منذ أكثر من عقد من الزمان، صرح شين ليج المؤسس المشارك لمختبر الذكاء الاصطناعي ديب مايند التابع حاليا لشركة غوغل: أن احتمال وصول الذكاء الاصطناعي إلى مستوى الذكاء البشري بحلول عام 2028 يبلغ 50%.

ويبدو أن شين ليج لا يزال متمسكا بهذا التوقع حتى الآن، ففي مقابلة له مع المذيع المتخصص بالبرامج التقنية دواركيش باتيل في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال إنه لا يزال يعتقد أن لدى الباحثين فرصة 50% لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام بحلول 2028.

وليس بعيدا عن ذلك ما يراه عالم الحاسوب والمفكر المستقبلي الأميركي ريموند كرزويل‏، الذي توقع أن يجتاز الذكاء الاصطناعي اختبار تورنغ عام 2029 ويصل بذلك إلى مستوى الذكاء البشري العام.

مستويات الذكاء الخمسة

الجديد هو تبني شركة غوغل ديب مايند في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تعريفا للذكاء الاصطناعي العام  يتكون من مستويات خمسة هي:

1) الذكاء الاصطناعي الناشئ مثل شات جي بي تي. 2) الذكاء الاصطناعي الكفء. 3) الذكاء الاصطناعي الخبير. 4) الذكاء الاصطناعي الموهوب. 5) الذكاء الاصطناعي الخارق الذي سيتمكن من القيام بمجموعة واسعة من المهام، وبشكل أفضل من البشر، بما في ذلك المهام التي يعجز البشر عن القيام بها حاليا، مثل التنبؤ بالأحداث المستقبلية، والتحدث مع الحيوانات، وفك رموز أفكار البشر.

وأشار فريق ديب مايند إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يتجاوز مستوى الذكاء الاصطناعي العام الناشئ حتى الآن.

ويرى ابن خلدون قبل 650 عاما أن "المستقبل يمكن التنبؤ به على أُسس علمية"، فهل سنتمكن من الوصول إلى الذكاء الاصطناعي الخارق، وهل سيتمكن هذا الذكاء من تحقيق التنبؤات المشار إليها سابقا بحلول عام 2030 أو ما قبل؟

الذكاء الاصطناعي "الخارق" سيتمكن من القيام بمجموعة واسعة من المهام بشكل أفضل من البشر (غيتي) التنبؤ بالمستقبل

يتطلب التنبؤ بطقس الأيام القادمة تحليل مئات الملايين من القراءات الواردة من جميع أنحاء العالم يوميا، وتأتي هذه القراءات من مجموعة كبيرة من المصادر، بما في ذلك محطات الأرصاد الجوية، والأقمار الصناعية، والبالونات المحلقة في الغلاف الجوي، والعوامات في المحيط، وحتى القراءات التي تلتقطها أجهزة الاستشعار الموجودة على أنوف الطائرات النفاثة التجارية.

وتُغذى هذه الكمية الكبيرة من البيانات لحاسوب فائق القوة ليعالجها بواسطة برامج يمكنها إجراء ألف تريليون عملية حسابية في الثانية على الأقل.

وتُستخدم هذه المعادلات المعقدة لتكوين توأم رقمي يحاكي ما يحدث في الغلاف الجوي للأرض، وهو ما يسمح بالتنبؤ بكيفية تغير الطقس وتطوره مع مرور الوقت.

لكن دقة التنبؤات لا تزال محددة بسرعة المعالجة القصوى التي توفرها الحواسيب العملاقة حاليا والبالغة أكثر بقليل من إكسافلوب واحد (10 مرفوعة إلى الأس 18 عملية في الثانية).

ومن المعروف علميا، أنه كلما زادت سرعة المعالجة -وفق طرق التنبؤ الحالية- تطلب الأمر زيادة كبيرة في طاقة المعالجة، وهو ما يحد من تحسين التنبؤ.

وتعمل عدة شركات حاليا -أبرزها ديب مايند التابعة لغوغل- على تصميم أدوات خاصة للتنبؤ بالطقس تعتمد على الذكاء الاصطناعي الذي يتم تدريبه على البيانات الهائلة المتراكمة، مما يسمح بابتكار طرق جديدة تؤدي إلى توفير كبير في طاقة المعالجة المطلوبة للتنبؤ متوسط المدى.

