سواليف:
2025-03-10@08:00:18 GMT

مبتدأ وخبر

تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT

#مبتدأ_وخبر د. #هاشم_غرايبه

المبتدأ: في العام السابع للبعثة النبوية، تعاظم قلق زعماء قريش على مصالحهم وامتيازاتهم، بعد فشلهم في القضاء عليها بكل الوسائل، وتزايد أعداد الداخلين في الإسلام، قرروا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فانتصر له بنو هاشم وحموه، عندها قرر الزعماء الضغط على بني هاشم لكي يتخلوا عنه، فتعاهدوا على مقاطعتهم ومحاصرتهم الى أن يلبوا مطلبهم.


جمع أبوطالب آله وآل هاشم ولجأوا الى شعب له في مكة، ومكثوا فيه محاصرين لا يجرؤ أحد من قريش على كسر ذلك الحصار ثلاث سنين، ذاقوا خلالها الجوع والعنت حتى لم يبق لديهم ألا أوراق الشجر ولحاءها يأكلوه، وصبروا على ذلك، مع أنه كان بإمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يمدهم بما أمد به أنبياءه من قبل بموائد وطعام، لكنه ادرك حكمة ذلك الابتلاء فصبر وصبّر معه من اتبعه، وأما غير المؤمنين من بني هاشم فقد صبّرتهم الحمية القبلية.
أثارت قيم النخوة العربية بعض المشركين، فلم يتقبلوا استمرار معاناة المحاصرين فبادر بعضهم الى تمزيق وثيقة المقاطعة، وبعدها كسرت وعاد المحاصرون الى بيوتهم، لكن بعزيمة أقوى، إذ بعد هذه التجربة القاسية لم يعد أمامهم صعاب لا تقهر.
الخبر: بعد أن جرت أول انتخابات تشريعية في مناطق السلطة بداية عام 2006 تبين أن خيار الفلسطينيين كان بعيدا جدا عما أراده الغرب، ومخالفا لأوهامهم في تمكنهم من فرض الرضوخ والقبول للواقع البئيس على الشعب الفلسطيني من خلال سلطة أوسلو، فقد كان النجاح ساحقا للمقاومة الاسلامية.
أثار ذلك سخط طرفي معاداة منهج الله، المستعمر الغربي وأتباعه من منافقي العرب، فجرت محاولة اسقاط الحكومة المنتخبة من قبل المأجورين في السلطة، لكنها فشلت، فلجأوا الى حل المجلس التشريعي المنتخب، الذي هو اجراء مخالف للقيم الديموقراطية التي يتبجح الغرب أنه يحميها، إلا أنه سكت عنه وأيده مثلما فعل لاحقا مع الانقلاب العسكري على السلطة الشرعية المنتخبة في مصر، مما يكشف حقيقة أن المبادئ العليا ليست قيما مقدسة في الغرب، بل المصالح والغايات.
ولم ينفع ذلك أيضا، فجرى فرض حصار قاسٍ على القطاع لرفضه سلطة أوسلو، ولم يشهد التاريخ مثيلا على معاقبة شعب جماعيا على انتهاجه معتقدا، أو رفضه تغيير معتقده، إلا في حالة وحيدة، هي حصار قريش لبني هاشم عقابا على عدم تسليم المطلوبين المسلمين لهم، وهؤلاء مطلوبون، ليس لقتلهم أحدا أو لارتكابهم جرما عظيما يستحق هدر دمهم، بل لأنهم انتهجوا معتقدا يساوي بين الفقير والغني، ويحرم الأقوياء من أكل حقوق الأضعف.
على أن الحصار المعاصر لشعب بأكمله محصور في القطاع أقسى، لأنه يتشارك فيه العدو الذي يريد اجتثاثه من أرضه، والجار الشقيق الناقم عليه من اختياره منهجا عنوانه أن العبودية لله وحده وليس لبشر مثلهم، ورفضه الخنوع مثله للقوة المستعمرة، لذلك فهو حصار مزدوج، أشد وأقسى من حصار كفار قريش للأسباب التالية:
1 – كانت احتياجات الإنسان قديما تنحصر في الطعام، لكنها في هذا الزمن متعددة ومنها الحصول على العلاج والوقود ومياه الشرب وخدمات الصرف الصحي والتعليم ووسائل النقل والإتصال والكهرباء والانترنت ..الخ، لذلك فقطعها جميعا أشد وطأة وإيلاما.
2 – حصار قريش استمر ثلاث سنوات، ومن كسره ليس المسلمون بل هم مشركون لكن تغلبت قيم النخوة والشهامة لديهم، فتحركت الإنسانية في النفوس، وعندما قويت وتمردت على الظلم انهار، فرضخ الصناديد العتاة.
أما حصار القطاع فما زال مستمرا منذ عشرين عاما، ولعله أصبح في الجانب الغربي، أقسى وأكثر صرامة مما هو من جهة العدو الشرقية، بعد أن بني جدار يعتبر الأكثر منعة في العالم، حيث يمتد ثمانية أمتار تحت الأرض وثمانية فوقها، إضافة الى قناة مائية مملوءة بماء البحر، ورقابة وتفتيش أدق مما يقوم به العدو.
الآن وبعد فشل القوة العسكرية الأشد فتكا ودمارا في إجبار شعب القطاع على ترك معتقدهم الجهادي والالتحاق بمعسكر الخانعين، وثبوت أنهم لن يتخلوا عن قيادتهم المناضلة، ولن يسلموهم للمشركين.
فهل هنالك من العربان من له نخوة تقارب نخوة المشركين.. فيكسر هذا الحصار الظالم!؟.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

