أصبح الوضع في قطاع غزة، بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي هو مثار تساؤلات ومحادثات بين عدد كبير من الأطراف، المتصلة بالأزمة التي تفجرت في السابع من أكتوبر الماضي بعملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقريرا للحديث عن هذا الأمر، كشفت فيه أن توقف إسرائيل عن الاستثمار في القطاع بالإضافة إلى العديد من الدول الغربية، سيصعب من مهمة حركة حماس في حكم غزة بعد الحرب، وستكون الأوضاع أكثر سوءا.

وأشارت فايننشال تايمز إلى أن الآفاق الاقتصادية في قطاع غزة بعد الحرب، لن يكون جيدا في ظل وجود حركة حماس، في ظل العزلة التي تواجهها الحركة من قبل المجتمع الدولي وخاصة الدول الغربية التي أعلنت بوضوح عدم رغبتها في استمرار الحركة، ولفت التقرير إلى أن التوجهات الأمريكية والغربية وبعض الكيانات الاقتصادية العالمية، ضد حماس، سيجعل من فكرة إعادة تحسين الأمور في قظاع غزة أمر بالغ الصعوبة، موضحة أن الولايات المتحدة كانت تشكل أكبر المانحين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كما أن إسرائيل كانت ثاني أكبر مشغل للفلسطينيين في القطاع قبل الحرب، بعد حكومة حماس نفسها.

ونوه التقرير بأن الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية ضد مستوطات غلاف غزة، سيجعل من الحركة فيما بعد معزولة وغير قادرة على إدارة الأمور كما في السابق، كما ستفتقد إلى كثير من الدعم الذي كانت تحصل عليه، إضافة إلى الاستثمارات الخارجية التي تحرك الأمور بعض الشيء داخل القطاع، في وقت تعرض ولا زال يتعرض القطاع لعمليات تدمير واسعة وغير مسبوقة.

واستطرد التقرير بالقول إن تصنيف حماس كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول سيكون له آثار كبيرة على الاستثمار الاقتصادي في قطاع غزة، وحتى فيما يتعلق بعودة الإعمار في القطاع، موضحا أن العديد من الدول والمنظمات الدولية ستتوقف عن تقديم المساعدة الاقتصادية المباشرة أو الاستثمار داخل الأراضي بسبب مخاوف بشان الدعم غير المباشر لحماس أو تمويل الأنشطة عن غير قصد مع آثار أمنية محتملة.

إلى جانب ذلك، فهجوم السابع من أكتوبر قد فتح باب حرب لا تنتهي مع احتمالية استمرار الهجمات من الجانب الإسرائيلي داخل القطاع، مما سيخلق حالة من النفور لدى المستثمرين خوفا من المخاطرة وتعرض مشروعاتهم للتدمير، كل هذا يترافق مع الخوف من التداعيات القانونية أو الارتباط بمجموعة متورطة في اعمال عنف، بحسب نظر العديد من الدول الغربية.

وعلى صعيد آخر، بين التقرير أن العقوبات الدولية التي تستهدف حركة حماس ربما تعقد الاستثمار الاقتصادي في غزة، إذ لجأت العديد من الدول الغربية لفرض عقوبات لتقييد تدفق الاموال إلى حركة حماس، مما سيكون له تأثير غير مباشر على الاقتصاد بشكل أوسع.

كل هذا يتوازى مع المأزق السياسي الذي يعيشه الفلسطينيين مع تزايد الانقسام السياسي بين حماس التي تسيطر على غزة والسلطة الفلسطينية التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية،  بحسب التقرير الذي أشار إلى أن وجود حماس كسلطة أمر واقع في غزة تشكل عائقا كبيرا أمام الاستثمار الاقتصادي وإعادة الإعمار.

على صعيد آخر، كشف التقرير أن قوة حركة حماس قد تعرضت لضربات قوية مع خسائر غير مسبوقة جراء الحرب والضربات الاسرائيلية التي تخطت مائة يوم.

وبين التقرير أن الحركة فقدت جزء كبير من مقاتليها مع تركيز القتال بين الحركة والقوات الإسرائيلية في خان يونس، إذ تكشف تقارير أن الجناح العسكري للحركة قد تعرض لخسائر كبيرة لاسيما خلال الاشتباكات العسكرية المستمرة إضافة إلى الحصار الاقتصادي الكبير الذي تفرضه إسرائيل لمنع وصول مقاتلي حماس للطعام والمياه مع طول أمد الصراع.

