دول العسكر تنسحب.. أهم تحدٍ لإيكواس وسط معركة نفوذ في أوكرانيا أفريقيا
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
أعلنت دول النيجر ومالي وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، في خطوة جاءت بعد سنوات من التوتر بين البلدان الثلاث والمنظمة، التي رفضت الانقلابات العسكرية التي حدثت هناك.
واعتبر محللون أن هذه الخطوة تعد "جزءا من صراع نفوذ بين روسيا والدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا"، التي تمتعت لعقود بنفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ورأوا أن الإجراء سيكون له تأثيرات سلبية على التعاون التجاري والأمني بين دول المنطقة، خصوصا في ظل تنامي العمليات الإرهابية.
وأصدرت الدول الثلاث بيانا، أعلنت فيه الانسحاب من "إيكواس" بسبب فرضها ما اعتبروها "عقوبات غير إنسانية" ضدهم، بعد الانقلابات العسكرية.
وصدر البيان بشكل مشترك بين المجالس العسكرية الحاكمة في كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وجاء فيه: "قررنا بسيادة كاملة الانسحاب الفوري من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). هذه الكتلة ابتعدت عن قيم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وآبائها المؤسسين والوحدة الأفريقية".
وتابع البيان: "علاوة على ذلك، أصبحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، تحت تأثير قوى أجنبية، لقد خانوا مبادئ الكتلة التأسيسية، هذا يشكل تهديدا للدول الأعضاء وسكانها الذين من المفترض أن تضمن الحكومات سعادتهم".
وردت إيكواس على الدول الثلاث ببيان، مشيرة إلى أنه "لم يصلها أي إخطار رسمي بهذا القرار"، مؤكدة أن البلدان المنسحبة "أعضاء مهمون في المجموعة" المكونة من 15 دولة.
وأشارت إيكواس إلى أنه وفقا لمعاهدة الانضمام للمنظمة "يتعين على أية دولة ترغب في الانسحاب، إخطار المجموعة خطيا بذلك خلال عام واحد، ويتعين عليها الامتثال لالتزاماتها خلال تلك الفترة، كما يترك الباب مفتوحا لعودتها عن طلب الانسحاب في غضون 12 شهرا"، بحسب وكالة فرانس برس.
أهم تحدٍ لإيكواستواجه الدول الثلاث مشاكل أمنية وعنف ترتكبه مجموعات متشددة مسلحة، وذلك بجانب التوترات مع إيكواس منذ سيطرة الجيش على السلطة في مالي عام 2020 وفي بوركينا فاسو عام 2022 وفي النيجر عام 2023.
ويعتبر تكتل الإيكواس بمثابة أعلى سلطة سياسية وإقليمية في غرب القارة الأفريقية، ودخل في مشكلات سياسية خلال السنوات الأخيرة مع البلدان الثلاثة، ووصل الأمر إلى التهديد بالتدخل العسكري في النيجر عقب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وهو ما قوبل بتهديد من بوركينا فاسو ومالي بأنهما سيتدخلان إلى جانب نيامي.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن قرار الانسحاب "متوقع منذ أشهر، خصوصا بعد تأسيس تحالف دول الساحل الثلاث، في أعقاب أزمة النيجر وإيكواس".
وواصل إسماعيل حديثه بالقول إن أسباب تلك الخطوة "متعددة، ومن بينها رؤية أنظمة تلك الدول أن إيكواس لم تعد ذات سيادة في قراراتها، بجانب العقوبات الاقتصادية والسياسية التي سبق أن فرضتها المنظمة على تلك الدول، ولا تزال صارمة على النيجر بشكل خاص".
وتجمع المئات في عاصمة النيجر، نيامي، دعما للانسحاب، رافعين لافتات مناهضة لإيكواس وأعلام الدول الثلاث وروسيا، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
ويعتبر الانسحاب أحدث خطوة في القطيعة مع الحلفاء الغربيين التقليديين للدول الثلاث، والتوجه نحو روسيا.
ونقلت الوكالة عن متظاهر يدعى حسان جادو، قوله: "نحن هنا لنظهر فرحتنا بعد إعلان خروج الدول الثلاث، ونحتفل بشجاعة قادتنا الثلاثة الذين أظهروا ما هم قادرون عليه في مواجهة إيكواس".