سؤال في الدولة والمجتمع

واقع الدول اليوم

الدولة الحديثة تشكلت مع الثورة الصناعية وتحول الإقطاع إلى رأسمالية صناعية وزراعية وتدرجت لتشمل مناحي الحياة، ثم تبنت آليات وحوّرتها لتكون حامية للنظام، فمن تعريف الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه، باتت واقعا هي مفاضلة الشعب بين من يختارهم الحزب في مؤتمره ويفاضل بينهم وفق آليات متعددة. إذن هي ليست فعلا حكم الشعب لنفسه، وهذا ليس إلا مثالا على مجموعة الآليات، كالليبرالية، والعلمانية التي باتت انتقائية بعد أن أصبح العالم صغيرا وهاجر حملة الأديان الأخرى إلى الغرب طمعا في الهدوء وتحقيق الذات، وهو ما يصبح اليوم تحديا وجوديا لكثير من هؤلاء المهاجرين.

تقدم التقنيات وصغر العالم

ونرى تحديات عندما أدركنا صغر العالم بتقدم نظام المواصلات والاتصالات، وحاجة اليد العاملة الأرخص في المصانع لموازنة القيمة للسلع بوجود التنافس الشديد بين الغرب واستثمار الصين لمواردها البشرية، مما جعلها قطبا بارزا وتحديا للصناعة في الغرب وتنافسا في السوق، وهذا ذاته يشكل تحديا لنا عندما يتمكن في البلد من يبتعد تفكيره عن استثمار الموارد البشرية، ويحس بالنقص تجاه الغرب، فيسمع لمهندس مبتدئ أوروبي ولا يسمع لخبير من أبناء البلد مثلا، وهكذا بقية المهارات لتجد هذه المهارات طريقها إلى الهجرة أو الانزواء، خصوصا أن هنالك مقاومة وأذى للمبدعين كونهم يشكلون هاجسا وخوفا عند رؤسائهم، فلا هم قادرون على الإنجاز ولا على تدريب الكادر الذي سيعقبهم في قيادة المدنية في البلد. وهنا نرى بوضوح منظومة تنمية التخلف، فالتحديات من الداخل هي حصب المخططات الخارجية بإرادتهم أم بغيرها.

الصراعات المحلية والدولية:

في واقعنا هنالك مشاكل مركبة آتية من فوضى مركبة في تشوه معنى الدولة ومعنى المجتمع وفهم معنى الفكر والثقافة والتاريخ، ومعنى الدين وعزله عن المنظومة العقلية التي تقيد بدورها بمجمل محرمات خلاصتها التفكير حرام، بينما الإسلام وهو ما يمثل ثقافة المنطقة يدعو إلى التفكير وإعمال المنظومة العقلية ويخاطبها ويحفزها ويعيب التقليد للقديم الموروث.

في واقعنا هنالك مشاكل مركبة آتية من فوضى مركبة في تشوه معنى الدولة ومعنى المجتمع وفهم معنى الفكر والثقافة والتاريخ، ومعنى الدين وعزله عن المنظومة العقلية التي تقيد بدورها بمجمل محرمات خلاصتها التفكير حرام، بينما الإسلام وهو ما يمثل ثقافة المنطقة يدعو إلى التفكير وإعمال المنظومة العقلية ويخاطبها ويحفزها ويعيب التقليد للقديم الموروث
التربية الخطأ:

وأهمها تعليم التدين وتقوية غريزة التدين وتحفيظ بلا فهم، وملء الجهاز المعرفي بمعلومات غير معالجة، لهذا تجد متدينا ويتكلم في الدين لكنه بعيد عن الثقة أو الأمانة أو النزاهة أو الرغبة بالحق، كثير المداهنة، يقاوم أي تغيير بالتسفيه والجدل وعلو الأنا والتركيز على تحييد المخالف كانتصار شخصي له، ومن يخالفه فهو كافر مجرم فيكون نوعا من العصبية والتوتر، بينما هذا منكر في الإسلام بل محرّم، وتجد حكومات تزعم أنها إسلامية وتريد العمل بشرع الله يملؤها الفساد والتبرير له بل الصالح مبعد، فهي لم تسع عن فهم للإسلام وذاك ما يقود إلى البحث عن اجتهاد جديد يدير الواقع فترى العجز يرافق الفساد بدل الإصلاح وإغضاب الله بدل طاعته، وهذا في كل الأديان وليس دينا واحدا، لهذا تجد أن الرعوية أهم من القيم في منظومة تنمية التخلف.

