الهجوم على القوات الأمريكية.. خلفيات واحتمالات
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
للمرة الأولى تتعرض القوات الأمريكي في المنطقة لمثل هذا الهجوم النوعي الذي تسبب في عدد كبير من القتلى والجرحى نسبيا، حيث سقط ثلاثة قتلى و34 جريحا، بينما لم تُسفر الهجمات السابقة إلاّ عن عدد محدود من الضحايا، وهو ما يؤشر إلى أن مرحلة جديدة قد تكون بدأت. ولم يشفع على ما يبدو النفي الإيراني المتكرر من أنها لم تكن وراء هذا القصف، في الوقت الذي تبنت ما تسمى بالمقاومة الإسلامية في العراق هذه العملية.
والمقاومة مكونة من المليشيات الشيعية الموالية لإيران، وقد برز اسمها بعد العدوان على غزة، وسعت إلى تلميع نفسها والمليشيات الموالية لإيران عبر إعلانها عن عدة هجمات على الكيان الصهيوني، لم يعلم حقيقتها وتفاصيلها.
الهجوم الأخير أصاب "البرج 22" داخل الأراضي الأردنية القريب من قاعدة التنف الأمريكية في سوريا، وإن كان الأردن قد نفى في البداية أن يكون الهجوم وقع داخل أراضيه، في إشارة إلى أن الهجوم قد وقع على قاعدة التنف.
إيران ومحورها معني الآن بتصعيد عسكري يخفف من الاحتقان والغضب ضدهما، ولذا ربما جاء التصعيد في هذا السياق ضد الأمريكيين دون أن تتبناه إيران
وهذه المنطقة منطقة استراتيجية للطرفين الأمريكي والإيراني، فالأول يراها نقطة مثلثية تستطيع من خلالها التحكم في حدود ثلاث دول وهي سوريا والعراق والأردن، كما أنها قادرة على قطع طرق الإمداد الإيرانية، والتي تنقل من خلاله الأسلحة والذخائر الواردة من العراق إلى لبنان عبر الأراضي السورية، وهو مكمن الحاجة الإيرانية الأساسية من المنطقة.
هذه التطورات أتت على خلفية العدوان الصهيوني المدعوم غربيا وأمريكيا على غزة، وفي ظل تقاعس ما يسمى بمحور المقاومة والممانعة عن دعم حماس في مواجهتها للصهاينة للشهر الرابع على التوالي، إذ توقعت حماس فتح جبهات من قبل حلفائها حزب الله وغيره لتخفيف الضغوطات العسكرية والاقتصادية عليها، إلّا أن حزب الله اكتفى بالقصف المحدود، ووفقا لقواعد اللعبة. وعلى الرغم من الهجمات الصهيونية الأخيرة على بيروت والضاحية، مستهدفة عددا من قادة الحزب العسكريين، وبالطبع ناهيك عن استهداف القادة العسكريين الإيرانيين الموجودين في دمشق، إلاّ أن الحزب لم يُصعد من هجماته.
إيران ومحورها معني الآن بتصعيد عسكري يخفف من الاحتقان والغضب ضدهما، ولذا ربما جاء التصعيد في هذا السياق ضد الأمريكيين دون أن تتبناه إيران، وهي التي تدرك تماما حاجة الأمريكي لها ولمليشياتها منذ أن تعاونهما وتنسيقهما في احتلال العراق، ويبقى الطرف الأمريكي يتحاشى التصعيد والعمليات القوية المستهدفة للإيراني، بخلاف الإسرائيلي الذي استهدف عددا من مستشاري الحرس الثوري الإيراني، أملا في توسعة الحرب للتخفيف عنه أيضا، وهذا يخالف الرغبة الأمريكية والغربية عموما، بحصر الحرب والعدوان على غزة بعيدا عن أراض جديدة، سيستفيد منها الروسي والصيني، لكون ذلك سيُشتت الأمريكي على جبهات كثيرة امتدادا من أوكرانيا إلى بحر الصين الجنوبي، وكذلك غزة، إلى المناطق التي سيُجرّ إليها في الشرق الأوسط إن نجح الإسرائيلي في ذلك، وفشل الإيراني في تفاديها.
أما الغرب وأمريكا فيدركان تماما أن الإيراني يتفق معهما تماما في قناعة عدم جر المنطقة إلى حرب شاملة، الأمر الذي ستُفقد الإيراني تماما المكاسب التي جمعها في العراق وسوريا ولبنان.