وذكر الباحث في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، في تصريحات للحرة، أن "الخطوة متوقعة"، مشيرا إلى أنها "ستلقي بظلالها السياسية، وتصعّب دور إيكواس بشكل كبير في منطقة الساحل الأفريقي".
الزميل بمعهد تمبكتو (المركز الأفريقي لدراسات السلام) ومقره في السنغال، بابكر ندياي، أوضح لوكالة أسوشيتد برس، أن الانسحاب من التكتل الذي تأسس عام 1975 هو "أمر غير مسبوق بمثل هذه الطريقة، ويمكن اعتباره تغيرا رئيسيا في منطقة الصحراء". وواصل حديثه بالقول إن هذا "أهم تحدٍ يواجه المنظمة منذ تأسيسها".
فيما أكد إسماعيل أن "للانسحاب تداعيات اقتصادية على جميع الأعضاء من حيث التجارة والاستثمار والتنقل والجمارك وما إلى ذلك، لكن مهما تطور الأمر، فالجغرافيا هي التي تحكم العلاقات بين الجيران، خصوصا أن الدول الثلاث حبيسة وهناك ترابط اجتماعي وثقافي بين شعوب المنطقة ستبقى إلى الأبد".
مكافحة الإرهابتعاني منطقة الساحل الأفريقي من عدم استقرار بسبب نشاط الجماعات المتطرفة، ويطلق على المنطقة الحدودية بين دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي "المثلث الأخطر"، حيث تنشط فيها التنظيمات الإرهابية بشدة، وتنطلق منها لاستهداف مناطق أخرى، وقد زادت تلك التنظيمات من هجماتها في الآونة الأخيرة، خصوصا بعد الانقلاب العسكري في النيجر.
وبحسب منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، فإن المجالس العسكرية في الدول الثلاث ستواصل تشكيل السياسات الأمنية للمنطقة خلال العام الجاري.
وأضافت في تقرير لها صدر بوقت سابق من يناير الجاري، أن وصول تلك المجالس إلى السلطة كان "إيذانا بعصر جديد، مما أدى إلى انسحاب القوات الفرنسية، وإنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي، وبداية تمركز المرتزقة الروس".
ولفت التقرير إلى أنه من المرجح أن يستمر "النهج العسكري الذي تتبعه هذه الأنظمة في مكافحة التمرد، في تغذية الديناميكيات التصعيدية. وفي بوركينا فاسو ومالي، أوضحوا بالفعل أنهم سيواجهون العنف المتزايد من جانب المسلحين والمتمردين مع عنف متزايد من جانب القوات العسكرية".
واتهم بيان الانسحاب، إيكواس، بـ"الفشل" في مساعدة الدول الثلاث في مواجهة "تهديدات وجودية" مثل الإرهاب، وهو السبب الذي ذكره العسكريون في تلك الدول حينما أعلنوا الاستيلاء على السلطة وإسقاط الحكومات المدنية المنتخبة.
وأشار البيان إلى أنه "عندما قررت هذه الدول أن تأخذ مصيرها بأيديها، تبنت (إيكواس) موقفا غير عقلاني وغير مقبول في فرض عقوبات غير قانونية وغير مشروعة وغير إنسانية وغير مسؤولة، في انتهاك لنصوصها الخاصة".
واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، أن "إيكواس فشلت في مكافحة الإرهاب، ولا تنتظر هذه الدول جديدا منها".
وأوضح تورشين للحرة، أن الدول الثلاث ستعمل بشكل منفرد بعيدا عن إيكواس، مما سيلقي بظلاله على التعاون العسكري ويضع عليهم أعباء اقتصادية وعسكرية وأمنية. وتابع: "ستزداد أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة، حيث ستستغل الخلاف السياسي والفراغ الأمني".
"أوكرانيا أفريقيا"زاد النفوذ الروسي في المنطقة، خصوصا في الدول التي استولى الجيش فيها على السلطة، وتتعاون مجموعة المرتزقة الروسية النافذة "فاغنر" المعروفة بتكتيكاتها الوحشية، والمتهمة على نطاق واسع بارتكاب انتهاكات حقوقية، مع مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. ويشتبه أيضا بأنها تتعاون مع بوركينا فاسو، بحسب فرانس برس.