الفشل في إدارة الواقع:

وهي مسالة مركبة تحمل سلبيات تكوين الجهاز المعرفي من الأسرة فالمدرسة فإدارة الحكم في البلاد، وتجعل الاهتمام بالمستقبل أمنيات بلا تخطيط صائب وإنما نوع من الاهتمامات الغريزية كالتملك والسيادة وغيرها، ولا قواعد ونظم للتنمية، فالحياة في أمجاد ماضي لم يصنعه المتمني ورغبة في استعادته بعقلية الناقل المثالية وليس وفق معطيات الواقع.

هنالك وجوب للمعرفة والتخطيط وفق الممكن بالمتاح فلا يمكن أن تضع خطة لتنفيد ما يحتاج مليون من عملة بلدك بينما أنت لا تملك إلا بضعة ألف منها، ولا يمكن أن تفكر بتحرير أرضك وفق المعادلة الصفرية وأنت مغلوب فيها، فالمتغيرات كثيرة هي لم تعد في طيار يقاتل بل في دقة مخترع ومطور لطائرة بلا طيار ومجموعة الاستخدام، وقد تكون هذه المجموعة تخاف السير لوحدها أو تتجمد من الخوف لنباح كلب أو حركة غريبة.

بناء المجتمع والدولة:

كلا الاثنين يعتمد على الفهم، فليس مهما تعدد العقائد والاختلافات وإنما العدل والإنصاف، وضمان الحقوق الخمس لكل المجتمع، أنت لن تغير الناس بإجبارهم على السفور كما يحصل في أوروبا ولا بإجبارهم على الحجاب عند من يزعم الدين من بلاد المسلمين، والنظرة إلى المرأة مهمة ومهم فهمها في الإسلام؛ ليس من التراث وإنما من القرآن والسنة النبوية، فهي كالرجل في الغرب وهذا متعب، لكنها كالرجل في الإسلام مع حقوق حماية إضافية. وهنا لا بد من فهم معنى القوامة أنها مسؤولية وليس سلطة أو تملك أو إجبار، فالعقد عقد رفقة بين الزوجين ولهذا كل حر بماله واسمه ونسبه إلا حق العائلة والمرأة على الرجل في الإنفاق حتى لو كانت متمكنة وذات مال. كثير من الأمور تحتاج نظرا بعيدا عن التدين الشعبي والفقه الذي لا يفهم أن الإنسان في امتحان وهو حر في خياراته لكي يكون ذا أهلية للحساب.

نحن بحاجة أن نفهم أسلوب الخطوات المتدرجة لتحصيل الحقوق وإنهاء تأثير الظلم من القوى المتغطرسة، وان قوتنا متى كانت ليست عدمية وإنما لها غايات هي إتاحة الفرصة للإصلاح والصلاح، ولعل نموذج غزة رغم كل شيء محاولة ودرس عميق في ضبط النفس والالتزام وما يعطي من نتائج قيمية مبهرة، وهذا موضوع ضمن مقال لاحق.

خلاصة باختصار:

إذن نستطيع أن نقيم الإنسان كما قيمنا إنسان القسام، برد فعله وسلوكه مع الأسرى وفي حرب ليس فيها تكافؤ مطلقا وبتفاصيلها المتعاكسة عند الطرفين سلوكيا، ونستطيع أن نقيم الدولة من خلال نظرتها إلى طرق الإصلاح ونظرتنا إلى المجتمع بنجاحه في الفهم والتطبيق والعيش المشترك.

مقالات مشابهة

  • الشيخ نعيم قاسم: المقاومة بخير ومستمرّة
  • أحمد عمر هاشم: شق صدر النبي حدثت 4 مرات
  • كانت 50 وأصبحت 5.. أحمد عمر هاشم يكشف أسرار فرض الصلاة على المسملين
  • أحمد عمر هاشم يكشف تفاصيل فرض الصلاة على المسلمين
  • أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • حصار البحر والموت في أمواجه.. إسرائيل تدمر قطاع الصيد في غزة
  • أحمد عمر هاشم: والد النبي من أشرف شباب قريش نسبًا وعقلًا وأخلاقًا (فيديو)
  • سؤال في الدولة والمجتمع
  • بالفيديو.. محمد أبو هاشم: السيدة سكينة زهرة من بيت النبوة ورائدة النهضة الثقافية في مصر