فرح البعض، وتسابقوا في الإشادة بالقرارات المؤقتة لمحكمة العدل الدولية حول جرائم الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، واعتبر هؤلاء أن مجرد خضوع إسرائيل للمحاكمة والإشارة إلى إمكانية أن تؤدي أفعالها إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية هو مكسب كبير لصالح القضية الفلسطينية، ولصالح العرب بشكل عام، خاصة أن إسرائيل ظلت، منذ اغتصابها لفلسطين في العام 1948، فوق القانون الدولي، ومنظمات الأمم المتحدة، ولم ينفذ في مواجهتها أي قرار دولي رغم صدور العشرات، بل ومئات قرارات الإدانة ضد هذا الكيان الإجرامي الذي اغتصب الأرض، ويقوم بإبادة شعبنا منذ نكبة 48 وحتى الآن.
ولكن، بقراءة هادئة لتلك القرارات نكتشف أن محكمة العدل الدولية استبعدت القرار الأهم، وهو الوقف الفوري للحرب باعتبار أن ذلك هو ما يعكس مصداقيتها- إن وجدت- في إنقاذ أبناء الشعب الفلسطيني من هذا الطغيان الإجرامي الذي لم يسبق له مثيل، فلا يعقل أن تتحدث المحكمة عن شبهة قيام إسرائيل بجرائم إبادة ثم لا تطلب وقف الحرب، ولا يعقل أيضًا أن تمنح إسرائيل الحق في مراقبة نفسها، والحق في أن تضع لنفسها إجراءات لمنع الإبادة، والحق في أن تقوم هي بتقديم تقرير خلال شهر عن الإجراءات التي قامت بها لحماية المدنيين، ووقف عمليات الإبادة.
إنها إذًا، أكبر أكذوبة خدعت بها محكمة العدل الدولية العالم، وليس صدفة أن تتلوا قراراتها قاضية أمريكية مما يعكس توافقها مع صناع القرار في واشنطن، المقتنعون بأن قرارات المحكمة بهذا الشكل الهزيل لا تساوي شيئًا رغم مصارعتهم للتأكيد أن لا شبهة لارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة، أمريكا رفضت قرارات المحكمة، وقالت لا توجد شبهة جرائم إبادة تقوم بها إسرائيل، ورئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو وجميع وزرائه وقادة العصابة تحدوا القرارات الهزيلة للمحكمة، وقالوا إنهم مستمرون في الحرب، وكالوا للمحكمة والأمم المتحدة ومنظماتها الشتائم والسباب، بل واتهموا موظفيها بأنهم هم من يشاركون في ارتكاب جرائم إبادة ضد اليهود في إسرائيل.
لم يعد أي متابع يغفل هذا التنسيق المتبادل، ولعب الأدوار الخادعة على خشبة المسرح السياسي، أو العدلي العالمي، عندما تقول أمريكا الشيء وتفعل نقيضه، وترفع أوروبا الصوت عاليًا بالإدانة لكسب أخلاقي مزعوم، بينما تمد الكيان بكل أسلحة الدمار الشامل التي تباد بها غزة الآن.
لا يوجد معنى أن يخرج علينا الاتحاد الأوروبي بتأييده لقرارات المحكمة، وقادته يعلمون أن هذه القرارات مفرغة من فاعليتها، لأنها سلمت الجاني والقاتل حق وضع الإجراءات ومراقبتها، وكتابة تقرير عنها، وتركت له فرصة شهر كامل كي يقضي على ما تبقى من أبناء شعبنا في قطاع غزة، كما أنهم جميعا يعلمون أن محكمة العدل الدولية ليست لها أداة لتنفيذ قراراتها، وأن إسرائيل رفضت تلك القرارات بعد أقل من خمس دقائق من صدورها، وحتى إذا طلبت المحكمة من مجلس الأمن تنفيذ قراراتها عندها سيخرج الفيتو الأمريكي ليجعل تلك القرارات وكأنها لم تكن.
مسرحية إذًا، شديدة السخرية من أوضاعنا العربية التي باتت مسرحًا لتجريب كل أشكال الجريمة في العالم، وتجريب كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا، وممارسة ألعاب خداعية تمعن في إذلالنا والسخرية من أوضاع أمتنا المهترئة، والتي باتت وكأنها جثة هامدة تتداعى عليها الكلاب الجائعة.