الظاهر في المنطقة أن الإيراني يسعى إلى إخراج الأمريكي من سوريا، أملا في ملء فراغه في المنطقة التي تسيطر عليها قسد، لا سيما وأن قادة الأخيرة من حزب العمال الكردستاني، ولديهم علاقات قوية، إن كان مع النظام السوري أو مع النظام الإيراني، ولذا فتأمل إيران من خلال الانسحاب الأمريكي أن تملأ هذا الفراغ، فتُعوّض عن كثير من نزيفها المالي بحقول النفط والغاز في المنطقة.
القصف الأخير، على الرغم من أنه نوعي مقارنة بالهجمات السابقة، إلّا أن البعض لا يزال يقرأه في سياق المناكفات اليومية لتوسعة كل طرف لنفوذه على حساب الأطراف الأخرى، وهو ما قد يفلح به طرف ويفشل به آخر
كثير من الخبراء والمحللين يعتقدون أن إيران ليس لديها القدرة على ملء هذا الفراغ المهدد بأن تملأه جهات أخرى، فالطرف التركي سيُمانع الإيراني بأن يملأ هذا الفراغ، وهو يهاجم قسد الآن في ظل الكفيل الأمريكي، ووسع أخيرا من هجماته التي استهدفت حقول النفط والغاز، وبالتالي فهو معني أيضا بدفع حلفائه السوريين للسيطرة على مثل هذه الحقول، لحرمان قسد من التزود بها. وهناك الفصائل الثورية من أبناء المنطقة الشرقية المحرومين والمشردين، وقد يكونون جزءا من القوى المتربصة والمنتظرة لهذه اللحظة.
أما تنظيم الدولة فهو أكثر القوى التي تنتظر هذه اللحظة، لا سيما وأنه من أكثر القوى التي تتمتع بحضور ووجود عسكري في المنطقة، لا سيما مع عملياته شبه اليومية التي تقع ضد النظام أو مليشياته، ولعل هذا ما يجعل الإيراني مترددا في الانسحاب الأمريكي، فلربما سيناكفه تنظيم الدولة في المنطقة.
القصف الأخير، على الرغم من أنه نوعي مقارنة بالهجمات السابقة، إلّا أن البعض لا يزال يقرأه في سياق المناكفات اليومية لتوسعة كل طرف لنفوذه على حساب الأطراف الأخرى، وهو ما قد يفلح به طرف ويفشل به آخر، وبالعكس، ولكن يبقى ذلك كله على حساب مصالح الشعب السوري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهجمات الإيراني سوريا إيران سوريا الاردن امريكا هجمات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
التواجد الأمريكي في سوريا يضع ترامب أمام معضلة مبكرة
دفع الانهيار المفاجئ لنظام الأسد، المهمة العسكرية الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة في سوريا، إلى حالة من عدم اليقين، في حين يقاتل الشريك الرئيسي للبنتاغون في ساحة المعركة من أجل البقاء، بينما يستعد زعيم أمريكي متشكك في الالتزامات العسكرية الأجنبية، لاستعادة السلطة.
ووفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، سيواجه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الشرق الأوسط المتحول عندما يبدأ ولايته الثانية الشهر المقبل، وأسئلة ملحة بشكل متزايد حول مستقبل 2000 جندي أمريكي متمركزين في شرق سوريا.
وتؤكد الحقائق الجديدة في سوريا على التغييرات الدراماتيكية التي طرأت على المنطقة، في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، والذي أطلق العنان لحروب عقابية في قطاع غزة ولبنان، وأدى إلى هجمات غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل، وترك أقوى وكلاء طهران في حالة ضعف شديد.
I hope this flies. What I like here, and the democrats know, what's Trump going to do about Syria, and the battle against ISIS. @DanLamothe @michaelbirnbaum @Mustafa_salimb @washingtonpost @PostWorld https://t.co/TeIcavHVTu
— Andrea Weiss (@AceWeiss) December 24, 2024 القضاء على داعشوحسب الصحيفة، لم يكشف ترامب، الذي هدد مراراً وتكراراً بسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى، وسعى في الأيام الأخيرة إلى إبعاد الولايات المتحدة عن الاضطرابات التي تجتاح البلاد الآن، عن خططه للمهمة العسكرية الأمريكية هناك.
لكن ترامب ومستشاريه، أشاروا إلى أن الأولوية القصوى، ستكون احتواء تنظيم داعش الإرهابي، الذي لم يعد يتمتع بالدولة الزائفة الشاسعة التي كان يسيطر عليها ذات يوم، ولكنه أعاد تجميع صفوفه في الصحراء الجنوبية في سوريا، حيث قصفت القوات الأمريكية المتشددين بغارات جوية مكثفة في الأيام الأخيرة.
