أطلقت الحرب التي تدور رحاها منذ أبريل العام الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة رصاصة الرحمة على قطاع النفط في السودان.

القطاع الذي يعاني في الأصل من عدة مصاعب ومشكلات منذ ولوج السودان إلى قائمة الدول المنتجة للنفط في تسعينات القرن الماضي ، أبرزها ضعف الاستثمارات والتحديات الأمنية التي تحيط بمواقع الإنتاج.

غير أنه ومع الصراع الدائر في السودان منذ عشرة أشهر كانت مواقع إنتاج النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان والمنشآت النفطية أحد أبرز الأهداف التي استهدفها المتمردون بالاحتلال والتخريب والحرق.

والأحد الماضي تعرضت مصفاة الخرطوم لحريق جديد مما ساهم في تدمير كل اجزاء الوحدة الداخلية للمصفاة.

ويتهم الجيش متمردي الدعم السريع بشأن التدمير الممنهج لمصفاة الخرطوم الواقعة بمنطقة الجيلي شمال الخرطوم بينما يدعي المتمردون أن الجيش ضالع في ذلك في الوقت الذي نفى العميد نبيل عبد الله، المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، ما وصفه بادعاءات قوات الدعم السريع “الباطلة والكاذبة” بشأن استهداف قوات الجيش مصفاة الجيلي في شمال مدينة بحري بولاية الخرطوم مما تسبب بتدميرها بشكل كامل.

وحمّل المتحدث باسم الجيش قوات الدعم السريع مسؤولية أية أضرار تلحق بالمصفاة.

مصفاة الخرطوم لم تكن أولى المنشآت التي تعرضت للتخريب منذ بداية الحرب فقد سبقها حقل بليلة الواقع بولاية غرب كردفان والذي هاجمه متمردو الدعم السريع في أكتوبر العام الماضي مما أدى إلى توقف الإنتاج بالحقل.

بيد أن الإنتاج تم استئنافه في شهر نوفمبر العام الماضي بحسب بيانات صحفية صادرة عن وزارة النفط والطاقة السودانية.

ويعد حقل بليلة النفطي شراكة بين السودان والصين، وتُقدَّر احتياطياته بنحو 1.3 مليون برميل، وينتج خام النفط الثقيل لتغذية مصفاة الخرطوم التي كانت توفر معظم احتياجات البلاد من المشتقات النفطية، وكان إنتاجه النفطي يبلغ 14 ألف برميل يومياً قبل اندلاع الحرب الحالية في السودان.

ويعتبر حقل بليلة النفطي أكثر مناطق الإنتاج التي تعرضت لهجمات متوالية وتعطيل العمل بها، إذ شهدت المنطقة هشاشة أمنية كبيرة خلال أوقات متعددة جراء احتجاجات مجموعات شبابية من سكان مناطق حقول النفط.

“ لن يعود قطاع النفط إلى سابق عهده” هكذا يلخص الصحفي السوداني المتخصص في شؤون النفط، عبد الوهاب جمعة، رؤيته بشأن مستقبل القطاع بعد الحرب.

وقال إن” قطاع النفط سينهار ليس بسبب الحرب فقط ولكن للاشكاليات التي يعاني منها الاقتصاد السوداني في الأصل“.

ونوه في حديثه لـ(المحقق) أنه من الصعوبة بمكان ضخ أي استثمارات في قطاع النفط في الوقت الراهن.

وكشف عن خروج الشركتين الهندية والماليزية اللتين كانتا تستثمران في قطاع النفط لافتاً إلى أن عودتهم إلى الاستثمار بالبلاد تعد أقرب إلى المستحيل.

ونبه إلى أنه حتى وإن توقفت الحرب فان الاستثمار في القطاع النفطي مرهون بعدد من القضايا الأخرى بما يصعب من أمر عودة الشركات الأجنبية إلى السودان على المدى القصير.

واكد جمعة على أن الحرب قضت على خطط تطوير قطاع النفط في السودان وقال “ بدلاً من أن يتطور القطاع إلى الأمام حدثت له انتكاسة كبيرة جداً”

وأوضح تعرض المنشآت النفطية داخل ولاية الخرطوم إلى أكبر استهداف لا سيما مصفاة الخرطوم التي تعد أكبر منشأة نفطية داخل العاصمة ولكونها المصفاة الوحيدة التي كانت تعمل بكامل كفاءتها والتي كانت تزود كافة القطاعات الاقتصادية المعتمدة في تشغيلها على النفط.