ولا يزال الوضع في غزة متقلبًا إلى حد كبير، كما أن احتمالات وقف التصعيد غير مؤكدة، إذ أن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار ومعالجة القضايا الأساسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي مهمة معقدة، ولا تزال الدبلوماسية والضغط الدوليان يلعبان دورًا حاسمًا في السعي إلى إيجاد طريق نحو السلام.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة مستوطنات غلاف غزة طوفان الأقصى حركة حماس العدید من الدول الدول الغربیة حرکة حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما الآثار التي سيتركها اغتيال نصر الله على الدول والأحلاف؟

باغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، تدخل المنطقة مرحلة جديدة من التصعيد السياسي والعسكري، مما قد يترك تداعيات عميقة على السياسات الداخلية للدول وتحالفاتها.

وينذر هذا الحدث المفصلي بتحولات جذرية في المشهد السياسي والعسكري والأمني للمنطقة، قد تعيد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات الإقليمية، ومن المتوقع أن تطال هذه التطورات محور المقاومة والممانعة، إلى جانب القوى التي تدعم التطبيع مع إسرائيل.

وحسب تقرير لمراسل الجزيرة ماجد عبد الهادي، فإن هذه الضربة الجوية الإسرائيلية لم تقتصر على إنهاء حياة نصر الله فقط، بل تمثل تحولا كبيرا في قواعد الاشتباك بين الطرفين، ومع هذا الاغتيال، يبدو أن المنطقة قد دخلت منعطفًا جديدًا ينذر باحتمالات اندلاع حرب إقليمية شاملة.

ويلفت التقرير الانتباه إلى توقيت الاغتيال، الذي جاء بعد ساعات قليلة من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الأمم المتحدة، حيث أثار هذا التزامن تساؤلات حول مصداقية الجهود الدبلوماسية الأميركية الرامية إلى تهدئة التوتر في المنطقة، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.

الدبلوماسية الأميركية

ولم تكن عملية اغتيال نصر الله الأولى من نوعها، فقد سبقتها عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران، والتي جاءت هي الأخرى في وقت كان السعي الدبلوماسي الأميركي يهدف لوقف إطلاق النار.

وتعيد العملية الإسرائيلية الأخيرة إلى الواجهة الجدل حول مدى احترام إسرائيل للقانون الدولي والسيادة الوطنية للدول المجاورة. مع تكرار الادعاء بحقها في الدفاع عن نفسها، حيث تغض الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية الطرف عن الجرائم المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين وغيرهم في المنطقة.

وفي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي يقارب إكمال عامه الأول، يتزايد الغموض بشأن الرد المحتمل لمحور المقاومة، خاصة بعد فقدان أهم قادته، وما إذا كان هذا المحور سيبقى على موقفه المتريث ويرفض الانجرار إلى حرب إقليمية شاملة، أم أن اغتيال نصر الله سيعجّل برد عسكري واسع النطاق.

وحسب عبد الهادي، فربما تكون التطورات الأخيرة محفزًا لإعادة النظر في المواقف السياسية للدول التي تتجه نحو التطبيع مع إسرائيل، وما إذا كانت ستبقى على نهجها، أم أن هذا الاغتيال سيفرض عليها مراجعة حساباتها، مما قد يجبر إسرائيل وداعميها على إعادة تقييم سياساتهم.

مقالات مشابهة

  • أبحاث تكشف التأثير الإيجابي للمهاجرين على ميزانيات الدول الغربية
  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • القوني حمدان دقلو.. لم تخدشه الحرب خدشة واحدة بل ولم تؤثر في نضار بشرته
  • بغارة إسرائيلية.. حماس تعلن استشهاد قائد الحركة في لبنان
  • "فاينانشيال تايمز": اغتيال حسن نصر الله يُشكل تصعيدًا دراماتيكيًا في استهداف لبنان
  • نيويورك تايمز: ايران تعتمد الحرب المستمرة لاستنزاف اسرائيل
  • لافروف يوجه تحذيرا إلى الدول الغربية
  • جيش الاحتلال يواصل عدوانه الوحشي على «القطاع والضفة الغربية»
  • ما الآثار التي سيتركها اغتيال نصر الله على الدول والأحلاف؟
  • تطورات مفاجئة .. هل وافقت “حماس” على تسليم غزة للسلطة الفلسطينية؟