وتتفوق أداة الذكاء الاصطناعي الجديدة المسماة غراف كاست التي أنشأتها شركة ديب مايند لهذا الغرض، على أحد أفضل نماذج التنبؤ بالطقس، وهو النموذج الأوروبي، في أكثر من 90٪ من العوامل المؤثرة على الطقس، وفقا لورقة بحثية لديب مايند نشرت في مجلة ساينس.

وتنتج غراف كاست توقعاتها في أقل من دقيقة، وباستخدام جزء صغير من القوة الحاسوبية التي تستهلكها طرق التنبؤ التقليدية، لأنها تتبع نهجا مختلفا تماما يمكّن العلماء من إجراء عمليات محاكاة أكثر دقة للمناخ والانشطار النووي والاضطرابات الطبيعية، وغير ذلك كثير.

التخاطب مع الحيوان

وإذا طُور الذكاء الاصطناعي العام بقدرات متقدمة على معالجة اللغات الطبيعية وفهمها (وهذا متوقع قريبا)، فقد يكون لديه القدرة على التواصل مع الحيوانات باستخدام شكل من أشكال اللغة أو طريقة الاتصال.

يستخدم العلماء حاليا مستشعرات عالية التقنية لتسجيل كمية كبيرة من الأصوات والحركات التي تصدرها بعض أنواع الحيوانات (الكلاب مثلا) والأفعال المرتبطة بها، ومن ثم استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي لفك رموز هذه الأصوات وترجمتها إلى عبارات بشرية مكتوبة وناطقة، ووضع البرنامج الناجم عن ذلك ضمن شريحة إلكترونية وزرعها ضمن الحيوان.

وهكذا، عندما يصدر الكلب صوتا مثلا أو حركة تُمثل إحساسا أو حاجة معينة، تترجمها الشريحة الإلكترونية إلى صوت بشري يقول مثلا: أنا بحاجة للتبول، أو أنا جائع، أو أنا أحبك وهكذا.

وبالعكس يترجم البرنامج الذكي كلامك إلى أصوات أو إشارات يقابلها لدى الكلب فيفهم ما تريد، ويبدو أن اليوم الذي سيصبح فيه الحديث أو التواصل مع بعض أنواع الحيوان (وربما النبات) أمرا متاحا، ليس بالبعيد.

اليوم الذي قد نتحدث أو نتواصل فيه مع بعض أنواع الحيوان (وربما النبات) يبدو أنه ليس بعيدا (أسوشيتد برس) فك رموز أفكار البشر

تمكن العلماء من إعادة إنشاء أغنية بينك فلويد "طوبة أخرى في الجدار" (Another Brick in the Wall) المسجلة في قشرة دماغ مجموعة تستمع للأغنية، وذلك من خلال قراءة إشارات الدماغ المصاحبة لذلك، ومن ثم فك شيفرتها باستخدام الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أن الصوت الناتج للأغنية جاء مشوشا، فإنه كان مفهوما لمن سبق له الاستماع إلى الأغنية. واعتُبر ذلك خطوة أولى نحو قراءة الأفكار.

وجرت وتجري تجارب عديدة لمسح دماغ الإنسان وفك تشفير الإشارات المسجلة عليه، وتحويلها إلى نص أو أشكال أخرى مسموعة أو مرئية.

وتركز العديد من هذه التجارب على الجمع بين مسح الدماغ بالرنين المغناطيسي، وتسجيل الرموز الموجودة عليه، واستخدام نموذج لغوي ذكي مشابه لنموذج جي بي تي لمطابقة الرموز والتنبؤ بالكلمات والأفكار التي تمثلها، حيث يقوم جهاز فك التشفير بتصنيف احتمالية ظهور الكلمات التي تلي الكلمة السابقة.

ثم استخدمت أنماط نشاط الدماغ للمساعدة في اختيار الكلمة الأكثر احتمالاً، وكان معدل الخطأ في ترجمة الكلمة التي سمعها الشخص الخاضع للاختبار والكلمة الصادرة بعد مسح الدماغ وفك التشفير؛ مرتفعاً جداً، إذ بلغ نحو 94%، لكن نسبة التطابق مع الأفكار كانت أعلى كثيراً.