وكشف ان المنشآت النفطية التي تم تدميرها تقدر خسائرها مابين 10-15 مليار دولار .

على ذات الصعيد أكد أحد العاملين بمصفاة الخرطوم” فضل حجب هويته “ على التدمير الكامل الذي أصاب المصفاة، وقال لـ(المحقق) “ المصفاة الآن معطلة بشكل شبه كامل ولا يوجد أي من المستودعات التخزينية لأي من الشركات بعد أن تم تدميرها بشكل كامل.

وأشار إلى أن القطاع الوحيد الذي يعمل الآن هو خطوط النقل التي تنقل خام دولةًحنوب السودان وحقل هجليج.

وأشار إلى إخلاء المصفاة من معظم العاملين بينما تم الاحتفاظ ببعضهم من قبل قوات الدعم السريع للاحتماء بهم داخل المصفاة.

ونبه إلى أن تعطيل المصفاة ساهم في توقف انتاج حقل بليلة الذي كان إنتاجه يذهب إلى المصفاة بشكل مباشر.

وتراجع إنتاج السودان من النفط، بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، من 450 ألف برميل يومياً إلى 60 ألف برميل يومياً، ما دفع البلد إلى استيراد أكثر من 60 بالمئة من احتياجاته النفطية.

المحقق: نازك شمام

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع مصفاة الخرطوم فی السودان قطاع النفط حقل بلیلة النفط فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

أولويات ما بعد الحرب في السودان

كغيري من اصحاب الراي نشرت عدة مقالات حول اعادة التعمير في السودان بعد هذه الحرب، وستظل الافكار والاقتراحات تتداول الامر حتى تتشكل خارطة طريق جيدة يساهم فيھا كل السودانيين بصورة ايجابية كل في مجاله وبما يستطيع، ابتدأ من كل الخبراء واصحاب القرار نزولا الى ابسط مواطن يمكن ان يساهم مع جيرانه في نظافة الحي.
بالطبع ھناك مناطق تأثرت بالحرب أكثر من غيرها وتحديدا اقليم دارفور والعاصمة المثلثة الخرطوم واقليم الجزيرة، ولكن لا ينبغي التركيز فقط على الخرطوم، وداخل الخرطوم يجب تقديم تأهيل المرافق الصحية الخدمية، خلافا لما تقوم به سلطة الامر الواقع اليوم، عندما أعلن أحد المسؤولين غير المسؤولين حقيقة بأن اعادة اصلاح القصر الجمهوري بالخرطوم سيوفر لھ مبلغ مليار و800 مليون دولار ، !!!
بالطبع ھناك مناطق تأثرت بالحرب أكثر من غيرها وتحديدا اقليم دارفور والعاصمة المثلثة الخرطوم واقليم الجزيرة. وللعلم ھذھ الثلاث مناطق تضم ما لا يقل عن نصف سكان السودان اي حوالي 20 مليون مواطن ، منهم أكثر من 10 مليون أصبحوا لاجئين في دول الجوار او نازحين في بقية اقاليم السودان.
في انتظار الشراكات الدولية والتعاون الدولي والمساعدات الدولية وغيرها. ينبغي التركيز على أن رجوع هذه الاعداد من اللاجئين والنازحين مرتبط في المقام الاول بوقف إطلاق النار اي وقف الحرب والامن من النيران العدوة او الصديقة بما فيھا المسيرات، ثم توفر الأولويات او الحاجات الطارئة وھي مياه صالحة للشرب والغذاء ثم المأوى
بالنسبة للمياه، مؤقتا يمكن استخدام صهاريج مياه جماعية، استخدام أجهزة تنقية المياه في الاحياء والقرى، الاستفادة من مياه النيل والترع والابار، بالنسبة للغذاء يمكن تطوير التكايا الموجودة الى مراكز لتوزيع الخبز والمواد الغذائية الأساسية مثل العدس وغيرھ.، نقطة الغذاء تستدعي توفير الوقود كالكهرباء والجازولين وغيرها لتشغيل المخابز الاهلية والمطاحن، وهنا يمكن ان يستفاد من الواح الطاقة الشمسية باعتبار تركيبها آمن وأسرع.

