* قبلَ سنواتٍ، كنتُ في زيارةِ عملٍ لإحدى الدُّول المنسوبةِ لقارَّةِ إفريقيا، تلك الدَّولة التي تقعُ في المحيط الهنديِّ، ويمثِّل المسلمُون فيها (20%) من السكَّان تقريبًا، بينما تأتي الدِّيانة الهندوسيَّة في المرتبةِ الأولى بنسبة (50%)، ثمَّ النصرانيَّة بنسبة (30%) من السكَّان، الذين معظمهم من أصولٍ هنديَّةٍ، في بلدٍ سكَّانه من ثلاثة أعراق، (إفريقيَّة، وهنديَّة، وأوروبيَّة من بقايا الاستعمار).
* ومع ما يُعانيه المسلمُون هناك من فقرٍ واضطهادٍ دينيٍّ وسياسيٍّ، إلَّا أنَّ اختلاف بيئاتِ طلابهم الدراسيَّة، وبالتَّالي مذاهبهم الفقهيَّة انعكسَ على واقعهم، إذ أصبحت الاختلافاتُ الفقهيَّة في الفروع، معولَ هدمٍ يشتِّتهم، ويفرِّق شملهم، ويزيد من الظَّلام الذي يحيط بهم، فكم من أصواتٍ ارتفعتْ، وأيادٍ شمَّرتْ، وسواعدَ اشتبكتْ في مساجدَ، والسَّبب (جهرُ الإمامِ بلفظةِ «آمين»، عقب قراءتِهِ لسورةِ الفاتحةِ في الصَّلاة).
* والحقيقةُ أنَّ هذا المشهدَ الخلافيَّ في تلك الدَّولة الإفريقيَّة ما هو إلَّا صورةً مصغَّرةُ من إطارٍ كبيرٍ يمزِّق المسلمين في شتَّى بقاع الأرض؛ فتخيَّلُوا في بعض المراكز الإسلاميَّة في أمريكا، (صلاة عيد الفطر تُصلَّى أكثر من مرَّة)؛ فكلُّ جاليةٍ تُصلِّي في يومها الخاصِّ حسب مرجعيِّتها الدينيَّة، ورؤية البلد الذي تؤمن بمذهبِهِ!.* خلافات وحروب فكرية تصل حد الصِدام والتخوين، بل حتى العراك الجسدي والتكفير، وعن كادر تلك المشاهد تغيب أصوات العلماء، الذين هم قدوة العامة وقادتهم؛ العلماء الذين لغتهم تجمع ولا تفرق، وتيسر ولا تعسر؛ بل إن بعضهم ركب الموجة، واستخدم صهوة المنبر ومواقع التواصل؛ ليصفي حساباته مع مخالفيه في الرأي والفتوى، قادحاً فيهم وفي منهجهم، مسفهاً لهم، يتبعه في ذلك زمرته ومريدوه من طلابه، لتزداد النار اشتعالا!
* صدِّقُوني -ومن خلال الكثيرِ من الجولاتِ والمشاهداتِ- أجدُ أنَّ معضلةَ المسلمِين، التي تُضْعِف قدراتِهم وتكسر شوكتَهم؛ الاختلاف في القشور والفروع، وكلُّ ذلك يهزُّ الأركانَ والأصولَ، والعلاجُ قيامُ العلماءِ، والمجامع الفقهيَّة، والمحاضن الأكاديميَّة بدورها المنتظر، ورسالتها الواجبة، في لمِّ الشَّمل، وتوحيد الصَّف، وأنْ يُعاد النَّظر في المسائل الفقهيَّة الفرعيَّة بلغةٍ معاصرةٍ، تتعاطَى مع كونِ العالم أصبح قريةً واحدةً، فهل يجتمعُ المسلمُون على دينٍ فقهيٍّ واحدٍ؟ (قولُوا: يَا رَب)، وسلامتكم.
عبدالله الجميلي – جريدة المدينة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
دعوات في سبتة إلى تعليق ذبح عيد الأضحى "تماشيا مع قرار المغرب"
دعت جمعية المستهلكين الحلال (ACOHA) المجتمع المسلم في سبتة إلى تعليق ذبح الأضاحي هذا العام، تماشياً مع القرار الذي اتخذته المملكة المغربية بإلغاء الاحتفال بعيد الأضحى بسبب نقص المواشي وارتفاع الأسعار.
وأعلن المغرب مؤخراً عن إلغاء ذبح الأضاحي بسبب النقص الحاد في الماشية وارتفاع تكاليفها، مما أثر بشكل خاص على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. وترى الجمعية أن هذا القرار ينبغي تطبيقه أيضاً في سبتة نظراً للارتباط الوثيق بين المجتمع المسلم في المدينة والعادات الدينية المتبعة في المغرب.
أوضحت الجمعية في بيان، أن ذبح الأضاحي جزء من شعائر عيد الأضحى، لكنه ليس فرضًا دينيًا ملزمًا، بل ينبغي القيام به فقط عندما تكون الظروف مناسبة ويكون هناك توافق مجتمعي حوله. وذكّرت بأن سبتة لطالما اتبعت التوجيهات الدينية المغربية فيما يتعلق ببداية ونهاية شهر رمضان، وكذلك الاحتفال بعيد الأضحى نفسه.
أكدت هذه الجمعية أن أماكن العبادة الإسلامية في سبتة، بما في ذلك المساجد ومصليات الصلاة، تخضع لإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، مما يعزز التنسيق الديني بين المنطقتين.
كما استبعدت الجمعية اعتماد رأي المملكة العربية السعودية في هذه المسألة، معتبرة أن المجتمع المسلم في سبتة يتأثر أكثر بالمغرب بسبب القرب الجغرافي والروابط التاريخية والثقافية. كما أشارت إلى أن المجتمع المسلم في المدينة دعم بالإجماع قرار تعليق ذبح الأضاحي، معتبرًا ذلك تصرفًا تضامنيًا في ظل الظروف الصعبة.
كلمات دلالية أعياد المغرب سبتة ماشية