فمثلاً فسر جهاز فك التشفير عبارة "ليس لدي رخصة قيادة حالياً" التي قرأها أحد المشاركين في الاختبار، بـ"إنها لم تبدأ حتى في تعلم القيادة بعد". وتدل هذه التجارب على أن أجهزة فك تشفير الأفكار المدعومة بالمستوى الراهن للذكاء الاصطناعي لا تزال في مراحلها الأولى، لكن التجارب تحقق تقدماً مستمراً، ومن المتوقع أن تصل إلى مرحلة النضج خلال سنوات قليلة، على الرغم من أن التداعيات المرافقة لهذه التكنولوجيا تثير القلق كونها تهدد بنهاية الخصوصية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی الاصطناعی العام

إقرأ أيضاً:

جامعة دبي تستضيف مؤتمر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء

دبي (وام)

أخبار ذات صلة سفير الإمارات يلتقي عمدة كوتونو بجمهورية بنين مبعوث وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات مع فيجي وجزر مارشال

استضافت جامعة دبي فعاليات الدورة الثامنة من المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء خلال الفترة من 19 إلى 21 نوفمبر الجاري، والتي نظمتها الجمعية العلمية لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات العالمية، بالتعاون مع فرعها في الإمارات تحت شعار «الذكاء من الجيل التالي: استكشاف الابتكارات في الذكاء المعزز وإنترنت الأشياء»، وبشراكة استراتيجية مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر (NTRA) وجامعة العلمين الدولية كشريك أكاديمي.
وركز المؤتمر على أهمية التكامل بين تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء كعنصر أساسي لدفع عجلة الابتكار وتحقيق التقدم في قطاعات متنوعة مثل الرعاية الصحية، المالية، التصنيع، والتعليم.
كما سلط الضوء على أهمية الدمج بين الذكاء البشري والآلي لتعزيز القدرات البشرية وعمليات اتخاذ القرار.
وأكد الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، أن المؤتمر يمثل فرصة استثنائية لاستكشاف أحدث التطورات في مجالات الذكاء المعزز وإنترنت الأشياء، مشيراً إلى أن هذه التقنيات تمثل العمود الفقري للتحولات الكبرى التي يشهدها العالم حالياً، مضيفاً أن جامعة دبي ملتزمة بدعم المبادرات التي تركز على دمج الذكاء البشري والتكنولوجي لتشجيع الابتكار وتعزيز التعاون بين مختلف القطاعات.
ومن جانبه، أشار المهندس محمد عبود، نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الكهرباء والإلكترونيات العالمية لشؤون العضوية والتسويق، إلى أن شعار المؤتمر يعكس التحولات الكبيرة التي تشهدها التكنولوجيا الحديثة، لافتاً إلى أن المؤتمر يهدف إلى استكشاف الإمكانات غير المحدودة للذكاء المعزز وإنترنت الأشياء في بناء مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة، مشدداً على أهمية تعزيز فهم هذه التقنيات وتمكين المشاركين من تطبيقها بطرق تحقق تأثيراً إيجابياً على المجتمعات والاقتصادات.
وتضمنت فعاليات المؤتمر جلسات نقاشية شارك فيها خبراء عالميون من القطاعات الأكاديمية، الحكومية، والصناعية، إضافة إلى عروض تقنية استعرضت أحدث الأبحاث والتطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، مما يسهم في تعزيز الابتكار وتقديم حلول عملية للتحديات المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • أليك تطلق “استراتيجية الروبوتات” التي تهدف إلى أتمتة 5٪ من أعمال البناء بحلول عام 2030
  • «الذكاء الاصطناعي» يتعلم من «قطاع النشر»
  • الخدمات الصحية وثورة الذكاء الاصطناعي
  • العالم في عصر الذكاء الاصطناعي الفائق
  • الذكاء الاصطناعي في العراق.. مشاريع مرتقبة مع منظمة التعاون الرقمي
  • "أرجوك توقف".. رجل يتوسل إلى الذكاء الاصطناعي بعد مقاطع مزعجة
  • تصنيف حيوية الذكاء الاصطناعي.. دولة عزبية ضمن الأوائل عالميا
  • أدوات جوجل الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجعل حياتك أسهل
  • استخدام الذكاء الاصطناعي في ميكنة قصر العيني
  • جامعة دبي تستضيف مؤتمر الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء