أعلنت دول النيجر ومالي وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، في خطوة جاءت بعد سنوات من التوتر بين البلدان الثلاث والمنظمة، التي رفضت الانقلابات العسكرية التي حدثت هناك.

واعتبر محللون أن هذه الخطوة تعد "جزءا من صراع نفوذ بين روسيا والدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا"، التي تمتعت لعقود بنفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ورأوا أن الإجراء سيكون له تأثيرات سلبية على التعاون التجاري والأمني بين دول المنطقة، خصوصا في ظل تنامي العمليات الإرهابية.

وأصدرت الدول الثلاث بيانا، أعلنت فيه الانسحاب من "إيكواس" بسبب فرضها ما اعتبروها "عقوبات غير إنسانية" ضدهم، بعد الانقلابات العسكرية.

وصدر البيان بشكل مشترك بين المجالس العسكرية الحاكمة في كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وجاء فيه: "قررنا بسيادة كاملة الانسحاب الفوري من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). هذه الكتلة ابتعدت عن قيم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وآبائها المؤسسين والوحدة الأفريقية".

في بيان واحد.. 3 دول تعلن انسحابها من منظمة "إيكواس" انسحبت 3 دول من منظمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، حسبما أعلنت المجالس العسكرية في الدول الثلاث، متهمة المجموعة بفرض عقوبات "غير إنسانية" لوقف الانقلابات في دولهم.

وتابع البيان: "علاوة على ذلك، أصبحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، تحت تأثير قوى أجنبية، لقد خانوا مبادئ الكتلة التأسيسية، هذا يشكل تهديدا للدول الأعضاء وسكانها الذين من المفترض أن تضمن الحكومات سعادتهم".

وردت إيكواس على الدول الثلاث ببيان، مشيرة إلى أنه "لم يصلها أي إخطار رسمي بهذا القرار"، مؤكدة أن البلدان المنسحبة "أعضاء مهمون في المجموعة" المكونة من 15 دولة.

وأشارت إيكواس إلى أنه وفقا لمعاهدة الانضمام للمنظمة "يتعين على أية دولة ترغب في الانسحاب، إخطار المجموعة خطيا بذلك خلال عام واحد، ويتعين عليها الامتثال لالتزاماتها خلال تلك الفترة، كما يترك الباب مفتوحا لعودتها عن طلب الانسحاب في غضون 12 شهرا"، بحسب وكالة فرانس برس.

أهم تحدٍ لإيكواس

تواجه الدول الثلاث مشاكل أمنية وعنف ترتكبه مجموعات متشددة مسلحة، وذلك بجانب التوترات مع إيكواس منذ سيطرة الجيش على السلطة في مالي عام 2020 وفي بوركينا فاسو عام 2022 وفي النيجر عام 2023.

ويعتبر تكتل الإيكواس بمثابة أعلى سلطة سياسية وإقليمية في غرب القارة الأفريقية، ودخل في مشكلات سياسية خلال السنوات الأخيرة مع البلدان الثلاثة، ووصل الأمر إلى التهديد بالتدخل العسكري في النيجر عقب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وهو ما قوبل بتهديد من بوركينا فاسو ومالي بأنهما سيتدخلان إلى جانب نيامي.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن قرار الانسحاب "متوقع منذ أشهر، خصوصا بعد تأسيس تحالف دول الساحل الثلاث، في أعقاب أزمة النيجر وإيكواس".

وواصل إسماعيل حديثه بالقول إن أسباب تلك الخطوة "متعددة، ومن بينها رؤية أنظمة تلك الدول أن إيكواس لم تعد ذات سيادة في قراراتها، بجانب العقوبات الاقتصادية والسياسية التي سبق أن فرضتها المنظمة على تلك الدول، ولا تزال صارمة على النيجر بشكل خاص".

