عربي21:
2025-03-03@23:29:45 GMT

أين اختفى جمهور الثورة في تونس؟

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

هذا السؤال يطرحه كثيرون سواء من الذين يتحسرون عمّا فات ويعتبرون أن الشعب قد تخلى عن "ثورته"، أو من الذين يسألون من باب الإغاظة ليؤكدوا بأن المتكلمين في الثورة لم يكونوا ثوريين.

لقد بات واضحا أن الاحتجاجات ضد إجراءات قيس سعيد أصبحت نخبوية؛ يقوم بها قادة سياسيون وعدد من المدافعين عن الحقوق والحريات، ولم تعد للجماهير مشاركة حقيقية في التعبير عن رفض سياسات قيس سعيد رغم سوء الأوضاع الاجتماعية ورغم المحاكمات التي لم يسلم منها حتى نشطاء الفضاء الافتراضي.



ولتفسير هذه الوضعية بعيدا عن التشاؤم وعن الأوهام، علينا فهم دوافع تحركات تلك الجماعير منذ 2011 إن كانت تحركات مقاومة للنظام السياسي القائم يومها أم كانت تحركات سلمية لتحسين الأوضاع الاجتماعية، ثم حتى بعد هروب بن علي ودخول البلاد مرحلة التجريب الديمقراطي، هل كانت تلك الجماهير إذ تخرج للشوارع تريد إسناد الديمقراطية أم تريد الحسم الثوري في الدولة العميقة؟

اعتبار الحراك السياسي الذي حدث بعد كانون الثاني/ يناير 2011 ثورة، سيسمح بطرح السؤال عن مدى وفاء جمهور الثورة لثورته، وسيكون الحديث عن غدر بالثورة أو عن نكاية في الثوريين بعد 25 تموز/ يوليو حديثا ذا معقولية.

علينا فهم دوافع تحركات تلك الجماعير منذ 2011 إن كانت تحركات مقاومة للنظام السياسي القائم يومها أم كانت تحركات سلمية لتحسين الأوضاع الاجتماعية، ثم حتى بعد هروب بن علي ودخول البلاد مرحلة التجريب الديمقراطي، هل كانت تلك الجماهير إذ تخرج للشوارع تريد إسناد الديمقراطية أم تريد الحسم الثوري في الدولة العميقة؟
ولكن علينا أن نسأل: هل كان فعلا جمهور انتخابات التأسيسي ذات تشرين أول/ أكتوبر 2011 جمهورا ثوريا أم كان جمهورا ديمقراطيا؟ يمكن أن يحاججنا صديق بأن الديمقراطية هي ترجمة سياسية للثورة، وبأن الثورة هي أم الديمقراطية، وهو حجاج وجيه نظريا، ولكن السؤال بكل بساطة هو حول مدى ثورية جمهور التأسيسي، وهل كان خروجه المتكرر للشارع دفاعا عن نتائج الانتخابات واحتجاجا على ممارسات التعطيل، أم كان بنيّة المواجهة مع خصوم الديمقراطية وأعداء الثورة؟

أعتقد أن الناس لم يكونوا ينوون مواجهةً مادية مع معطّلي استحقاقات سياسية أنتجتها انتخابات نزيهة، ولم يكونوا يفكرون في بسط الأمن وفرض الشرعية بالغلبة، بل كانوا من خلال حضورهم المتكرر في الشارع يريدون إبلاغ رسالة للداخل وللخارج؛ مفادها أن الديمقراطية لها أنصار كثيرون وأن نتائج انتخابات 2011 و2014 و2019 لا يمكن القبول بإلغاء استحقاقاتها السياسية. فقد شهدت البلاد أحيانا انقسام الشارع بين جمهورين، جمهور مساند لحكومات الفوز الانتخابي، وجمهور معارض يريد إسقاط تلك الحكومات إذ يراها فاشلة اجتماعيا وأمنيا، غير أن الشارعين لم يتصادما لا مع بعضهما ولا مع أجهزة الدولة التي كانت تضبط تلك التحركات الشعبية لمنع الفوضى والعنف.