بالنسبة للمأوى بعد حملات التنظيف الأولية يمكن ان يكون هناك نقاط لتوزيع الخيام والبطاطين وما شابھھا.
من المؤكد ان الجانب الصحي له نفس الأهمية القصوى لتفادي انتشار الامراض والعدوى ، خاصة مع وجود كثير من الجثث المتحللة في اماكن مكشوفة او غير مرئية . والجانب الصحي يبدا بالنظافة كما ذكرنا، ويمكن البدء بإيجاد وحدات طبية متنقلة محملة بالطعوم واللقاحات والاسعافات الأولية، والقيام بالتطعيم ضد الامراض المعدية كالكوليرا.
ضمن برنامج النظافة ونشر الامن ، يمكن الاستفادة من أجهزة الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي والمدارس ومنابر المساجد في التوعية والارشاد في كيفية التعامل مع بقايا الحرب من شظايا والغام وقنابل غير متفجرة واجسام معدنية غير مألوفة للمدنيين، والتذكير بضرورة عدم لمس اي جسم معدني غريب، وعدم التعامل مع الجثث متحللة وغيرها مما قد يجده العائدون الى أحيائهم، وتفادي المباني المتهدمة والمهجورة. كما ينبغي على السلطات المحلية ومجالس الاحياء الاهتمام بالنظافة وذلك من خلال حملات يومية لجمع الاوساخ والتعامل معها بصورة صحية.
في خط مواز لكل ما سبق يجب الاهتمام بنشر الآمن بتكوين دوريات من شباب الحي او القرية ليتناوبون الحراسة الليلية واستعمال أجهزة انذار بسيطة كالصافرة والهاتف المحمول للتبليغ عن أي خطر بالمكان،
فرض الامن. بواسطة الشرطة والبوليس وعدم ترك المجموعات والجماعات المسلحة التي شاركت بصورة او بأخرى في الحرب لفرض أحكامها وقراراتها عبر السلاح الذي تحمله على المواطنين وذلك لتفادي تجدد تصفية الحسابات بين الافراد والجماعات كما وقع في الأسابيع الماضية من اعدامات فردية وجماعية دون محاكمات بل لمجرد اتهامات من افراد لأخرين بأنام متعاونين مع مليشيا الدعم السريع.
بعد ان يسود شيء من الهدوء النسبي في الأحياء والقرى يجب مباشرة الالتفات للتعليم لأنه من أھم روافع رفع الوعي واعادة بناء اللحمة الاجتماعية الوطنية بين الاطفال والتلاميذ والطلاب. كما يمكن الاستفادة من الخيم كمدارس مؤقتة
ما سبق كان على المستوى المحلي اما على مستوى الدولة فينبغي التواصل مع المنظمات الدولية كالأمم المتحدة وافرعھا منظمات مثل اليونسكو و الايسسكو واليونسيف والفاو ومنظمة الصحة العالمية وغيرها .ومنظمات الھلال الاحمر والصليب الاحمر ومنظمات المجتمع المدني وغيرها للمساعدة في اعادة تأھيل البنية التحتية و الكھرباء؛ وتأهيل مرافق المياه كحفر الابار والعناية بالصحة بتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية
واخيرا على المدى المتوسط والطويل يمكن الاستفادة من تجارب دول اخرى في اعادة الاعمار مثل العراق ورواندا وغيرها.
ان اعادة الاعمار تبدأ بإيقاف الحرب ونشر الامن وبداية الاستقرار والتعاون الدولي ولعل قبلهم جميعا يأتي الاتفاق على التوافق الوطني

abdelgadir@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • أولويات ما بعد الحرب في السودان
  • حرب السودان في عامها الثالث: الجيش يتقدم وانتهاكات جديدة بواسطة الدعم السريع
  • قواتالدعم السريع تستهدف القصر الجمهوري في الخرطوم بالمدفعية بعيدة المدى
  • الدعم السريع يقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري بمدفعية بعيدة المدى
  • قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري بمدفعية بعيد المدى
  • قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى  
  • مصدر عسكري: قوات الدعم السريع تقصف القصر الجمهوري في الخرطوم بمدفعية بعيدة المدى
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • بالفيديو..الدعم السريع يترك مفاجأة غير متوقعة داخل مكتب في جامعة الخرطوم