ويبقى أن الحكم النهائي حول ارتكاب الكيان الإجرامي لعمليات الإبادة الجماعية، ووفقًا لتقديرات جميع خبراء القانون الدولي، يمكن أن يصدر بعد عدة سنوات قادمة، كما أن أحكام محكمة العدل الدولية جميعها تنتظر الموافقة الإجماعية للدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذا لن يحدث مع الفيتو الأمريكي، وهو ما يقتضي أن يكون رهان العرب الوحيد على دعم المقاومة، وهزيمة إسرائيل، وليس انتظارًا لدعم المجتمع الدولي الذي يخضع بكامله للتحالف الصهيوأمريكي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة جرائم إبادة
إقرأ أيضاً:
الهيئة الإدارية المنحلة لنادي الزوراء تتوجه إلى محكمة الكأس الدولية لاسترداد حقها القانوني
آخر تحديث: 5 نونبر 2024 - 1:54 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- تسلمت الهيئة الإدارية المؤقتة لنادي الزوراء، مقر وملعب النادي بشكل رسمي من الهيئة المنحلة وفقاً لقرار مركز التسوية والتحكيم، وكان تسلم النادي برفقة قوة عسكرية لتنفيذ قرار القضاء العراقي.وأكدت ادارة نادي الزوراء المنحلة التي يرأسها فلاح حسن بأنها ستستخدم ورقتها الأخيرة لاسترداد حقها بالقانون الدولي من خلال محكمة كاس الدولية.وقال عضو ادارة النادي عبد الكريم عبد الرزاق في حديث صحفي: “لقد سلمنا مقر النادي والملعب، ونحن غير مقتنعين بما يحدث”، مبيناً “إننا سنستخدم الورقة الأخيرة لاسترداد حقوقنا وحسب ما يمليه القانون و سنتوجه بوفد رفيع إلى مدينة لوزان السويسرية لحسم الموضوع دولياً”.وأضاف أنه “من حقنا أن نرفع دعوى قضائية ضد القرار الأخير القاضي بحلنا كإدارة رسمية، في محكمة كاس الدولية، وذلك بعد نفاد كل المحاولات والطرق التي اتبعناها لإنصافنا كإدارة رسمية”.وأوضح عبد الرزاق أنه “من حقنا رفع شكوى في محكمة كاس الدولية لأن القانون يسمح لنا بذلك ، ويؤكد في حال عدم إنصاف القانون المحلي الرياضي لأي قضية، فيحق للطرف المتضرر اللجوء إلى محكمة كاس الدولية لحسم الموضوع بشكل نهائي”.وأشار إلى “أننا كإدارة سلكنا كل الطرق وطرقنا جميع أبواب المسؤولين المعنيين من اجل انصافنا و لاحتواء ما قد يحدث من تدويل القضية، لكن دون جدوى رغم أن القانون العراقي أنصفنا واصدر عدة قرارات لصالحنا، بيد أن كل تلك المحاولات لم تنجح ليكون حلنا الأخير هو محكمة كاس الدولية”.وبين عبد الرزاق أن “وفدا من إدارة النادي برئاسة الكابتن فلاح حسن سيتوجه إلى سويسرا لتقديم الشكوى لمحكمة كاس للنظر بالقرار الأخير الذي صدر بإبعادنا عن النادي دون وجه حق، وسيكون القرار الأخير الذي يصدر من لوزان هو الفيصل في استرداد الحقوق”.وكان المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية الوطنية العراقية قد اتخذ قراراً بحل الهيئة الادارية التي يرأسها فلاح حسن وتشكيل هيئة مؤقتة بالإجماع، مستنداً إلى المادة 14/أولا/6/2/1 من قانون الأندية الرياضية ذي الرقم 18 لسنة 1986 والمعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1988، على أن يستمر عمل الهيئة المؤقتة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر تجري خلالها المؤتمر الانتخابي الخاص بانتخاب هيئة إدارية مقبلة لنادي الزوراء الرياضي، وقد رفضت ادارة فلاح حسن تنفيذ القرار لعدم قناعتها، حتى جاء الابعاد بالقوة.