وأشار جيمس جيفري، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إلى أن هيئة تحرير الشام، الحركة التي أطاحت بالأسد وتولت دور الحكومة الجديدة في سوريا، نجحت في محاربة تنظيم داعش في الماضي، وهي حقيقة يمكن أن تزيد من حدة الأسئلة للرئيس القادم.
وقال جيفري: "سيسأل ترامب: لماذا يجب أن أبقي على قوات لمحاربة داعش، في حين أن كل قتالنا في الأساس هو قصفهم في الصحراء؟"، مشيراً إلى أنه سيكون من الصعب للغاية الإجابة على هذا السؤال.
ومن جهته، قال النائب مايكل والتز، ضابط القوات الخاصة المتقاعد الذي اختاره ترامب مستشاراً للأمن القومي، إن "ترامب سيعطي الأولوية للحد من التورطات الأجنبية". ولكنه وصف أيضاً منع عودة ظهور تنظيم داعش بأنه " الأولوية رقم واحد "، الأمر الذي يجعل من غير الواضح ما هي الاستراتيجية العسكرية التي قد تسعى إليها الإدارة الجديدة.
وفي مقابلة أجريت معه مؤخراً، قال والتز لشبكة "فوكس نيوز": "لقد كان الرئيس واضحاً للغاية، وكان تفويضه من الناخبين هو بذل كل ما في وسعه لتجنب جرنا إلى المزيد من الحروب في الشرق الأوسط. ولكن في سوريا، كان واضحاً بشأن التهديد الذي يشكله تنظيم داعش الذي لا يزال قائماً.. يتعين علينا أن نبقيه تحت السيطرة".
وذكرت الصحيفة أن فريق ترامب وإدارة بايدن، التي أرسلت دبلوماسيين كباراً إلى سوريا هذا الأسبوع، لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان، يتعاملان بحذر مع هيئة تحرير الشام، ففي حين وعدت الجماعة بالاستقرار والشمول، إلا أنها تظل مدرجة على القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية الأجنبية.
وقال مسؤول دفاعي، تحدث مثل غيره بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة مداولات حساسة، إن "مسؤولين في البنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، عقدوا اجتماعات تخطيطية بحثت كيفية تشابك مصير سوريا، مع الاضطرابات المستمرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط".
أمريكا تعترف بوجود أكثر من 2500 جندي في العراق - موقع 24اعترفت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، أمس الإثنين، بوجود أكثر من 2500 جندي أمريكي في العراق، وهو العدد الذي يجري الإعلان عنه عادة بشكل علني.وأوضحت الصحيفة أن المخاطر التي تواجهها الولايات المتحدة، مع وجود أفراد أمريكيين يعملون في قواعد صغيرة مكشوفة، عالية، كما هو الحال في العراق والأردن المجاورين.
وتأتي هذه التساؤلات المتزايدة، في الوقت الذي أقر فيه البنتاغون لأول مرة، بأن كبار المسؤولين العسكريين حجبوا لأشهر حقيقة أن الوجود العسكري في سوريا تضاعف هذا العام، من حوالي 900 جندي إلى حوالي 2000 جندي.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، اللواء باتريك رايدر، إنه "علم للتو بالتوسع، وأن المسؤولين يحجبون مثل هذه المعلومات أحياناً، بسبب اعتبارات أمنية دبلوماسية وعملياتية".
ومن جهتها، أثارت الاضطرابات في سوريا، تساؤلات حول مستقبل المهمة الأمريكية في العراق المجاور، والتي كانت بمثابة مركز أمني ولوجستي لعمليات مكافحة التمرد في كلا البلدين.
وتجري محادثات مع حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بغداد، بشأن تنفيذ اتفاق ثنائي يقضي بتفكيك التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي بحلول عام 2025.
وفي حين لم يذكر المسؤولون الأمريكيون، ما إذا كان أي من القوات الأمريكية التي يبلغ عددها نحو 2500 جندي سيبقى بعد ذلك الوقت، يقول المسؤولون العراقيون إن "اتفاقاً إضافياً من شأنه أن يزيل معظم هذه القوات بحلول عام 2026".
والآن قد يتغير هذا الوضع. فقد قال أحد كبار المسؤولين العراقيين إن "هناك تحولاً في نظرة كبار المسؤولين العراقيين إلى الانسحاب الأمريكي المحتمل، بعد التطورات الأخيرة في المنطقة". مضيفاً أن "الموعد النهائي الحالي لانسحاب القوات يبدو بعيداً"، لكنه أوضح أنه "مع اقتراب الموعد أتوقع بشدة أن يطلب العراق رسمياً تمديداً، يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء".