظام، وقال إنه حافظ على المكتسبات السابقة ويضمن تحفيزات، أطلق المدرسون عليه اسم "نظام المآسي" كونه جاء بأعباء ومهام جديدة وعقوبات كبيرة، ويحرمهم من الاستقرار الوظيفي.

يقول أبو بكر إيشو -للجزيرة نت- إنه شارك في كل المحطات الاحتجاجية مع زملائه ليتفاجأ بتوقيفه عن العمل وإحالته إلى المجلس التأديبي بعد اتهامه بالتغيب غير المبرر عن العمل والتحريض.

ويضيف "بعد توقيف عدد من المدرسين عن العمل شاركت في وقفة احتجاجية داخل المدرسة، ونشرت صورة لي على مواقع التواصل الاجتماعي متضمنة عبارات التضامن مع زملائي الموقوفين، لأجد اسمي ضمن اللائحة الثانية للموقوفين بدعوى التغيب غير المبرر عن العمل والتحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي على التوقف عن العمل".

رغم توقيفه منذ أسابيع لم يتم إحالة ملف إيشو وباقي الموقوفين البالغ عددهم 545 إلى المجالس التأديبية، ورفضت نيابات التربية والتعليم استقبال تظلماتهم.

وبينما ما زال الحوار مستمرا منذ أشهر بين النقابات والحكومة لتعديل النظام الأساسي، وفي الوقت الذي قرر فيه المدرسون العودة إلى الفصول الدراسية وإنهاء 3 أشهر من الإضراب وتوقف الدراسة، يبدو أن ملف توقيف مئات المدرسين والاقتطاع من الأجور يهدد الهدنة، وينذر بعودة الاحتقان لقطاع التعليم، بحسب ما أكد فاعلون نقابيون.

احتجاجات للأساتذة المتعاقدين بالمغرب (الجزيرة) حق دستوري

وأثار قرار توقيف المعلمين عن العمل -في انتظار عرضهم على المجلس التأديبي- استنكارا في الأوساط الحقوقية والنقابية، حيث اعتبر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان الذي يضم أكثر من 20 جمعية حقوقية هذه التوقيفات "بمثابة إجهاز على الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين".

وطالب في بيان بالتراجع الفوري عن هذه القرارات التي "لن تزيد الوضع إلا تأزما واحتقانا" داعيا إلى التراجع عن هذه القرارات وإرجاع كل الموقوفين دون قيود أو شروط.

كما وجه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب رسالة إلى رئيس الحكومة دعاه فيها إلى التدخل العاجل من أجل توقيف ما أسماه "الإجراءات التعسفية" والتوقيفات المتخذة في حق رجال ونساء التعليم، بسبب ممارستهم لحقهم الدستوري في الإضراب، وذلك "مراعاة للمصالح العليا للتلاميذ والتلميذات والمدرسة العمومية بشكل عام ولإعادة الثقة للمؤسسات وتوفير مناخ إيجابي لاستمرار الدراسة".

ونظمت التنسيقيات الوطنية للتعليم وقفات احتجاجية في عدد من المدن تضامنا مع الموقوفين ولمطالبة الوزارة بسحب هذه القرارات.

ويرى عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم عبد الوهاب السحيمي أن انتهاج وزارة التربية "المقاربة الزجرية" لإنهاء الإضرابات مخالف للقانون والدستور، مشيرا إلى أن الأساتذة كانوا يمارسون حقهم الدستوري في الإضراب، ولم يكونوا متغيبين عن العمل.

وأكد السحيمي للجزيرة نت أن المدرسين لم يوقفوا حركتهم الاحتجاجية، بل قاموا بتعليق مؤقت للاحتجاج بعد مضي 3 أشهر، وسيعودون إلى استئناف الإضرابات.

وأضاف "الشروط التي دفعتنا للخروج للاحتجاج منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي ما زالت قائمة، وبدلا من أن تستمع الوزارة لمطالبنا، وتحسن وضعيتنا اتجهت إلى الزجر، والاقتطاعات من الأجور، والتوقيف عن العمل، مما سيؤدي إلى تأجيج الوضع، وسيدفعنا للعودة للاحتجاج مرة أخرى في أقرب وقت".

احتجاج سابق للمدرسين على النظام الأساسي في الرباط (الجزيرة) سحب كل الإجراءات

وبينما عاد المدرسون لفصولهم الدراسية منهين أشهرا من الإرباك الذي شهدته المدرسة العمومية، ما زال الحوار مستمرا بين النقابات ووزارة التربية الوطنية لتعديل النظام الأساسي بما يلقى القبول لدى المحتجين.