"فترة انتقالية 6 أشهر".. قادة انقلاب النيجر يقبلون بالمبادرة الجزائرية وافق قادة الانقلاب في النيجر على مبادرة الوساطة الجزائرية القائمة على "مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر" لإيجاد حل سياسي للأزمة، وفق فرانس برس

وتجمع المئات في عاصمة النيجر، نيامي، دعما للانسحاب، رافعين لافتات مناهضة لإيكواس وأعلام الدول الثلاث وروسيا، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.

ويعتبر الانسحاب أحدث خطوة في القطيعة مع الحلفاء الغربيين التقليديين للدول الثلاث، والتوجه نحو روسيا.

ونقلت الوكالة عن متظاهر يدعى حسان جادو، قوله: "نحن هنا لنظهر فرحتنا بعد إعلان خروج الدول الثلاث، ونحتفل بشجاعة قادتنا الثلاثة الذين أظهروا ما هم قادرون عليه في مواجهة إيكواس".

وذكر الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، في تصريحات للحرة، أن "الخطوة متوقعة"، مشيرا إلى أنها "ستلقي بظلالها السياسية، وتصعّب دور إيكواس بشكل كبير في منطقة الساحل الأفريقي".

الزميل بمعهد تمبكتو (المركز الأفريقي لدراسات السلام) ومقره في السنغال، بابكر ندياي، أوضح لوكالة أسوشيتد برس، أن الانسحاب من التكتل الذي تأسس عام 1975 هو "أمر غير مسبوق بمثل هذه الطريقة، ويمكن اعتباره تغيرا رئيسيا في منطقة الصحراء". وواصل حديثه بالقول إن هذا "أهم تحدٍ يواجه المنظمة منذ تأسيسها".

فيما أكد إسماعيل أن "للانسحاب تداعيات اقتصادية على جميع الأعضاء من حيث التجارة والاستثمار والتنقل والجمارك وما إلى ذلك، لكن مهما تطور الأمر، فالجغرافيا هي التي تحكم العلاقات بين الجيران، خصوصا أن الدول الثلاث حبيسة وهناك ترابط اجتماعي وثقافي بين شعوب المنطقة ستبقى إلى الأبد".

مكافحة الإرهاب

تعاني منطقة الساحل الأفريقي من عدم استقرار بسبب نشاط الجماعات المتطرفة، ويطلق على المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي "المثلث الأخطر"، حيث تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بشدة، وتنطلق منها لاستهداف مناطق أخرى، وقد زادت تلك التنظيمات من هجماتها في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد الانقلاب العسكري في النيجر.

وبحسب منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، فإن المجالس العسكرية في الدول الثلاث ستواصل تشكيل السياسات الأمنية للمنطقة خلال العام الجاري.

وأضافت في تقرير لها صدر بوقت سابق من يناير الجاري، أن وصول تلك المجالس إلى السلطة كان "إيذانا بعصر جديد، مما أدى إلى انسحاب القوات الفرنسية، وإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي، وبداية تمركز المرتزقة الروس".

هجوم النيجر "الأكثر دموية".. الإرهاب يتمدد في "المثلث الأخطر" توصف المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي بأنها "المثلث الأخطر"، حيث تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بشدة، وتنطلق من تلك المنطقة لاستهداف مناطق أخرى، وزادت تلك التنظيمات من هجماتها في الآونة الأخيرة وخصوصا بعد الانقلاب العسكري في النيجر.

ولفت التقرير إلى أنه من المرجح أن يستمر "النهج العسكري الذي تتبعه هذه الأنظمة في مكافحة التمرد، في تغذية الديناميكيات التصعيدية. وفي بوركينا فاسو ومالي، أوضحوا بالفعل أنهم سيواجهون العنف المتزايد من جانب المسلحين والمتمردين مع عنف متزايد من جانب القوات العسكرية".

واتهم بيان الانسحاب، إيكواس، بـ"الفشل" في مساعدة الدول الثلاث في مواجهة "تهديدات وجودية" مثل الإرهاب، وهو السبب الذي ذكره العسكريون في تلك الدول حينما أعلنوا الاستيلاء على السلطة وإسقاط الحكومات المدنية المنتخبة.