هذا التوصيف يجيب عن سؤال: أين "اختفى" جمهور "الثورة" بعد 25 تموز/ يوليو 2021؟ فهذا الجمهور لم ينطلق منذ كانون الأول/ ديسمبر 2010 بخيار المواجهة مع أجهزة الدولة، إنما انطلق بخيار الاحتجاج على سياسة الحكومة، ثم إنه بعد دخول المسار الديمقراطي لم يهدد باستعمال القوة في مواجهة أي محاولة انقلابية على حكومات اكتسبت شرعيتها عن طريق الصندوق الانتخابي، فلا يُنتظر من هذا الجمهور إذا أن يخرج عن تقاليد التظاهر السلمي لينتقل الى مواجهة أجهزة الدولة في الشارع.

جمهور أشواق الثورة كان جمهورا ذا تصور مدني للعمل السياسي، وكان فهمه للثورة أنها ثورة في المفاهيم وفي العلاقات وفي آليات حسم الخلافات عبر الحوار الوطني وعبر صناديق الاقتراع، بعيدا عن أسلوب "الغلبة"، هذا الجمهور تفاجأ بأن ديمقراطيته التي ظلت تحبو طيلة عقد من الزمن لم تقدر على مواجهة خصومها
لقد فهم هذا الجمهور بأنه أمام انتقال من آلية الديمقراطية إلى آلية "الغلبة"، وأن أي خروج عن السلمية سيواجه بالقوة، وقد كان قيس سعيد واضحا جدا في بيانه ليلة 25 تموز/ يوليو 2021 حين هدد من يغامرون باستعمال العنف ضد أجهزة الدولة "بوابل من الرصاص لا حدّ له".

فجمهور أشواق الثورة كان جمهورا ذا تصور مدني للعمل السياسي، وكان فهمه للثورة أنها ثورة في المفاهيم وفي العلاقات وفي آليات حسم الخلافات عبر الحوار الوطني وعبر صناديق الاقتراع، بعيدا عن أسلوب "الغلبة"، هذا الجمهور تفاجأ بأن ديمقراطيته التي ظلت تحبو طيلة عقد من الزمن لم تقدر على مواجهة خصومها، ولم يسمح لها قادة اتحاد الشغل بالتقاط أنفاسها لخدمة الناس وتحسين ظروفهم الاجتماعية، ولم يتعامل معها بعض المهرجين إلا بأسلوب الإنهاك والإلهاء والترذيل، فانتهت ديمقراطية رخوة بلا مقومات ضرورية للحكم فكانت في متناول من ذهب إلى اعتماد آلية "الغلبة"، سواء كانت النية إنقاذا للمشهد من مزيد الانهيار أم كانت شهوة السلطة ونية التفرد بالحكم.

عالم السياسة لا يُحتكم فيه إلى النوايا، إنما يُحتكم فيه إلى الوقائع، ولا يُنتصر فيه بالعاطفة إنما بالاقتدار وبـ"الغلبة".

twitter.com/bahriarfaoui1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة الديمقراطية الإنقلاب تونس الثورة الديمقراطية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أجهزة الدولة هذا الجمهور أم کان

إقرأ أيضاً:

بسبب "زينة رمضان".. محمد صلاح يفزع جمهور ليفربول

أثار النجم المصري محمد صلاح قلق جماهير ليفربول بعد نشره صورة على وسائل التواصل الاجتماعي، خلال تعليقه زينة رمضان.

منشور صلاح الأخير على إنستغرام ومنصة X (تويتر سابقًا) أثار مخاوف مشجعي ليفربول، حيث نشر صورة له أثناء وضع زينة شهر رمضان مع ابنته، وظهر وهو يتوازن على طرف أريكته، وفق ما نشر موقع سبورت بايبل.