وقال عبد الله اغميميط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم للجزيرة نت، إنه عبّر خلال الاجتماعات الأخيرة مع وزارة التربية الوطنية عن احتجاج نقابته وامتعاضها، مما أسماه "المقاربة الانتقامية في التعامل مع ملف المحتجين".

وأضاف "نعتبر هذه التوقيفات ضربا للحريات النقابية، وهو ما عبرنا عنه لحظة الإعلان عنها في اجتماعنا مع الوزارة، وطالبناها بتوضيح هذه الإجراءات".

وحسب مصادر قريبة من الحوار، فقد شكلت وزارة التربية الوطنية لجنة لدراسة هذا الملف، وستكون مهمة هذه اللجنة تقسيم الموقوفين إلى فئات، وسيتم سحب التوقيفات الصادرة في حق البعض، بينما سيتم تفعيل المجالس التأديبية في حق آخرين.

بيد أن اغميميط يقول إن "نقابته ترفض هذه المنهجية، وترى أن المدرسين الموقوفين كانوا جميعهم يمارسون حقهم في الإضراب والقرارات التي اتخذتها الوزارة عبر أكاديمياتها غير سليمة، وتعتبر تضييقا على هذا الحق".

وطالب بسحب كل الإجراءات العقابية سواء الاقتطاعات من الأجور أو التوقيفات عن العمل في حق جميع الموقوفين والموقوفات بدون استثناء.

ويرى أن استمرار هذه الإجراءات سيكون له تأثير على المنظومة التعليمية، وسيبقى الاحتقان داخل المدارس. وقال "لا معنى لإبقاء هذه المقاربة الانتقامية في ظل عودة الأساتذة للأقسام وانخراطهم بشكل متفاوت في عملية الدعم التربوي".

وأضاف "إذا اتخذ قرار سياسي شجاع لوقف هذه الإجراءات، فسيكون له تداعيات إيجابية على منسوب ثقة الشغيلة في الوزارة، وعلى ما تبقى من السنة الدراسية. والعكس صحيح، فإذا استمرت هذه العقوبات سنشهد عودة للإضراب وتوقيف الدراسة".

وينتظر أن تعقد وزارة التربية الوطنية اجتماعا مع النقابات يوم الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني الجاري لمناقشة هذا الملف بالتفصيل وسط ترقب المدرسين وهيئاتهم التمثيلية والأوساط الحقوقية.

الحكومة المغربية أعلنت إلغاء التعاقد لكن النقابات شككت في جدية القرار (الجزيرة) هل انتهى التعاقد؟

وبالتزامن مع جلسات الحوار المتواصلة بين النقابات والحكومة لتعديل النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس عقب انعقاد المجلس الحكومي الخميس المنصرم انتهاء ملف أساتذة التعاقد بعد تعديل قانون إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

وأوضح بيان للحكومة أن تعديل القانون يندرج في إطار التدابير التشريعية المتخذة لتنزيل مخرجات اتفاق 10 و26 ديسمبر/كانون الأول 2023 الموقع بين الحكومة والنقابات. وبموجبه سيتم اعتماد عبارة "الموظف" بدلا من عبارة "الموارد البشرية" في جميع مواد النظام الأساسي الخاص الجديد.

ولكن تنسيق التعليم ينظر إلى هذا الإعلان بنوع من الفتور، واعتبر عبد الوهاب السحيمي أن الحكومة لم تلغ التعاقد كما زعمت، بل أعادت ترسيمه بالقانون.

فبالنسبة لعضو التنسيق الوطني للتعليم، فإن هذه ليس المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن إنهاء التعاقد، في حين أنها لا تغير سوى المسميات، من الأساتذة المتعاقدين إلى أطر الأكاديميات، وإلى الموارد البشرية ثم إلى موظفين عموميين.

وقال "إنهاء التعاقد لن يتحقق إلا بإدماج المتعاقدين في أسلاك الوظيفة العمومية وتمكينهم من مناصب مالية ممركزة ضمن مناصب وزارة التربية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: وزارة التربیة الوطنیة النظام الأساسی فی الإضراب عن العمل

إقرأ أيضاً:

استئناف القتال يفاقم الخلافات بإسرائيل ومظاهرة أمام الكنيست

تصاعدت الخلافات الداخلية في إسرائيل بشأن استئناف القتال في قطاع غزة، في حين نظم العشرات من النشطاء وممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين مسيرة اتجهت نحو مبنى البرلمان بالقدس المحتلة.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية أن الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وعضو الكنيست الإسرائيلي بيني غانتس قوله إن هدف العودة للقتال يجب أن يكون إعادة الأسرى وهذا ليس وقت المساومات السياسية.