وأشار البيان إلى أنه "عندما قررت هذه الدول أن تأخذ مصيرها بأيديها، تبنت (إيكواس) موقفا غير عقلاني وغير مقبول في فرض عقوبات غير قانونية وغير مشروعة وغير إنسانية وغير مسؤولة، في انتهاك لنصوصها الخاصة".

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، أن "إيكواس فشلت في مكافحة الإرهاب، ولا تنتظر هذه الدول جديدا منها".

وأوضح تورشين للحرة، أن الدول الثلاث ستعمل بشكل منفرد بعيدا عن إيكواس، مما سيلقي بظلاله على التعاون العسكري ويضع عليهم أعباء اقتصادية وعسكرية وأمنية. وتابع: "ستزداد أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة، حيث ستستغل الخلاف السياسي والفراغ الأمني".

"أوكرانيا أفريقيا"

زاد النفوذ الروسي في المنطقة، خصوصا في الدول التي استولى الجيش فيها على السلطة، وتتعاون مجموعة المرتزقة الروسية النافذة "فاغنر" المعروفة بتكتيكاتها الوحشية، والمتهمة على نطاق واسع بارتكاب انتهاكات حقوقية، مع مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويشتبه أيضا بأنها تتعاون مع بوركينا فاسو، بحسب فرانس برس.

وأشارت الوكالة إلى أن الولايات المتحدة "حذرت النيجر من التحرك في اتجاه مماثل للدول الثلاث"، لكن رئيس الوزراء المعين من قادة الانقلاب، علي محمد الأمين زين، أجرى زيارة إلى موسكو، بوقت سابق هذا الشهر، "سعيا لتعزيز التعاون".

في ظل تدهور الأمن بالساحل.. بلينكن في غرب أفريقيا لتعزيز العلاقات يبدأ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الاثنين، جولة مدتها أسبوع في الساحل الغربي لأفريقيا في مسعى لدعم دول تعد أنظمتها ديموقراطية وتقيم علاقات ودية مع واشنطن، في ظل تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل.

ولعبت النيجر دورا رئيسيا في جهود واشنطن للتصدي للمتشددين الذين أثاروا اضطرابات في منطقة الساحل، إذ تشيّد الولايات المتحدة قاعدة بقيمة 100 مليون دولار في مدينة أغاديس الصحراوية، لتشغيل أسطول من المسيرات منها.

وما زالت القاعدة قائمة والقوات الأميركية متواجدة في النيجر، لكن واشنطن تبحث عن خيارات في بلدان أكثر استقرارا في المنطقة، مع تضاؤل الآمال حيال إمكانية إعادة الحكومة الديمقراطية في النيجر، حيث طرد زعيم الانقلاب فيها قوات فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة الحليفة للولايات المتحدة، وفق فرانس برس.

من جانبه، قال مدير شركة "سيغنال ريسك" للاستشارات الأمنية التي تركز على أفريقيا، رايان كامينغز، لأسوشيتد برس، إن الدول الثلاث بانسحابهم من التكتل "لن يتعين عليهم الالتزام بالجداول الزمنية الانتقالية السابقة".

وحذر من أن الانسحاب "قد يقود إلى فرصة جديدة لروسيا، لتوسيع وجودها ومصالحها في أفريقيا".

من جانبه، أوضح إسماعيل في حديثه للحرة، أنه "بكل تأكيد منطقة الساحل أصبحت أوكرانيا أفريقيا، ولها علاقة مباشرة في صراع النفوذ الدولي وإعادة بلورة نظام عالمي جديد، تسعى موسكو إلى أن تكون لها الكلمة العليا فيه".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا بورکینا فاسو ومالی فی منطقة الساحل وبورکینا فاسو الدول الثلاث فی النیجر فرانس برس إلى أنه إلى أن

إقرأ أيضاً:

التعديلات الدستورية في السودان- ما بين مطرقة العسكر وسندان الانتقال الديمقراطي

في خطوة اعتبرها مراقبون استمراراً لسيطرة المؤسسة العسكرية على السلطة، أثارت التعديلات المُقترحة على الوثيقة الدستورية في السودان عاصفة من الجدل، وسط مخاوف من أن تُحوِّل البلاد إلى نظام حكم هجين، يرفع شعارات الديمقراطية بينما يكرس الهيمنة العسكرية خلف واجهة مدنية هشة. جاءت هذه التعديلات بعد أشهر من المفاوضات المغلقة بين قيادات الجيش وأطراف سياسية موالية، في مشهد يُعيد إلى الأذهان انقلاب أكتوبر 2021، الذي أنهى أحلام الثورة السودانية بالإطاحة بحكم عمر البشير.

من ثورة الشوارع إلى دهاليز السلطة
لم تكن التعديلات الدستورية وليدة اللحظة، بل نتاج تراكمات بدأت مع انهيار التوافق الهش بين المدنيين والعسكر بعد الإطاحة بالبشير. فبعد أشهر من توقيع "الاتفاقية الدستورية" في 2019، والتي نصت على فترة انتقالية مدتها 39 شهراً، استغل الجيش أخطاء القوى المدنية وتفكك تحالف "قوى الحرية والتغيير"، لتنفيذ انقلاب أكتوبر 2021، مستعيداً السيطرة على السلطة بدعم من مليشيات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). اليوم، تبدو التعديلات الجديدة امتداداً لهذا المسار، حيث يسعى العسكر إلى ترسيخ وجودهم عبر أدوات دستورية تبدو قانونية، لكنها تفرغ الانتقال الديمقراطي من مضمونه.

تفاصيل التعديلات: أين تكمن المخاطر؟
تتضمن التعديلات زيادة مقاعد الجيش في "مجلس السيادة" – الهيئة الأعلى لإدارة الفترة الانتقالية – من 5 مقاعد إلى 7، بينما يُترك مقعدان فقط للمكون المدني. كما تُمنح القوات المسلحة صلاحية ترشيح رئيس المجلس وإعفائه، وهو ما يعني عملياً تحويل المجلس إلى غرفة تابعة للعسكر. وفي خطوة مُثيرة للشكوك، أُلغِيَ ذكر "مليشيات الدعم السريع" من الوثيقة، واستُبدِلَت بمصطلح غامض هو "القوات النظامية"، في محاولة لدمج هذه المليشيات – المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور – ضمن هيكل الجيش، ما يمنحها شرعية دائمة.

أما التمديد الجديد للفترة الانتقالية لتصبح 39 شهراً، فلم يُقنع الكثيرين بأنه خطوة تقنية، خاصة مع تعثر تنفيذ اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة في المناطق المهمشة، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي دفعت بالجنيه السوداني إلى الانهيار، ووصل التضخم إلى معدلات قياسية تجاوزت 400%. ويُعتبر تضخم عدد الوزارات إلى 26 وزارة – بعد أن كان مخططاً تقليصها إلى 16 – دليلاً على عودة النهج الزبائني، حيث تُستخدم المناصب الحكومية كـ"هدايا" لاسترضاء التحالفات، بدلًا من بناء حكومة كفؤة قادرة على معالجة الأزمات.

المنظور القانوني: انتهاك مبادئ الثورة
يرى خبراء قانونيون أن التعديلات تنتهك روح الوثيقة الدستورية الأصلية، التي نصت على ضرورة تحقيق توازن بين السلطات، وضمان انتقال تدريجي إلى حكم مدني. فزيادة تمثيل العسكر تُعطي انطباعاً بأن البلاد تُدار عبر "مجلس عسكري مُقنَّع"، بينما يُحذر نشطاء من أن إلغاء ذكر "الدعم السريع" قد يكون مقدمة لإفلات قادتها من المحاسبة على جرائم دارفور، خاصة مع وجود مذكرة اعتقال دولية بحق حميدتي من المحكمة الجنائية الدولية.