وأشارت الوكالة إلى أن الولايات المتحدة "حذرت النيجر من التحرك في اتجاه مماثل للدول الثلاث"، لكن رئيس الوزراء المعين من قادة الانقلاب، علي محمد الأمين زين، أجرى زيارة إلى موسكو، بوقت سابق هذا الشهر، "سعيا لتعزيز التعاون".
ولعبت النيجر دورا رئيسيا في جهود واشنطن للتصدي للمتشددين الذين أثاروا اضطرابات في منطقة الساحل، إذ تشيّد الولايات المتحدة قاعدة بقيمة 100 مليون دولار في مدينة أغاديس الصحراوية، لتشغيل أسطول من المسيرات منها.
وما زالت القاعدة قائمة والقوات الأميركية متواجدة في النيجر، لكن واشنطن تبحث عن خيارات في بلدان أكثر استقرارا في المنطقة، مع تضاؤل الآمال حيال إمكانية إعادة الحكومة الديمقراطية في النيجر، حيث طرد زعيم الانقلاب فيها قوات فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة الحليفة للولايات المتحدة، وفق فرانس برس.
من جانبه، قال مدير شركة "سيغنال ريسك" للاستشارات الأمنية التي تركز على أفريقيا، رايان كامينغز، لأسوشيتد برس، إن الدول الثلاث بانسحابهم من التكتل "لن يتعين عليهم الالتزام بالجداول الزمنية الانتقالية السابقة".
وحذر من أن الانسحاب "قد يقود إلى فرصة جديدة لروسيا، لتوسيع وجودها ومصالحها في أفريقيا".
من جانبه، أوضح إسماعيل في حديثه للحرة، أنه "بكل تأكيد منطقة الساحل أصبحت أوكرانيا أفريقيا، ولها علاقة مباشرة في صراع النفوذ الدولي وإعادة بلورة نظام عالمي جديد، تسعى موسكو إلى أن تكون لها الكلمة العليا فيه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا بورکینا فاسو ومالی فی منطقة الساحل وبورکینا فاسو الدول الثلاث فی النیجر فرانس برس إلى أنه إلى أن
إقرأ أيضاً:
الخارجية الإيرانية : الأحداث الأخيرة في سوريا اختبار مهم للحكام الجدد
طهران /
أعربت وزارة الخارجية الإيرانية عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في سوريا، وخاصة في الساحل الغربي، مؤكدةً أن التطورات الجديدة تضع حكام سوريا الجدد أمام اختبار حقيقي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” امس الاثنين: “شهدت الأيام الأخيرة أحداثاً مؤسفة ومحزنة في مناطق مختلفة من سوريا، وخاصة في الساحل الغربي، نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة حول انعدام الأمن والعنف واحتجاز الرهائن في هذه المناطق.”
وأكد بقائي أن إيران “تدين بشدة جميع أشكال العنف والقتل والاعتداء، ولا يوجد أي مبرر لمثل هذه التصرفات”، مضيفاً أن “الهجوم على العلويين والمسيحيين والدروز وغيرهم من الأقليات قد أحزن المشاعر الإنسانية والضمير الدولي.”
كما أشار إلى أن هذه التطورات تضع “حكام سوريا الجدد أمام اختبار حقيقي للوفاء بمسؤولياتهم في حماية أرواح وممتلكات جميع السوريين”، معتبراً أن المسؤولية تمتد إلى جميع الأطراف التي لها نفوذ وتأثير في التطورات داخل سوريا.
وأضاف: “لقد عبرنا عن مخاوفنا بالطرق المناسبة للدول التي لها نفوذ ووجود في سوريا، ونأمل حقاً أن تتوقف عمليات القتل والعنف ضد مختلف فئات الشعب السوري”.
كما حذر من أن استمرار هذه المواجهات “سيزيد الوضع الأمني والسياسي في المجتمع السوري تعقيداً، مما يتيح الفرصة للأطراف التي لا تريد الخير للشعب السوري والمنطقة لاستغلال هذا الوضع بما يخدم مصالحها”.