من جهتها، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن عضو مجلس الحرب السابق غادي آيزنكوت قوله إن إعادة حزب إيتمار بن غفير للحكومة تضحية بالأسرى الأحياء.

وتعليقا على استئناف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحرب على قطاع غزة بشكل مفاجئ، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، إن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تشعر بعدم الثقة تجاه نتنياهو.

وأضاف لبيد، في منشور على منصة "إكس"، أن نتنياهو أعاد القتال في غزة ويريد تحويل المليارات للمتهربين من الخدمة العسكرية.

واعتبر أن الجنود الإسرائيليين يحتاجون إلى رئيس وزراء يمكنهم الثقة به، ولا يهتم إلا بأمن البلاد ومصير "الرهائن"، وهذا ليس هو الحال اليوم في إشارة إلى عدم توافر هذه الصفات في نتنياهو.

إعلان

في السياق ذاته، أفادت صحيفة هآرتس بأن جزءا من سكان بلدات غلاف غزة الذين عادوا أخيرا يحزمون حقائبهم ويستعدون للنزوح بسبب تجدد القتال في غزة.

عائلات الأسرى

في غضون ذلك، طالبت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة بإيقاف الحرب فورا والعودة إلى المفاوضات. وقال ذوو الأسرى إن الحكومة أقدمت على خطوة مروعة بإنهاء مفاوضات تبادل "الرهائن" والعودة للقتال، وإن نتنياهو يضحي بأبنائهم بهذه الخطوة.

كما نظم العشرات من النشطاء وممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة في مسيرة اتجهت نحو مبنى البرلمان (كنيست) في مدينة القدس المحتلة للمطالبة بإعادة المحتجزين.

وجاءت المسيرة احتجاجا على قرار الحكومة العودة للقتال في غزة. وقالت عائلات الأسرى، في مؤتمر صحفي، إن حكومة نتنياهو تخلت بقرارها عن حياة المحتجزين. وطالبت بوقف القتال والتوصل إلى صفقة تعيدهم جميعا دفعة واحدة.

كما انطلقت مسيرة أخرى من كيبوتس نير عوز باتجاه الجدار الحدودي مع قطاع غزة. وقال المشاركون في المسيرة إنهم لن يبرحوا مكانهم حتى وقف القتال والتوصل إلى صفقة غير مجزأة.

وفي السياق ذاته، قال الأسير السابق لدى حماس ساشا توربانوف إن "انهيار المفاوضات سيمنع عودة باقي المختطفين، والعملية العسكرية تعرض حياتهم للخطر".

وقد استأنفت إسرائيل حربها على أنحاء عدة من قطاع غزة المدمر بعملية عسكرية سمتها "العزة والسيف"، مدّعية أنها تستهدف حركة حماس، مما تسبب باستشهاد أكثر من 400 غزي، فضلا عن مئات الجرحى. في حين حمّلت حركة حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي المسؤولية كاملة عن تداعيات العدوان على غزة.

مقالات مشابهة

  • نقص الديزل يفاقم معاناة نالوت.. وارتفاع الأسعار يضغط على المواطنين
  • عمومية السلة تعتمد الموازنة العامة وتعديلات النظام الأساسي
  • رابطة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي: نهنئ لدخول القبض الشهري حيز التنفيذ
  • استئناف القتال يفاقم الخلافات بإسرائيل ومظاهرة أمام الكنيست
  • وزارة التربية والتعليم تواصل ترميم المدارس المدمرة و26 منها قيد ‏الإنجاز في ريف دمشق
  • "التربية" تواصل تحديث المناهج لتحسين جودة التعليم وتعزيز مهارات الطلبة
  • التوظيف والتكفل بالأساتذة المتعاقدين..وزير التربية يكشف الجديد
  • التوظيف في القطاع والتكفل بالأساتذة المتعاقدين..وزير التربية يكشف الجديد
  • وزير التربية والتعليم الأستاذ نذير القادري لـ سانا: سنعمل على توفير كل التسهيلات اللازمة لطلاب شهادة التعليم الأساسي والثانوي، بما يضمن تمكنهم من التقدّم للامتحانات ضمن بيئة مناسبة وعادلة
  • مدرب المغرب: بونو يمر بموسم سيء مع ⁧‫الهلال‬⁩ ولكنه سيبقى حارسنا الأساسي