ردود الفعل: غضب مدني وتحذيرات من عودة الاحتجاجات
لم تُخفِ القوى المدنية غضبها من التعديلات. فبينما هدَّد "تجمع المهنيين السودانيين" – الذي كان قاطرة الاحتجاجات ضد البشير – بالعودة إلى الشوارع، وصفت تحالفات أخرى الخطوة بأنها "انقلاب دستوري". لكن هذه القوى تواجه معضلة حقيقية: فضعفها التنظيمي وانقساماتها الداخلية جعلتها عاجزة عن مواجهة الآلة العسكرية المدعومة بتمويل إقليمي. في المقابل، تبدو الأطراف الموالية للجيش – خاصة بعض الموقعين على اتفاقية سلام جوبا – مستفيدة من التمثيل الواسع، لكنها تخسر شعبيتها وسط اتهامات بالتواطؤ.

الدور الدولي: صمت مُريب ومصالح متضاربة
يكشف الموقف الدولي من الأزمة عن تناقضات عميقة. فدول مثل مصر والإمارات – اللتين تربطهما مصالح أمنية واقتصادية مع الجيش السوداني – تتجاهل الانتقادات، بينما تكتفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإصدار بيانات "قلقة" دون ضغوط فعلية. ويُفسر مراقبون هذا الصمت بخوف الغرب من دفع السودان نحو التحالف مع روسيا أو الصين، خاصة مع تردد معلومات عن مفاوضات لإنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر.

مستقبل مُظلم: هل ينزلق السودان إلى حرب أهلية جديدة؟
رغم أن التعديلات تبدو انتصاراً مؤقتاً للعسكر، إلا أنها تحمل بذور أزمة أعمق. فاستمرار تهميش المطالب الأساسية للثورة – مثل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات – يغذي السخط الشعبي، خاصة في المناطق المهمشة (دارفور، جنوب كردفان، النيل الأزرق)، والتي قد تعود إلى التمرد إذا لم تُستجب مطالبها. كما أن تنامي نفوذ "الدعم السريع" داخل الجيش يُنذر بصراع على السلطة بين حميدتي وقيادات الجيش التقليدية.

خيط الأمل الوحيد: عودة الشارع
رغم المشهد القاتم، يرى بعض المحللين أن عودة الاحتجاجات الشعبية قد تكون الخيار الوحيد لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات الثورة. ففي 2019، أثبت السودانيون أنهم قادرون على إسقاط نظام دام 30 عاماً، لكن النخبة السياسية فشلت في تحويل زخم الشارع إلى مشروع ديمقراطي متماسك. اليوم، قد تكون الفرصة الأخيرة أمام القوى المدنية لتوحيد صفوفها، واستعادة زمام المبادرة، قبل أن يتحول السودان إلى دولة فاشلة تُدار بوصاية عسكرية-مليشياوية، تُذكِّر العالم بأسوأ سنوات حكم البشير.

 

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • التعديلات الدستورية في السودان- ما بين مطرقة العسكر وسندان الانتقال الديمقراطي
  • حُكم العسكر
  • حسين العزي: دول خليجية تعرقل جهود السلام بين روسيا وأمريكا بشأن أوكرانيا
  • معركة كروية .. إعلامي شهير يعلق على مواجهات الأهلي في دورى أبطال أفريقيا
  • المغرب الثاني أفريقيا ومصر وتونس تتقدمان في تصنيف جودة الحياة الرقمية 2024
  • مجموعة الـ20 تجتمع دون واشنطن في جنوب أفريقيا
  • خبير: أوروبا عاجزة عن تمويل أوكرانيا .. وصعود ترامب يكشف هشاشتها
  • خبير سياسي: أوروبا عاجزة عن تمويل أوكرانيا.. وصعود ترامب يكشف هشاشتها
  • خبير سياسي: أوروبا عاجزة عن تمويل أوكرانيا ماديا وعسكريا
  • الإتصالات: لا صلاحيات لدينا على شركات الهاتف النقال الثلاث