هذا المشهد دفع زميله في الفريق إبراهيما كوناتي إلى التعليق قائلاً: "أخي، كن حذرًا من فضلك".

ولم يكن كوناتي الوحيد الذي شعر بالقلق، حيث عبر العديد من مشجعي ليفربول عن مخاوفهم من تعرض نجمهم لإصابة غير متوقعة، وسط المنافسة الشرسة على لقب الدوري.

أحد المشجعين كتب على منصة X: "انزل عن الأريكة أيها المجنون، لدينا لقب دوري لنفوز به".

وكتب آخر: "هل يمكننا توفير شبكة أمان لصلاح من فضلكم؟".

وأضاف ثالث: "إبو يتحدث نيابة عنا جميعًا".

بينما قال آخر مازحًا: "إصابة غريبة عندما يعلق مو في الزينة!".

صلاح يمر بأحد أفضل مواسمه على الإطلاق، حيث سجل 30 هدفًا وقدم 22 تمريرة حاسمة في جميع المسابقات، مما يجعله مرشحا قويا لجائزة الكرة الذهبية 2025، وفق ما نشر موقع سبورت بايبل.

ساهم صلاح في فوز ليفربول على نيوكاسل يونايتد بنتيجة 2-0 يوم الأربعاء، بعدما صنع هدف أليكسيس ماك أليستر، ليعزز الفريق صدارته بفارق 13 نقطة ويقترب خطوة أخرى من التتويج بلقب الدوري رقم 20 في تاريخه.

ويطمح صلاح إلى تحقيق لقب الدوري الثاني مع الريدز بعد موسم 2019/2020 تحت قيادة يورغن كلوب. ومع خروج ليفربول من كأس الاتحاد الإنجليزي بعد الخسارة أمام بليموث أرجايل، حصل اللاعب على راحة نهاية هذا الأسبوع قبل مواجهة باريس سان جيرمان يوم الأربعاء في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا.

الدوري الإنجليزي يقدم استراحة للإفطار في رمضان

في 2023، أعلن الدوري الإنجليزي الممتاز أنه سيتم إيقاف المباريات مؤقتًا خلال شهر رمضان لتمكين اللاعبين المسلمين من الإفطار بعد غروب الشمس.

ويصوم نجوم مثل محمد صلاح وإبراهيما كوناتي خلال ساعات النهار، مما يستدعي توقف المباريات لفترة قصيرة للسماح لهم بتناول الطعام والشراب.

وشهد الموسم الماضي إيقاف مباراة ليفربول ضد شيفيلد يونايتد بشكل مؤقت ليتمكن اللاعبون المسلمون من الإفطار خلال اللقاء.

مقالات مشابهة

  • هشام ماجد يشوق جمهور أشغال شقة: مصايب لسه جاية فى الطريق
  • المرزوقي: ملف التآمر مهزلة قضائية لإدانة خيرة رجالات تونس من قبل أسوأ ما فيها
  • هشام ماجد لـ جمهور أشغال شقة: مبسوطين معانا
  • انطلاق أولى الجلسات المرتقبة لمحاكمة معارضين في تونس بتهمة التآمر على أمن الدولة
  • تصاعد التوتر في الكونغو الديمقراطية وسط تحركات إقليمية لمواجهة متمردي أم 23
  • محمد عفيفي :كل مانزلت أسعار التذاكر بتشوف جمهور حقيقي في الملعب.. فيديو
  • بعد تهديد ترامب.. كواليس تحركات أوروبية لدعم الدفاع المشترك
  • أرقام صادمة: كيف اختفى ثلاثي هجوم ريال مدريد أمام بيتيس؟
  • بسبب "زينة رمضان".. محمد صلاح يفزع جمهور ليفربول
  • العراق في موقع سيء بمؤشر الديمقراطية لعام 2024